للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَوْنُ الْمُقَيَّدِ الْمُتَأَخِّرِ عَنْ الْمُطْلَقِ نَاسِخًا لَهُ (الْأَوْجَهُ وَالشَّافِعِيَّةُ) قَالُوا وُرُودُ الْمُقَيَّدِ بَعْدَ الْمُطْلَقِ (تَخْصِيصٌ) لِلْمُطْلَقِ (أَيْ بَيَّنَ الْمُقَيَّدُ أَنَّهُ) نَفْسَهُ (الْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ وَهُوَ) أَيْ وَكَوْنُهُ مُبَيِّنًا أَنَّهُ الْمُرَادُ بِالْمُطْلَقِ (مَعْنَى حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ (إنَّهُ) أَيْ حَمْلُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ (جَمْعٌ بَيْنَ الدَّلِيلَيْنِ) الْمُطْلَقِ وَالْمُقَيَّدِ (مُغَالَطَةُ قَوْلِهِمْ لِأَنَّ الْعَمَلَ بِالْمُقَيَّدِ عَمَلٌ بِهِ) أَيْ الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ (قُلْنَا) لَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ عَمَلٌ بِالْمُطْلَقِ مُطْلَقًا (بَلْ بِالْمُطْلَقِ الْكَائِنِ فِي ضِمْنِ الْمُقَيَّدِ مِنْ حَيْثُ هُوَ كَذَلِكَ) أَيْ فِي ضِمْنِ الْمُقَيَّدِ (وَهُوَ) أَيْ الْمُطْلَقُ فِي ضِمْنِ الْمُقَيَّدِ (الْمُقَيَّدُ فَقَطْ وَلَيْسَ الْعَمَلُ بِالْمُطْلَقِ كَذَلِكَ) أَيْ الْعَمَلِ بِهِ فِي ضِمْنِ مُقَيَّدٍ فَقَطْ (بَلْ) الْعَمَلُ بِهِ (أَنْ يُجْزِئَ كُلُّ مَا صَدَقَ عَلَيْهِ) الْمُطْلَقُ (مِنْ الْمُقَيَّدَاتِ) فَيُجْزِئَ كُلٌّ مِنْ الْمُؤْمِنَةِ وَالْكَافِرَةِ فِي {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] مَثَلًا (وَمَنْشَأُ الْمُغَالَطَةِ أَنَّ الْمُطْلَقَ بِاصْطِلَاحٍ) - وَهُوَ اصْطِلَاحُ الْمَنْطِقِيِّينَ - (الْمَاهِيَّةُ لَا بِشَرْطِ شَيْءٍ) فَظُنَّ أَنَّ الْمُرَادَ بِهِ هَذَا هُنَا (لَكِنْ) لَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ الْمُرَادُ بِهِ الْفَرْدُ الشَّائِعُ (هُنَا بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ) أَوْ الْمَاهِيَّةُ بِشَرْطِ الْإِطْلَاقِ حَتَّى كَانَ مُتَمَكِّنًا مِنْ أَيِّ فَرْدٍ شَاءَ، وَالتَّقْيِيدُ يُنَافِي هَذِهِ الْمُكْنَةَ، وَقَوْلُ الشَّافِعِيَّةِ أَيْضًا (وَلِأَنَّ فِيهِ) أَيْ حَمْلِ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ (احْتِيَاطًا لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ مُكَلَّفًا بِالْقَيْدِ وَاعْتِبَارُ الْمُطْلَقِ لَا يُتَيَقَّنُ مَعَهُ بِفِعْلِهِ) أَيْ الْمُقَيَّدِ الْمُكَلَّفِ بِهِ حِينَئِذٍ لِتَجْوِيزِهِ الْخُرُوجَ عَنْ الْعُهْدَةِ بِفِعْلِ مُقَيَّدٍ غَيْرِهِ مِنْ مُقَيَّدَاتِهِ

(قُلْنَا قَضَيْنَا عُهْدَتَهُ) أَيْ الْمُطْلَقِ (بِإِيجَابِ الْمُقَيَّدِ) مِنْ حَيْثُ إنَّهُ فَرْدٌ مِنْ أَفْرَادِهِ (وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَنَّهُ) أَيْ إيجَابَ الْمُقَيَّدِ (حَمْلٌ) هُوَ (بَيَانٌ) كَمَا هُوَ قَوْلُهُمْ (أَوْ نَسْخٌ) كَمَا هُوَ قَوْلُ أَصْحَابِنَا (فَالْمُقَيَّدُ) لِلشَّافِعِيَّةِ (فِي مَحَلِّ النِّزَاعِ إثْبَاتُ أَنَّهُ بَيَانٌ وَلَهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ (فِيهِ) أَيْ إثْبَاتِ أَنَّهُ بَيَانٌ (أَنَّهُ أَسْهَلُ مِنْ النَّسْخِ) لِأَنَّهُ دَفْعٌ، وَالنَّسْخُ رَفْعٌ، وَالدَّفْعُ أَسْهَلُ مِنْ الرَّفْعِ (فَوَجَبَ الْحَمْلُ عَلَيْهِ قُلْنَا إذْ لَا مَانِعَ) مِنْ الْحَمْلِ عَلَيْهِ (وَحَيْثُ كَانَ الْإِطْلَاقُ مِمَّا يُرَادُ قَطْعًا وَثَبَتَ) الْإِطْلَاقُ (غَيْرَ مَقْرُونٍ بِمَا يَنْفِيهِ وَجَبَ اعْتِبَارُهُ كَذَلِكَ عَلَى نَحْوِ مَا قَدَّمْنَاهُ فِي تَخَصُّصِ الْمُتَأَخِّرِ وَمَا قِيلَ) كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ (لَوْ لَمْ يَكُنْ الْمُقَيَّدُ الْمُتَأَخِّرُ بَيَانًا لَكَانَ كُلُّ تَخْصِيصٍ نَسْخًا) لِلْعَامِّ بِجَامِعِ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مُخَالِفٌ لَهُ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ بِالِاتِّفَاقِ (مَمْنُوعُ الْمُلَازَمَةِ بَلْ اللَّازِمُ كَوْنُ كُلِّ) لَفْظٍ مُسْتَقِلٍّ مُخْرِجٍ لِبَعْضِ مَا تَنَاوَلَهُ الْعَامُّ مِنْ إرَادَتِهِ بِهِ (مُتَأَخِّرٍ) عَنْ الْعَامِّ (نَاسِخًا) لِحُكْمِهِ فِي ذَلِكَ الْبَعْضِ (لَا تَخْصِيصًا وَبِهِ نَقُولُ عَلَى أَنَّ فِي عِبَارَتِهِ مُنَاقَشَةً بِقَلِيلِ تَأَمُّلٍ) فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ تَخْصِيصًا وَنَسْخًا لِلتَّنَافِي بَيْنَهُمَا (ثُمَّ أُجِيبَ) عَنْ هَذَا (فِي أُصُولِهِمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ - وَالْمُجِيبُ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ (بِأَنَّ فِي التَّقْيِيدِ حُكْمًا شَرْعِيًّا لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا قَبْلُ) أَيْ قَبْلَ التَّقْيِيدِ كَوُجُوبِ إيمَانِ الرَّقَبَةِ مَثَلًا (بِخِلَافِ التَّخْصِيصِ فَإِنَّهُ دَفْعٌ لِبَعْضِ حُكْمِ الْأَوَّلِ) فَقَطْ لَا إثْبَاتُ حُكْمٍ آخَرَ قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَيَنْبُو) أَيْ وَيَبْعُدُ هَذَا الْجَوَابُ (عَنْ الْفَرِيقَيْنِ) الْحَنَفِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ (فَإِنَّ الْمُطْلَقَ مُرَادٌ بِحُكْمِ الْمُقَيَّدِ إذَا وَجَبَ الْحَمْلُ) لِلْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ (اتِّفَاقًا) وَإِذَا كَانَ الْمُطْلَقُ مُرَادًا بِحُكْمِ الْمُقَيَّدِ مِنْ حِينِ تَكَلَّمَ بِهِ لَمْ يَصِحَّ قَوْلُهُ لَمْ يَكُنْ ثَابِتًا قَبْلُ (وَإِلْزَامُهُمْ) أَيْ الشَّافِعِيَّةِ لِلْحَنَفِيَّةِ (كَوْنَ الْمُطْلَقِ الْمُتَأَخِّرِ نَسْخًا) لِلْمُقَيَّدِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْمُقَيَّدِ الْمُتَأَخِّرِ نَسْخًا لِلْمُطْلَقِ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ اللَّاحِقَ كَمَا يُنَافِي الْإِطْلَاقَ السَّابِقَ وَيَرْفَعُهُ فَكَذَا بِالْعَكْسِ وَإِنَّهُمْ لَا يَقُولُونَ بِهِ (لَا أَعْلَمُ فِيهِ تَصْرِيحًا مِنْ الْحَنَفِيَّةِ) وَمَنْ وَقَفَ عَلَيْهِ فِي كَلَامِهِمْ فَلْيَأْتِ بِهِ، وَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ وَكَيْفَ لَا (وَعُرِفَ) مِنْ قَوَاعِدِهِمْ (إيجَابُهُمْ وَصْلَ بَيَانِ الْمُرَادِ بِالْمُطْلَقِ) بِالْمُطْلَقِ إذَا لَمْ يَكُنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>