للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لِظُهُورِ أَنَّ مَقْصُودَهُ مَنْعُ نَفْسِهِ مِنْ الدُّخُولِ لَا مِنْ مُجَرَّدِ وَضْعِ الْقَدَمِ فَصَارَ بِاعْتِبَارِ مَقْصُودِهِ كَأَنَّهُ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ فَأَطْلَقَ السَّبَبَ وَأَرَادَ الْمُسَبَّب وَالدُّخُولُ مُطْلَقٌ عَنْ الرُّكُوبِ وَالتَّنَعُّلِ وَالْحَفَا فَيَحْنَثُ بِكُلٍّ مِنْهَا لِحُصُولِ الدُّخُولِ الْمَقْصُودِ بِالْمَنْعِ (وَالْجَوَابُ عَنْ الثَّالِثِ) أَيْ النَّقْضِ بِالْحِنْثِ بِدُخُولِ دَارِ سُكْنَى فُلَانٍ إعَارَةً فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ (بِأَنَّ حَقِيقَةَ إضَافَةِ الدَّارِ بِالِاخْتِصَاصِ) الْكَامِلِ الْمُصَحَّحِ لَأَنْ يُخْبِرَ عَنْ الْمُضَافِ بِأَنَّهُ لِلْمُضَافِ إلَيْهِ (بِخِلَافِ نَحْوِ كَوْكَبِ الْخَرْقَاءِ) فِي قَوْلِهِ

إذَا كَوْكَبُ الْخَرْقَاءِ لَاحَ بِسَحَرَةٍ ... سُهَيْلٌ أَذَاعَتْ غَزْلَهَا فِي الْقَرَائِبِ

فَإِنَّ إضَافَةَ كَوْكَبٍ الَّذِي هُوَ سُهَيْلٌ وَهُوَ كَوْكَبٌ بِقُرْبِ الْقُطْبِ الْجَنُوبِيِّ يَطْلُعُ عِنْدَ ابْتِدَاءِ الْبَرْدِ إلَى الْخَرْقَاءِ وَهِيَ الَّتِي فِي عَقْلِهَا هَوَجٌ وَبِهَا حَمَاقَةٌ إضَافَةٌ مَجَازِيَّةٌ لِاخْتِصَاصٍ مَجَازِيٍّ وَهُوَ كَوْنُ زَمَانِ طُلُوعِهِ وَقْتَ ظُهُورِ جَدِّهَا فِي تَهْيِئَةِ مَلَابِسِ الشِّتَاءِ بِتَفْرِيقِهَا قُطْنَهَا فِي قَرَائِبِهَا لِيَغْزِلَ لَهَا فَجَعَلَتْ هَذِهِ الْمُلَابَسَةَ بِمَنْزِلَةِ الِاخْتِصَاصِ الْكَامِلِ (وَهُوَ) أَيْ اخْتِصَاصُهُ الْكَامِلُ بِالدَّارِ يَكُونُ (بِالسُّكْنَى وَالْمِلْكِ فَيَحْنَثُ) بِكُلٍّ حَتَّى يَحْنَثَ (بِالْمَمْلُوكَةِ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ كَقَاضِي خَانَ) لِوُجُودِ الِاخْتِصَاصِ الْكَامِلِ وَهَذَا أَوْلَى مِنْ التَّعْلِيلِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِكَوْنِ الدَّارِ مُضَافَةً إلَى فُلَانٍ نِسْبَةُ السُّكْنَى إلَيْهِ حَقِيقَةً كَانَتْ وَهُوَ ظَاهِرٌ أَوْ دَلَالَةً بِأَنْ تَكُونَ مِلْكَهُ فَيَتَمَكَّنُ مِنْ السُّكْنَى فِيهَا (خِلَافًا لِلسَّرَخْسِيِّ) وَوَافَقَهُ صَاحِبُ الْكَافِي بِنَاءً عَلَى انْقِطَاعِ نِسْبَةِ السُّكْنَى إلَيْهِ بِفِعْلِ غَيْرِهِ قُلْت وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ الْبَاعِثَ عَلَى الْيَمِينِ قَدْ يَكُونُ الْغَيْظُ اللَّاحِقُ لَهُ مِنْ فُلَانٍ وَذَلِكَ مِمَّا يَقْتَضِي امْتِنَاعَهُ مِنْ دُخُولِ الْمَنْسُوبَةِ إلَيْهِ بِالِاخْتِصَاصِ مَمْلُوكَةً كَانَتْ وَلَوْ غَيْرَ مَسْكُونَةٍ لَهُ أَوْ مَسْكُونَةً لَهُ وَلَوْ غَيْرَ مَمْلُوكَةٍ لَهُ

(وَعَنْ الرَّابِعِ) أَيْ وَعَنْ النَّقْضِ بِعِتْقِ مَنْ أَضَافَ عِتْقَهُ إلَى يَوْمِ يَقْدُمُ فُلَانٌ فَقَدِمَ لَيْلًا (بِأَنَّهُ) أَيْ الْيَوْمَ (مَجَازٌ فِي الْوَقْتِ) الْمُطْلَقِ (عَامٌّ لِثُبُوتِ الِاسْتِعْمَالِ) لَهُ كَذَلِكَ (عِنْدَ ظَرْفِيَّتِهِ لِمَا لَا يَمْتَدُّ) مِنْ الْأَفْعَالِ وَهُوَ مَا لَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَمَنْ يُوَلِّهِمْ يَوْمَئِذٍ دُبُرَهُ} [الأنفال: ١٦] فَإِنَّ التَّوَلِّيَ عَنْ الزَّحْفِ حَرَامٌ لَيْلًا كَانَ أَوْ نَهَارًا وَهُوَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ (فَيُعْتَبَرُ) الْمَجَازِيُّ الْعَامُّ (إلَّا لِمُوجِبٍ) يَقْتَضِي كَوْنَ الْمُرَادِ بِهِ بَيَاضُ النَّهَارِ خَاصَّةً (كَطَالِقٍ يَوْمَ أَصُومُ) فَإِنَّ الطَّلَاقَ مِمَّا لَا يَمْتَدُّ لِأَنَّهُ لَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ وَالْمُوجِبُ لِإِرَادَةِ بَيَاضِ النَّهَارِ بِهِ أَنَّ الصَّوْمَ الشَّرْعِيَّ إنَّمَا يَكُونُ فِيهِ وَفِي التَّلْوِيحِ عَلَى أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي حَمْلِ الْيَوْمِ عَلَى مُطْلَقِ الْوَقْتِ وَيَحْصُلُ التَّقْيِيدُ بِالْيَوْمِ مِنْ الْإِضَافَةِ كَمَا إذَا قَالَ أَنْتِ: طَالِقٌ حِينَ يَصُومُ أَوْ حِينَ تَنْكَسِفُ الشَّمْسُ (بِخِلَافِ) مَا كَانَ ظَرْفُ (مَا يَمْتَدُّ) مِنْ الْأَفْعَالِ وَهُوَ مَا يَقْبَلُ التَّأْقِيتَ (كَالسَّيْرِ وَالتَّفْوِيضِ) فَإِنَّهُ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ بَيَاضَ النَّهَارِ (إلَّا لِمُوجِبٍ) يَقْتَضِي كَوْنَ الْمُرَادِ بِهِ مُطْلَقَ الْوَقْتِ (كَأَحْسِن الظَّنَّ يَوْمَ تَمُوتُ) فَإِنَّ إحْسَانَ الظَّنِّ مِمَّا يَمْتَدُّ وَالْمُوجِبُ لِإِرَادَةِ مُطْلَقِ الْوَقْتِ بِهِ إضَافَتُهُ إلَى الْمَوْتِ وَفِي التَّلْوِيحِ عَلَى أَنَّهُ لَا امْتِنَاعَ فِي حَمْلِ الْيَوْمِ فِيهِ عَلَى بَيَاضِ النَّهَارِ وَيُعْلَمُ الْحُكْمُ فِي غَيْرِهِ بِدَلِيلِ الْعَقْلِ (وَلَوْ لَمْ يَخْطُرْ هَذَا) الْفَرْقُ لِلْقَائِلِ (فَقَرِينَةُ) إرَادَةِ (الْمَجَازِ) بِهِ فِي النَّقْضِ الْمَذْكُورِ وَهُوَ مُطْلَقُ الْوَقْتِ (عُلِمَ أَنَّهُ) أَيْ الْعِتْقَ إنَّمَا هُوَ (لِلسُّرُورِ وَلَا يَخْتَصُّ بِالنَّهَارِ) فَلَمْ يُسْتَعْمَلْ حِينَئِذٍ إلَّا فِي مَجَازٍ عَامٍّ يَنْدَرِجُ فِيهِ الْحَقِيقَةُ (وَعَنْ الْخَامِسِ) أَيْ عَنْ النَّقْضِ بِكَوْنِ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا نَذْرًا وَيَمِينًا بِنِيَّتِهِمَا (تَحْرِيمُ الْمُبَاحِ) الَّذِي هُوَ فِطْرُ الْأَيَّامِ الْمَنْذُورِ صِيَامَهَا

(وَهُوَ) أَيْ وَتَحْرِيمُهُ (مَعْنَى الْيَمِينِ) هُنَا لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ تَحْرِيمَ الْمُبَاح يَمِينٌ بِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ (يَثْبُتُ مَدْلُولًا الْتِزَامِيًّا لِلصِّيغَةِ) أَيْ لِلَّهِ عَلَيَّ صَوْمُ كَذَا لِأَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهَا إيجَابُ الْمَنْذُورِ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْمَنْذُورَ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ قَبْلَ النَّذْرِ مُبَاحُ الْفِعْلِ وَالتَّرْكِ لِيَصِحَّ الْتِزَامُهُ بِالنَّذْرِ وَحَيْثُ صَارَ كَذَا صَارَ تَرْكُهُ الَّذِي كَانَ مُبَاحًا حَرَامًا بِهِ لَازِمًا لَهُ (ثُمَّ يُرَادُ بِهِ) أَيْ بِالْمَدْلُولِ الِالْتِزَامِيِّ (الْيَمِينُ) أَيْ مَعْنَاهَا (فَأُرِيدَ) الْيَمِينُ أَيْ مَعْنَاهَا (يُلَازِمُ مُوجَبَ اللَّفْظِ) الَّذِي هُوَ النَّذْرُ بِفَتْحِ الْجِيمِ أَيْ حُكْمُهُ (لَا بِهِ) أَيْ بِاللَّفْظِ الَّذِي هُوَ النَّذْرُ (وَلَا جَمَعَ) بَيْنَ الْحَقِيقَةِ وَالْمَجَازِ بِاللَّفْظِ الْوَاحِدِ (دُونَ الِاسْتِعْمَالِ فِيهِمَا) أَيْ الْمَعْنَى الْحَقِيقِيِّ وَالْمَجَازِيِّ وَلَا اسْتِعْمَالَ لِلَّفْظِ الْوَاحِدِ هُنَا فِيهِمَا فَلَا جَمْعَ بَيْنَهُمَا

<<  <  ج: ص:  >  >>