مُتَضَمِّنٌ لِلنَّهْيِ عَنْ ضِدِّهِ (فَلَا مُبَاحَ) لِأَنَّ الشَّيْءَ حِينَئِذٍ مَطْلُوبٌ فِعْلُهُ وَتَرْكُ ضِدِّهِ، وَالْمُبَاحُ لَيْسَ أَحَدَهُمَا (غَيْرُ لَازِمٍ) لِجَوَازِ عَدَمِ طَلَبِ فِعْلِ شَيْءٍ، وَعَدَمِ طَلَبِ تَرْكِ ضِدِّهِ، وَفِعْلُ أَوْ تَرْكُ مَا هُوَ كَذَلِكَ هُوَ الْمُبَاحُ (وَإِلَّا) لَوْ كَانَ ذَلِكَ مُسْتَلْزِمًا نَفْيَ الْمُبَاحِ (امْتَنَعَ التَّصْرِيحُ بِلَا تَعَقُّلِ الضِّدِّ الْمُفَوِّتِ) لِأَنَّ تَحْصِيلَ الْحَاصِلِ مُحَالٌ.
(وَالْحَلُّ أَنَّ لَيْسَ كُلُّ ضِدٍّ مُفَوِّتًا، وَلَا كُلُّ مُقَدَّرٍ ضِدًّا كَذَلِكَ) أَيْ مُفَوِّتًا (كَخَطْوِهِ فِي الصَّلَاةِ وَابْتِلَاعِ رِيقِهِ وَفَتْحِ عَيْنِهِ وَكَثِيرٍ، وَأَيْضًا لَا يَسْتَلْزِمُ) هَذَا الدَّلِيلُ (مَحَلَّ النِّزَاعِ وَهُوَ: الضِّدُّ) لِلْأَمْرِ (غَيْرُ التَّرْكِ) لِلْمَأْمُورِ بِهِ (لِأَنَّ مُتَعَلِّقَ النَّهْيِ اللَّازِمِ) لِلْأَمْرِ (أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ مِنْ التَّرْكِ وَالضِّدِّ) أَيْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ مُتَعَلِّقًا بِالضِّدِّ الْجُزْئِيِّ لِقَطْعِنَا بِأَنَّ لُزُومَهُ لِنَفْيِ التَّفْوِيتِ، وَهُوَ كَمَا يَثْبُتُ بِفِعْلِ الضِّدِّ يَثْبُتُ بِمُجَرَّدِ التَّرْكِ (فَنَخْتَارُ الْأَوَّلَ) أَيْ أَنَّ اللَّازِمَ النَّهْيُ عَنْ التَّرْكِ فَلَا يَثْبُتُ أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ يَتَضَمَّنُ النَّهْيَ عَنْ ضِدِّ الْمَأْمُورِ بِهِ (وَزَادَ الْمُعَمِّمُونَ فِي النَّهْيِ) أَيْ الْقَائِلُونَ بِأَنَّ النَّهْيَ عَنْ الشَّيْءِ يَتَضَمَّنُ الْأَمْرَ بِضِدِّهِ (أَنَّهُ) أَيْ النَّهْيَ (طَلَبُ تَرْكِ فِعْلٍ وَتَرْكِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (بِفِعْلِ أَحَدِ أَضْدَادِهِ) أَيْ الْفِعْلِ (فَوَجَبَ) أَحَدُ أَضْدَادِهِ وَهُوَ الْأَمْرُ لِأَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ (وَدُفِعَ) هَذَا (بِلُزُومِ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمَعَاصِي إلَى آخِرِهِ) أَيْ الْمُضَادَّةِ مَأْمُورًا بِهِ مُخَيَّرًا (وَبِأَنَّ لَا مُبَاحَ وَبِمَنْعِ وُجُوبِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ أَوْ الْمُحَرَّمُ إلَّا بِهِ وَفِيهِمَا) أَيْ لُزُومِ كَوْنِ كُلٍّ مِنْ الْمَعَاصِي إلَى آخِرِهِ وَبِأَنَّ لَا مُبَاحَ (مَا تَقَدَّمَ) مِنْ أَنَّهُمْ لَوْ الْتَزَمُوا الْأَوَّلَ لُغَةً أَمْكَنَهُمْ وَأَنَّ الثَّانِيَ غَيْرُ لَازِمٍ (وَأَمَّا الْمَنْعُ) لِوُجُوبِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ أَوْ الْمُحَرَّمُ إلَّا بِهِ (فَلَوْ لَمْ يَجِبْ) مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ أَوْ الْمُحَرَّمُ إلَّا بِهِ (جَازَ تَرْكُهُ وَيَسْتَلْزِمُ) جَوَازُ تَرْكِهِ (جَوَازَ تَرْكِ الْمَشْرُوطِ أَوْ جَوَازَ فِعْلِهِ) أَيْ الْمَشْرُوطِ (بِلَا شَرْطِهِ الَّذِي لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ) فِي مَسْأَلَةِ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَّا بِهِ وَهُنَا لَا يَلْزَمُ ذَلِكَ مِنْ جَوَازِ تَرْكِ الْأَمْرِ (بَلْ يَمْنَعُ أَنَّهُ) أَيْ النَّهْيَ (لَا يَتِمُّ إلَّا بِهِ) أَيْ طَلَبِ فِعْلِ الضِّدِّ الْمُعَيَّنِ (بَلْ يَحْصُلُ) النَّهْيُ (بِالْكَفِّ الْمُجَرَّدِ) عَنْ الْفِعْلِ الْمَطْلُوبِ تَرْكُهُ (وَالْمُخَصَّصِ فِي الْعَيْنِيَّةِ وَاللُّزُومِ) أَيْ الْمُقْتَصِرِ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِالشَّيْءِ نَهْيٌ عَنْ ضِدِّهِ أَوْ يَسْتَلْزِمُهُ وَلَيْسَ النَّهْيُ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرًا بِضِدِّهِ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ (فَإِمَّا لِأَنَّ النَّهْيَ طَلَبُ نَفْيٍ) أَيْ فَإِمَّا لِأَنَّ مَذْهَبَهُ أَنَّ النَّهْيَ طَلَبُ نَفْيِ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ عَدَمٌ مَحْضٌ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي هَاشِمٍ لَا طَلَبُ الْكَفِّ عَنْ الْفِعْلِ الَّذِي هُوَ ضِدُّهُ فَلَا يَكُونُ أَمْرًا بِالضِّدِّ وَلَا يَسْتَلْزِمُهُ إذْ لَا فِعْلَ ثَمَّةَ حِينَئِذٍ وَلَا ضِدَّ لِلْعَدَمِ الْمَحْضِ (مَعَ مَنْعِ أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إلَى آخِرِهِ) أَيْ إلَّا بِهِ فَهُوَ وَاجِبٌ عِلَاوَةً عَلَى هَذَا (وَإِمَّا لِظَنِّ وُرُودِ الْإِلْزَامِ الْفَظِيعِ) وَهُوَ كَوْنُ الزِّنَا وَاجِبًا لِكَوْنِهِ تَرْكًا لِلِّوَاطِ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرًا بِضِدِّهِ أَوْ يَسْتَلْزِمُهُ (أَوْ الظَّنِّ أَنَّ أَمْرَ الْإِيجَابِ اسْتَلْزَمَ النَّهْيَ بِاسْتِلْزَامِ ذَمِّ التَّرْكِ) أَيْ بِهَذِهِ الْوَاسِطَةِ
(وَالنَّهْيُ لَا) يَسْتَلْزِمُ الْأَمْرَ لِأَنَّهُ طَلَبُ فِعْلٍ هُوَ كَفٌّ وَذَاكَ طَلَبُ فِعْلٍ غَيْرِ كَفٍّ (مَعَ مَنْعِ أَنَّ مَا لَا يَتِمُّ إلَى آخِرِهِ) عِلَاوَةً عَلَى هَذَا (وَإِمَّا لِظَنِّ وُرُودِ إبْطَالِ الْمُبَاحِ كَالْكَعْبِيِّ) عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ النَّهْيِ عَنْ الشَّيْءِ أَمْرًا بِضِدِّهِ دُونَ الْعَكْسِ لِأَنَّ الْمُبَاحَ تَرْكُ الْمَنْهِيِّ عَنْهُ، وَإِذَا كَانَ الْمَنْهِيُّ عَنْهُ مَأْمُورًا بِهِ كَانَ الْمُبَاحُ مَأْمُورًا بِهِ فَلَا يَكُونُ الْمُبَاحُ مُبَاحًا (وَمُخَصِّصِ أَمْرِ الْإِيجَابِ) بِكَوْنِهِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ أَوْ مُسْتَلْزِمًا لَهُ دُونَ النَّدْبِ (لِظَنِّ وُرُودِ الْأَخِيرَيْنِ) عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ أَمْرِ النَّدْبِ بِالشَّيْءِ نَهْيًا عَنْ ضِدِّهِ دُونَ أَمْرِ الْوُجُوبِ وَهُمَا أَنَّ اسْتِلْزَامَ الذَّمِّ لِلتَّرْكِ الْمُسْتَلْزِمِ لِلنَّهْيِ إنَّمَا هُوَ فِي أَمْرِ الْوُجُوبِ وَأَنَّ لُزُومَ إبْطَالِ الْمُبَاحِ إنَّمَا هُوَ عَلَى تَقْدِيرِ كَوْنِ الْأَمْرِ لِلنَّدْبِ لَا لِلْوُجُوبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute