للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكَلَامِ صِدْقًا أَوْ صِحَّةً شَرْعِيَّةً (عَلَيْهِ) أَيْ الْمُقَدَّرِ (وَإِلَّا) فَلَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَوَقِّفٍ عَلَيْهِ صِدْقًا أَوْ صِحَّةً شَرْعِيَّةً (فَغَيْرُ الْمَفْرُوضِ وَلَوْ كَانَ) تَوَقُّفُ الصِّدْقِ أَوْ الْحُكْمِ شَرْعًا (عَلَى أَحَدِ أَفْرَادِهِ) أَيْ الْعَامِّ (لَا يُقَدَّرُ مَا يَعُمُّهَا) أَيْ أَفْرَادَهُ (بَلْ إنْ اخْتَلَفَتْ أَحْكَامُهَا وَلَا مُعَيِّنَ) لِأَحَدِهَا (فَمُجْمَلٌ) أَيْ الْمُقَدَّرِ فَيَكُونُ حُكْمُهُ حُكْمَ الْمُجْمَلِ (أَوْ لَا) تَخْتَلِفُ أَحْكَامُهَا (فَالدَّائِرُ) بَيْنَهَا أَيْ فَوَاحِدٌ مِنْهَا وَنُسِبَ إلَى الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ يُقَدِّرُ مَا يَعُمُّهَا (لَنَا) فِي أَنَّهُ لَا يُقَدِّرُ مَا يَعُمُّهَا أَنَّهُ (إضْمَارُ الْكُلِّ بِلَا مُقْتَضٍ) فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ مَا يُقَدَّرُ لِلضَّرُورَةِ يُقَدَّرُ بِقَدْرِهَا (قَالُوا) أَيْ الْمُعَمِّمُونَ: إضْمَارُ مَا يَعُمُّهَا كَرَفْعِ حُكْمِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ عُمُومًا فِي أَفْرَادِهِ لِيَشْمَلَ كُلَّ حُكْمٍ لَهُمَا حَيْثُ لَمْ تَرْتَفِعْ ذَاتُهُمَا (أَقْرَبُ) مَجَازٍ (إلَى الْحَقِيقَةِ) كَرَفْعِ ذَاتِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ مِنْ سَائِرِ الْمَجَازَاتِ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ فِي رَفْعِ أَحْكَامِهَا رَفْعَهَا، وَالْمَجَازُ الْأَقْرَبُ إلَى الْحَقِيقَةِ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِ (قُلْنَا إذَا لَمْ يَنْفِهِ) أَيْ الْمَجَازَ الْأَقْرَبَ كَنَفْيِ عُمُومِ أَحْكَامِ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ (الدَّلِيلُ) وَلَكِنْ هُنَا نَفَاهُ، وَهُوَ إضْمَارُ الْكُلِّ بِلَا مُقْتَضٍ (وَكَوْنُ الْمُوجِبِ لِلْإِضْمَارِ فِي الْبَعْضِ) مُبْتَدَأً وَخَبَرُهُ (يَنْفِي الْكُلَّ لِمَا قُلْنَا) مِنْ كَوْنِهِ بِلَا مُقْتَضٍ أَيْضًا (فَفِي الْحَدِيثِ أُرِيدَ حُكْمُهَا) أَيْ الْخَطَأِ وَالنِّسْيَانِ (وَمُطْلَقُهُ) أَيْ حُكْمِهَا (يَعُمُّ حُكْمَيْ الدَّارَيْنِ) الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ (وَلَا تَلَازُمَ) بَيْنَ الْحُكْمَيْنِ (إذْ يَنْتَفِي الْإِثْمُ) وَهُوَ حُكْمُ الْآخِرَةِ (وَيَلْزَمُ الضَّمَانُ) وَهُوَ حُكْمُ الدُّنْيَا كَمَا فِي إتْلَافِ مَالٍ مُحْتَرَمٍ مَمْلُوكٍ لِلْغَيْرِ خَطَأً (فَلَوْلَا الْإِجْمَاعُ عَلَى أَنَّ الْأُخْرَوِيَّ مُرَادٌ تَوَقَّفَ) عَنْ الْعَمَلِ بِهِ لِإِجْمَالِهِ فِيهِمَا (وَإِذْ أُجْمِعَ) عَلَى أَنَّ الْأُخْرَوِيَّ مُرَادٌ (انْتَفَى الْآخَرُ) وَهُوَ الدُّنْيَوِيُّ (فَفَسَدَتْ الصَّلَاةُ بِنِسْيَانِ الْكَلَامِ وَخَطَئِهِ) مُطْلَقًا عِنْدَ أَصْحَابِنَا وَلِغَيْرِهِمْ تَفَاصِيلُ تُعْرَفُ فِي فُرُوعِهِمْ (وَالصَّوْمُ بِالثَّانِي) أَيْ بِالْمُفْسِدِ خَطَأً كَسَبْقِ الْمَاءِ إلَى بَطْنِهِ فِي الْمَضْمَضَةِ (لَا الْأَوَّلُ) أَيْ بِفِعْلِ الْمُفْسِدِ مِنْ أَكْلٍ وَشُرْبٍ نِسْيَانًا (بِالنَّصِّ) وَهُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ «مَنْ نَسِيَ وَهُوَ صَائِمٌ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

(وَلَوْ صَحَّ قِيَاسُهُ) أَيْ الْخَطَأِ (عَلَيْهِ) أَيْ النِّسْيَانِ فِي عَدَمِ إفْسَادِ الصَّوْمِ بِجَامِعِ عَدَمِ الْقَصْدِ إلَى الْجِنَايَةِ كَمَا هُوَ الْقَوْلُ الْأَصَحُّ لِلشَّافِعِيِّ إذَا لَمْ يُبَالِغْ فِي الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ، وَقَوْلُ أَحْمَدَ إذَا لَمْ يُسْرِفْ فِيهِمَا خِلَافًا لِأَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ بَلْ أَكْثَرُ الْفُقَهَاءِ عَلَى مَا قَالَ الْمَاوَرْدِيُّ (فَدَلِيلٌ آخَرُ) لَا مِنْ حَدِيثِ «رَفْعِ الْخَطَأِ» وَإِنَّمَا قَالَ لَوْ صَحَّ لِلنَّظَرِ فِي صِحَّتِهِ فَقَدْ يُدْفَعُ بِأَنَّهُ قِيَاسٌ مَعَ الْفَارِقِ الْمُؤَثِّرِ؛ لِأَنَّهُ قَلَّ مَا يَحْصُلُ الْفَسَادُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ مَعَ التَّذَكُّرِ وَعَدَمِ قَصْدِ الْجِنَايَةِ كَمَا فِي حَالَةِ الْخَطَأِ بِخِلَافِ حُصُولِهِ بِهِمَا مَعَ عَدَمِ التَّذَكُّرِ وَقِيَامِ مُطَالَبَةِ الطَّبْعِ بِالْمُفْطِرَاتِ فَلَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِهِ عُذِرَ فِيمَا يَكْثُرُ وُجُودُهُ مِثْلُهُ فِيمَا لَمْ يَكْثُرْ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ.

(وَأَمَّا الصَّلَاةُ) أَيْ قِيَاسُهَا (عَلَى الصَّوْمِ) فِي عَدَمِ الْفَسَادِ بِفِعْلِ الْمُفْسِدِ نِسْيَانًا (فَبَعِيدٌ؛ لِأَنَّ عُذْرَهُ) أَيْ الْمُكَلَّفِ (وَلَا مُذَكِّرَ) لَهُ كَمَا فِي الصَّوْمِ (لَا يَسْتَلْزِمُهُ) أَيْ عُذْرَهُ (مَعَهُ) أَيْ الْمُذَكِّرِ كَمَا فِي الصَّلَاةِ؛ لِانْتِفَاءِ التَّقْصِيرِ مِنْهُ فِي الْأَوَّلِ دُونَ الثَّانِي (وَلِذَا) أَيْ وَلِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ ثُبُوتِ الْعُذْرِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُذَكِّرِ ثُبُوتُهُ مَعَ الْمُذَكِّرِ (وَجَبَ الْجَزَاءُ بِقَتْلِ الْمُحْرِمِ الصَّيْدَ نَاسِيًا) لِوُجُودِ الْمُذَكِّرِ لَهُ وَهُوَ التَّلَبُّسُ بِهَيْئَةِ الْإِحْرَامِ.

(وَفِي الثَّانِي) أَيْ أَعْتِقْ عَبْدَك عَنِّي بِأَلْفٍ (لَزِمَ التَّرْكِيبَ شَرْعًا حُكْمٌ) هُوَ (صِحَّةُ الْعِتْقِ) عَنْ الْآمِرِ (وَسُقُوطُ الْكَفَّارَةِ) عَنْهُ إنْ نَوَى عِتْقَهُ عَنْهَا فَيَقْتَضِي سَبْقَ وُجُودِ الْمِلْكِ لِلْآمِرِ فِي الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ إعْتَاقَهُ عَنْهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ الْمِلْكِ بِالنَّصِّ، وَالْمِلْكُ يَقْتَضِي

<<  <  ج: ص:  >  >>