للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ غَيْرِ الْمُسْتَغْرِقِ فَيُحْمَلُ عَلَى الْمُسْتَغْرِقِ (قِيلَ مَبْنَى الْخِلَافِ) فِي أَنَّهُ عَامٌّ أَوْ لَا، وَالْقَائِلُ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ (الْخِلَافُ فِي اشْتِرَاطِ الِاسْتِغْرَاقِ فِي الْعُمُومِ فَمَنْ لَا) يَقُولُ بِاشْتِرَاطِهِ (كَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَغَيْرِهِ جَعَلَهُ) أَيْ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ (عَامًّا) وَمَنْ يَقُولُ بِاشْتِرَاطِهِ لَمْ يَجْعَلْهُ عَامًّا (وَإِذَنْ) أَيْ وَحِينَ يَكُونُ مَبْنَى ذَاكَ الْخِلَافِ هَذَا الْخِلَافَ (لَا وَجْهَ لِمُحَاوَلَةِ اسْتِغْرَاقِهِ) أَيْ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ (بِالْحَمْلِ عَلَى مَرْتَبَةِ الِاسْتِغْرَاقِ) كَمَا فَعَلَ صَاحِبُ الْبَدِيعِ (بَلْ لَفْظِيٌّ) إضْرَابٌ عَنْ هَذَا الْحَمْلِ أَيْ لَيْسَ ذَاكَ الْخِلَافُ خِلَافًا مُتَحَقِّقًا مَبْنِيًّا عَلَى خِلَافٍ آخَرَ أَصْلًا بَلْ لَيْسَ هُنَا خِلَافٌ أَصْلًا.

(فَمُرَادُ الْمُثْبِتِ) لِلْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ عُمُومًا كَفَخْرِ الْإِسْلَامِ (مَفْهُومُ عُمُومٍ) أَيْ لَفْظِ عُمُومٍ (وَهُوَ) أَيْ مَفْهُومُ لَفْظِ عُمُومٍ (شُمُولُ) أَمْرٍ لِأَمْرٍ (مُتَعَدِّدٍ أَعَمَّ مِنْ الِاسْتِغْرَاقِ) وَنَافِي عُمُومِهِ لَا يُنَازِعُهُ فِي هَذَا (وَمُرَادُ النَّافِي عُمُومُ الصِّيَغِ الَّتِي أَثْبَتْنَا كَوْنَهَا) أَيْ الصِّيَغِ (حَقِيقَةً فِيهِ) أَيْ فِي الْعُمُومِ (وَهُوَ الِاسْتِغْرَاقِيُّ حَتَّى قَبْلَ الْأَحْكَامِ مِنْ التَّخْصِيصِ وَالِاسْتِثْنَاءِ) الْمُتَّصِلِ (وَلَا نِزَاعَ فِي) نَفْيِ (هَذَا) عَنْ الْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ (لِأَحَدٍ) مِنْ مُثْبِتِ عُمُومِهِ (وَلَا فِي عَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ قَبُولِ الْأَحْكَامِ الْمَذْكُورَةِ (فِي رِجَالٍ لَا يُقَالُ: اُقْتُلْ رِجَالًا إلَّا زَيْدًا) عَلَى أَنَّهُ اسْتِثْنَاءٌ مُتَّصِلٌ مِنْهُمْ (لِأَنَّهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءَ الْمُتَّصِلَ (إخْرَاجُ مَا لَوْلَاهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءُ (لَدَخَلَ) فِي الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَلَيْسَ هَذَا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ اسْتِثْنَائِهِ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ دَاخِلًا فِي رِجَالٍ (وَلَوْ قِيلَ) اُقْتُلْ رِجَالًا (وَلَا تَقْتُلْ زَيْدًا كَانَ) وَلَا تَقْتُلْ زَيْدًا (ابْتِدَاءً لَا تَخْصِيصًا) لِرِجَالٍ لِانْتِفَاءِ عُمُومِهِ الِاسْتِغْرَاقِيِّ بِحَيْثُ يَلْزَمُ شُمُولُهُمْ لَهُ

قَالَ الْمُصَنِّفُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَالْحَاصِلُ ثُبُوتُ الِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ عُمُومَ الصِّيَغِ اسْتِغْرَاقِيٌّ وَعَلَى أَنَّ عُمُومَ الْمُنَكَّرِ بِمَعْنَى شُمُولِ أَمْرٍ لِمُتَعَدِّدٍ فَأَيْنَ الْخِلَافُ (وَإِذْ بَيَّنَّا أَنَّهُ) أَيْ الْجَمْعَ الْمُنَكَّرَ (لِلْمُشْتَرَكِ) بَيْنَ مَرَاتِبِ الْجَمْعِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهَا (الْجَمْعُ مُطْلَقًا فَفِي أَقَلِّهِ) أَيْ الْجَمْعِ مُطْلَقًا (خِلَافٌ قِيلَ) أَقَلُّهُ حَقِيقَةً (ثَلَاثَةٌ مَجَازٌ لِمَا دُونَهَا) مِنْ اثْنَيْنِ وَوَاحِدٍ (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ (الْمُخْتَارُ وَقِيلَ حَقِيقَةٌ فِي اثْنَيْنِ أَيْضًا وَقِيلَ) حَقِيقَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ (مَجَازٌ فِيهِمَا) أَيْ فِي الِاثْنَيْنِ (وَقِيلَ) حَقِيقَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يُطْلَقَ عَلَى اثْنَيْنِ (لَا) حَقِيقَةً (وَلَا) مَجَازًا

وَاعْلَمْ أَنَّ حِكَايَةَ هَذِهِ الْأَقْوَالِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ ذَكَرَهَا ابْنُ الْحَاجِبِ وَفِيهَا تَأَمُّلٌ فَإِنَّ كَوْنَ أَقَلِّ الْجَمْعِ ثَلَاثَةً مَعْزُوٌّ إلَى أَكْثَرِ الصَّحَابَةِ وَالْفُقَهَاءِ مِنْهُمْ أَبُو حَنِيفَةَ وَمَالِكٌ فِي رِوَايَةٍ وَالشَّافِعِيُّ وَأَئِمَّةُ اللُّغَةِ، وَكَوْنُ أَقَلِّهِ اثْنَيْنِ مَعْزُوٌّ إلَى عُمَرَ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةٍ وَدَاوُد وَالْقَاضِي وَالْأُسْتَاذِ وَالْغَزَالِيِّ وَالْخَلِيلِ وَسِيبَوَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْأَوَّلِينَ لَا يَمْنَعُونَ إطْلَاقَهُ عَلَى اثْنَيْنِ مَجَازًا، وَأَنَّهُمْ وَالْآخِرِينَ لَا يَمْنَعُونَ إطْلَاقَهُ عَلَى الْوَاحِدِ مَجَازًا أَيْضًا مِنْ إطْلَاقِ الْكُلِّ وَإِرَادَةِ الْجُزْءِ بِشَرْطِهِ، وَيَلْزَمُ الْآخِرِينَ كَوْنُهُ حَقِيقَةً فِي ثَلَاثَةٍ فَصَاعِدًا أَيْضًا فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ إطْلَاقُهُ عَلَى الْوَاحِدِ مَجَازًا قَوْلًا آخَرَ مُقَاسِمًا لَهُمَا، وَأَمَّا أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى الِاثْنَيْنِ حَقِيقَةً وَلَا مَجَازًا وَيَلْزَمُهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى أَنَّهُ لَا يُطْلَقُ عَلَى الْوَاحِدِ كَذَلِكَ فَبَعِيدٌ جِدًّا قَالَ السُّبْكِيُّ: وَلَا نَعْرِفُهُ عَنْ أَحَدٍ.

ثُمَّ أَفَاضَ الْمُصَنِّفُ فِي بَيَانِ وَجْهِ الْمُخْتَارِ عَلَى وَجْهٍ يَتَضَمَّنُ وَجْهَ كُلٍّ مِنْ بَاقِي الْأَقْوَالِ فَقَالَ (لِقَوْلِ ابْنِ عَبَّاسٍ: لَيْسَ الْأَخَوَانِ إخْوَةً) فَقَدْ أَخْرَجَ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عُثْمَانَ فَقَالَ: إنَّ الْأَخَوَيْنِ لَا يَرُدَّانِ الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ يَقُولُ {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَالْأَخَوَانِ لَيْسَا بِإِخْوَةٍ بِلِسَانِ قَوْمِك فَقَالَ عُثْمَانُ لَا أَسْتَطِيعُ أَرُدُّ أَمْرًا تَوَارَثَ عَلَيْهِ النَّاسُ وَكَانَ قَبْلِي وَمَضَى فِي الْأَمْصَارِ فَهَذَا يَصْلُحُ

<<  <  ج: ص:  >  >>