للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قَوْله تَعَالَى {يَطِيرُ بِجَنَاحَيْهِ} [الأنعام: ٣٨] وَحِينَئِذٍ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ مُجَرَّدَ لَفْظِ الْعَدَدِ مِثْلُ عَشَرَةٍ مِنْ النَّصِّ بِمَعْنَى انْتِفَاءِ الِاحْتِمَالِ وَمُجَرَّدِهِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الِاسْتِثْنَاءِ فَإِذَا أُرِيدَ بِهِ سَبْعَةٌ لَا يَبْطُلُ بِهِ نَصٌّ بِمَعْنَى مَا لَا يَحْتَمِلُ أَنْ يَتَجَوَّزَ بِهِ فِي غَيْرِهِ نَعَمْ قَدْ يَقْوَى الِاحْتِمَالُ فِي بَعْضِ الْأَلْفَاظِ الَّتِي عَلِمْنَا لَهَا وَضْعًا دُونَ بَعْضٍ.

وَذَلِكَ بِاتِّفَاقِ كَثْرَةِ التَّجَوُّزِ بِذَلِكَ الْبَعْضِ، وَنُدْرَتِهِ فِي الْبَعْضِ الْآخَرِ كَالْعَامِّ كَثُرَ التَّجَوُّزُ بِهِ فِي الْبَعْضِ بِخِلَافِ أَسْمَاءِ الْأَعْدَادِ وَنَحْوِ زَيْدٍ وَعَمْرٍو نَدَرَ أَنْ يُرَادَ بِزَيْدٍ كِتَابُهُ أَوْ صَاحِبُهُ الْعَزِيزُ عَلَيْهِ وَبِعَشَرَةٍ سَبْعَةٌ فَقَدْ يُقَالُ لَا احْتِمَالَ فِيهَا، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ أَنَّ الِاحْتِمَالَ لِنُدْرَتِهِ لَا يُلَاحَظُ فَلَا يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ غَيْرَهُ مَا لَمْ يَتَحَقَّقْ فِعْلِيَّتُهُ فَلَمْ يَكُنْ حِينَئِذٍ بُدٌّ مِنْ اعْتِبَارِهِ وَلَا شَكَّ أَنَّ بِالِاسْتِثْنَاءِ يَتَحَقَّقُ فِعْلِيَّةُ ذَلِكَ الْقَلِيلِ فَيَثْبُتُ أَنَّهُ أُرِيدَ بِهِ ذَلِكَ الْمَعْنَى الَّذِي لَمْ يُعْقَلْ مُلَاحَظَتُهُ. انْتَهَى.

وَقَدْ أَجَادَ فِيمَا أَفَادَ (وَأَمَّا إسْقَاطُ مَا بَعْدَهَا) أَيْ وَأَمَّا الدَّلِيلُ الْخَامِسُ لِابْنِ الْحَاجِبِ أَيْضًا، وَهُوَ أَنَّا نَعْلَمُ أَنَّا نُسْقِطُ مَا بَعْدَ إلَّا مِمَّا قَبْلَهَا (فَيَبْقَى الْبَاقِي) مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ فَيُسْنَدُ إلَيْهِ الْحُكْمُ (وَهُوَ) أَيْ إسْقَاطُ مَا بَعْدَهَا مِمَّا قَبْلَهَا (فَرْعُ إرَادَةِ الْكُلِّ) مِمَّا قَبْلَهَا، وَهَذَا الْمَعْنَى مَعْقُولٌ وَاللَّفْظُ دَالٌّ عَلَيْهِ فَوَجَبَ تَقْدِيرُهُ (فَقَوْلُ الْأَكْثَرِ يَقْتَضِي أَنَّ الْإِسْقَاطَ) أَيْ أَنَّ مَعْنَى إسْقَاطِ مَا بَعْدَهَا مِمَّا قَبْلَهَا (ذِكْرُ مَا لَمْ يَرِدْ) بِالْحُكْمِ، وَهُوَ الثَّلَاثَةُ بَعْدَهَا (وَنِسْبَتُهُ) أَيْ مَا لَمْ يَرِدْ بِهِ (لِلْمُسَمَّى) الْمَوْضُوعِ لَهُ الْعَشَرَةُ (لِيُعْرَفَ الْبَاقِي) مِنْهُ، وَهُوَ السَّبْعَةُ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْحُكْمِ (أَوْ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَدْلُولِهِ) فَلَا يَكُونُ الْكُلُّ مُرَادًا (وَإِذَا لَمْ يَبْطُلْ الْأَوَّلُ) أَيْ قَوْلُ الْأَكْثَرِ (وَهُوَ أَقَلُّ تَكَلُّفًا) مِنْ الثَّانِي (تَعَيَّنَ؛ وَلِأَنَّ الثَّانِيَ خَارِجٌ عَنْ قَانُونِ الِاسْتِعْمَالِ، وَهُوَ) أَيْ قَانُونُ الِاسْتِعْمَالِ (إيقَاعُ اللَّفْظِ فِي التَّرْكِيبِ لِيَحْكُمَ عَلَى وَضْعَيْهِ) أَيْ الْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ اللَّفْظُ (أَوْ مُرَادُهُ) أَيْ أَوْ عَلَى الْمَعْنَى الْمُرَادِ بِهِ مَجَازًا (أَوْ بِهِمَا) أَيْ أَوْ لِيَحْكُمَ بِالْمَعْنَى الْمَوْضُوعِ لَهُ اللَّفْظُ أَوْ بِالْمُرَادِ مِنْهُ (وَلَا مُوجِبَ) لِلْخُرُوجِ عَنْ قَانُونِ الِاسْتِعْمَالِ (فَوَجَبَ نَفْيُهُ) أَيْ هَذَا الْقَوْلِ الثَّانِي لِخُرُوجِهِ عَنْ قَانُونِ الِاسْتِعْمَالِ (وَعَنْ الْقَاضِي أَبِي بَكْرٍ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةٌ لِمَدْلُولِ سَبْعَةٍ كَسَبْعَةٍ) وَاخْتَارَهُ إمَامُ الْحَرَمَيْنِ (وَرُدَّ بِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ اللُّغَةِ إذْ لَا تَرْكِيبَ مِنْ) أَلْفَاظٍ (ثَلَاثَةٍ فِي غَيْرِ الْمَحْكِيِّ، وَالْأَوَّلُ غَيْرُ مُضَافٍ وَلَا مُعْرَبٍ وَلَا حَرْفٍ) وَيُفْهَمُ مِنْ هَذَا أَنَّهُ يُوجَدُ مُرَكَّبٌ مِنْ ثَلَاثَةِ أَلْفَاظٍ إذَا كَانَ مَحْكِيًّا، وَهُوَ كَذَلِكَ كَبَرَقَ نَحْرُهُ وَشَابَ قَرْنَاهَا، وَإِذَا كَانَ غَيْرَ مَحْكِيٍّ إذَا كَانَ الْأَوَّلُ مِنْهُ مُضَافًا أَوْ مُعْرَبًا أَوْ حَرْفًا، وَالْأَوَّلُ وَالثَّالِثُ مَوْجُودَانِ كَأَبِي عَبْدِ اللَّهِ، وَلَا رَجُلَ ظَرِيفٌ وَالثَّانِي لَا يَحْضُرُنِي أَحَدٌ ذَكَرَهُ وَلَا مِثَالُهُ وَعَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةٌ لَيْسَ أَحَدَهَا.

(وَ) رُدَّ أَيْضًا (بِلُزُومِ عَوْدِ الضَّمِيرِ) فِي نَحْوِ إلَّا نِصْفَهَا (عَلَى جُزْءِ الِاسْمِ) الَّذِي هُوَ الْجَارِيَةُ فِي اشْتَرَيْت الْجَارِيَةَ إلَّا نِصْفَهَا (وَهُوَ) أَيْ جُزْءُ الِاسْمِ (كَزَايِ زَيْدٍ لِعَدَمِ دَلَالَتِهِ) أَيْ جُزْءِ الِاسْمِ فِي الِاسْمِ عَلَى مَعْنًى فَيَمْتَنِعُ عَوْدُ الضَّمِيرِ عَلَيْهِ (وَالْحَقُّ أَنَّهُ) أَيْ قَوْلَ الْقَاضِي (أَحَدُ الْمَذْهَبَيْنِ) السَّابِقَيْنِ (لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مُفْرَدَاتِهِ) أَيْ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةٌ بَاقِيَةٌ (فِي مَعَانِيهَا) الْإِفْرَادِيَّةِ (وَقَوْلُهُ بِإِزَاءِ سَبْعَةٍ) إنَّمَا هُوَ (بِاعْتِبَارِ الْحَاصِلِ وَلِذَا شَبَّهَ) فَقَالَ كَسَبْعَةٍ عَلَى مَا نُقِلَ عَنْهُ (فَانْتَفَى مَا بَنَاهُ بَعْضُهُمْ) ، وَهُوَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (عَلَيْهِ) أَيْ قَوْلِ الْقَاضِي (مِنْ أَنَّ تَخْصِيصَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ عَدَدًا (كَمَفْهُومِ اللَّقَبِ) أَيْ كَتَخْصِيصِهِ (الْمُقْتَضَى أَنْ لَا إخْرَاجَ أَصْلًا، وَجْهُهُ) أَيْ الْحَقُّ، وَهُوَ رَدُّ قَوْلِ الْقَاضِي إلَى أَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ (أَنَّ الْحُكْمَ لَيْسَ إلَّا عَلَى سَبْعَةٍ فَإِمَّا بِاعْتِبَارِهَا) أَيْ السَّبْعَةِ (مَدْلُولًا مَجَازِيًّا لِلتَّرْكِيبِ) وَالْمَعْنَى الْحَقِيقِيُّ

<<  <  ج: ص:  >  >>