للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَخْصُوصًا تَعَلَّقَ بِهِ مَا تَعَلَّقَ بِالْعَامِّ الْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ الَّذِي لَمْ يُخَصَّصْ هَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ بِكُلِّ الْأَوَّلِ وَالْمُرَادُ بِبَعْضِ أَفْرَادِهِ الَّتِي شُرِّكَتْ هِيَ الْبَاقِيَةُ تَحْتَ الْعَامِّ الْمَعْطُوفِ بَعْدَ التَّخْصِيصِ، وَإِنَّمَا يَصِحُّ الْعَطْفُ مَعَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَصْدُقُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمَعْطُوفِ شَارَكَ الْمُرَادَ بِالْمَعْطُوفِ عَلَيْهِ فِيمَا تَعَلَّقَ بِهِ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفَ الْمُرَادُ بِالْمُتَعَاطِفِينَ نَفْسِهِمَا (فَظَهَرَ) بِنَاءً عَلَى الْأَصْلِ الْمَذْكُورِ لَهُمْ (أَنَّ الْحَدِيثَ لَا يُعَارِضُ آيَاتِ الْقِصَاصِ الْعَامَّةَ، وَإِنْ خُصَّ مِنْهَا الْحَرْبِيُّ لِتَخْصِيصِ كَافِرِ الْأَوَّلِ بِالْحَرْبِيِّ، وَالْمُحَقِّقُونَ) مِنْ الْحَنَفِيَّةِ (عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالْكَافِرِ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنُ) لَا الْحَرْبِيِّ مُطْلَقًا (لِيُفِيدَ) قَوْلُهُ لَا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ (إذْ غَيْرُهُ) أَيْ الْحَرْبِيِّ الْمُسْتَأْمَنِ، وَهُوَ الْحَرْبِيُّ الَّذِي لَيْسَ بِمُسْتَأْمَنٍ (مِمَّا عُرِفَ بِالضَّرُورَةِ مِنْ الدِّينِ كَالصَّلَاةِ) أَنَّ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ بِهِ (فَلَا يُقْتَلُ الذِّمِّيُّ بِالْمُسْتَأْمَنِ) كَمَا لَا يُقْتَلُ الْمُسْلِمُ بِهِ بِنَاءً عَلَى أَنَّ تَخْصِيصَ كَافِرِ الْأَوَّلِ بِهِ مُوجِبٌ لِتَخْصِيصِ كَافِرِ الثَّانِي بِهِ أَيْضًا. قَالَ الْمُصَنِّفُ: وَالظَّاهِرُ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ تَخْصِيصَ الْأَوَّلِ بِدَلِيلٍ يُوجِبُهُ فِي الثَّانِي بِعَيْنِهِ لِمَا ذَكَرْنَا أَنَّهُ نَاقِصٌ فَيُقَدَّرُ مَا فِي الْأَوَّلِ فِيهِ فَلَا يَمْنَعُ مِنْ قَتْلِ الذِّمِّيِّ بِالذِّمِّيِّ وَتَخْصِيصُ الثَّانِي بِدَلِيلِهِ يَدُلُّ عَلَى مِثْلِهِ فِي الْأَوَّلِ دَلَالَةً قَرِيبَةً فَلَا يُوجِبُهُ لُغَةً، وَلَا يَمْنَعُ مِنْ قَتْلِ الْمُسْلِمِ بِالذِّمِّيِّ (وَاَلَّذِي فِي هَذِهِ) الْمَسْأَلَةِ (مِنْ مَبَاحِثِ الْعُمُومِ كَوْنُ الْعَطْفِ عَلَى عَامٍّ لِعَامِلِهِ مُتَعَلِّقَ عَامٍّ يُوجِبُ تَقْدِيرَ لَفْظِهِ) أَيْ لَفْظَ الْمُتَعَلِّقِ الْعَامِّ (فِي الْمَعْطُوفِ ثُمَّ يُخَصُّ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِ الْآخَرِ، وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يُخَصَّ أَحَدُهُمَا بِخُصُوصِ الْآخَرِ (اخْتَلَفَ الْعَامِلُ وَفِيهِ) أَيْ لُزُومِ اخْتِلَافِهِ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ (مَا سَمِعْت) مِنْ عَدَمِ لُزُومِ اتِّحَادِ كَمِّيَّتَيْ الْمُتَعَاطِفَيْنِ فِي الْأَفْرَادِ الْمُتَنَاوَلَةِ، وَأَنَّ اخْتِلَافَهَا لَا يُوجِبُ اخْتِلَافَ الْعَامِلِ؛ لِأَنَّا فَرَضْنَا تَقْدِيرَ قَيْدِ الْعَامِلِ فِي كُلٍّ مِنْهُمَا وَلَا يُنَافِيهِ اخْتِلَافُ كَمِّيَّتِهِمَا إذْ يَصْدُقُ أَنَّهُ شَرَكَ الْمُرَادَ بِأَحَدِهِمَا الْمُرَادَ بِالْآخَرِ فِي الْعَامِلِ الْمُقَيَّدِ قَالَهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا ثُمَّ فِي هَذَا الْمَقَامِ مَزِيدُ كَلَامٍ لَمْ نُطَوِّلْ بِهِ إيثَارًا لِلِاقْتِصَارِ عَلَى مَا فِي الْكِتَابِ مِنْ الْمَرَامِ.

(مَسْأَلَةٌ الْجَوَابُ غَيْرُ الْمُسْتَقِلِّ) عَنْ سُؤَالٍ بِأَنْ لَا يَكُونَ مُفِيدًا بِدُونِهِ كَنَعَمْ وَلَا (يُسَاوِي السُّؤَالَ فِي الْعُمُومِ اتِّفَاقًا وَفِي الْخُصُوصِ قِيلَ كَذَلِكَ) أَيْ يُسَاوِيهِ فِي الْخُصُوصِ أَيْضًا اتِّفَاقًا حَتَّى لَوْ قِيلَ هَلْ يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ عَامًّا وَلَوْ قِيلَ هَلْ يَجُوزُ لِي الْوُضُوءُ بِمَاءِ الْبَحْرِ فَقَالَ نَعَمْ كَانَ خَاصًّا (وَقِيلَ يَعُمُّ) الْجَوَابُ فِيهِ (عِنْدَ الشَّافِعِيِّ) حَتَّى كَانَ الْجَوَابُ فِيهِ إلَّا عَلَى جَوَازِ التَّوَضُّؤِ بِمَاءِ الْبَحْرِ لِكُلِّ أَحَدٍ (لِتَرْكِ الِاسْتِفْصَالِ) أَيْ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ فِي حِكَايَةِ الْحَالِ مَعَ قِيَامِ الِاحْتِمَالِ يُنَزَّلُ مَنْزِلَةَ الْعُمُومِ فِي الْمَقَالِ كَمَا هُوَ مَحْكِيٌّ عَنْ الشَّافِعِيِّ، وَهَذَا صَرِيحُ كَلَامِ الْآمِدِيِّ وَشَارِحِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ لَكِنَّ الظَّاهِرَ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ الْفَاضِلُ الْأَبْهَرِيُّ أَنَّ مَنْ ذَهَبَ إلَى أَنَّ الشَّافِعِيَّ ذَهَبَ إلَيْهِ إنَّمَا أَخَذَهُ مِنْ الْمَحْكِيِّ الْمَذْكُورِ عَنْهُ لِتَنَاوُلِهِ الْجَوَابَ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ لَكِنَّهُ وَهْمٌ فَإِنَّهُ لَمْ يَرُدَّهُ إلَّا فِيمَا هُوَ مُسْتَقِلٌّ وَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يُورِدْ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي أَمْثِلَتِهِ إلَّا مَا هُوَ مُسْتَقِلٌّ بَلْ وَقَالَ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ: الْعُمُومُ فَرْعُ اسْتِقْلَالِ الْكَلَامِ بِنَفْسِهِ بِحَيْثُ يُفْرَضُ الِابْتِدَاءُ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَقَدُّمِ سُؤَالٍ فَإِذْ ذَاكَ يَسْتَمْسِكُ بَعْضٌ بِاللَّفْظِ وَآخَرُونَ بِالسَّبَبِ فَأَمَّا إذَا كَانَ لَا يَثْبُتُ الِاسْتِقْلَالُ دُونَ تَقَدُّمِ سُؤَالٍ، وَالسُّؤَالُ خَاصٌّ بِهِ فَالْجَوَابُ تَتِمَّةٌ لَهُ وَكَالْجُزْءِ مِنْهُ وَلَا سَبِيلَ إلَى ادِّعَاءِ الْعُمُومِ بِهِ، وَبِهَذَا ظَهَرَ وَجْهُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ (وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ) أَيْ أَنَّ الْجَوَابَ غَيْرَ الْمُسْتَقِلِّ يَتْبَعُ السُّؤَالَ فِي الْخُصُوصِ (وَلَا مَعْنَى لِلُزُومِ الْعُمُومِ) فِي الْجَوَابِ (لِتَرْكِهِ) أَيْ الِاسْتِفْصَالِ (إلَّا فِي الْأَحْوَالِ وَالْأَوْقَاتِ وَالْمُرَادُ عُمُومُ الْمُكَلَّفِينَ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>