فِي الْجُمْلَةِ مُتَمَسَّكًا لِنَفْيِ صِحَّةِ الْإِطْلَاقِ عَلَيْهِمَا مُطْلَقًا بِأَنْ يُقَالَ: لَوْ كَانَ الْإِطْلَاقُ جَائِزًا مَا صَحَّ سَلْبُ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِذَا قِيلَ (أَيْ حَقِيقَةً لِقَوْلِ زَيْدٍ الْأَخَوَانِ إخْوَةٌ) فَقَدْ أَخْرَجَ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ عَنْ خَارِجَةَ بْنِ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَحْجُبُ الْأُمَّ عَنْ الثُّلُثِ بِالْأَخَوَيْنِ فَقَالَ لَهُ يَا أَبَا سَعِيدٍ فَإِنَّ اللَّهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَأَنْتَ تَحْجُبُهَا بِالْأَخَوَيْنِ فَقَالَ: إنَّ الْعَرَبَ تُسَمِّي الْأَخَوَيْنِ إخْوَةً (أَيْ مَجَازًا جَمْعًا) بَيْنَ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدٍ كَانَ دَلِيلًا لِمُطْلِقِيهِ عَلَيْهِمَا مَجَازًا ثُمَّ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَتَسْلِيمُ عُثْمَانَ لِابْنِ عَبَّاسٍ تَمَسُّكَهُ ثُمَّ عُدُولُهُ) أَيْ عُثْمَانَ (إلَى الْإِجْمَاعِ دَلِيلٌ عَلَى الْأَمْرَيْنِ) أَيْ نَفْيِ كَوْنِهِ حَقِيقَةً وَكَوْنِهِ مَجَازًا فِيهِمَا لَا أَنَّهُ حَقِيقَةٌ فِي ثَلَاثَةٍ أَمَّا الْأَوَّلُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَمَّا عَدَلَ إلَى الِاحْتِجَاجِ بِمَا يُفِيدُ الْإِجْمَاعَ حَمَلُوا إخْوَةً فِي الْقُرْآنِ عَلَى أَخَوَيْنِ فَكَانَ مَجَازًا فِيهِ بِالضَّرُورَةِ لِثُبُوتِ نَفْيِ الْحَقِيقَةِ مَعَ وُجُودِ الِاسْتِعْمَالِ بَقِيَ كَوْنُهُ مَجَازًا فِي الْوَاحِدِ أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَلَا شَكَّ فِي صِحَّةِ الْإِنْكَارِ عَلَى مُتَبَرِّجَةٍ) أَيْ مُظْهِرَةٍ زِينَتَهَا (لِرَجُلٍ) أَجْنَبِيٍّ (أَتَتَبَرَّجِينَ لِلرِّجَالِ) فَإِنَّ الْأَنَفَةَ وَالْحَمِيَّةَ مِنْ ذَلِكَ يَسْتَوِي فِيهَا الْجَمْعُ وَالْوَاحِدُ لَكِنَّهُ كَمَا قَالَ:
(وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ) أَيْ لَفْظَ الرِّجَالِ هُنَا (مِنْ الْعَامِّ فِي الْخُصُوصِ لَا الْمُخْتَلِفِ مِنْ نَحْوِ رِجَالٍ الْمُنَكَّرِ عَلَى أَنَّهُ) أَيْ هَذَا (لَا يَسْتَلْزِمُهُ) أَيْ كَوْنُ الْجَمْعِ (مَجَازًا فِيهِ) أَيْ فِي الْوَاحِدِ (لِجَوَازِ أَنَّ الْمَعْنَى هُوَ) أَيْ التَّبَرُّجُ (عَادَتُك لَهُمْ) أَيْ لِلرِّجَالِ (حَتَّى تَبَرَّجْتِ لِهَذَا وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْمَعْنَى (مِمَّا يُرَادُ فِي مِثْلِهِ نَحْوُ) قَوْلِ الْقَائِلِ لِمَنْ هُوَ مَظِنَّةُ الظُّلْمِ (أَتَظْلِمُ الْمُسْلِمِينَ) عِنْدَ مُشَاهَدَةِ ظُلْمِهِ وَاحِدًا مِنْهُمْ (وَالْحَقُّ جَوَازُهُ) أَيْ إطْلَاقِ الْجَمْعِ مُرَادًا بِهِ الْوَاحِدُ (حَيْثُ يَثْبُتُ الْمُصَحِّحُ) لِجَوَازِهِ (كَ رَأَيْت رِجَالًا فِي رَجُلٍ يَقُومُ مَقَامَ الْكَثِيرِ) مِنْهُمْ قِيلَ وَمِنْهُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ} [النمل: ٣٥] فَإِنَّ الْمُرَادَ وَاحِدٌ وَهُوَ سُلَيْمَانُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - وَقَوْلُهُ {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} [النمل: ٣٥] فَإِنَّ الرَّسُولَ وَاحِدٌ بِدَلِيلِ {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ} [النمل: ٣٧] (وَحَيْثُ لَا) يَثْبُتُ الْمُصَحِّحُ (فَلَا) يَجُوزُ (وَتَبَادُرُ مَا فَوْقَ الِاثْنَيْنِ) عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (يُفِيدُ الْحَقِيقَةَ فِيهِ) أَيْ فِيمَا فَوْقَهُمَا؛ لِأَنَّ التَّبَادُرَ دَلِيلُ الْحَقِيقَةِ (وَاسْتِدْلَالُ النَّافِينَ) لِصِحَّةِ إطْلَاقِهِ عَلَى الِاثْنَيْنِ مُطْلَقًا (بِعَدَمِ جَوَازِ: الرِّجَالُ الْعَاقِلَانِ وَالرَّجُلَانِ الْعَاقِلُونَ مَجَازًا) .
وَلَوْ صَحَّ لَجَازَ نَعْتُ أَحَدِهِمَا بِمَا يُنْعَتُ بِهِ الْآخَرُ (دُفِعَ بِمُرَاعَاتِهِمْ) أَيْ الْعَرَبِ (مُرَاعَاةَ الصُّورَةِ) أَيْ صُورَةِ اللَّفْظِ بِأَنْ يَكُونَ كِلَاهُمَا مُثَنًّى أَوْ جَمْعًا فَلَا يُنْعَتُ الْمُثَنَّى بِصُورَةِ الْجَمْعِ، وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَاهُ وَلَا الْعَكْسُ مُحَافَظَةً عَلَى التَّشَاكُلِ بَيْنَ الصِّفَةِ وَالْمَوْصُوفِ؛ لِأَنَّهُمَا كَشَيْءٍ وَاحِدٍ (وَنُقِضَ) هَذَا الدَّفْعُ (بِجَوَازِ) جَاءَ (زَيْدٌ وَعَمْرٌو الْفَاضِلَانِ وَفِي ثَلَاثَةٍ) أَيْ وَبِجَوَازِ جَاءَ زَيْدٌ وَعَمْرٌو وَبَكْرٌ (الْفَاضِلُونَ) إذَا الْمَوْصُوفُ فِي الْكُلِّ مُفْرَدَاتٌ وَمَا ثَمَّ مُثَنًّى وَلَا مَجْمُوعٌ (وَدَفَعَهُ) أَيْ هَذَا الْبَعْضُ كَمَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ (بِأَنَّ الْجَمْعَ بِحَرْفِ الْجَمْعِ) أَيْ بِوَاوِ الْعَطْفِ فِي الْأَسْمَاءِ الْمُخْتَلِفَةِ (كَالْجَمْعِ بِلَفْظِ الْجَمْعِ) فِي الْأَسْمَاءِ الْمُتَّفِقَةِ صُورَةً وَفِي الِاسْمَيْنِ الْمُخْتَلِفَيْنِ كَتَثْنِيَةِ الِاسْمَيْنِ الْمُتَّفِقَيْنِ صُورَةً فَيَكُونُ تَعَاطُفُ الْمُفْرَدَاتِ بِمَنْزِلَةِ الْجَمْعِ وَفِي صُورَتِهِ وَتَعَاطُفُ الْمُفْرَدَيْنِ بِمَنْزِلَةِ التَّثْنِيَةِ، وَفِي صُورَتِهَا (لَيْسَ بِشَيْءٍ) دَافِعٍ لَهُ (إذْ لَا يُخْرِجُهُ) أَيْ كُلًّا مِنْ الْمِثَالَيْنِ الْمَنْقُوضِ بِهِمَا (إلَى مُطَابَقَةِ الصُّورَةِ) اللَّفْظِيَّةِ تَثْنِيَةً وَجَمْعًا فَكَانَ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ إنْ كَانَتْ شَرْطًا.
(وَالْوَجْهُ اعْتِبَارُ الْمُطَابَقَةِ الْأَعَمِّ مِنْ الْحَقِيقَةِ وَالْحُكْمِيَّةِ بِمَا قَدَّمْنَا) مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَإِنَّهُ يُفِيدُ نَفْيَ الْمُطَابَقَةِ بَيْنَ الْمُثَنَّى وَالْجَمْعِ مَعْنًى كَمَا هِيَ مَنْفِيَّةٌ بَيْنَهُمَا لَفْظًا وَحِينَئِذٍ جَازَ الْمِثَالَانِ الْأَخِيرَانِ لِوُجُودِ الْمُطَابَقَةِ الْحُكْمِيَّةِ بَيْنَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute