للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مِنْ مَعَانِيهِ لَكِنْ عَلَى هَذَا بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمُفْرَدِ مَا سَيَأْتِي مَعَ جَوَابِهِ وَإِلَى التَّثْنِيَةِ وَالْجَمْعِ مَا قَدَّمْنَا مِنْ الشِّعْرِ وَالْحَدِيثِ (قَالُوا) أَيْ الْمُجَوِّزُونَ فِي دَفْعِ الِامْتِنَاعِ (وَقَعَ) اسْتِعْمَالُهُ كَذَلِكَ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، قَالَ تَعَالَى {إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ} [الأحزاب: ٥٦] {أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ} [الحج: ١٨] الْآيَةَ وَهِيَ) أَيْ الصَّلَاةُ (مِنْ اللَّهِ الرَّحْمَةُ وَمِنْ غَيْرِهِ الدُّعَاءُ فَهُوَ) أَيْ لَفْظُ يُصَلُّونَ (مُشْتَرَكٌ) وَقَدْ اُسْتُعْمِلَ بِكُلٍّ مِنْ مَعْنَيَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ

(وَالسُّجُودُ فِي الْعُقَلَاءِ بِوَضْعِ الْجَبْهَةِ) عَلَى الْأَرْضِ (وَمِنْ غَيْرِهِمْ) هُوَ (الْخُضُوعُ) فَهُوَ إذًا مُشْتَرَكٌ اُسْتُعْمِلَ بِكُلٍّ مِنْ مَعْنَيَيْهِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ أَيْضًا (قُلْنَا: إذَا لَزِمَ كَوْنُهُ) أَيْ اللَّفْظِ (حَقِيقَةً فِي مَعْنَيَيْنِ وَأَمْكَنَ جَعْلُهُ) أَيْ اللَّفْظِ (لِمُشْتَرَكٍ بَيْنَهُمَا) أَيْ الْمَعْنَيَيْنِ (لَزِمَ) كَذَلِكَ لَا مُشْتَرَكًا لَفْظِيًّا؛ لِأَنَّ التَّوَاطُؤَ خَيْرٌ مِنْ الِاشْتِرَاكِ اللَّفْظِيِّ، وَهُنَا كَذَلِكَ (فَالسُّجُودُ) أَيْ مَعْنَاهُ (الْمُشْتَرَكُ) بَيْنَ سُجُودِ الْعُقَلَاءِ وَغَيْرِهِمْ هُوَ (الْخُضُوعُ الشَّامِلُ) لِلِاخْتِيَارِيِّ وَالْقَهْرِيِّ (قَوْلًا وَفِعْلًا) وَهُوَ انْقِيَادُ الْمَخْلُوقِ لِأَمْرِ اللَّهِ وَتَصَرُّفِهِ فِيهِ (فَهُوَ) أَيْ الْخُضُوعُ (مُتَوَاطِئٌ فَيَسْجُدُ لَهُ يَخْضَعُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَهُوَ) أَيْ الْخُضُوعُ (لِجِنْسِيَّتِهِ يَخْتَلِفُ صُورَةً فَفِي الْعُقَلَاءِ بِالْوَضْعِ، وَفِي غَيْرِهِمْ بِغَيْرِهِ) أَيْ وَضْعِ الْجَبْهَةِ عَلَى الْأَرْضِ مِمَّا يُفِيدُ مَعْنَى الْخُضُوعِ (فَانْدَفَعَ الِاعْتِرَاضُ بِأَنَّهُ إذَا أُرِيدَ الْقَهْرِيُّ شَمِلَ الْكُلَّ فَلَا وَجْهَ لِتَخْصِيصِ كَثِيرٍ مِنْ النَّاسِ أَوْ الِاخْتِيَارِيُّ وَلَمْ يَتَأَتَّ فِي غَيْرِهِمْ) أَيْ غَيْرِ الْعُقَلَاءِ

(وَكَذَا الصَّلَاةُ مَوْضُوعَةٌ لِلِاعْتِنَاءِ) بِالْمُصَلَّى عَلَيْهِ (بِإِظْهَارِ الشَّرَفِ) وَرَفْعِ الْقَدْرِ لَهُ (وَيَتَحَقَّقُ) الِاعْتِنَاءُ الْمَذْكُورُ (مِنْهُ تَعَالَى بِالرَّحْمَةِ وَمِنْ غَيْرِهِ بِدُعَائِهِ لَهُ تَقْدِيمًا لِلِاشْتِرَاكِ الْمَعْنَوِيِّ عَلَى اللَّفْظِيِّ أَوْ يَجْعَلُ) ذَلِكَ الْمَعْنَى الْمُشْتَرَكُ لِلَّذِي ذَكَرْنَا أَنَّهُ الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ الشَّامِلُ لِلْمَعَانِي الْمُخْتَلِفَةِ (مَجَازًا فِيهِ) أَيْ فِي كُلٍّ مِنْ السُّجُودِ وَالصَّلَاةِ عَلَى التَّوْزِيعِ فَالسُّجُودُ لِلْخُضُوعِ مَجَازًا وَالصَّلَاةُ لِإِظْهَارِ الِاعْتِنَاءِ مَجَازًا (فَيَعُمُّ) الْمَعْنَى الْمَجَازِيُّ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيَّ فِيهِمَا وَهُوَ وَضْعُ الْجَبْهَةِ فِي السُّجُودِ وَالدُّعَاءُ فِي الصَّلَاةِ

(وَأَمَّا أَهْلُ التَّفْسِيرِ فَعَلَى إضْمَارِ خَبَرٍ لِلْأَوَّلِ) فِي آيَةِ الصَّلَاةِ أَيْ إنَّ اللَّهَ يُصَلِّي وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ فَحُذِفَ يُصَلِّي لِدَلَالَةِ يُصَلُّونَ عَلَيْهِ كَمَا فِي قَوْلِ الْقَائِلِ

نَحْنُ بِمَا عِنْدَنَا وَأَنْتَ بِمَا ... عِنْدَك رَاضٍ وَالرَّأْيُ مُخْتَلِفٌ

وَعَلَى هَذَا فَقَدْ كَرَّرَ اللَّفْظَ مُرَادًا بِهِ فِي كُلِّ مَرَّةٍ مَعْنًى؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّرَ فِي حُكْمِ الْمَلْفُوظِ، وَهَذَا جَائِزٌ اتِّفَاقًا (وَعَلَيْهِ) أَيْ مَنْعِ تَعْمِيمِ الْمُشْتَرَكِ (تَفَرَّعَ بُطْلَانُ الْوَصِيَّةِ لِمَوَالِيهِ وَهُمْ لَهُ مِنْ الطَّرَفَيْنِ) كَمَا قَدَّمْنَا لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَعُمَّهُمَا اللَّفْظُ وَلَيْسَ أَحَدُهُمَا بِأَوْلَى مِنْ الْآخَرِ بَقِيَ الْمُوصَى لَهُ مَجْهُولًا فَبَطَلَتْ وَقِيَاسُ مَا أَسْلَفْنَاهُ عَنْ السُّبْكِيّ فِي مَسْأَلَتِهِمْ فِي الْوَقْفِ أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ فِي الْوَصِيَّةِ أَنْ يَكُونَ بَيْنَهُمْ كَذَلِكَ أَيْضًا، وَاَللَّهُ - تَعَالَى - أَعْلَمُ

(مَسْأَلَةُ الْمُقْتَضَى) بِفَتْحِ الضَّادِ (مَا اسْتَدْعَاهُ صِدْقُ الْكَلَامِ كَرَفْعِ الْخَطَأِ أَوْ النِّسْيَانِ أَوْ) مَا اسْتَدْعَاهُ (حُكْمٌ) لِلْكَلَامِ (لَزِمَهُ) أَيْ الْحُكْمُ الْكَلَامَ (شَرْعًا) فَهَذَانِ مُقْتَضِيَانِ بِكَسْرِ الضَّادِ وَأَمَّا الْمُقْتَضَى فِيهِمَا فَيَذْكُرُهُ قَرِيبًا (فَإِنْ تَوَقَّفَا) أَيْ الصِّدْقُ وَالْحُكْمُ الْمَذْكُورَانِ (عَلَى خَاصٍّ بِعَيْنِهِ أَوْ عَامٍّ لَزِمَ) ذَلِكَ الْخَاصُّ أَوْ الْعَامُّ (وَمُنِعَ عُمُومُهُ) أَيْ الْمُقْتَضَى بِالْفَتْحِ (هُنَا) أَيْ فِيمَا إذَا تَوَقَّفَ عَلَى عَامٍّ (لِعَدَمِ كَوْنِهِ لَفْظًا) كَمَا ذَكَرَهُ جَمْعٌ مِنْ مُتَأَخِّرِيهِمْ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ (لَيْسَ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُقَدَّرَ كَالْمَلْفُوظِ) فِي إفَادَةِ الْمَعْنَى (وَقَدْ تَعَيَّنَ) الْمُقَدَّرُ بِصِفَةِ الْعُمُومِ بِالدَّلِيلِ الْمُعَيَّنِ لَهُ فَيَكُونُ عَامًّا (وَأَيْضًا هُوَ) أَيْ الْمُقَدَّرُ (ضَرُورِيٌّ لِفَرْضِ التَّوَقُّفِ) أَيْ تَوَقُّفِ

<<  <  ج: ص:  >  >>