ويثبت الدليل، الذي لأهل السنة عليهم فيها، على تأويل آخر من جهة الإعراب أيضا، هو أظهر التأويلين، وأولاها بالصواب.
وبيان هذا الذي ذكرناه: أن قول الله عز وجل {إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر: ٤٩]، على قراءة العامة بنصب " كل " المضافة إلى " شيء " مفعولة بإضمار بفعل، يفسر ذلك " خلقناه "، فتقدير الكلام: إنا خلقنا كل شيء بقدر، ومعناه: إنا خلقنا كل شيء مخلوق بقدر؛ لأن الله وصفاته غير مخلوقة؛ فهي، من العموم المذكور، بالعقل مخصوصة، وإذا خص من العموم شيء، بقي ما بعد الخصوص على عمومه، فاقتضت الآية، بحق، حملها على ما بقي من عمومها، بعد ما خص منها؛ إن الله خالق لجميع المخلوقات، وتناولت الأقوال والأفعال، كما تناولت الجواهر والأجسام، فصح بذلك الدليل لأهل السنة على أهل الاعتزال.
وأما قوله عز وجل:{إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْنَاهُ بِقَدَرٍ}[القمر: ٤٩]، على قراءة من قرأ " إنا كل "، فيحتمل وجهين في الإعراب:
أحدهما: أن يكون " خلقناه " خبرا للمبتدأ، و " بقدر " صفة للخلق، كأنه قال: كل شيء مخلوق مقدر.
والثاني: أن يكون " خلقناه " صفة " لشيء "، و " بقدر " خبر للمبتدأ. " كل شيء مخلوق مقدر ".
فأما الوجه الأول، وهو أن يكون " خلقناه " خبر للمبتدأ، فالآية تقتضي العموم؛ لأن الفائدة في الخبر، فإذا خص منها بالعقل ما استحال أن يكون مخلوقا، كان الباقي على عمومه، وتناول الأفعال