ثم إنه يحدث في بعض السنين، إذا كان جدب وقحط، حاجة بالجنات إلى سقي في غير الشهور المعروفة، وحاجة لترطيب أرضها، وتثرية للحرث عند عدم الأمطار، فقام أصحاب الجنات بذلك، وادعوا أن الصلح إنما كان على العادة.
هل لهم قيام؟ وكيف حكم من لم يحضر هذا الصلح، ولا انعقد عليه من أصحاب الجنات، فلما قام، قال له أصحاب الأرحاء: قد جريت على عادة المصالحين هذه المدة، فهو رضا منك بما صالح إشراكك وجيرانك، وكيف إن شهد لهؤلاء أن الجنات إن لم تسق في مثل هذه الضرورات، هلكت؟.
يبن لنا ذلك بفضلك.
الجواب عليها: تصفحت - أعزك الله بطاعته - سؤالك هذا ووفقت عليه،
وإن كان الماء غير متملك فمن حق أصحاب الجنات أن يبدأوا بالسقي به على أصحاب الأرحاء، على ما يدل عليه ما جاء عن النبي صلى الله عليه وسلم: أنه قضى في سيل مهزور ومُذَيْنِب.
فالصلح الواقع بينهم إنما هو رضا من أصحاب الجنات بترك حقوقهم في السقي، فتلزمهم اليمين: أنهم إنما رضوا بما أشهدوا به على أنفسهم من ذلك، ما لم ينقص الماء عما هو عليه، انتقاصا يضربهم، فيما يحتاجون