للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بِمُسْتَقِلٍّ، وَهُوَ مَا كَانَ مُسْتَبِدًّا بِنَفْسِهِ غَيْرَ مُتَعَلِّقٍ بِصَدْرِ الْكَلَامِ عَنْ غَيْرِ الْمُسْتَقِلِّ، وَهُوَ مَا لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ كَالِاسْتِثْنَاءِ وَالصِّفَةِ وَبِمُقَارِنٍ (أَيْ مَوْصُولٍ) بِالْعَامِّ أَيْ مَذْكُورٍ عَقِبَهُ (فِي) الْمُخَصِّصِ (الْأَوَّلِ) ، وَإِنَّمَا فَسَّرَهُ بِهِ دَفْعًا لِتَوَهُّمِ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُقَارَنَةِ الْمَعِيَّةُ فَإِنَّهَا بِهَذَا الْمَعْنَى غَيْرُ مُرَادَةٍ هُنَا مَعَ أَنَّهَا إنَّمَا تُتَصَوَّرُ فِي فِعْلٍ خَاصٍّ لِلنَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَعَ قَوْلٍ عَامٍّ عَمَّا لَا يَكُونُ كَذَلِكَ فَإِنَّهُ نَسْخٌ لَا تَخْصِيصٌ، وَمِنْ ثَمَّةَ قَالَ (فَإِنْ تَرَاخَى) الْبَيَانُ الْمَذْكُورُ عَنْهُ (فَنَاسِخٌ لَا) فِي الْمُخَصِّصِ (الثَّانِي) ، وَهَلُمَّ جَرَّا، قَالَ الْمُصَنِّفُ (: وَالْوَجْهُ أَنَّ الثَّانِيَ) ، وَهَلُمَّ جَرَّا إذَا تَرَاخَى (نَاسِخٌ أَيْضًا إلَّا الْقِيَاسُ إذْ لَا يُتَصَوَّرُ تَرَاخِيهِ) أَيْ مُقْتَضَاهُ لِعُمُومِ عِلَّةِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ لِلْمَقِيسِ الْمُوجِبَةِ لِمُشَارَكَتِهِ إيَّاهُ فِي الْحُكْمِ، وَإِنَّمَا كَانَ الْوَجْهُ هَذَا الْجَرَيَانَ الْمُوجِبَ لِاشْتِرَاطِ الْمُقَارَنَةِ فِي الْأَوَّلِ فِيمَا بَعْدَهُ فَعَلَى مَا ذَكَرُوا يَجُوزُ الْإِلْحَاقُ بِالْمُخَصِّصِ الثَّانِي الْمُتَأَخِّرِ، وَتَعَدِّيَةُ الْإِخْرَاجِ، وَعَلَى مَا ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ بَحْثًا لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَاسِخٌ وَالنَّاسِخُ لَا يُعَلَّلُ.

(وَصَرَّحَ الْمُحَقِّقُونَ بِأَنَّ تَفَرُّعَ عَدَمِ جَوَازِ ذِكْرِ بَعْضٍ) مِنْ الْمُخَصِّصَاتِ (دُونَ بَعْضٍ عَلَى مَنْعِ تَأْخِيرِ الْمُخَصِّصِ ضَرُورِيٌّ) مِنْ الْعِلْمِ بِعِلَّةِ مَنْعِ تَأْخِيرِ الْمُخَصِّصِ، وَهَذَا يُؤَيِّدُ كَوْنَ الثَّانِي إذَا تَرَاخَى يَكُونُ نَاسِخًا ثُمَّ عُطِفَ عَلَى تَرَاخٍ (أَوْ جُهِلَ) تَرَاخِيهِ كَمَا جُهِلَ أَيْضًا مُقَارَنَتُهُ (فَحُكْمُ التَّعَارُضِ) يَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقَدْرِ الْمُعَارِضِ لَهُ مِنْ الْعَامِّ (كَتَرْجِيحِ الْمَانِعِ) مِنْهُمَا أَيَّامًا كَانَ عَلَى الْمُبِيحِ (وَإِلَّا) أَيْ، وَإِنْ لَمْ يَتَأَتَّ التَّرْجِيحُ فَالْحُكْمُ (الْوَقْفُ) كَمَا فِي الْبَدِيعِ أَوْ التَّسَاقُطُ كَمَا فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَهُمَا مُتَقَارِبَانِ.

(وَوَجَبَ نَسْخُ الْخَاصِّ بِالْعَامِّ الْمُتَأَخِّرِ عَنْهُ) كَقَلْبِهِ وَبِهِ قَالَ الْقَاضِي وَإِمَامُ الْحَرَمَيْنِ وَفِي الْبَدِيعِ جُعِلَ هَذَا قَوْلَ الْعِرَاقِيِّينَ مِنْ الْحَنَفِيَّةِ ثُمَّ قَالَ وَالشَّافِعِيُّ وَالْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَجَمْعٌ مِنْ مَشَايِخِنَا الْخَاصُّ مُبَيِّنٌ مُطْلَقًا يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ الْخَاصُّ مُتَقَدِّمًا أَوْ مُتَأَخِّرًا أَوْ مَجْهُولًا أَوْ وَرَدَا مَعًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ شَارِحُوهُ وَذَكَرَ فِي الْمَحْصُولِ وَغَيْرِهِ أَنَّ كَوْنَ الْخَاصِّ الْوَارِدِ بَعْدَ الْعَامِّ مُخَصِّصًا مَحَلَّهُ إذَا وَرَدَ قَبْلَ حُضُورِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ؛ لِأَنَّ تَأْخِيرَ الْبَيَانِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ جَائِزٌ أَمَّا إذَا وَرَدَ بَعْدَ حُضُورِ وَقْتِ الْعَمَلِ بِالْعَامِّ فَإِنَّهُ يَكُونُ نَاسِخًا؛ لِأَنَّ الْبَيَانَ لَا يَتَأَخَّرُ عَنْ وَقْتِ الْحَاجَةِ، قَالَ الْإِسْنَوِيُّ: وَحِينَئِذٍ فَلَا نَأْخُذُ بِهِ مُطْلَقًا، وَإِنَّمَا نَأْخُذُ بِهِ مِنْ حَيْثُ لَا يُؤَدِّي إلَى نَسْخِ الْمُتَوَاتِرِ بِالْآحَادِ، وَأَمَّا الْعَامَّانِ مِنْ وَجْهٍ الْخَاصَّانِ مِنْ وَجْهٍ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِمَا فِي التَّعَارُضِ. هَذَا وَمِنْ أَصْحَابِنَا وَغَيْرِهِمْ مَنْ زَادَ لَفْظِيٌّ بَعْدَ مُسْتَقِلٍّ احْتِرَازًا عَنْ غَيْرِ اللَّفْظِيِّ كَالْعَقْلِ.

(وَالشَّافِعِيَّةُ) أَيْ أَكْثَرُهُمْ (وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ قَصَرَ الْعَامَّ عَلَى بَعْضِ مُسَمَّاهُ وَقِيلَ) عَلَى بَعْضِ (مُسَمَّيَاتِهِ) كَمَا فِي أُصُولِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْبَدِيعِ بِنَاءً (عَلَى إرَادَةِ أَجْزَاءِ مُسَمَّاهُ) كَمَا حَكَاهُ الْمُحَقِّقُ التَّفْتَازَانِيُّ عَنْ جُمْهُورِ الشَّارِحِينَ تَنْزِيلًا لِأَجْزَائِهِ مَنْزِلَةَ مُسَمَّيَاتٍ لَهُ إذْ لَا مُسَمَّيَاتِ لِلَّفْظِ الْوَاحِدِ بَلْ مُسَمَّاهُ وَاحِدٌ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَجْمُوعٌ، وَهُوَ كُلُّ وَاحِدٍ (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ الْمُرَادِ هَذَا (يُحَقِّقُ مَا أَسْلَفْنَاهُ) فِي الْكَلَامِ عَلَى تَعْرِيفِ الْعَامِّ (أَنَّ دَلَالَتَهُ) أَيْ الْعَامِّ (عَلَى الْأَفْرَادِ تَضَمُّنِيَّةٌ أَوْ) إرَادَةُ (الْآحَادِ الْمُشْتَرَكَةِ فِي الْمُشْتَرَكِ) بَيْنَهُمَا، وَهُوَ الْمَعْنَى الْكُلِّيُّ الَّذِي يَنْدَرِجُ تَحْتَهُ الْمُسَمَّيَاتُ الَّتِي هِيَ جُزْئِيَّاتٌ لَهُ وَيَصْدُقُ حَمْلُهُ عَلَى كُلٍّ مِنْهَا كَمَا مَشَى عَلَيْهِ الْفَاضِلُ الْأَبْهَرِيُّ (، وَإِضَافَةُ الْمُسَمَّيَاتِ إلَيْهِ) أَيْ الْعَامِّ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ يَكُونُ الْمُرَادُ هَذَا (بِعُمُومِ نِسْبَتِهِ فَإِنَّهَا) أَيْ الْآحَادَ (مُسَمَّيَاتٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ لَا بِهِ) أَيْ

<<  <  ج: ص:  >  >>