ولم يحتج أبو على إلى مثل هذا الاعتذار في الآية الأولى، وهي قوله عز وجل " وعنده علم الساعة "، لأنه لا يصح أن يكون الظرف متقدما معمولا للمصدر المتأخر عنه، لما في ذلك من تقديم الصلة [١٦٣ع] على الموصول، واكتفى في ذلك بفهم المخاطب ووكله اليه، لأن عنده في الآية محمولة على صلة الذي، المذكورة قبل، في قوله تعالى: وتبارك الذي له ملك السموات والأرض وما بينهما، عنده علم الساعة؛ لأن الظرف إذا كان صلة لموصول، قوى معنى الفعل، فيه وثبتت قدمه في التقدم، فرفع الظاهر، وقد قدم: أن العلم عامل في موضع الساعة، واذا عمل فيه، فقد تحلل إلى معنى الفعل، واذا تحلل إلى معناه، تم له مراده الذي ادعاه وسلم بزعمه، من الاعتراض في عند وفي العلم.
تأويل آية " أنزله بعلمه "
وقد ركب، أيضا نحوا من هذا في آية آخرى، وهي قوله عز وجل:" أنزله بعلمه "فقال: ان العلم يراد به المعلوم، وأن الجار والمجرور في موضع الحال، كقولهم: خرج بثيابه، وركب بجنوده دعاه إلى هذا التأويل ما يذهب اليه، هو وأصحابه، من نفي العلم عن الله تعالى، فأخرج العلم إلى معنى المعلوم، اذ لا يصح له فكه إلى الفعل، لأنه ليس المعنى: أنزله بأن يعلم فلما استحال ذلك، صرفه إلى معنى المفعول، كما ذكرته عنه.