اسْتِعْلَاءً (الْأَمْرُ - طَلَبُ تَرْكِهَا) أَيْ الْحَرَكَةِ (وَهُوَ) أَيْ طَلَبُ تَرْكِهَا (النَّهْيُ وَهَذَا) الدَّلِيلُ (كَالْأَوَّلِ يَعُمُّ النَّهْيَ) لِأَنَّهُ يُقَالُ أَيْضًا بِالْقَلْبِ (وَالْجَوَابُ بِرُجُوعِ النِّزَاعِ لَفْظِيًّا) كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ (مَمْنُوعٌ بَلْ هُوَ) أَيْ النِّزَاعُ (فِي وَحْدَةِ الطَّلَبِ الْقَائِمِ بِالنَّفْسِ وَتَعَدُّدِهِ) أَيْ الطَّلَبِ الْقَائِمِ بِهَا (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْفِعْلَ - أَعْنِي الْحَاصِلَ بِالْمَصْدَرِ وَتَرْكِ أَضْدَادِهِ - وَاحِدٌ فِي الْوُجُودِ بِوُجُودٍ وَاحِدٍ أَوْ لَا) أَيْ أَوْ لَيْسَ كَذَلِكَ (بَلْ الْجَوَابُ مَا تَضَمَّنَهُ دَلِيلُ النَّافِينَ مِنْ الْقَطْعِ بِطَلَبِ الْفِعْلِ مَعَ عَدَمِ خُطُورِ الضِّدِّ وَأَيْضًا فَإِنَّمَا يَتِمُّ) هَذَا الدَّلِيلُ (فِيمَا أَحَدُهُمَا) أَيْ الْأَمْرِ وَالنَّهْيِ (تَرْكُ الْآخَرِ كَالْحَرَكَةِ وَالسُّكُونِ لَا الْأَضْدَادِ الْوُجُودِيَّةِ فَلَيْسَ) مَا أَحَدُهُمَا تَرْكُ الْآخَرِ (مَحَلَّ النِّزَاعِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَلَا تَمَامَهُ) أَيْ مَحَلِّ النِّزَاعِ (عِنْدَنَا) لِأَنَّهُ أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ (وَلِلْمُعَمِّمِ) أَيْ الْقَائِلِ (فِي النَّهْيِ) : إنَّهُ أَمْرٌ بِالضِّدِّ (دَلِيلَا الْقَاضِي) وَهُمَا لَوْ لَمْ يَكُنْ نَفْسَهُ لَكَانَ مِثْلَهُ أَوْ ضِدَّهُ أَوْ خِلَافَهُ، وَهِيَ بَاطِلَةٌ، وَتَرْكُ السُّكُونِ الْحَرَكَةُ، فَطَلَبُهُ طَلَبُهَا (وَالْجَوَابُ) عَنْهُمَا (مَا تَقَدَّمَ) آنِفًا وَهُوَ مَنْعُ كَوْنِ لَازِمِ الْخِلَافَيْنِ ذَلِكَ لِجَوَازِ تَلَازُمِهِمَا وَالْقَطْعِ بِطَلَبِ الْفِعْلِ مَعَ عَدَمِ خُطُورِ الضِّدِّ (وَأَيْضًا يَلْزَمُ فِي نَهْيِ الشَّارِعِ كَوْنُ كُلٍّ مِنْ الْمَعَاصِي الْمُضَادَّةِ) كَاللِّوَاطِ وَالزِّنَا (مَأْمُورًا بِهِ مُخَيَّرًا) مُثَابًا عَلَيْهِ إذَا تَرَكَ أَحَدَهُمَا إلَى الْآخَرِ عَلَى قَصْدِ الِامْتِثَالِ وَالْإِتْيَانِ بِالْوَاجِبِ (وَلَوْ الْتَزَمُوهُ) أَيْ هَذَا (لُغَةً غَيْرَ أَنَّهَا) أَيْ الْمَعَاصِيَ (مَمْنُوعَةٌ بِشَرْعِيٍّ كَالْمُخْرَجِ مِنْ الْعَامِّ) مِنْ حَيْثُ إنَّ الْعَامَّ (يَتَنَاوَلُهُ) أَيْ الْمُخْرَجَ (وَيَمْتَنِعُ فِيهِ) أَيْ الْمُخْرَجِ (حُكْمُهُ) أَيْ الْعَامِّ بِمُوجِبٍ لِذَلِكَ (أَمْكَنَهُمْ وَعَلَى اعْتِبَارِهِ فَالْمَطْلُوبُ ضِدٌّ لَمْ يَمْنَعْهُ الدَّلِيلُ وَأَمَّا إلْزَامُ نَفْيِ الْمُبَاحِ)
عَلَى هَذَا الْقَوْلِ؛ إذْ مَا مِنْ مُبَاحٍ إلَّا وَهُوَ تَرْكُ حَرَامٍ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْكَعْبِيِّ وَهُوَ بَاطِلٌ كَمَا يَأْتِي (فَغَيْرُ لَازِمٍ) إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الشَّيْءِ فِعْلُ ضِدِّهِ (الْمُضَمِّنِ) أَيْ الْقَائِلِ بِأَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّهِ قَالَ (أَمْرُ الْإِيجَابِ طَلَبُ فِعْلٍ يُذَمُّ تَرْكُهُ فَاسْتَلْزَمَ النَّهْيَ عَنْهُ) أَيْ تَرْكِ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَعَمَّا يَحْصُلُ بِهِ) تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَهُوَ) أَيْ تَرْكُ الْمَأْمُورِ بِهِ (الضِّدُّ) لِلْأَمْرِ، وَهُوَ النَّهْيُ (وَنُقِضَ) هَذَا بِأَنَّهُ (لَوْ تَمَّ لَزِمَ تَصَوُّرُ الْكَفِّ عَنْ الْكَفِّ لِكُلِّ أَمْرٍ) لِأَنَّ الْكَفَّ عَنْ الْفِعْلِ مَنْهِيٌّ عَنْهُ حِينَئِذٍ، وَالنَّهْيَ طَلَبُ فِعْلٍ هُوَ كَفٌّ فَيَكُونُ الْأَمْرُ مُتَضَمِّنًا لِطَلَبِ الْكَفِّ عَنْ الْكَفِّ، وَالْحُكْمُ بِالشَّيْءِ فَرْعُ تَصَوُّرِهِ فَيَلْزَمُ تَصَوُّرُ الْكَفِّ عَنْ الْكَفِّ، وَاللَّازِمُ بَاطِلٌ لِلْقَطْعِ بِطَلَبِ الْفِعْلِ مَعَ عَدَمِ خُطُورِ الْكَفِّ عَنْ الْكَفِّ فَلَا يَكُونُ الْكَفُّ الَّذِي ذُمَّ عَلَيْهِ مَنْهِيًّا عَنْهُ فَلَا يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرُ بِالشَّيْءِ النَّهْيَ عَنْ الْكَفِّ وَلَا عَنْ الضِّدِّ (وَلَوْ سُلِّمَ) عَدَمُ النَّقْصِ بِهَذَا لِعَدَمِ لُزُومِ تَصَوُّرِ الْكَفِّ عَنْ الْكَفِّ فِي كُلِّ أَمْرٍ لِلدَّلِيلِ الْمَذْكُورِ لِأَنَّ الْكَفَّ مُشَاهَدٌ فَيُسْتَغْنَى بِمُشَاهَدَتِهِ عَنْ تَصَوُّرِهِ عَلَى أَنَّ النَّهْيَ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِالذَّاتِ وَإِنَّمَا هُوَ مَقْصُودٌ بِالْعَرَضِ فَهُوَ مُعْتَرِضٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (مَنْعُ كَوْنِ الذَّمِّ بِالتَّرْكِ جُزْءًا لِوُجُوبٍ) فِي نَفْسِ الْأَمْرِ (وَإِنْ وَقَعَ) الذَّمُّ بِالتَّرْكِ (جُزْءَ التَّعْرِيفِ) الرَّسْمِيِّ لَهُ (بَلْ هُوَ) أَيْ الْوُجُوبُ (الطَّلَبُ الْجَازِمُ ثُمَّ يَلْزَمُ تَرْكُهُ) أَيْ مُقْتَضَاهُ (ذَلِكَ) أَيْ الذَّمَّ (إذَا صَدَرَ) الْأَمْرُ (مِمَّنْ لَهُ حَقُّ الْإِلْزَامِ) فَلَا يَكُونُ الْأَمْرُ مُتَضَمِّنًا لِلنَّهْيِ لِأَنَّ الْمَبْحَثَ أَنَّهُ يَسْتَلْزِمُهُ بِحَسَبِ مَفْهُومِهِ لَا بِالنَّظَرِ إلَى أَمْرٍ خَارِجٍ عَنْ مَفْهُومِهِ (وَلَوْ سُلِّمَ) كَوْنُ الذَّمِّ بِالتَّرْكِ جُزْءَ الْوُجُوبِ (فَجَازَ كَوْنُ الذَّمِّ عِنْدَ التَّرْكِ لِأَنَّهُ لَمْ يَفْعَلْ) مَا أُمِرَ بِهِ.
قَالَ الْمُصَنِّفُ (وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ لَا يَتَوَجَّهُ الذَّمُّ عَلَى الْعَدَمِ مِنْ حَيْثُ هُوَ عَدَمٌ بَلْ مِنْ حَيْثُ هُوَ فِعْلُ الْمُكَلَّفِ وَلَيْسَ الْعَدَمُ فِعْلَهُ بَلْ التَّرْكُ الْمُبْقِي لِلْعَدَمِ عَلَى الْأَصْلِ وَمَا قِيلَ لَوْ سُلِّمَ) أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute