للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى هَذَا الْقَوْلِ لَا غَيْرُ، وَحِينَئِذٍ يُجَابُونَ بِالْجَوَابِ الْمَذْكُورِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.

(مَسْأَلَةُ الْعَامِّ فِي مَعْرِضِ الْمَدْحِ وَالذَّمِّ كَ {إِنَّ الأَبْرَارَ لَفِي نَعِيمٍ} [الانفطار: ١٣] {وَإِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ} [الانفطار: ١٤] (يَعُمُّ) اسْتِعْمَالًا كَمَا هُوَ عَامٌّ مَوْضِعًا (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ حَتَّى مَنَعَ بَعْضُهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ (الِاسْتِدْلَالَ بِ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلا يُنْفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ} [التوبة: ٣٤] الْآيَةَ (عَلَى وُجُوبِهَا) أَيْ الزَّكَاةِ (فِي الْحُلِيِّ) ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْ الْآيَةِ إلْحَاقُ الذَّمِّ بِمَنْ يَكْنِزُ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ لَا بَيَانُ التَّعْمِيمِ، وَإِثْبَاتُ الْحُكْمِ فِي جَمِيعِ الْمُتَنَاوَلَاتِ اللُّغَوِيَّةِ (لَنَا عَامٌّ بِصِيغَتِهِ) مِنْ غَيْرِ مُعَارِضٍ فَوَجَبَ الْعَمَلُ بِهِ (قَالُوا: عُهِدَ فِيهِمَا) أَيْ فِي الْمَدْحِ وَالذَّمِّ (ذِكْرُ الْعَامِّ مَعَ عَدَمِ إرَادَتِهِ) أَيْ الْعُمُومِ (مُبَالَغَةً) فِي الْحَثِّ عَلَى الطَّاعَةِ وَالزَّجْرِ عَنْ الْمَعْصِيَةِ. (وَأُجِيبَ بِأَنَّهَا) أَيْ الْمُبَالَغَةَ (لَا تُنَافِيهِ) أَيْ الْعُمُومَ (إذَا كَانَتْ) الْمُبَالَغَةُ (لِلْحَثِّ بِخِلَافِ نَحْو قَتَلْتُ النَّاسَ كُلَّهُمْ) مِمَّا لَمْ يُقْصَدْ فِيهِ الْمُبَالَغَةُ فِي الْحَثِّ بَلْ قُصِدَتْ مُطْلَقًا فَإِنَّ الْعُمُومَ قَدْ يُنَافِيهِ، هَذَا وَقَالَ السُّبْكِيُّ لَيْسَتْ الْمَسْأَلَةُ مَقْصُورَةً عَلَى مَا سِيقَ لِلْمَدْحِ أَوْ الذَّمِّ بَلْ هِيَ عَامَّةٌ فِي كُلِّ مَا سَبَقَ لِغَرَضٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ مِثْلُ {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: ١٠٣] لَا يُوجِبُهُ) أَيْ الْأَخْذَ (مِنْ كُلِّ نَوْعٍ) مِنْ أَنْوَاعِ الْمَالِ (عِنْدَ الْكَرْخِيِّ وَغَيْرِهِ) كَالْآمِدِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ (خِلَافًا لِلْأَكْثَرِ لَهُ) أَيْ الْكَرْخِيِّ (يَصْدُقُ بِأَخْذِ صَدَقَةٍ) وَاحِدَةٍ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ جُمْلَةِ أَمْوَالِهِمْ (أَنَّهُ أَخَذَ صَدَقَةً مِنْ أَمْوَالِهِمْ) ؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِأَخْذِهِ صَدَقَةٌ مَا، إذْ هِيَ نَكِرَةٌ مُثْبَتَةٌ مِنْ جُمْلَةِ الْأَمْوَالِ وَمَهْمَا أَخَذَ مِنْ مَالٍ وَاحِدٍ ذَلِكَ صَدَقَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ الْأَمْوَالِ لِكَوْنِ الْمَالِ جُزْأَهَا، وَإِذَا صَدَقَ ذَلِكَ فَقَدْ امْتَثَلَ (وَهُمْ) أَيْ الْأَكْثَرُ (يَمْنَعُونَهُ) أَيْ صَدَقَ أَنَّهُ أَخَذَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً بِأَخْذِ صَدَقَةٌ وَاحِدَةٍ مِنْهَا (لِأَنَّهُ) أَيْ لَفْظَ أَمْوَالٍ (جَمْعٌ مُضَافٌ فَالْمَعْنَى مِنْ كُلِّ مَالٍ) صَدَقَةٍ (فَيَعُمُّ) الْمَأْخُوذَ (بِعُمُومِهِ) أَيْ الْمَأْخُوذَ مِنْهُ (أُجِيبَ عُمُومُ كُلٍّ تَفْصِيلِيٍّ) أَيْ لِاسْتِغْرَاقِ كُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدًا مُفَصَّلًا (بِخِلَافِ الْجَمْعِ) فَإِنَّ عُمُومَهُ اسْتِغْرَاقِيٌّ مِنْ غَيْرِ قَيْدِ التَّفْصِيلِ (لِلْفَرْقِ الضَّرُورِيِّ بَيْنَ لِلرِّجَالِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَلِكُلِّ رَجُلٍ) عِنْدِي دِرْهَمٌ حَتَّى يَلْزَمَ فِي الْأَوَّلِ دِرْهَمٌ وَاحِدٌ لِلْجَمِيعِ وَفِي الثَّانِي دَرَاهِمُ بِعِدَّةِ الرِّجَالِ (وَهَذَا) الْجَوَابُ (يُشِيرُ إلَى أَنَّ اسْتِغْرَاقَ الْجَمْعِ الْمُحَلَّى لَيْسَ كَالْمُفْرَدِ) ، وَإِلَّا لَمْ يُفَرَّقْ بَيْنَهُمَا بِهَذَا الْفَرْقِ (وَهُوَ) أَيْ وَكَوْنُ اسْتِغْرَاقِهِ لَيْسَ كَالْمُفْرَدِ (خِلَافُ الْمَنْصُورِ بَلْ هُوَ) أَيْ الْجَمْعُ الْمُحَلَّى فِي الْعُمُومِ (كَالْمُفْرَدِ) كَمَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ.

(وَإِنْ صَحَّ إرَادَةُ الْمَجْمُوعِ بِهِ) أَيْ بِالْجَمْعِ الْمُحَلَّى (لَا كُلُّ فَرْدٍ بِالْقَرِينَةِ) الْمُعَيَّنَةِ لَهَا كَهَذِهِ الدَّارُ لَا تَسَعُ الرِّجَالَ لِلْعِلْمِ بِاتِّسَاعِهَا لِكُلِّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ لَا لِلْمَجْمُوعِ كَمَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ بِهِ الْحَقِيقَةُ بِالْقَرِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ لَهَا كَفُلَانٍ يَرْكَبُ الْخَيْلَ وَيَا هِنْدُ لَا تُكَلِّمِي الرِّجَالَ فَقَوْلُهُ بِالْقَرِينَةِ مُتَعَلِّقٌ بِصَحَّ (وَقَدْ يُنْصَرُ) كَوْنُ اسْتِغْرَاقِ الْجَمْعِ الْمُحَلَّى لَيْسَ كَالْمُفْرَدِ (بِالْفَرْقِ بَيْنَ: لِلْمَسَاكِينِ عِنْدِي دِرْهَمٌ وَلِلْمِسْكِينِ) عِنْدِي دِرْهَمٌ عِنْدَ قَصْدِ الِاسْتِغْرَاقِ بِهِ بِتَبَادُرِ إرَادَةِ الْمَجْمُوعِ فِي الْجَمْعِ وَكُلُّ وَاحِدٍ وَاحِدٌ فِي الْمُفْرَدِ (قَبْلَ مُلَاحَظَةِ اسْتِحَالَةِ انْقِسَامِهِ) أَيْ الدِّرْهَمِ (عَلَى الْكُلِّ) الْمُوجِبَةِ لِانْتِفَاءِ إرَادَةِ اسْتِغْرَاقِ كُلِّ جَمْعٍ جَمْعٌ فِي الْجَمْعِ، وَمِنْ هُنَا قَالَ الْفَاضِلُ الْأَبْهَرِيُّ فِي تَقْرِيرِ الْفَرْقِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى: أَنَّهُ لَيْسَ لِأَجْلِ أَنَّ اسْتِغْرَاقَ كُلِّ وَاحِدٍ زَائِدٌ يَدُلُّ عَلَى الْعُمُومِ بَلْ لِأَجْلِ أَنَّ الرَّجُلَ لَيْسَ مِمَّا يَشْتَمِلُ عَلَى الْأَنْوَاعِ الْمُخْتَلِفَةِ الْحَقَائِقِ فَلَمْ يُقْصَدْ لِجَمْعِهِ الْأَنْوَاعَ، وَاللَّامُ الدَّاخِلَةُ فِيهِ لِجِنْسِ الْجَمْعِ لَا لِاسْتِغْرَاقِ الْمَجْمُوعِ لِمَا عَرَفْت أَنَّ اللَّامَ

<<  <  ج: ص:  >  >>