للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

ثالثًا: أن هذا القدر من التعريف هو الذي دَلَّ عليه الواقع العملي عند المفسرين، وباستعراض كتب التفسير القديمة والحديثة، والموسَّعة والمختصرة، يتبين اشتراكها في هذا القدر من التعريف- الذي هو: "بيان المعنى المراد"، سواء كان ببيان اللفظة، أو الجملة، ثم إنها تتفاوت بعد ذلك في ثلاثِ نواحٍ، أشارت إليها بعض التعريفات السابقة وهي (١):

١ - احتوائها على موضوعات علوم القرآن المتنوعة، وغيرها من مباحث العلوم المستنبطة من القرآن الكريم، على تفاوت بين هذه التفاسير في العناية بها إكثارًا وإقلالًا، وعلى تفاوت أيضًا في شدة تعلق هذه العلوم بعلم التفسير، واقترانِها به في كلام السلف قلَّةً وكثرَةً.

٢ - ظهور الجانب العلمي الأبرز في المفسر على تفسيره، فيصطبغ تفسيره به، كتمكنه في اللغة، أو الفقه، أو غيرهما من الفنون. (٢)

٣ - ظهور أثر الواقع على تفسيره، وتفاعل المفسر مع أحداث عصره وعلومه، فيربط بين واقعه وبين مواضع من الآيات يستدِل بها عليه بوجه من الوجوه.

وتتجَلَّى هذه النتيجةُ أكثَر باستعراض كُتُب المُفَسِّر الواحد في التفسير، كتفاسير الواحدي (ت: ٤٦٨): البسيط، والوسيط، والوجيز، فما كتبه المؤلف في الوجيز هو الحَدُّ الأدنى من التفسير، الذي يقتَضيه مَقامُ الاختصار؛ وهو "بيان المعنى المراد" وما لا بُدَّ منه لِبَيانه، كسبب النُّزول ونحوه، ثُمَّ تتكاثر تلك الجوانب الثلاثة في الوسيط، لتكتمل عند المؤلف في البسيط، الذي بسط فيه القول وأشبَعَه، وتَجَلَّت فيه تلك الجوانب بوضوح.


(١) أشار الطاهر ابن عاشور إلى بعض الموضوعات التي احتوت عليها كتب التفسير بجانب التفسير، في المقدمة الرابعة من مقدمات تفسيره ١/ ٤٢.
(٢) ينظر: العُجاب في بيان الأسباب ١/ ٢٠٣، والبرهان في علوم القرآن ١/ ٣٣، والإتقان ٢/ ٣٧٨.

<<  <   >  >>