لهم الدية على القاتل على مذهبهم إلا برضاه، وإنما يجب لهم القود، وهو الذي تدعو إليه العصبة أو العفو من غير شيء.
ووجه الاستحسان منهم إيثار القود على العفو لما فيه من الزجر عن القتل، والانتهاء عنه به، اعتبارا بقول الله عز وجل:{وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ}[البقرة: ١٧٩].
والأظهر أن العفو أولى من القود، لقول الله عز وجل:{وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّهِ}[الشورى: ٤٠]، وقوله عز وجل:{وَلَمَنْ صَبَرَ وَغَفَرَ إِنَّ ذَلِكَ لَمِنْ عَزْمِ الْأُمُورِ}[الشورى: ٤٣]، وقوله عز وجل: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ (١٣٣) الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ} [آل عمران: ١٣٣ - ١٣٤]، ومن مثل هذا في القرآن كثير، ألا ترى أن أهل العلم قد قالوا: إنه ينبغي للإمام أن يرغب أولياء في العفو قبل القسامة، فإن أبوا إلا القسامة والقود أمكنهم من ذلك.
فإذا كان العفو هو المستحب، والعفو في مسألتنا إنما هو للصغار إذا بلغوا، وجب أن ينتظروا حتى يبلغوا، فيعفوا إن أحبوا، ابتغاء الأجر والثواب، ولا يفوت عليهم، بتمكين العصبة من القود بالقسامة، الأجر الذي يكون من حقهم أن يكتسبوه إذا كبروا.