فجائز ان يأخذ الأجرة على عمله، وان كانت فيه قربة، اصل ذلك الاستئجار على بنيان المساجد، وما أشبه ذلك.
وأما الحديث الذي ذكرته في سؤالك اولا، فلا حجة فيه لمن تعلق به في تحريم الأجرة على تعليم القرآن، إذ ليس بنص في ذلك، ومن اصحابنا المالكيين من تأوله لاحتماله التأويل، فقال: انما قال ذلك النبى صلى الله عليه وسلم في القوس لشىء علمه فيها بعينها من غضب او ما أشبه ذلك.
ويؤيد هذا التأويل ما في بعض الآثار ان رسول الله صلى الله عليه وسلم قال له، حين رأى القوس بيده: أنى لك هذا؟ فقص عليه القصة، فابتدار النبى صلى الله عليه وسلم إياه بالسؤال عنه لرؤيته في يده ظاهرة الانكار، قبل ان يعلم انه اخذه على تعليم القرآن.
ومنهم من قال: معناه أن تعليمه كان لوجه الله، فكره له النبى صلى الله عليه وسلم ان يأخذ أجرة على عمل نواه لله عز وجل، دون أن يأخذ عليه أجرا.
ومن حمل الحديث على ظاهره في تحريم الأجرة على تعليم القرآن، قال: انما كان ذلك في أول الإسلام حين كان تعليم القرآن فرضا على الأعيان، فلما سقط الفرض بتعليمه، لفشوه وظهوره وكثرة حامليه، ولم يجب على أن يترك أشغاله ومنافعه، ويجلس لتعليم القرآن، كان له ان يأخذ الاجرة على ذلك.