للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

الأمة. وهذا القول هو الصواب في معنى الآية، لوجوهٍ كثيرة:

أولها: دلالة ظاهر الآية وسياقها، وقد سبق ذكرهما. (١)

ثانيها: أنه مُقتضى قوله تعالى ﴿جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا﴾ [فاطر ٣٣]، فقد أعاد ضمير الجمع على ما سبق ليشمل الأصناف الثلاثة لا بعضها (٢)، قال الشنقيطي (ت: ١٣٩٣): (والواو في ﴿يَدْخُلُونَهَا﴾ [فاطر ٣٣] شاملةٌ للظالم والمقتصد والسابق على التحقيق، ولذا قال بعض أهل العلم: حُقَّ لهذه الواو أن تُكتَبَ بماء العينين) (٣)؛ فلذلك كانت هذه الآية من أرجى آيات القرآن (٤). والأصل أنه إذا ذكرت الصفة بعد مفردات أو جُمَل متعاطفة عادت إلى جميعها إلا بقرينة. (٥)

ثالثها: دلالة معنى التوريث الوارد في قوله تعالى ﴿ثُمَّ أَوْرَثْنَا الْكِتَابَ﴾ [فاطر ٣٢]، فهو (عبارة عن أن الله أعطاهم الكتاب بعد غيرهم من الأمم) (٦)، وقد تضمن القرآن معاني الكتب السابقة، فكأنه تعالى وَرَّث هذه الأمة كتب السابقين؛ لاحتواء كتابهم على معانيها. (٧)

رابعها: وورود هذا المعنى عن رسول الله من وجوه كثيرة، وهي وإن لم يخلُ أكثرها من ضعف؛ إلا أن مجموعَها يُثبتُ أصلًا لهذا المعنى (٨)، ومنها حديث


(١) وينظر: نكت القرآن ٣/ ٧٠٧، وطريق الهجرتين (ص: ٣٠٦).
(٢) ينظر: بحر العلوم ٣/ ٨٧.
(٣) أضواء البيان ٦/ ١١١.
(٤) المرجع السابق.
(٥) ينظر: الإحكام، للآمدي ١/ ٣٨٣، والبحر المحيط في الأصول ٢/ ٤٧٨، وشرح الكوكب المنير ٣/ ٣٤٨.
(٦) التسهيل ٣/ ٢٩٠، وينظر: جامع البيان ٢٢/ ١٦٤، ومنهاج السنة النبوية ٤/ ٢٢٢.
(٧) ينظر: الجامع لأحكام القرآن ١٤/ ٢٢٢.
(٨) ذكر الحاكم، والبيهقي، وابن القيم، وابن كثير أن مجموع طرق هذا الحديث يثبت أن له أصلًا يتقوى به المعنى. ينظر: المستدرك ٢/ ٤٦٢، وطريق الهجرتين (ص: ٣١٠)، وتفسير ابن كثير ٦/ ٢٩١٦، والدر ٧/ ٢٣.

<<  <   >  >>