وَلَا شَرِبْت إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى تَعَلَّقَ) إنْ شَاءَ اللَّهُ (بِهِمَا) أَيْ بِالْجُمْلَتَيْنِ اتِّفَاقًا (أُجِيبَ بِأَنَّهُ) أَيْ إنْ شَاءَ اللَّهُ (شَرْطٌ) لَا اسْتِثْنَاءٌ (فَإِنْ أَلْحَقَ) الشَّرْطَ (بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِثْنَاءِ (فَيُقَاسُ فِي اللُّغَةِ) وَتَقَدَّمَ أَنَّهُ غَيْرُ صَحِيحٍ (وَلَوْ سُلِّمَ) صِحَّتُهُ (فَالْفَرْقُ أَنَّ الشَّرْطَ مُقَدَّرٌ تَقْدِيمُهُ) عَلَى الْجَزَاءِ بِخِلَافِ الِاسْتِثْنَاءِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مُقَدَّرٍ تَقْدِيمُهُ عَلَى الْمُسْتَثْنَى مِنْهُ وَتَقَدَّمَ مَا فِيهِ (وَلَوْ سُلِّمَ عَدَمُ لُزُومِهِ) أَيْ تَقَدُّمِ الشَّرْطِ (فَلِقَرِينَةِ الِاتِّصَالِ وَهُوَ) أَيْ دَلِيلُهُ (الْحَلِفُ عَلَى الْكُلِّ) عَادَ " إنْ شَاءَ اللَّهُ " إلَى الْكُلِّ وَلَيْسَ النِّزَاعُ فِيمَا كَانَ هَكَذَا وَإِنَّمَا النِّزَاعُ فِيمَا لَا قَرِينَةَ تُوجِبُ رُجُوعَهُ إلَى الْكُلِّ، قِيلَ وَأَيْضًا لَمَّا كَانَتْ الْأَشْيَاءُ كُلُّهَا مَوْقُوفَةً عَلَى مَشِيئَةِ اللَّهِ - تَعَالَى - كَانَ الظَّاهِرُ وَالْغَالِبُ مِنْ حَالِ الْمُتَكَلِّمِ عَوْدَ الْمَشِيئَةِ إلَى الْكُلِّ فَيَصِيرُ ذِكْرُهَا قَرِينَةً مَعْنَوِيَّةً تَقْتَضِي الْعَوْدَ إلَى الْكُلِّ وَهَذِهِ الْقَرِينَةُ مَفْقُودَةٌ فِي غَيْرِهِ مِنْ صُوَرِ الِاسْتِثْنَاءِ.
(قَالُوا) ثَالِثًا (قَدْ يَتَعَلَّقُ الْغَرَضُ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِثْنَاءِ (كَذَلِكَ) أَيْ عَائِدًا إلَى الْكُلِّ (وَتَكْرَارُهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ لِكُلٍّ مِنْهَا (يُسْتَهْجَنُ) وَلَوْلَا أَنَّهُ يَعُودُ إلَى الْجَمِيعِ فَكَانَ مُغْنِيًا عَنْ التَّكْرَارِ لَمَا اُسْتُهْجِنَ لِتَعَيُّنِهِ طَرِيقًا إلَيْهِ (فَلَزِمَ ظُهُورُهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ (فِيهَا) أَيْ فِي الْجُمَلِ كُلِّهَا (قُلْنَا الْمُلَازَمَةُ) بَيْنَ تَكْرَارِهِ وَاسْتِهْجَانِهِ (مَمْنُوعَةٌ لِمَنْعِ الِاسْتِهْجَانِ إلَّا مَعَ اتِّحَادِ الْحُكْمِ الْمُخْرَجِ مِنْهُ) لِكَوْنِهِ حِينَئِذٍ تَكْرَارًا خَالِيًا عَنْ الْفَائِدَةِ، وَالْحُكْمُ الْمُخْرَجُ مِنْهُ هُنَا مُتَعَدِّدٌ لَا مُتَّحِدٌ (وَلَوْ سُلِّمَ) أَنَّ التَّكْرَارَ يُسْتَهْجَنُ (لَمْ يَتَعَيَّنْ) التَّكْرَارُ (طَرِيقًا) لِإِفَادَةِ الْمُرَادِ (فَلْيَنْصِبْ قَرِينَةَ الْكُلِّ أَوْ يُصَرِّحْ بِهِ) أَيْ بِالِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْكُلِّ (بَعْدَهُ) أَيْ الْكُلِّ كَأَنْ يَقُولَ بَعْدَ الْكُلِّ إلَّا كَذَا فِي الْجَمِيعِ.
(قَالُوا) رَابِعًا هُوَ (صَالِحٌ) لِلْجَمِيعِ (فَالْقَصْرُ عَلَى الْأَخِيرَةِ تَحَكُّمٌ قُلْنَا: إرَادَتُهَا) أَيْ الْأَخِيرَةِ (اتِّفَاقٌ وَالتَّرَدُّدُ فِيمَا قَبْلَهَا، وَالصَّلَاحِيَةُ لَا تُوجِبُ ظُهُورَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ (فِيهِ) أَيْ الْكُلِّ (كَالْجَمْعِ الْمُنَكَّرِ فِي الِاسْتِغْرَاقِ) فَإِنَّهُ صَالِحٌ لِلْجَمِيعِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ فِيهِ.
(قَالُوا) خَامِسًا (لَوْ قَالَ: عَلَيَّ خَمْسَةٌ وَخَمْسَةٌ إلَّا سِتَّةً فَبِالْكُلِّ) أَيْ يَتَعَلَّقُ بِالْجَمِيعِ اتِّفَاقًا، وَمِنْ ثَمَّةَ لَمْ يَكُنْ مُسْتَغْرَقًا فَكَذَا فِي غَيْرِهِ مِنْ الصُّوَرِ دَفْعًا لِلِاشْتِرَاكِ وَالْمَجَازِ (قُلْنَا بَعْدَ كَوْنِهِ) أَيْ كُلٍّ مِنْ هَذِهِ الْمُسْتَثْنَى مِنْهَا (مُفْرَدًا) وَكَلَامُنَا فِيمَا إذَا كَانَتْ جَمَلًا (أَوْجَبَهُ) أَيْ كَوْنَ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْهَا (تَعَيُّنُهُ لِلصِّحَّةِ) إذْ لَوْ رَجَعَ إلَى الْأَخِيرَةِ لَمْ يَسْتَقِمْ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَكُونُ مُسْتَغْرَقًا مَعَ زِيَادَةٍ وَهُوَ بَاطِلٌ فَهُوَ مِمَّا قَامَتْ فِيهِ قَرِينَةٌ عَلَى عَوْدِهِ إلَى الْكُلِّ وَلَا نِزَاعَ فِيهِ وَأَيْضًا مُدَّعَاكُمْ الْعَوْدَ إلَى كُلٍّ لَا إلَى الْجَمِيعِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ: وَالْحَقُّ أَنَّ النِّزَاعَ يَصْلُحُ لِلْجَمِيعِ وَلِلْأَخِيرَةِ وَهَذَا لَيْسَ مِنْهُ إذْ لَا يَصْلُحُ لِكُلِّ وَاحِدَةٍ وَلَا لِلْأَخِيرَةِ هَذَا، وَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ رُجُوعَ الِاسْتِثْنَاءِ الْمُتَعَقِّبِ لِمُفْرَدَاتٍ مُتَعَاطِفَاتٍ إلَى جَمِيعِهَا مَحَلُّ اتِّفَاقٍ.
(تَنْبِيهٌ بُنِيَ عَلَى الْخِلَافِ) فِي عَوْدِهِ عَلَى الْأَخِيرَةِ فَقَطْ إلَّا لِدَلِيلٍ أَوْ عَلَى الْجَمِيعِ إلَّا لِدَلِيلٍ (وُجُوبُ رَدِّ شَهَادَةِ الْمَحْدُودِ فِي قَذْفٍ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ) إذَا تَابَ مِنْ ذَلِكَ بِأَنْ أَكْذَبَ نَفْسَهُ فِي قَذْفِهِ عِنْدَ مَنْ قَذَفَهُ بِهِ وَأَصْلَحَ عَمَلَهُ عَلَى مَا هُوَ الْأَشْبَهُ (لِقَصْرِ {إِلا الَّذِينَ تَابُوا} [النور: ٥] عَلَى مَا يَلِيهِ) وَهُوَ {وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ} [النور: ٤] فَيَنْتَفِي عَنْهُ الْفِسْقُ لَا غَيْرُ وَيَبْقَى وَلَا تَقْبَلُوا شَهَادَةً أَبَدًا عَلَى حُكْمِهِ (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) وَمَالِكٍ وَأَحْمَدَ (رَدًّا لَهُ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ (إلَيْهِ) أَيْ مَا يَلِيهِ (مَعَ لَا تَقْبَلُوا) فَيَنْتَفِي عَنْهُ الْفِسْقُ وَتُقْبَلُ شَهَادَتُهُ (وَلَوْ مُنِعَ الدَّلِيلُ مِنْ تَعَلُّقِهِ) أَيْ الِاسْتِثْنَاءِ (بِالْأَوَّلِ) أَيْ فَاجْلِدُوهُمْ (تَعَلَّقَ بِهِ) أَيْضًا عِنْدَهُمْ لِأَنَّ عَوْدَهُ إلَى الْكُلِّ عِنْدَهُمْ لَيْسَ بِقَطْعِيٍّ بَلْ ظَاهِرٍ يُعْدَلُ عَنْهُ عِنْدَ قِيَامِ الدَّلِيلِ عَلَى ذَلِكَ وَقَدْ وُجِدَ هُنَا ذَلِكَ فَإِنَّ الْجَلْدَ فِيهِ حَقُّ الْآدَمِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute