بِهِ «وَنَحْنُ مُعَاشِرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ» ) أَيْ وَكَاحْتِجَاجِ أَبِي بَكْرٍ عَلَى مَنْ ظَنَّ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يُورَثُ بِهَذَا وَقَدْ عَرَفْت أَنَّ الْمَحْفُوظَ إنَّا لَا نَحْنُ وَأَنَّهُ لَا ضَيْرَ؛ لِأَنَّ مُفَادَهُمَا وَاحِدٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الِاحْتِجَاجَاتِ بِالْعُمُومِ مِنْ الصِّيَغِ الْمُدَّعَى كَوْنُهَا لِلْعُمُومِ وَضْعًا، وَلَوْلَا أَنَّهَا لِلْعُمُومِ لَمَا كَانَ فِيهَا حُجَّةٌ فِي الصُّوَرِ الْجُزْئِيَّةِ وَلَأُنْكِرَ ذَلِكَ فَلَا جَرَمَ إنْ قَالَ (عَلَى وَجْهٍ يَجْزِمُ بِأَنَّهُ) أَيْ الْعُمُومَ (بِاللَّفْظِ) لَا بِالْقَرَائِنِ فَانْتَفَى أَنْ يُقَالَ: الْإِجْمَاعُ السُّكُوتِيُّ لَا يَنْتَهِضُ هُنَا؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ فِي الْأُصُولِ، وَهُوَ إنَّمَا يَنْتَهِضُ فِي الْفُرُوعِ (وَاسْتُدِلَّ) لِلْمُخْتَارِ بِمُزَيَّفٍ، وَهُوَ (أَنَّهُ) أَيْ الْعُمُومَ (مَعْنًى كَثُرَتْ الْحَاجَةُ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهُ فَكَغَيْرِهِ) أَيْ فَوَجَبَ الْوَضْعُ لَهُ كَمَا وُضِعَ لِغَيْرِهِ مِنْ الْمَعَانِي الْمُحْتَاجِ إلَى التَّعْبِيرِ عَنْهَا (وَأُجِيبَ بِمَنْعِ الْمُلَازَمَةِ) وَهُوَ أَنَّ الِاحْتِيَاجَ إلَى التَّعْبِيرِ لَا يَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ لَهُ لَفْظٌ مُنْفَرِدٌ عَلَى طَرِيقِ الْحَقِيقَةِ لِجَوَازِ أَنْ يُسْتَغْنَى عَنْهُ بِالْمَجَازِ وَالْمُشْتَرَكِ فَلَا يَكُونُ ظَاهِرًا فِي الْعُمُومِ (الْخُصُوصُ لَا عُمُومَ إلَّا لِمُرَكَّبٍ وَلَا وَضْعَ لَهُ) أَيْ لِلْمُرَكَّبِ (بَلْ) الْوَضْعُ (لِمُفْرَدَاتِهِ وَالْقَطْعُ أَنَّهَا) أَيْ الْمُفْرَدَاتِ (لِغَيْرِهِ) أَيْ الْعُمُومِ (فَلَا وَضْعَ لَهُ) أَيْ لِلْعُمُومِ (فَصَدَقَ أَنَّهَا) أَيْ الصِّيَغَ (لِلْخُصُوصِ بَيَانُهُ) أَيْ: لَا عُمُومَ إلَّا لِمُرَكَّبٍ (أَنَّ مَعْنَى الشَّرْطِ وَأَخَوَيْهِ) أَيْ النَّفْيِ وَالِاسْتِفْهَامِ (لَا يَتَحَقَّقُ إلَّا بِأَلْفَاظٍ لِكُلٍّ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأَلْفَاظِ (وَضْعٌ عَلَى حِدَتِهِ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ) الْعُمُومُ (بِالْمَجْمُوعِ) مِنْهَا (مَثَلًا مَعْنًى مِنْ عَاقِلٍ) وَالْأَوْلَى عَالِمٌ لِوُقُوعِهِ عَلَى الْبَارِي - تَعَالَى (فَيُضَمُّ إلَيْهِ) اللَّفْظُ (الْآخَرُ بِخُصُوصٍ مِنْ النِّسْبَةِ فَيَحْصُلُ) مِنْ الْمَجْمُوعِ (مَعْنَى الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ وَبِهِمَا الْعُمُومُ وَصَرَّحَ فِي الْعَرَبِيَّةِ بِأَنَّ تَضَمُّنَ مَنْ مَعْنَى الشَّرْطِ وَالِاسْتِفْهَامِ طَارِئٌ عَلَى مَعْنَاهَا الْأَصْلِيِّ وَالْجَوَابُ أَنَّ اللَّازِمَ)
مِنْ لَا عُمُومَ إلَّا لِمُرَكَّبٍ (التَّوَقُّفُ عَلَى التَّرْكِيبِ) أَيْ تَوَقُّفُ ثُبُوتِ الْعُمُومِ عَلَى تَرْكِيبِ الْمُفْرَدِ مَعَ غَيْرِهِ (فَلَا يَسْتَلْزِمُ أَنَّ الْمَجْمُوعَ) الْمُرَكَّبَ هُوَ (الدَّالُّ) عَلَى الْعُمُومِ بَلْ جَازَ كَوْنُ الْمُفْرَدِ بِشَرْطِ التَّرْكِيبِ هُوَ الْعَامَّ وَقَبْلَ حُصُولِ الشَّرْطِ لَهُ مَعْنًى وَضْعِيٌّ إفْرَادِيٌّ غَيْرُ مَعْنَى الْعُمُومِ (وَتَقَدَّمَ الْفَرْقُ) بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الدَّالَّ الْمُرَكَّبَ أَوْ جُزْأَهُ بِشَرْطِ التَّرْكِيبِ فِي ذَيْلِ الْكَلَامِ فِي تَعْرِيفِ الْعَامِّ (وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ قَوْلُ الْوَاضِعِ فِي النَّكِرَةِ) مِنْ حَيْثُ هِيَ جَعَلْتهَا (لِفَرْدٍ) مُبْهَمٍ (يَحْتَمِلُ كُلَّ فَرْدٍ) مُعَيَّنٍ عَلَى الْبَدَلِ (فَإِذَا عُرِفَتْ) لِغَيْرِ عَهْدٍ (فَلِلْكُلِّ ضَرْبَةٌ وَهُوَ) أَيْ وَضْعُهَا هَكَذَا هُوَ (الظَّاهِرُ لِأَنَّا نَفْهَمُهُ) أَيْ الْعُمُومَ (فِي أَكْرِمْ الْجَاهِلَ وَأَهِنْ الْعَالِمَ وَلَا مُنَاسَبَةَ) بَيْنَ الْإِكْرَامِ وَالْجَهْلِ وَبَيْنَ الْإِهَانَةِ وَالْعِلْمِ فَلَمْ يَكُنْ الْعُمُومُ بِالْقَرِينَةِ؛ لِأَنَّهَا فِي مِثْلِهِ الْمُنَاسَبَةُ، وَهِيَ مُنْتَفِيَةٌ (فَكَانَ) الْعُمُومُ مَعْنًى (وَضْعِيًّا) لِلَّفْظِ (وَغَايَتُهُ) أَيْ الْأَمْرِ (أَنَّ وَضْعَهُ) أَيْ اللَّفْظِ لِلْعُمُومِ (وَضْعُ الْقَوَاعِدِ اللُّغَوِيَّةِ كَقَوَاعِدِ النَّسَبِ وَالتَّصْغِيرِ، وَأَفْرَادُ مَوْضُوعِهَا) أَيْ الْقَوَاعِدِ (حَقَائِقُ) فَهُوَ مِنْ أَحَدِ نَوْعَيْ الْوَضْعِ النَّوْعِيِّ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَحْثِ الْمَجَازِ (وَلِذَا) أَيْ لِكَوْنِ اللَّفْظِ مَوْضُوعًا لِلْعُمُومِ وَضْعًا نَوْعِيًّا (وَقَعَ التَّرَدُّدُ فِي كَوْنِهِ) أَيْ اللَّفْظِ الْعَامِّ (مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا) بَيْنَ الْخَاصِّ وَالْعَامِّ لِاسْتِعْمَالِهِ فِي الْخُصُوصِ أَيْضًا حَتَّى قَالَ بِهِ بَعْضُهُمْ
(وَالْوَجْهُ أَنَّ عُمُومَ غَيْرِ الْمُحَلَّى) بِاللَّامِ الْجِنْسِيَّةِ (وَ) غَيْرِ (الْمُضَافِ عَقْلِيٌّ) لَا وَضْعِيٌّ (لِجَزْمِ الْعَقْلِ بِهِ) أَيْ بِالْعُمُومِ (عِنْدَ ضَمِّ الشَّرْطِ وَالصِّلَةِ إلَى مُسَمَّى مَنْ وَهُوَ عَاقِلٌ وَ) مُسَمَّى (الَّذِي وَهُوَ ذَاتٌ فَيَثْبُتُ مَا عُلِّقَ بِهِ) أَيْ بِالْمُسَمَّى (لِكُلِّ مُتَّصِفٍ) بِالْمُسَمَّى (لِوُجُودِ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ مَا عُلِّقَ عَلَيْهِ) أَيْ لِوُجُودِ الْمَفْهُومِ الَّذِي نِيطَ بِهِ الْحُكْمُ فَالضَّمِيرُ فِي عَلَيْهِ الْأَوَّلِ رَاجِعٌ إلَى مَا وَمَا عُلِّقَ عَلَيْهِ فَاعِلُ صَدَقَ (وَكَذَا النَّكِرَةُ الْمَنْفِيَّةُ) عُمُومُهَا عَقْلِيٌّ (لِأَنَّ نَفْيَ ذَاتِ مَا) الَّذِي هُوَ مَعْنَاهَا (لَا يَتَحَقَّقُ مَعَ وُجُودِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute