أَيْ الْمُتَرَادِفِ (الْحَدُّ وَالْمَحْدُودُ أَمَّا التَّامُّ فَلِاسْتِدْعَائِهِ تَعَدُّدَ الدَّالِّ عَلَى أَبْعَاضِهِ) أَيْ الْمَحْدُودِ؛ لِأَنَّ الْحَدَّ التَّامَّ مُرَكَّبٌ يَدُلُّ عَلَى أَجْزَاءِ الْمَحْدُودِ بِأَوْضَاعٍ مُتَعَدِّدَةٍ فَدَلَالَتُهُ عَلَيْهَا تَفْصِيلِيَّةٌ وَالْمَحْدُودُ يَدُلُّ عَلَيْهَا بِوَضْعٍ وَاحِدٍ فَدَلَالَتُهُ إجْمَالِيَّةٌ فَهُمَا، وَإِنْ دَلَّا عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ لَا يَدُلَّانِ عَلَيْهِ مِنْ جِهَةٍ وَاحِدَةٍ
(وَأَمَّا النَّاقِصُ فَإِنَّمَا مَفْهُومُهُ الْجُزْءُ الْمُسَاوِي) لِلْمَحْدُودِ وَهُوَ الْفَصْلُ لِإِتْمَامِ مَاهِيَّةِ الْمَحْدُودِ (فَلَا تَرَادُفَ) لِعَدَمِ اتِّحَادِهِمَا (اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ لَا يُلْتَزَمَ الِاصْطِلَاحُ عَلَى اشْتِرَاطِ الْإِفْرَادِ) فِي التَّرَادُفِ فَيَكُونَ الْحَدُّ التَّامُّ وَالْمَحْدُودُ مُتَرَادِفَيْنِ (فَهِيَ) أَيْ فَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ (لَفْظِيَّةٌ) حِينَئِذٍ لِرُجُوعِ الْخِلَافِ فِيهَا إلَى اشْتِرَاطِ الْإِفْرَادِ وَعَدَمِهِ فِي الْمُتَرَادِفَيْنِ فَلَوْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى اشْتِرَاطِهِ لَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُمَا لَيْسَا مُتَرَادِفَيْنِ، وَلَوْ وَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ لَوَقَعَ الِاتِّفَاقُ عَلَى أَنَّهُمَا مُتَرَادِفَانِ قُلْت: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَا نُسَلِّمُ رُجُوعَ الْخِلَافِ لَفْظِيًّا فِي مِثْلِ الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ عَلَى تَقْدِيرِ الِاتِّفَاقِ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِهِ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ اتِّحَادَ الْجِهَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ وَهُوَ مُنْتَفٍ فِي الْحَدِّ وَالْمَحْدُودِ نَعَمْ يَتِمُّ فِي مِثْلِ الْإِنْسَانُ قَاعِدٌ وَالْبَشَرُ جَالِسٌ، وَأَمَّا الْحَدُّ اللَّفْظِيُّ فَلَا خِلَافَ فِي كَوْنِهِ مَعَ الْمَحْدُودِ مُتَرَادِفَيْنِ (وَلَا التَّابِعُ مَعَ الْمَتْبُوعِ) فِي مِثْلِ (حَسَنٌ بَسَنٌ) شَيْطَانٌ لَيْطَانٌ عَطْشَانُ نَطْشَانُ جَائِعٌ نَائِعٌ مِنْ الْمُتَرَادِفِ (قِيلَ لِأَنَّهُ) أَيْ التَّابِعَ (إذَا أُفْرِدَ لَا يَدُلُّ عَلَى شَيْءٍ) كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ فَأَنَّى يَكُونُ مُرَادِفًا لِمَا دَلَّ عَلَى مَعْنًى مُعَيَّنٍ أُفْرِدَ أَوْ لَمْ يُفْرَدْ وَهُوَ الْمَتْبُوعُ (فَإِنْ كَانَتْ دَلَالَتُهُ) أَيْ التَّابِعِ (مَشْرُوطَةً) بِذِكْرِهِ مَعَ مَتْبُوعِهِ (فَهُوَ حَرْفٌ) لِأَنَّ هَذَا شَأْنُ الْحُرُوفِ، وَلَا تَرَادُفَ بَيْنَ الِاسْمِ وَالْحَرْفِ ثُمَّ نَقُولُ (وَلَيْسَ) بِحَرْفٍ إجْمَاعًا فَهَذَا التَّعْلِيلُ غَيْرُ صَحِيحٍ
(وَقِيلَ) كَمَا هُوَ مُقْتَضَى كَلَامِ الْبَدِيعِ؛ لِأَنَّ التَّابِعَ (لَفْظٌ بِوَزْنِ الْأَوَّلِ لِازْدِوَاجِهِ لَا مَعْنَى لَهُ) وَعَلَيْهِ مَا عَلَى الْأَوَّلِ (وَالْأَوْجَهُ أَنَّهُ) أَيْ التَّابِعَ لَفْظٌ يُذْكَرُ (لِتَقْوِيَةِ مَتْبُوعٍ خَاصٍّ) فِي دَلَالَتِهِ عَلَى مَعْنَاهُ بِزِنَتِهِ وَهُوَ الْمَسْمُوعُ تَابِعًا لَهُ (وَإِلَّا) لَوْ لَمْ يُذْكَرْ هَذَا فِي تَعْرِيفِهِ (لَزِمَ نَحْوُ زَيْدٌ بَسَنٌ) أَيْ جَوَازُ مِثْلِ هَذَا مِمَّا لَمْ يُذْكَرْ فِيهِ مَتْبُوعُهُ الْخَاصُّ وَالظَّاهِرُ الْمَنْعُ وَالْأَوْلَى نَحْوُ جَمَلٌ بَسَنٌ (وَأَمَّا التَّأْكِيدُ) بِكُلٍّ وَأَجْمَعَ وَتَصَارِيفِهِ (كَأَجْمَعِينَ فَلِتَقْوِيَةِ) مَدْلُولٍ (عَامٍّ سَابِقٍ) عَلَيْهِ، وَمِنْ ثَمَّةَ لَا يَصِحُّ التَّأْكِيدُ بِهِمَا إلَّا لِذِي أَجْزَاءٍ يَصِحُّ افْتِرَاقُهَا حِسًّا أَوْ حُكْمًا (فَوَضْعُهُ) أَيْ هَذَا التَّأْكِيدِ (أَعَمُّ مِنْ) وَضْعِ (التَّابِعِ) لِعَدَمِ اشْتِرَاطِ مَتْبُوعٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ لَهُ بِخِلَافِ التَّابِعِ (فَلَا تَرَادُفَ) بَيْنَ الْمُؤَكِّدِ وَالْمُؤَكَّدِ لِعَدَمِ اتِّحَادِ مَعْنَاهُمَا (وَمَا قِيلَ الْمُرَادِفُ لَا يَزِيدُ مُرَادِفَهُ قُوَّةً) كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدِيعِ بِلَفْظِ الْمُرَادِفِ لَا يَزِيدُ مُرَادِفَهُ إيضَاحًا وَالْمُؤَكِّدُ خِلَافُهُ (مَمْنُوعٌ إذْ لَا يَكُونُ) الْمُرَادِفُ مَعَ مُرَادِفِهِ (أَقَلَّ مِنْ التَّأْكِيدِ اللَّفْظِيِّ) وَهُوَ مِمَّا يُفِيدُ مُؤَكِّدَهُ قُوَّةً حَتَّى يَنْدَفِعَ بِهِ تَوَهُّمُ التَّجَوُّزِ وَالسَّهْوِ ثُمَّ الَّذِي يَتَلَخَّصُ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ التَّابِعِ وَالْمُرَادِفِ وَالْمُؤَكِّدِ أَنَّ التَّابِعَ يُشْتَرَطُ فِيهِ زِنَةُ الْأَوَّلِ دُونَهُمَا وَذِكْرُ مَتْبُوعٍ وَاحِدٍ مُعَيَّنٍ قَبْلَهُ دُونَهُمَا نَعَمْ يُشْتَرَطُ ذِكْرُ الْمُؤَكَّدِ قَبْلَ الْمُؤَكِّدِ وَلَا تَرْتِيبَ لَازِمٌ فِي الْمُتَرَادِفَيْنِ وَيُسْتَعْمَلُ كُلٌّ مِنْ الْمُتَرَادِفَيْنِ مُنْفَرِدًا بِخِلَافِ الْمُؤَكِّدِ فَإِنَّ مِنْهُ مَا لَا يُسْتَعْمَلُ كَذَلِكَ كَأَجْمَعَ ثُمَّ هَذَا فِيمَا عَدَا أَكْتَعَ وَأَتْبَعَ وَأَبْصَعَ بِمُهْمَلَةٍ وَمُعْجَمَةٍ فَأَمَّا هِيَ فَإِتْبَاعٌ لِأَجْمَعَ عِنْدَ كَثِيرٍ مِنْهُمْ ابْنُ الْحَاجِبِ حَتَّى نَصَّ عَلَى أَنَّ ذِكْرَهَا بِدُونِهِ ضَعِيفٌ وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ
(تَنْبِيهٌ تَكُونُ الْمُقَايَسَةُ) بَيْنَ الِاسْمَيْنِ (بِالذَّاتِ لِلْمَعْنَى فَيَكْتَسِبُهُ) أَيْ الْمَعْنَى (الِاسْمُ لِدَلَالَتِهِ) أَيْ الِاسْمِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْمَعْنَى (فَالْمَفْهُومُ بِالنِّسْبَةِ إلَى) مَفْهُومٍ (آخَرَ إمَّا مُسَاوٍ) لَهُ (يَصْدُقُ كُلٌّ عَلَى مَا صَدَقَ عَلَيْهِ الْآخَرُ) كَالْإِنْسَانِ وَالنَّاطِقِ فَيَصْدُقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute