عَلَى الْأَعْمَى) .
وَهَذَا صَالِحٌ لِلْكُلِّ وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا بِحَسَبِ الْمُقَامِ (أَوْ) مُتَلَازِمَيْنِ (لَفْظًا) فَيُطْلَقُ اسْمُ أَحَدِهِمَا بِخُصُوصِهِ عَلَى الْآخَرِ مُشَاكَلَةً كَقَوْلِهِ تَعَالَى {وَجَزَاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُهَا} [الشورى: ٤٠] فَأَطْلَقَ السَّيِّئَةَ عَلَى الْجَزَاءِ مَعَ أَنَّهُ حَسَنٌ لِوُقُوعِهِ فِي صُحْبَتِهَا وَقَدْ يُقَالُ: إنَّمَا سُمِّيَ جَزَاؤُهَا سَيِّئَةً لِأَنَّهُ يَسُوءُ مَنْ يَنْزِلُ بِهِ وَحِينَئِذٍ فَهُوَ لَيْسَ مِثَالًا لِمَا نَحْنُ فِيهِ بَلْ مِنْ مِثْلِهِ قَوْلُهُ
قَالُوا اقْتَرِحْ شَيْئًا نُجِدْ لَك طَبْخَهُ ... قُلْت اُطْبُخُوا لِي جُبَّةً وَقَمِيصًا
أَيْ خِيطُوا فَذَكَرَهَا بِلَفْظِ الطَّبْخِ لِوُقُوعِهَا فِي صُحْبَةِ طَبْخِ الطَّعَامِ وَنَحْوِهِ.
(وَمَا ذُكِرَ مِنْ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ مِنْ الْعَلَاقَةِ) كَمَا فِي مِنْهَاجِ الْبَيْضَاوِيِّ (مُنْتَفٍ) لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ حَقِيقَةٌ (وَالْمَجَازُ فِي مُتَعَلَّقِهِمَا) بِفَتْحِ اللَّامِ أَيْ مُتَعَلَّقِ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ (مَجَازٌ) لِانْتِفَاءِ اسْتِعْمَالِ اللَّفْظِ فِي غَيْرِ مَا وُضِعَ لَهُ فِيهِ وَالْعَلَاقَةُ الْمُشَابَهَةُ فِي التَّعَدِّي مِنْ أَمْرٍ أَصْلِيٍّ إلَى أَمْرٍ غَيْرِ أَصْلِيٍّ (وَيَجْمَعُهَا) أَيْ الْعَلَاقَاتِ (قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ اتِّصَالُ) بَيْنَهُمَا (صُورَةٍ أَوْ مَعْنًى) لِأَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ مِنْ الصُّوَرِ لَهُ صُورَةٌ وَمَعْنَى لَا ثَالِثَ لَهُمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ الِاتِّصَالُ بِوَجْهٍ ثَالِثٍ انْتَهَى (زَادَ) فَخْرُ الْإِسْلَامِ (فِي الصُّورِيِّ) أَيْ قَالَ بَعْدَ قَوْلِهِ اتِّصَالُ صُورَةٍ (لَا تَدْخُلُهُ شُبْهَةُ الِاتِّحَادِ فَانْدَفَعَ) بِهَذَا (لُزُومُ إطْلَاقِ بَعْضِ الْأَعْضَاءِ عَلَى بَعْضٍ) فَإِنَّ اتِّصَالَ بَعْضِهَا بِبَعْضٍ يَدْخُلُهُ شُبْهَةُ الِاتِّحَادِ بِاعْتِبَارِ الصُّورَةِ الِاجْتِمَاعِيَّةِ لَهَا حَتَّى صَحَّ أَنْ يُقَالَ عَلَى الْمَجْمُوعِ شَخْصٌ وَاحِدٌ وَنَحْوُهُ (وَلَمْ يُحَقِّقُوا عَلَاقَةَ التَّغْلِيبِ) حَتَّى قَالَ الشَّيْخُ سَعْدُ الدِّينِ التَّفْتَازَانِيُّ: وَأَمَّا بَيَانُ مَجَازِيَّةِ التَّغْلِيبِ وَالْعَلَاقَةِ فِيهِ وَأَنَّهُ مِنْ أَيِّ أَنْوَاعِهِ فَمَا لَمْ أَرَ أَحَدًا حَامَ حَوْلَهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَلَعَلَّهَا فِي الْعُمَرَيْنِ) أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا - (الْمُشَابَهَةُ سِيرَةٌ وَخُصُوصُ الْمُغَلَّبِ لِلْخِفَّةِ) فَإِنَّ لَفْظَ عُمَرَ أَخَفُّ مِنْ لَفْظِ أَبِي بَكْرٍ (وَهُوَ) أَيْ تَغْلِيبُ لَفْظِ عُمَرَ عَلَى لَفْظِ أَبِي بَكْرٍ (عَكْسُ التَّشْبِيهِ) أَصَالَةً وَهُوَ إلْحَاقُ الشَّيْءِ بِمَا هُوَ دُونَهُ فِي وَجْهِ الشَّبَهِ فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ فِي الْوَاقِعِ عُمَرُ وَالْمُشَبَّهَ بِهِ أَبُو بَكْرٍ (وَفِي الْقَمَرَيْنِ الْإِضَاءَةُ وَالْخُصُوصُ) أَيْ وَتَغْلِيبُ خُصُوصِ لَفْظِ الْقَمَرِ عَلَى لَفْظِ الشَّمْسِ وَإِنْ كَانَ لَفْظُ الشَّمْسِ أَخَفَّ (لِلتَّذْكِيرِ) أَيْ لِتَذْكِيرِ الْقَمَرِ وَتَأْنِيثِ الشَّمْسِ فَإِنَّ الْمُذَكَّرَ أَخَفُّ (مَعْكُوسًا) أَيْ عُكِسَ التَّشْبِيهُ أَيْضًا فَإِنَّ الْمُشَبَّهَ فِي الْوَاقِعِ الْقَمَرُ وَالْمُشَبَّهَ بِهِ الشَّمْسُ (وَأَمَّا الْخَافِقَانِ فَلَا تَغْلِيبَ) فِيهِ (عَلَى أَنَّهُ لِلضِّدَّيْنِ وَقَدْ نُقِلَ) فَقَالَ ابْنُ السِّكِّيتِ: الْخَافِقَانِ أُفُقَا الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لِأَنَّ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ يَخْفِقَانِ فِيهِمَا أَيْ يَضْطَرِبَانِ وَهُوَ مَعْنَى مَا قِيلَ هُمَا الْهَوَاءَانِ الْمُحِيطَانِ بِجَانِبَيْ الْأَرْضِ جَمِيعًا.
وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: هُمَا طَرَفُ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَأَمَّا مَنْ جَعَلَ الْخَافِقَ حَقِيقَةً فِي الْمَغْرِبِ مِنْ خَفَقَتْ النُّجُومُ إذَا غَابَتْ أَوْ فِي الْمَشْرِقِ لِأَنَّهُ تَخْفِقُ مِنْهُ الْكَوَاكِبُ أَيْ تَلْمَعُ فَقَدْ غَلَّبَ أَحَدَهُمَا عَلَى الْآخَرِ وَأَيَّامًا كَانَ فَيَحْتَاجُ إلَى عَلَاقَةٍ فَلْيُتَأَمَّلْ فِيهَا.
(تَنْبِيهٌ يُقَالُ الْحَقِيقَةُ وَالْمَجَازُ عَلَى غَيْرِ الْمُفْرَدِ بِالِاشْتِرَاكِ الْعُرْفِيِّ فَعَلَى الْإِسْنَادِ عِنْدَ قَوْمٍ) كَصَاحِبِ التَّلْخِيصِ (وَعَلَى الْكَلَامِ عَلَى الْأَكْثَرِ) مِنْهُمْ الشَّيْخُ عَبْدُ الْقَاهِرِ وَالسَّكَّاكِيُّ (وَهُوَ) أَيْ وَصْفُ الْكَلَامِ بِهِمَا (أَقْرَبُ) مِنْ وَصْفِ الْإِسْنَادِ بِهِمَا وَيَأْتِي وَجْهُهُ قَرِيبًا وَعَلَيْهِ قَوْلُهُ (فَالْحَقِيقَةُ الْجُمْلَةُ الَّتِي أُسْنِدَ فِيهَا الْفِعْلُ أَوْ مَعْنَاهُ) مِنْ الْمَصْدَرِ وَاسْمَيْ الْفَاعِلِ وَالْمَفْعُولِ وَالصِّفَةِ الْمُشَبَّهَةِ وَاسْمِ التَّفْضِيلِ وَالظَّرْفِ (إلَى مَا) أَيْ شَيْءٍ (هُوَ) أَيْ الْفِعْلُ أَوْ مَعْنَاهُ (لَهُ) أَيْ لِذَلِكَ الشَّيْءِ كَالْفَاعِلِ فِيمَا بُنِيَ لَهُ وَالْمَفْعُولُ فِيمَا بُنِيَ لَهُ نَحْوُ ضَرَبَ زَيْدٌ عَمْرًا أَوْ ضُرِبَ عَمْرٌو فَإِنَّ الضَّارِبِيَّةَ لِزَيْدٍ وَالْمَضْرُوبِيّةَ لِعَمْرٍو بِخِلَافِ نَهَارُهُ صَائِمٌ فَإِنَّ الصَّوْمَ لَيْسَ لِلنَّهَارِ فَمَعْنَى كَوْنِهِ لَهُ أَنَّ مَعْنَاهُ قَائِمٌ بِهِ وَوَصْفٌ لَهُ وَحَقُّهُ أَنْ يُسْنَدَ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ مَخْلُوقًا لِلَّهِ تَعَالَى أَوْ لِغَيْرِهِ وَسَوَاءٌ صَدَرَ عَنْهُ بِاخْتِيَارِهِ كَضَرَبَ أَوْ لَا كَمَاتَ (عِنْدَ الْمُتَكَلِّمِ) .
وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِلَهُ أَيْ فِي اعْتِقَادِهِ بِأَنْ يُفْهَمَ مِنْ ظَاهِرِ حَالِهِ أَنَّهُ يَعْتَقِدُهُ بِأَنْ لَا يَكُونَ هُنَاكَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَا يَعْتَقِدُ مَا يُفْهَمُ مِنْ ظَاهِرِ الْكَلَامِ وَحِينَئِذٍ فَكَمَا يَدْخُلُ فِي التَّعْرِيفِ مَا يُطَابِقُ الِاعْتِقَادَ طَابَقَ الْوَاقِعَ أَوْ لَا يَدْخُلُ فِيهِ أَيْضًا مَا لَا يُطَابِقُ الِاعْتِقَادَ طَابَقَ الْوَاقِعَ أَوْ لَا كَقَوْلِك جَاءَ زَيْدٌ مُعْتَقِدًا أَنَّهُ لَمْ يَجِئْ إذَا قَصَدْت تَرْوِيجَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute