للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْآخَرُ فِي التَّرَاخِي وَمَنْعِهِ.

(وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْمُجَوِّزِينَ لِلتَّرَاخِي فِيهِ كَالشَّافِعِيَّةِ لَا يَلْزَمُ مِنْ إطْلَاقِ الْعَامِّ، وَإِرَادَةِ بَعْضِهِ مِنْهُ بِلَا قَرِينَةٍ إفَادَةُ الشَّارِعِ مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ (بَلْ) إطْلَاقُهُ (لِتَفْهِيمِ إرَادَةِ الْعُمُومِ عَلَى احْتِمَالِ الْخُصُوصِ إنْ أُرِيدَ الْمَجْمُوعُ) مِنْ تَفْهِيمِ إرَادَةِ الْعُمُومِ وَتَجْوِيزِ التَّخْصِيصِ (مَعْنَى الصِّيغَةِ) الْعَامَّةِ (فَبَاطِلٌ) ؛ لِأَنَّ الصِّيغَةَ لَمْ تُوضَعْ لِلْمَجْمُوعِ قَطْعًا (أَوْ هُوَ) أَيْ مَعْنَى الصِّيغَةِ (الْأَوَّلُ) أَيْ تَفْهِيمُ إرَادَةِ الْعُمُومِ (وَالِاحْتِمَالُ) أَيْ احْتِمَالُ الْخُصُوصِ ثَابِتٌ (بِخَارِجٍ) عَنْ مَفْهُومِ اللَّفْظِ، وَهُوَ كَثْرَةُ تَخْصِيصِ الْعُمُومَاتِ (لَزِمَ أَنْ تُعَيِّنَهُ) أَيْ هَذَا الِاحْتِمَالُ (قَرِينَةٌ لَازِمَةٌ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ) الْخَارِجَ (تَعَقُّلُهُ) أَيْ الْعَامِّ (لَا يُفِيدُ) ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ فِي الْمَعْنَى الْوَضْعِيِّ لِلَّفْظِ (وَلُزُومُهَا) أَيْ الْقَرِينَةِ الْمُعَيَّنَةِ لِهَذَا الِاحْتِمَالِ لِلَّفْظِ (مَمْنُوعٌ إلَّا إنْ كَانَتْ مَا تَقَدَّمَ مِنْ غَلَبَةِ التَّخْصِيصِ فِي بَحْثِ الْقَطْعِيَّةِ، وَعَلِمْت أَنَّهَا) أَيْ كَثْرَةَ التَّخْصِيصِ (إنَّمَا تُفِيدُ) عَدَمَ الْقَطْعِ (فِي الْعَامِّ فِي الْجُمْلَةِ لَا فِي خُصُوصِ) الْعَامِّ (الْمُسْتَعْمَلِ) فَيَسْتَمِرُّ لُزُومُ الْمَنْعِ لِدَعْوَى الْقَرِينَةِ اللَّازِمَةِ لَهُ (قَالُوا) أَيْ الْمُجَوِّزُونَ لِلتَّرَاخِي (وَقَعَ فَإِنْ فَاتَ {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] (خُصَّ بِهِ) أَيْ بِمَنْطُوقِهِ عُمُومُ قَوْله تَعَالَى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجًا يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} [البقرة: ٢٣٤] فَإِنَّهُ شَامِلٌ لِلْحَامِلِ وَالْحَائِلِ مَعَ التَّرَاخِي بَيْنَهُمَا (قُلْنَا الْأُولَى مُتَأَخِّرَةٌ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ مَنْ شَاءَ بَاهَلْته أَنَّ سُورَةَ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الَّتِي فِي سُورَةِ الْبَقَرَةِ) ذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الْأَصْلِ وَيُوَضِّحُهُ رِوَايَةُ أَبِي دَاوُد وَالنَّسَائِيِّ وَابْنِ مَاجَهْ مَنْ شَاءَ لَاعَنْته لَأُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا، وَهُوَ فِي الْبُخَارِيِّ بِلَفْظِ أَتَجْعَلُونَ عَلَيْهَا التَّغْلِيظَ وَلَا تَجْعَلُونَ لَهَا الرُّخْصَةَ أُنْزِلَتْ سُورَةُ النِّسَاءِ الْقُصْرَى بَعْدَ الطُّولَى {وَأُولاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ} [الطلاق: ٤] .

وَزَادَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَكَانَ بَلَغَهُ أَنَّ عَلِيًّا يَقُولُ هِيَ آخِرُ الْأَجَلَيْنِ فَقَالَ ذَلِكَ (فَيَكُونُ) إخْرَاجُ الْحَوَامِلِ بِآيَةِ سُورَةِ الطَّلَاقِ مِنْ آيَةِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ (نَسْخًا) لَا تَخْصِيصًا (وَكَذَا {وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} [المائدة: ٥] (بَعْدَ {وَلا تَنْكِحُوا الْمُشْرِكَاتِ} [البقرة: ٢٢١] كَمَا ذَكَرَهُ جَمَاعَةٌ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَيَدُلُّ لَهُ مَا عَنْ جُبَيْرِ بْنِ نُفَيْرٍ قَالَ حَجَجْت فَدَخَلْت عَلَى عَائِشَةَ فَقَالَتْ لِي يَا جُبَيْرُ تَقْرَأُ الْمَائِدَةَ قُلْت نَعَمْ فَقَالَتْ أَمَا إنَّهَا آخِرُ سُورَةٍ نَزَلَتْ فَمَا وَجَدْتُمْ فِيهَا مِنْ حَلَالٍ فَأَحِلُّوهُ وَمَا وَجَدْتُمْ مِنْ حَرَامٍ فَحَرِّمُوهُ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ فَيَكُونُ إخْرَاجُ الْكِتَابِيَّاتِ مِنْ الْمُشْرِكَاتِ نَسْخًا.

(وَكَذَا جَعْلُ السَّلَبِ لِلْقَاتِلِ مُطْلَقًا) أَيْ سَوَاءٌ نَفَّلَهُ الْإِمَامُ أَمْ لَا إذَا كَانَ الْقَاتِلُ مِنْ أَهْلِ السَّهْمِ كَمَا هُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَدَ وَزَادَ أَحْمَدُ أَوْ الرَّضْخُ، وَهُوَ قَوْلٌ لِلشَّافِعِيِّ أَيْضًا (أَوْ بِرَأْيِ الْإِمَامِ) كَمَا هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا وَمَالِكٍ لِمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ» إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَسَلَبُ الْمَقْتُولِ ثِيَابُهُ وَسِلَاحُهُ وَمَرْكَبُهُ بِمَا عَلَيْهِ مِنْ الْآلَةِ وَمَا مَعَهُ مِنْ مَالٍ (بَعْدَ) قَوْله تَعَالَى {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] الْآيَةَ فَيَكُونُ اخْتِصَاصُ الْمُقَاتِلِ بِالسَّلَبِ نَسْخًا.

(وَكُلُّ مُتَرَاخٍ) مُخَرَّجٌ مِنْ عُمُومٍ سَابِقٍ بَعْضُهُ يَكُونُ نَاسِخًا لِذَلِكَ الْبَعْضِ لَا مُخَصِّصًا (قَالُوا) أَيْضًا قَوْله تَعَالَى قَالَ تَعَالَى لِنُوحٍ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - {فَاسْلُكْ فِيهَا مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَأَهْلَكَ} [المؤمنون: ٢٧] وَتَرَاخَى إخْرَاجُ ابْنِهِ) كَنْعَانَ بِقَوْلِهِ {يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} [هود: ٤٦] (قُلْنَا هُوَ) أَيْ تَرَاخَى إخْرَاجُ ابْنِهِ (بَيَانُ الْمُجْمَلِ) وَالْمُجْمَلُ يَجُوزُ تَرَاخِي بَيَانِهِ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْأَهْلَ (شَاعَ فِي النَّسَبِ وَغَيْرِهِ كَالزَّوْجَةِ وَالْأَتْبَاعِ الْمُوَافِقِينَ) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى

<<  <  ج: ص:  >  >>