للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عَلَى أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ أَمَّا فِي الْخَبَرِ فَكَمَا قَالَ.

(وَالْقَاطِعُ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ وَكِيلٌ} [الزمر: ٦٢] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِشَيْءٍ مَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ لَفْظُ شَيْءٍ لُغَةً كَمَا ذَكَرْنَا آنِفًا فَيَشْمَلُ الْوَاجِبَ وَالْمُمْكِنَ وَالْمُمْتَنِعَ ثُمَّ يَكُونُ مَخْصُوصًا فِي الْآيَتَيْنِ بِالْمُمْكِنِ لِامْتِنَاعِ وُقُوعِ الْخَلْقِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَاتِهِ وَسَائِرِ الْمُمْتَنِعَاتِ كَالْجَمْعِ بَيْنَ الضِّدَّيْنِ وَقَدْ أَسْلَفْنَا فِي مَسْأَلَةِ الْمُخَاطَبِ دَاخِلٌ فِي عُمُومِ مُتَعَلِّقِ خِطَابِهِ مَا قَالَهُ الْبَيْضَاوِيُّ عَنْ غَيْرِ الْمُعْتَزِلَةِ مِنْ أَنَّ الشَّيْءَ فِيهِمَا بِمَعْنَى الْمَشْيِ وَأَنَّهُ فِيهِمَا عَلَى عُمُومِهِ وَمَا قَالَهُ أَبُو الْمُعِينِ النَّسَفِيُّ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ وَخُصُوصًا عِنْدَ مَنْ لَا يَرَى عُمُومَ الْمُشْتَرَكِ مُطْلَقًا أَوْ فِي الْإِثْبَاتِ وَلَا خَفَاءَ أَنَّهُ عَلَى كُلٍّ مِنْ هَذَيْنِ لَا حُجَّةَ فِي الْآيَتَيْنِ عَلَى هَذَا الْمَطْلُوبِ أَصْلًا فَضْلًا أَنْ يَكُونَا دَلِيلَيْنِ قَطْعِيَّيْنِ فِيهِ فَلْيُتَنَبَّهْ لَهُ.

وَأَمَّا فِي الْإِنْشَاءِ فَقَوْلُهُ تَعَالَى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} [التوبة: ٥] مَعَ الْقَطْعِ بِعَدَمِ إرَادَةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يَأْتِي فِي هَذَا الْخِلَافِ أَنَّهُ لَفْظِيٌّ كَمَا فِيمَا قَبْلَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ. (وَلَنَا فِي) مَنْعِ (التَّرَاخِي أَنَّ إطْلَاقَهُ) أَيْ الْعَامِّ (بِلَا مَخْرَجِ إفَادَةِ إرَادَةِ الْكُلِّ فَمَعَ عَدَمِهَا) أَيْ إرَادَةِ الْكُلِّ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (يَلْزَمُ إخْبَارُ الشَّارِعِ) فِي الْخَبَرِ (وَإِفَادَتُهُ) فِي الْإِنْشَاءِ (مَا لَيْسَ بِثَابِتٍ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَذَلِكَ كَذِبٌ) فِي الْخَبَرِ (وَطُلِبَ لِلْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ مِنْ الْمُكَلَّفِينَ) فِي الْإِنْشَاءِ، وَكِلَاهُمَا مُنْتَفٍ فَالتَّرَاخِي مُنْتَفٍ (وَهَذَا) الدَّلِيلُ بِعَيْنِهِ (يَجْرِي فِي الْمُخَصِّصِ الثَّانِي) ، وَهَلُمَّ جَرَّا (كَالْأَوَّلِ) فَلَا جَرَمَ أَنْ قُلْنَا: وَالْوَجْهُ نَفْيُ التَّرَاخِي أَيْضًا فِي الثَّانِي، وَهَلُمَّ جَرَّا (وَمُقْتَضَى هَذَا) الدَّلِيلِ أَيْضًا (وُجُوبُ وَصْلِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ) بِالْعَامِّ (مِنْ) الْبَيَانِ (الْإِجْمَالِيِّ كَقَوْلِ أَبِي الْحُسَيْنِ أَوْ التَّفْصِيلِيِّ ثُمَّ يَتَأَخَّرُ) الْبَيَانُ التَّفْصِيلِيُّ (فِي) الْمُخَصِّصِ (الْأَوَّلِ) أَيْ الْإِجْمَالِيِّ إذَا وَقَعَ (إلَى) وَقْتِ (الْحَاجَةِ) إلَيْهِ لِلْحَاجَةِ إلَى الِامْتِثَالِ (بَعْدَهُ) أَيْ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْبَيَانَ التَّفْصِيلِيَّ (حِينَئِذٍ) أَيْ حِينَ كَانَ الْعَامُّ مَوْصُولًا بِالْإِجْمَالِيِّ (بَيَانُ الْمُجْمَلِ) ، وَهُوَ جَائِزُ التَّأْخِيرِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ إلَى الْفِعْلِ كَمَا هُوَ الْمُخْتَارُ (وَلَا يَبْعُدُ إرَادَتُهُمُوهُ) أَيْ إرَادَةُ الْحَنَفِيَّةِ وُجُوبَ وَصْلِ أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْبَيَانِ الْإِجْمَالِيِّ أَوْ التَّفْصِيلِيِّ بِاشْتِرَاطِهِمْ مُقَارَنَةَ الْمُخَصِّصِ الْأَوَّلِ لِلْعَامِّ، وَيَكُونُ الْمُرَادُ بِوَصْلِ الْإِجْمَالِيِّ بِهِ (كَهَذَا الْعَامِّ مُرَادًا بَعْضُهُ) أَوْ مَخْصُوصٌ (وَبِهِ) أَيْ وَبِكَوْنِ مُرَادِهِمْ هَذَا بِذَاكَ (تَنْتَفِي اللَّوَازِمُ الْبَاطِلَةُ) مِنْ الْكَذِبِ وَطَلَبِ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ عَلَى تَقْدِيرِ تَرَاخِي الْمُخَصِّصِ مُطْلَقًا وَلَا سِيَّمَا الْأَوَّلُ لِمَا يُقَارِنُهُ مِنْ الْقَرِينَةِ الْمُصَرِّحَةِ إجْمَالًا أَوْ تَفْصِيلًا بِأَنَّ الْعُمُومَ غَيْرُ مُرَادٍ لَكِنْ لِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ الشَّأْنُ فِي هَذَا بَعْدَ إرَادَتِهِمْ إيَّاهُ فِي الْإِجْمَالِيِّ حَيْثُ لَا تَفْصِيلِيَّ مُقَارِنٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُنْقَلْ وَلَوْ كَانَ شَرْطًا لَنُقِلَ عَادَةً وَمَنْ ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ وَيُمْكِنُ الْجَوَابُ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَتِمُّ أَنْ لَوْ وُجِدَ عَامٌّ مُخَرَّجٌ مِنْهُ خُرُوجًا مُتَرَاخِيًا مَا نُسَمِّيهِ تَخْصِيصًا مَعَ عَدَمِ اقْتِرَانِهِ بِبَيَانٍ إجْمَالِيٍّ وَمَنْ ادَّعَاهُ فَعَلَيْهِ الْبَيَانُ (وَإِلْزَامُ الْآمِدِيِّ) وَغَيْرِهِ الْحَنَفِيَّةَ بِنَاءً عَلَى امْتِنَاعِ تَأْخِيرِ الْمُخَصِّصِ لِلْعَامِّ (امْتِنَاعَ تَأْخِيرِ النَّسْخِ بِجَامِعِ الْجَهْلِ بِالْمُرَادِ) بِالْعَامِّ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالْمُخَصِّصِ وَبِمُدَّةِ الْمَنْسُوخِ قَبْلَ الْعِلْمِ بِالنَّاسِخِ وَلَا يَمْتَنِعُ تَأْخِيرُ النَّسْخِ فَكَذَا التَّخْصِيصُ (لَيْسَ لَازِمًا؛ لِأَنَّ) الْجَهْلَ (الْبَسِيطَ غَيْرُ مَذْمُومٍ) فِي الْجُمْلَةِ (وَلِذَا طُلِبَ عِنْدَنَا فِي الْمُتَشَابِهِ) فَقُلْنَا يَجِبُ اعْتِقَادُ حَقِيقَتِهِ، وَتَرْكُ طَلَبِ تَأْوِيلِهِ كَمَا قَرَّرْنَاهُ فِي مَوْضِعِهِ (بِخِلَافِ) الْجَهْلِ (الْمُرَكَّبِ) فَإِنَّهُ مَذْمُومٌ لَمْ يُطْلَبْ، وَالْأَوَّلُ هُوَ اللَّازِمُ فِي النَّسْخِ، وَالثَّانِي هُوَ اللَّازِمُ فِي تَرَاخِي الْمُخَصِّصِ عَنْ الْعَامِّ فَلَمْ يُوجَدْ الْجَامِعُ بَيْنَهُمَا (وَلِلتَّمَكُّنِ مِنْ الْعَمَلِ الْمُطَابِقِ) لِمَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فِي الْمَنْسُوخِ (إلَى سَمَاعِ النَّاسِخِ) بِخِلَافِ الْعَامِّ الْمُتَرَاخِي عَنْهُ مُخَصِّصُهُ إلَى سَمَاعِ مُخَصِّصِهِ فَلَا يَصِحُّ قِيَاسُ أَحَدِهِمَا عَلَى

<<  <  ج: ص:  >  >>