فالجواب عن ذلك: أنه لا يحل لمسلم أن يأنف من ذلك، بل يجب عليه أن يضرع إلى الله عز وجل، في ذلك، جاهدا، لأن شفاعته، صلى الله عليه وسلم، تنال جميع أمته، المحسنين والمذنبين، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم " لكل نبي دعوة يدعو بها، فأريد أن أختبئ دعوتي شفاعة لأمتى في الآخرة " وأجمع أهل العلم على أن المقام المحمود الذي وعده الله به، في كتابه، هو شفاعته لأمته، فتنال شفاعته، صلى الله عليه وسلم [١٥٦]، المحسنين منهم في وضعين، أحدهما: الا راحة من الموقف، الثاني: الزيادة في الكرامة، والترفيع في المنزلة والدرجة. واما المذنبون فمنهم من تناله شفاعته في التجاوز عن ذنوبه، ومنهم من تناله شفاعته في اخراجه من النار، فلا يحرم أحد شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم الا الكفار.
قال أبو الوليد، رضي الله عنه: ولعلها ألا تنال من يكذب بها من أهل الاهواء والبدع.
فمعنى دعاء الرجل الا يحرمه الله شفاعة النبي صلى الله عليه وسلم انما هو أن يميته الله على الإسلام، غير مبتدع ولا زائغ، فواجب عليه أن يدعو بها جهده، ولا يدعو أن يخرج من النار بشفاعته، لأنه دعاء في أن يكون من المذنبين، المستوجبين للنار.
وبالله التوفيق، لا شريك له، وأقرأ عليك من سلامي أتمه وأحفله.