لَهُ الْعَشَرَةُ الْمَوْصُوفَةُ بِإِخْرَاجِ الْعَشَرَةِ، وَهَذَا هُوَ ظَاهِرُ مَذْهَبِ الْجُمْهُورِ (أَوْ مَا يَصْدُقُ عَلَيْهِ مَعْنَاهُ الْمُتَبَادَرُ) أَيْ أَوْ بِاعْتِبَارِ السَّبْعَةِ أَمْرًا يَصْدُقُ عَلَيْهِ مَعْنَى مَجْمُوعِ الْمُرَكَّبِ الْمُتَبَادَرِ إلَى الْفَهْمِ كَمَا يُطْلَقُ الطَّائِرُ الْوَلُودُ عَلَى الْخُفَّاشِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ مِنْ أَفْرَادِهِ (فَيَكُونُ التَّرْكِيبُ حَقِيقَةً فِيهَا) أَيْ فِي السَّبْعَةِ بِمَعْنَى أَنَّهُ عَبَّرَ عَنْهَا بِهِ كَمَا يُعَبَّرُ عَنْ النَّوْعِ بِالْأَجْزَاءِ الْعَقْلِيَّةِ مِنْ الْجِنْسِ وَالْفَصْلِ أَوْ الْخَارِجِيَّةِ فَيُعَبَّرُ عَنْ الْإِنْسَانِ بِالْحَيَوَانِ النَّاطِقِ وَالْبَدَنِ وَالنَّفْسِ وَعَنْ الشَّيْءِ بِلَازِمِهِ الْمُرَكَّبِ فَيُعَبَّرُ عَنْ السَّبْعَةِ بِأَنَّهَا أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثَةٌ لَا بِمَعْنَى أَنَّ الْمَجْمُوعَ وُضِعَ لَهَا وَضْعًا وَاحِدًا.
قُلْت: وَهَذَا صَرِيحُ كَلَامِهِ فِي التَّقْرِيبِ حَيْثُ قَالَ إذَا خُصَّ بِاسْتِثْنَاءٍ مُتَّصِلٍ فَإِنَّهُ قَدْ يَكُونُ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ حَقِيقَةٌ فِيمَا بَقِيَ، وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ أَنَّ اتِّصَالَ الِاسْتِثْنَاءِ بِهِ بِغَيْرِهِ، وَيُؤَثِّرُ فِي مَعْنَى لَفْظِهِ؛ لِأَنَّ كَثِيرًا مِنْ الْكَلَامِ إذَا اتَّصَلَ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ كَانَ لَهُ بِالِاتِّصَالِ تَأْثِيرٌ لَيْسَ لَهُ بِالِانْفِرَادِ ثُمَّ قَالَ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ هَذَا حُكْمَ اللَّفْظِ مَعَ الِاسْتِثْنَاءِ فِي أَنَّهُ يَصِيرُ بِاقْتِرَانِهِ اسْمًا لِقَدْرِ مَا بَقِيَ وَلَوْ عُدِمَ لَكَانَ عَامًّا. انْتَهَى. وَهُوَ مُصَرِّحٌ أَيْضًا بِالْمُوَافَقَةِ لِلْحَنَفِيَّةِ فِي أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَيَانُ تَغْيِيرٍ ثُمَّ الْأَمْرُ (هَذَا وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ) بَلْ الْجَمُّ الْغَفِيرُ مِنْهُمْ وَخُصُوصًا الْمُتَأَخِّرُونَ (قَالُوا: إخْرَاجُ الِاسْتِثْنَاءِ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ) ، وَهُوَ أَنْ يُثْبِتَ لِلْمُسْتَثْنَى حُكْمًا مُخَالِفًا لِصَدْرِ الْكَلَامِ كَمَا فِي الْعَامِّ إذَا خُصَّ مِنْهُ بَعْضُهُ فَإِنَّهُ يَمْتَنِعُ حُكْمُ الْعَامِّ فِيمَا خُصَّ مِنْهُ لِوُجُودِ الْمُعَارِضِ فِيهِ صُورَةً، وَهُوَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ (وَعِنْدَنَا بَيَانٌ مَحْضٌ) لِكَوْنِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِصَدْرِ الْكَلَامِ وَارِدًا عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَهُوَ مَا عَدَا الْمُسْتَثْنَى فَتَقْدِيرُ لِفُلَانٍ عَلَيَّ عَشَرَةٌ إلَّا ثَلَاثَةٌ عِنْدَهُ إلَّا ثَلَاثَةٌ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ عَلَيَّ وَعِنْدَنَا لِفُلَانٍ عَلَيَّ سَبْعَةٌ (ثُمَّ أَبْطَلُوهُ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ كَوْنَهُ إخْرَاجًا بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ (بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ) إخْرَاجُهُ بِهَا (وَهُوَ) أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ هَذَا الْكَلَامَ (لَا يُوجِبُ) الْحُكْمَ الَّذِي هُوَ الْإِقْرَارُ (إلَّا فِي سَبْعَةٍ ثَبَتَ مَا لَيْسَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ فَإِنَّ الْعَشَرَةَ لَا يَقَعُ عَلَيْهَا) أَيْ السَّبْعَةِ فَقَطْ (حَقِيقَةً) ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (وَلَا مَجَازًا) ؛ لِأَنَّهُ نِسْبَةٌ مَعْنَوِيَّةٌ بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْعَشَرَةِ سِوَى الْعَدَدِيَّةِ، وَهِيَ عَامَّةٌ لَا تَصْلُحُ لِلتَّجَوُّزِ وَلَا صُورِيَّةٌ إلَّا مِنْ حَيْثُ الْكُلُّ وَالْجُزْءُ وَشَرْطُ التَّجَوُّزِ بِهِ كَوْنُ الْجُزْءِ مُخْتَصًّا بِالْكُلِّ لِيَصِحَّ إطْلَاقُ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ اللَّازِمِ الْمُخْتَصِّ وَلَيْسَ مَا دُونَ الْعَشَرَةِ سَبْعَةً كَانَ أَوْ غَيْرَهُ كَذَلِكَ إذْ كَمَا يَصْلُحُ جُزْءًا لَهَا يَصْلُحُ جُزْءًا لِلْعِشْرِينَ وَمَا فَوْقَهُ مَثَلًا.
(بِخِلَافِ الْعَامِّ) الْمَخْصُوصِ إذَا مَنَعَ دَلِيلُ الْخُصُوصِ فِيهِ الْحُكْمَ فِي بَعْضِ أَفْرَادِهِ بِطَرِيقِ الْمُعَارَضَةِ صُورَةً (لَا يَسْتَلْزِمُهُ) أَيْ ثُبُوتُهُ مَا لَيْسَ مِنْ مُحْتَمَلَاتِ اللَّفْظِ لِبَقَاءِ الِاسْمِ دَالًّا عَلَى الْبَاقِي بِلَا خَلَلٍ وَلَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا مُخَالِفٌ لِمَا تَقَدَّمَ فِي تَقْدِيرِ قَوْلِ الْأَكْثَرِ، وَدُفِعَ كَوْنُ الْمُرَادِ بِالْمُسْتَثْنَى مِنْهُ الْبَاقِي بَعْدَ الِاسْتِثْنَاءِ مُبْطِلًا لِلنُّصُوصِيَّةِ وَالْأَشْبَهُ مَا تَقَدَّمَ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُهُ (وَلَوْ سُلِّمَ) جَوَازُ التَّجَوُّزِ بِالْعَشَرَةِ عَنْ السَّبْعَةِ قِيلَ؛ لِأَنَّ أَكْثَرَ الشَّيْءِ يُطْلَقُ عَلَيْهِ اسْمُ كُلِّهِ وَلِأَجْلِ دَفْعِ هَذَا الِاحْتِمَالِ يُقَالُ عَشَرَةٌ كَامِلَةٌ، وَغَيْرُ خَافٍ أَنَّ هَذَا يَخُصُّ مَا إذَا كَانَ الْمُسْتَثْنَى أَقَلَّ مِنْ الْبَاقِي مِنْ الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَالْمُدَّعَى أَعَمَّ مِنْ ذَلِكَ كَمَا هُوَ الصَّحِيحُ فَالْأَشْبَهُ كَمَا ذَكَرَ بَعْضُ الْمُحَقِّقِينَ أَنَّ الْعَلَاقَةَ الْمُجَوِّزَةَ لِلتَّجَوُّزِ بِاسْمِ الْعَدَدِ عَنْ جُزْئِهِ مُطْلَقًا كَوْنُ الْجُزْءِ لَازِمًا لِلْكُلِّ سَوَاءٌ كَانَ أَقَلَّ مِنْ الْبَاقِي أَوْ مُسَاوِيًا لَهُ أَوْ أَكْثَرَ مِنْهُ وَعَلَى هَذَا فَدَعْوَى الِاخْتِصَاصِ فِيهِ مَمْنُوعَةٌ (فَالْمَجَازُ مَرْجُوحٌ) ؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْأَصْلِ (فَلَا يُحْمَلُ عَلَيْهِ) مَعَ إمْكَانِ الْحَمْلِ عَلَى الْحَقِيقَةِ إذْ يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ الْكُلُّ، وَيَكُونَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute