للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
رقم الحديث:

وقد احتوت استدراكات السلف في التفسير عِدَّةَ نماذجَ من استدراكات أصحابِ كُلِّ مدرسةٍ على غيرها من المدارس (١)، وهذه الجُملة الوافرة من الاستدراكات أوضحت بعض المسائل في هذا الجانب، وهي:

أولًا: مع أن الاستدراكات هي مَظِنَّة بروز التمايز والتنوع بين هذه المدارس لطبيعة اختلاف الأقوال فيها- على ما سبق وصفه-، ومع كثرة هذا التداخل في الاستدراكات بين مختلف المدارس المذكورة = إلا أنه لا أثر في الاستدراكات يشير إلى وجود هذه المدارس أو تَمَايُزها، لا من جهة الإشارة إلى بلد المفسِّر، ولا من جهة الإشارة إلى شيوخه.

ثانيًا: كما أنه لا أثرَ أيضًا لتنوُّع المدارس- المذكور- على وجود الاستدراكات، أو قِلَّتها وكثرتِها، بل احتوت الاستدراكات نماذِجَ عديدةً من استدراكات أصحاب المدرسة الواحدة على بعضهم (٢)، وهذا يشير إلى أمرين:

أولهما: ضعف الوحدة الفكرية الواجبِ توفُّرها في المدارس التفسيرية، والتي تقتضي قِلَّة هذا الاختلاف داخل المدرسة الواحدة. (٣)


(١) كما في الاستدراكات (١٧، ٢٠، ٥٩)، ولولا صعوبة تحديد مدارس عدد من التابعين لأُلحِقَ بها عددٌ غير قليل من الاستدراكات نحو (٣٧، ٣٩، ٤٦، ٤٧، ٥٠، ٥٢، ٥٦، ٥٧، ٥٩، ٦٠، ٦٢، ٦٥، ٧٣، ٧٤)، وينظر: بيان إعجاز القرآن، للخطابي (ص: ٣٠) عن أبي الشعثاء وابن مسعود، وتفسير عبد الرزاق ٣/ ٤٦٤ عن أبي العالية والحسن.
(٢) كما في الاستدراكات (٣٦، ٤٦، ٥١، ٥٥، ٦١، ٦٢، ٦٥، ٧٥)، وينظر: جامع البيان ٢/ ٧٤٢ عن سعيد بن جبير ومجاهد وطاووس، وسنن سعيد بن منصور ٣/ ٩٨٤ عن إبراهيم النخعي والربيع بن خثيم، وفيه أيضًا ٤/ ١٦٣٣ عن عكرمة ومجاهد، والدر ٤/ ٢٦٥ عن السُّدِّي وإبراهيم النخعي.
(٣) وأشار إلى نحو هذا الدكتور فضل حسن عباس في كتابه إتقان البرهان في علوم القرآن ٢/ ٢٣٤، حيث عَدَل عن استعمال لفظ "مدارس التفسير في عهد التابعين"، إلى التعبير ب: أشهر المفسرين في عهد التابعين. وقال: (لأن المدرسة في لغة العصر: ما كانت لها ممَيِّزات وأُسس). وينظر: تفسير التابعين ٢/ ١١٦٨.

<<  <   >  >>