للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

عنده عشر حسنات، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعافٍ كثيرة، ومن همَّ بسيئة فلم يعملها، كتبها الله له عنده حسنةً كاملة، فإن هو همَّ بها فعملها، كتبها الله له سيئة واحدة) (١).

الخامس: كما يشهد له ما رواه أبو هريرة ، عن النبي قال: (إن الله تجاوز لأمتي عمَّا وَسْوَسَت- أو: حدثت- به أنفسها ما لم تعمل به أو تَكَلَّم) (٢).

ويلخص ذلك ابن تيمية (ت: ٧٢٨) فيقول: (وقد عرفتَ بهذا أن الآية لا تقتضي العقاب على خواطر النفوس المجردة، بل إنما تقتضى محاسبة الرب عبده بها، و هي أعم من العقاب، والأعم لا يستلزم الأخص، و بعد محاسبته بها يغفر لمن يشاء، و يعذب من يشاء، و على هذا فالآية محكمة لا نسخ فيها، و من قال من السلف: نسخها ما بعدها، فمراده: بيانُ معناها و المراد منها، و ذلك يسمى نسخًا في لسان السلف، كما يسمون الاستثناء نسخًا) (٣).

وقد اتفقت على هذا المعنى للآية كلمةُ من سبق ذكرهم في القول بالنسخ في الآية، وكذلك من قال بأنها لا نسخ فيها- كابن عباس في رواية ابن أبي طلحة (٤) (ت: ١٤٣)، ومجاهد (ت: ١٠٤)، والضحاك (ت: ١٠٥)، والحسن (ت: ١١٠)، والربيع بن أنس (ت: ١٣٩) (٥)؛ لاختلاف القضية في الآيتين، فالأولى في إثبات الحساب على كل ما يظهر ويخفى من عمل العبد وكسبه، والثانية في نفي التكليف بما


(١) أخرجه البخاري في صحيحه ١١/ ٣٣١ (٦٤٩١)، ومسلم في صحيحه ١/ ٣١٣ (١٣١).
(٢) أخرجه البخاري في صحيحه ١١/ ٥٥٧ (٦٦٦٤)، ومسلم في صحيحه ١/ ٣١١ (١٢٧)، واللفظ للبخاري.
(٣) مجموع الفتاوى ١٤/ ١٣٣.
(٤) علي بن أبي طلحة سالم، مولى بني العباس، سكن حمص، واشتهرت صحيفته عن ابن عباس في التفسير، واحتج بها العلماء، ولم ير ابنَ عباس، وبينهما مجاهد أو سعيد بن جبير، صدوق، أخرج له مسلم حديثًا واحدًا، والبخاري لا يُسَميه وإنما يُعلق عن ابن عباس بِما هو من طريقه، توفي سنة (١٤٣). ينظر: الكاشف ٢/ ٢٨٧، وتهذيب التهذيب ٣/ ١٧١، والتقريب (ص: ٦٩٨)، والعجاب في بيان الأسباب ١/ ٢٠٧.
(٥) جامع البيان ٣/ ١٩٩، وتفسير ابن أبي حاتم ٢/ ٥٧٢، وتفسير ابن كثير ٢/ ٦٧٢.

<<  <   >  >>