للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

التَّكَلُّمِ بَلْ إذَا صَارَ إلَى خِلَافِهِ فَكَانَ النَّظَرُ إلَى الْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ وَمِنْ هَذَا رَأَيْت عَبْدًا تُرِيدُ مَعْتُوقًا فَإِنَّ مَعْنَاهُ الْحَقِيقِيَّ كَانَ حَاصِلًا قَبْلَ وُقُوعِ نِسْبَةِ الرُّؤْيَةِ إلَيْهِ وَقَبْلَ التَّكَلُّمِ ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ.

- رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - فَهَذَا النَّوْعُ عَلَاقَةٌ ثَانِيَةٌ (وَالْأَوَّلُ) أَيْ كَوْنُ الْحَقِيقِيِّ (آيِلًا إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمَجَازِيِّ (بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ اعْتِبَارِ الْحُكْمِ (وَإِنْ كَانَ) الْحَاصِلُ هُوَ (الْحَقِيقِيُّ حَالَ التَّكَلُّمِ) أَيْ زَمَانَ إيقَاعِ النِّسْبَةِ وَالتَّكَلُّمِ كَوْنُ الْحَقِيقِيِّ الْمُرَادِ بِاللَّفْظِ آيِلًا إلَى الْمَجَازِيِّ أَيْ يَصِيرُ إيَّاهُ بَعْدَ وُقُوعِ النِّسْبَةِ إلَيْهِ (كَقَتَلْت قَتِيلًا وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ) هَذَا (حَقِيقَةً لِأَنَّ الْمُرَادَ) قَتَلْت (حَيًّا) وَإِنَّهُ يَصِيرُ قَتِيلًا بَعْدَ الْقَتْلِ فَكَانَ مَجَازًا بِاعْتِبَارِ أَوْلِهِ بَعْدَ الْقَتْلِ إلَى الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ ثُمَّ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الصَّيْرُورَةِ إلَيْهِ فَلَا يُكْتَفَى بِمُجَرَّدٍ تَوَهُّمِهَا وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ كَثِيرٌ وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُكْتَفَى بِتَوَهُّمِهَا وَإِنْ لَمْ يَصِرْ بِالْفِعْلِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَكَفَى) فِي كَوْنِهِ مَجَازَ الْأَوَّلِ (تَوَهُّمُهُ) أَيْ الْأَوَّلِ إلَيْهِ (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَعَصَرْت خَمْرًا فَهُرِيقَتْ فِي الْحَالِ) وَتَعَقَّبَهُ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْحَقِيقِيِّ الَّذِي يَئُولُ إلَيْهِ (لَهُ) أَيْ لِلْمَعْنَى الْمَجَازِيِّ (بِالْقُوَّةِ الِاسْتِعْدَادُ فَيُسَاوِي) الِاسْتِعْدَادَ (الْأَوَّلَ عَلَى التَّوَهُّمِ) أَيْ عَلَى الِاكْتِفَاءِ بِهِ إذْ لَا يَلْزَمُ مِنْ مُجَرَّدِ الِاسْتِعْدَادِ لِلشَّيْءِ حُصُولُهُ.

(وَعَلَى اعْتِبَارِ حَقِيقَةِ الْحُصُولِ لَا) يُسَاوِي الِاسْتِعْدَادَ الْأَوْلَ بَلْ يَكُونُ الِاسْتِعْدَادُ أَعَمَّ مِنْ الْأَوْلِ (فَهُوَ) أَيْ الِاعْتِبَارُ لِتَحَقُّقِ الصَّيْرُورَةِ إلَيْهِ فِي الْأَوْلِ (أَوْلَى) وَيُجْعَلُ الْمُكْتَفَى فِيهِ بِالتَّوَهُّمِ مَجَازَ الِاسْتِعْدَادِ لِأَنَّهُ مِنْ الْعَلَاقَاتِ وَالْأَصْلُ فِيهَا عَدَمُ الِاتِّحَادِ (وَيُصْرَفُ الْمِثَالُ) أَيْ عَصَرْت خَمْرًا فَهُرِيقَتْ فِي الْحَالِ (لِلِاسْتِعْدَادِ) لَا لِلْأَوْلِ لِوُجُودِ التَّوَهُّمِ فِيهِ دُونَ تَحَقُّقِ الْحُصُولِ فَهُمَا نَوْعَانِ مِنْ الْعِلَاقَاتِ ثَالِثَةٌ وَرَابِعَةٌ (وَالْمُجَاوَرَةُ) وَهَذِهِ هِيَ الْعَلَاقَةُ الْخَامِسَةُ (وَمِنْهَا) أَيْ الْمُجَاوَرَةِ (الْجُزْئِيَّةُ لِلْمُنْتَفِي عُرْفًا بِانْتِفَائِهِ) أَيْ كَوْنُ الْمُسَمَّى الْحَقِيقِيِّ لِلِاسْمِ الْمُطْلَقِ عَلَى غَيْرِهِ جُزْءًا مِنْ ذَلِكَ الْغَيْرِ بِحَيْثُ يَنْتَفِي ذَلِكَ الْغَيْرُ بِانْتِفَائِهِ إمَّا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ أَوْ عُرْفًا عَامًّا إنْ كَانَ التَّخَاطُبُ بِهِ أَوْ خَاصًّا إنْ كَانَ التَّخَاطُبُ بِهِ فَأَبْهَمَهُ الْمُصَنِّفُ لِيَتَنَاوَلَ كِلَيْهِمَا وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ يُعْلَمُ مِنْهُ بِطَرِيقٍ أَوْلَى صَلَاحِيَّةُ الْجُزْئِيَّةِ لِلْمُنْتَفِي فِي نَفْسِ الْأَمْرِ بِانْتِفَائِهِ لِلْعَلَامَةِ (كَالرَّقَبَةِ) أَيْ كَإِطْلَاقِهَا عَلَى الذَّاتِ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ} [النساء: ٩٢] .

فَإِنَّ الذَّاتَ تَنْتَفِي بِانْتِفَاءِ الرَّقَبَةِ (لَا الظُّفْرِ) فَإِنَّ الذَّاتَ لَا تَنْتَفِي بِانْتِفَائِهَا فَلَا يَصِحُّ إطْلَاقُهُ عَلَيْهَا (بِخِلَافِ الْكُلِّ فِي الْجُزْءِ) أَيْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ فَإِنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ الْجُزْءُ بِهَذِهِ الْمَثَابَةِ قُلْتُ: وَعَلَى هَذَا فَلَا يَتِمُّ كَوْنُ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ أَقْوَى؛ لِأَنَّ الْكُلَّ يَسْتَلْزِمُ الْجُزْءَ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ كَمَا ذَكَرَهُ الْبَيْضَاوِيُّ (وَمِنْهُ) أَيْ إطْلَاقِ اسْمِ الْكُلِّ عَلَى الْجُزْءِ (الْعَامُّ لِفَرْدِهِ {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ} [آل عمران: ١٧٣] بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّاسِ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ الْأَشْجَعِيُّ كَمَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ الْمُفَسِّرِينَ وَابْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ وَجَزَمَ بِهِ السُّهَيْلِيُّ قُلْت وَقَوْلُ الْإِسْنَوِيِّ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْعُمُومَ مِنْ بَابِ الْكُلِّيَّةِ لَا مِنْ بَابِ الْكُلِّ وَالْفَرْدُ مِنْهُ مِنْ بَابِ الْجُزْئِيَّةِ لَا مِنْ بَابِ الْجُزْءِ اهـ.

فِيهِ نَظَرٌ يُعْرَفُ مِمَّا تَقَدَّمَ فِي أَوَّلِ مَبَاحِثِ الْعَامِّ (وَقَلْبُهُ) أَيْ إطْلَاقُ فَرْدٍ مِنْ الْعَامِّ عَلَى الْعَامِّ نَحْوُ {عَلِمَتْ نَفْسٌ} [التكوير: ١٤] فَإِنَّ الْمُرَادَ كُلُّ نَفْسٍ {وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا} [النساء: ٦٩] أَيْ رُفَقَاءَ (وَالذِّهْنِيَّةُ) أَيْ وَمِنْ الْمُجَاوَرَةِ الْمُجَاوَرَةُ الْجُزْئِيَّةُ الذِّهْنِيَّةُ (كَالْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ كَالْمِشْفَرِ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ شَفَةُ الْبَعِيرِ (عَلَى الشَّفَةِ مُطْلَقًا وَلِاجْتِمَاعِ الِاعْتِبَارَيْنِ) وَهُمَا التَّشْبِيهُ وَعَدَمُهُ فِي اللَّفْظِ الْوَاحِدِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَعْنَى الْوَاحِدِ (صَحَّ) أَنْ يَكُونَ إطْلَاقُ الْمِشْفَرِ عَلَى شَفَةِ الْإِنْسَانِ (اسْتِعَارَةً) إذَا كَانَ الْمُرَادُ تَشْبِيهَهَا بِمِشْفَرِ الْإِبِلِ فِي الْغِلَظِ كَمَا صَحَّ أَنْ يَكُونَ مَجَازًا مُرْسَلًا مِنْ إطْلَاقِ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ إلَى التَّشْبِيهِ (وَقَلْبُهُ) أَيْ إطْلَاقُ الْمُطْلَقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ.

(وَالْمُرَادُ أَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>