للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يُرَادَ خُصُوصُ الشَّخْصِ) كَزَيْدٍ (بِاسْمِ الْمُطْلَقِ) كَرَجُلٍ (وَهُوَ) أَيْ وَالْقَوْلُ بِأَنَّ هَذَا مَجَازٌ قَوْلٌ لِبَعْضِ الْمُتَأَخِّرِينَ (مُسْتَحْدَثٌ وَالْغَلَطُ) فِيهِ جَاءَ (مِنْ ظَنِّ) أَنْ يَكُونَ الْمُرَادُ بِوُقُوعِ (الِاسْتِعْمَالِ فِيمَا وُضِعَ لَهُ) وُقُوعَهُ (فِي نَفْسِ الْمُسَمَّى) الْكُلِّيِّ (لَا أَفْرَادِهِ) فَيَكُونُ اسْتِعْمَالُهُ فِي فَرْدٍ مِنْهَا مُرَادًا بِهِ خُصُوصُ عَوَارِضِ الْفَرْدِ الْمُشَخِّصَةِ مَعَ مَعْنَاهُ الْأَعَمِّ اسْتِعْمَالًا فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ فَيَكُونُ مَجَازًا وَلَيْسَ هَذَا الظَّنُّ بِمُطَابِقٍ لِلْوَاقِعِ إذْ هَذِهِ الْإِرَادَةُ قَلَّمَا تَخْطُرُ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ (وَيَلْزَمُهُمْ أَنَّ أَنَا مِنْ مُتَكَلِّمٍ خَاصٍّ وَهَذَا لِمُعَيَّنِ مَجَازٍ) لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مَوْضُوعٌ لِمَعْنًى كُلِّيٍّ شَامِلٍ لِأَفْرَادِهِ فَاسْتِعْمَالُهُ فِي جُزْئِيٍّ مِنْهَا اسْتِعْمَالٌ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ (وَكَثِيرٌ) أَيْ وَمَجَازِيَّةٌ كَثِيرٌ مِمَّا عَدَا هَذَيْنِ مِمَّا هُوَ كُلِّيٌّ وَضْعًا جُزْئِيٌّ اسْتِعْمَالًا (وَالِاتِّفَاقُ عَلَى نَفْيِهِ) أَيْ نَفْيِ كَوْنِ اسْتِعْمَالِ هَذِهِ فِي أَفْرَادٍ خَاصَّةٍ مِنْهَا مَجَازًا (فَإِنَّمَا هُوَ) أَيْ اسْتِعْمَالُ الْمُطْلَقِ فِي فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهِ (حَقِيقَةً كَمَا ذَكَرْنَا أَوَّلَ الْبَحْثِ وَكَوْنُهُمَا) أَيْ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (عَرْضَيْنِ فِي مَحَلٍّ كَالْحَيَاةِ لِلْعِلْمِ) فَيُسَمَّى الْعِلْمُ حَيَاةً لِهَذِهِ الْعَلَاقَةِ.

قُلْت: إلَّا أَنَّهُ لَوْ قَالَ قَائِلٌ: لَوْ كَانَتْ الْعَلَاقَةُ بَيْنَهُمَا فِي صِحَّةِ تَسْمِيَةِ الْعِلْمِ حَيَاةً هَذِهِ لَجَازَ الْعَكْسُ وَالظَّاهِرُ عَدَمُهُ لَاحْتَاجَ إلَى جَوَابٍ (أَوْ) كَوْنُهُمَا عَرْضَيْنِ (فِي مَحَلَّيْنِ مُتَشَابِهَيْنِ) أَيْ مُتَقَارِبَيْنِ (كَكَلَامِ السُّلْطَانِ لِكَلَامِ الْوَزِيرِ) وَبِالْعَكْسِ (أَوْ) كَوْنُهُمَا (جِسْمَيْنِ فِيهِمَا) أَيْ فِي مَحَلَّيْنِ مُتَقَارِبَيْنِ (كَالرَّاوِيَةِ) وَهِيَ فِي الْأَصْلِ اسْمٌ لِلْبَعِيرِ الَّذِي يَحْمِلُ الْمَزَادَةَ (لِلْمَزَادَةِ) أَيْ الْمِزْوَدِ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الزَّادُ أَيْ الطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ لِلسَّفَرِ كَذَا فِي شَرْحَيْ التَّلْخِيصِ وَشَرْحِ الْمِفْتَاحِ لِلتَّفْتَازَانِيِ وَاَلَّذِي فِي شَرْحِهِ لِلْمُحَقِّقِ الشَّرِيفِ وَالْمَزَادَةُ ظَرْفُ الْمَاءِ يَسْتَقِي بِهِ عَلَى الدَّابَّةِ الَّتِي تُسَمَّى رَاوِيَةً قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: لَا تَكُونُ الْمَزَادَةُ إلَّا مِنْ جِلْدَيْنِ تُفْأَمُ بِجِلْدٍ ثَالِثٍ بَيْنَهُمَا لِتَتَّسِعَ وَجَمْعُهَا الْمَزَادُ وَالْمَزَايِدُ وَأَمَّا الظَّرْفُ الَّذِي يُجْعَلُ فِيهِ الزَّادُ أَيْ الطَّعَامُ الْمُتَّخَذُ لِلسَّفَرِ فَهُوَ الْمِزْوَدُ وَجَمْعُهُ الْمَزَاوِدُ انْتَهَى. وَالْجُمْلَةُ مِنْ الصِّحَاحِ وَهُوَ الصَّوَابُ وَعَلَيْهِ لَا بِالْتِزَامِ مَا قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ مَا فِي مِنْهَاجِ الْبَيْضَاوِيِّ كَالرَّاوِيَةِ لِلْقِرْبَةِ إذْ هِيَ مَا يُسْتَقَى فِيهِ الْمَاءُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ (وَكَوْنُهُمَا) أَيْ الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ (مُتَلَازِمِينَ ذِهْنًا) بِالْمَعْنَى الْأَعَمِّ (كَالسَّبَبِ لِلْمُسَبَّبِ) نَحْوُ رَعَيْنَا الْغَيْثَ أَيْ النَّبَاتَ الَّذِي سَبَبُهُ الْغَيْثُ (وَقَلْبُهُ) أَيْ إطْلَاقُ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ (وَشَرْطُهُ) أَيْ شَرْطُ قَلْبِهِ (عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ الِاخْتِصَاصُ) أَيْ اخْتِصَاصُ الْمُسَبَّبِ بِالسَّبَبِ (كَإِطْلَاقِ الْمَوْتِ عَلَى الْمَرَضِ) الْمُهْلِكِ (وَالنَّبْتِ عَلَى الْغَيْثِ) قُلْت: وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: فِي هَذَيْنِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْمَوْتَ لَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالْمَرَضِ لِوُقُوعِهِ بِدُونِهِ كَثِيرًا وَالنَّبْتُ لَيْسَ بِمُخْتَصٍّ بِالْغَيْثِ لِوُجُودِهِ بِدُونِ خُصُوصِ الْغَيْثِ نَعَمْ هُوَ مُخْتَصٌّ بِالْمَاءِ وَلَعَلَّهُ مُطْلَقًا هُوَ الْمُرَادُ بِالْغَيْثِ مِنْ إطْلَاقِ الْمُقَيَّدِ عَلَى الْمُطْلَقِ وَإِلَّا فَالْوَجْهُ وَالنَّبْتُ عَلَى الْمَاءِ (وَالْمَلْزُومُ عَلَى اللَّازِمِ كَنَطَقَتِ الْحَالُ) مَكَانَ دَلَّتْ فَإِنَّ النُّطْقَ مَلْزُومٌ لِلدَّلَالَةِ وَقَلْبُهُ كَشَدِّ الْإِزَارِ لِاعْتِزَالِ النِّسَاءِ كَمَا فِي قَوْلِهِ

قَوْمٌ إذَا حَارَبُوا شَدُّوا مَآزِرَهُمْ ... دُونَ النِّسَاءِ وَلَوْ بَاتَتْ بِأَطْهَارٍ

(أَوْ) مُتَلَازِمَيْنِ (خَارِجًا كَالْغَائِطِ عَلَى الْفَضَلَاتِ) لِأَنَّ الْغَائِطَ وَهُوَ الْمَكَانُ الْمُنْخَفِضُ مِمَّا يُقْصَدُ عَادَةً لِإِزَالَتِهَا (وَهُوَ) أَيْ إطْلَاقُ الْغَائِطِ عَلَيْهَا (الْمَحَلُّ عَلَى الْحَالِ وَقَلْبُهُ) أَيْ إطْلَاقُ الْحَالِ عَلَى الْمَحَلِّ كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ فَفِي رَحْمَةِ اللَّهِ} [آل عمران: ١٠٧] أَيْ الْجَنَّةِ الَّتِي تَحِلُّ فِيهَا الرَّحْمَةُ (وَأُدْرِجَ فِي) التَّجَاوُرِ (الذِّهْنِيِّ أَحَدُ الْمُتَقَابِلَيْنِ فِي الْآخَرِ) فَإِنَّ بَيْنَهُمَا مُجَاوَرَةً فِي الْخَيَالِ وَلَا سِيَّمَا بَيْنَ الضِّدَّيْنِ حَتَّى إنَّ الذِّهْنَ يَنْتَقِلُ مِنْ مُلَاحَظَةِ السَّوَادِ مَثَلًا إلَى الْبَيَاضِ (وَمُنِعَ الْإِدْرَاجُ الْمَذْكُورُ بِامْتِنَاعِ إطْلَاقِ الْأَبِ عَلَى الِابْنِ) مَعَ أَنَّ بَيْنَهُمَا تَقَابُلَ التَّضَايُفِ وَمُجَاوَرَةً مِنْ قَبِيلِ التَّلَازُمِ فِي الْوُجُودِ ذِهْنًا وَخَارِجًا (وَإِنَّمَا هُوَ) أَيْ إطْلَاقُ أَحَدِ الْمُتَقَابِلَيْنِ عَلَى الْآخَرِ (مِنْ قَبِيلِ الِاسْتِعَارَةِ بِتَنْزِيلِ التَّضَادِّ مَنْزِلَةَ التَّنَاسُبِ لِتَمْلِيحٍ) أَيْ إتْيَانٍ بِمَا فِيهِ مَلَاحَةٌ وَظَرَافَةٌ (أَوْ تَهَكُّمٍ) أَيْ سُخْرِيَةٍ وَاسْتِهْزَاءٍ (أَوْ تَفَاؤُلٍ كَالشُّجَاعِ عَلَى الْجَبَانِ) فَإِنَّهُ إنْ كَانَ الْغَرَضُ مِنْهُ مُجَرَّدَ الْمَلَاحَةِ لَا السُّخْرِيَةِ فَتَمْلِيحٌ وَإِلَّا فَتَهَكُّمٌ فَهُوَ صَالِحٌ لَهُمَا (وَالْبَصِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>