فِي الْمَنْعِ) أَيْ فِي مَنْعِ الْمَانِعِ لِلْحَالِفِ مِنْ تَنَاوُلِ الْمُتَعَاطِفَيْنِ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَتَنَاوَلُ السَّمَكَ وَاللَّبَنَ فَإِنَّ لِلِاجْتِمَاعِ هُنَا تَأْثِيرًا فِي الْمَنْعِ كَمَا ذَكَرَهُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ (بَاطِلٌ بِنَحْوِ لَا أُكَلِّمُ زَيْدًا وَعَمْرًا وَكَثِيرٌ) مِمَّا هُوَ لِنَفْيِ الْمَجْمُوعِ مَعَ أَنَّهُ لَا تَأْثِيرَ لِلِاجْتِمَاعِ فِي الْمَنْعِ (وَالْعُمُومِ بِأَوْ فِي الْإِثْبَاتِ كَلَا أُكَلِّمُ أَحَدًا إلَّا زَيْدًا أَوْ بَكْرًا) فَيَحْنَثُ بِتَكْلِيمِ مَنْ عَدَاهُمَا لَا بِتَكْلِيمِهِمَا وَلَا بِتَكْلِيمِ أَحَدِهِمَا (مِنْ خَارِجٍ) وَهُوَ الْإِبَاحَةُ الْحَاصِلَةُ مِنْ الِاسْتِثْنَاءِ مِنْ الْحَظْرِ لِأَنَّهَا إطْلَاقٌ وَرَفْعُ قَيْدٍ (فَهِيَ) أَيْ أَوْ (لِلْأَحَدِ فِيهِمَا) أَيْ النَّفْيِ وَالْإِثْبَاتِ
(فَمَا قِيلَ) أَيْ قَوْلُ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقِيهِ أَوْ (تُسْتَعَارُ لِلْعُمُومِ تَسَاهَلَ) فَإِنَّ ظَاهِرَهُ أَنَّ الْعُمُومَ مَعْنًى لَهَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ (بَلْ يَثْبُتُ) الْعُمُومُ (مَعَهَا لَا بِهَا وَلَيْسَتْ فِي الْخَبَرِ لِلشَّكِّ أَوْ التَّشْكِيكِ) كَمَا ذَكَرَهُ الْقَاضِي أَبُو زَيْدٍ وَأَبُو إِسْحَاقَ الْإسْفَرايِينِيّ فِي جَمَاعَةٍ مِنْ النُّحَاةِ وَسَتَعْلَمُ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا (لَا لِأَنَّ الْوَضْعَ لِلْإِفْهَامِ وَهُوَ) أَيْ الْإِفْهَامُ (مُنْتَفٍ لِأَنَّهُ إنْ أُرِيدَ إفْهَامُ الْمُعَيَّنِ) أَيْ غَيْرِ الْأَحَدِ الدَّائِرِ كَمَا فِي جَاءَ زَيْدٌ (مَنَعْنَا الْحَصْرَ) أَيْ لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الْوَضْعَ لَا يَكُونُ إلَّا لِإِفْهَامِ الْمُعَيَّنِ وَإِلَّا انْتَفَى الْإِجْمَالُ حِينَئِذٍ وَهُوَ بَاطِلٌ (أَوْ مُطْلَقًا) يَعْنِي سَوَاءٌ كَانَ مُبْهَمًا أَوْ مُعَيَّنًا (لَمْ يُفِدْ) فِي الْمَطْلُوبِ شَيْئًا وَهُوَ أَنَّ أَوْ لَيْسَتْ لِلتَّشْكِيكِ أَوْ الشَّكِّ (بَلْ) إنَّمَا لَمْ تَكُنْ لِلشَّكِّ أَوْ التَّشْكِيكِ (لِأَنَّ الْمُتَبَادِرَ أَوَّلًا إفَادَةُ النِّسْبَةِ إلَى أَحَدِهِمَا) أَيْ أَحَدِ الْمَذْكُورِينَ فَيَفْهَمُ السَّامِعُ مِنْ جَاءَ زَيْدٌ أَوْ عَمْرٌو نِسْبَةَ الْمَجِيءِ إلَى أَحَدِهِمَا غَيْرِ عَيْنٍ (ثُمَّ يَنْتَقِلُ) الذِّهْنُ بَعْدَ ذَلِكَ (إلَى كَوْنِ سَبَبِ الْإِبْهَامِ أَحَدَهُمَا) أَيْ الشَّكِّ إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُتَكَلِّمُ عَالِمًا وَقْتَ الْحُكْمِ بِمَجِيءِ أَحَدِهِمَا عَيْنًا أَوْ التَّشْكِيكِ إنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ عَيْنًا وَإِنَّمَا أَرَادَ أَنْ يُلَبِّسَ عَلَى السَّامِعِ (فَهُوَ) أَيْ الشَّكُّ أَوْ التَّشْكِيكُ النَّاشِئُ عَنْ الْمُتَكَلِّمِ إنَّمَا هُوَ مَدْلُولٌ (الْتِزَامِيٌّ عَادِيٌّ) لِلْكَلَامِ (لَا عَقْلِيٌّ) قَالَ الْمُصَنَّفُ: إذْ لَا يُمْكِنُ انْفِكَاكُهُمَا بِأَنْ يَسْتَفِيدَ السَّامِعُ نِسْبَةَ الْمَجِيءِ إلَى أَحَدِهِمَا مُبْهَمًا مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنْتَقِلَ ذِهْنُهُ إلَى سَبَبِ الْإِبْهَامِ وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِهِ (لِإِمْكَانِ عَدَمِ إخْطَارِهِ) فَالْمُصَنِّفُ مُسَاعِدٌ عَلَى أَنَّهَا فِي الْخَبَرِ لَيْسَتْ لِلشَّكِّ وَلَا لِلتَّشْكِيكِ لَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرُوهُ (وَعَنْهُ) أَيْ كَوْنِ الشَّكِّ أَوْ التَّشْكِيكِ مَدْلُولًا الْتِزَامِيًّا عَادِيًّا لِأَوْ (تَجُوزُ بِأَنَّهَا لِلشَّكِّ) بِعِلَاقَةِ التَّلَازُمِ الْعَادِيِّ بَيْنَهُمَا حِينَئِذٍ
(وَقَدْ يُعْلَمُ بِخَارِجِ التَّعْيِينِ) لِمُتَعَلِّقِ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ (فَيَكُونُ لِلْإِنْصَافِ) أَيْ إظْهَارِ النَّصَفَةِ حَتَّى إنَّ كُلَّ مَنْ سَمِعَهُ مِنْ مُوَالٍ أَوْ مُخَالِفٍ يَقُولُ لِمَنْ خُوطِبَ بِهِ: قَدْ أَنْصَفَك الْمُتَكَلِّمُ نَحْوُ قَوْله تَعَالَى {وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ} [سبأ: ٢٤] الْآيَةُ) أَيْ {لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [سبأ: ٢٤] أَيْ وَإِنَّ أَحَدَ الْفَرِيقَيْنِ مِنْ الْمُوَحِّدِينَ الْمُتَوَحِّدَ بِالرِّزْقِ وَالْقُدْرَةِ الذَّاتِيَّةِ بِالْعِبَادَةِ وَالْمُشْرِكِينَ بِهِ الْجَمَادِ النَّازِلِ فِي أَدْنَى الْمَرَاتِبِ الْإِمْكَانِيَّة لَعَلَى أَحَدِ الْأَمْرَيْنِ مِنْ الْهُدَى وَالضَّلَالِ الْمُبِينِ وَهُوَ بَعْدَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ التَّقْرِيرِ الْبَلِيغِ الدَّالِّ عَلَى مَنْ هُوَ عَلَى الْهُدَى وَمَنْ هُوَ فِي الضَّلَالِ أَبْلَغُ مِنْ التَّصْرِيحِ لِأَنَّهُ فِي صُورَةِ الْإِنْصَافِ الْمُسْكِتِ لِلْخَصْمِ الْمُشَاغِبِ ثُمَّ عَطَفَ عَلَى قَوْلِهِ قَبْلَ مُفْرَدٍ قَوْلُهُ (وَقَبْلَ جُمْلَةٍ) يَعْنِي وَأَوْ قِيلَ جُمْلَةٌ (لِأَنَّ الثَّابِتَ) أَيْ لِإِفَادَةِ أَنَّ الثَّابِتَ (أَحَدُ الْمَضْمُونَيْنِ وَكَذَا تَجُوزُ) أَيْ كَمَا تَجُوزُ بِأَنَّ أَوْ لِلشَّكِّ أَوْ لِلتَّشْكِيكِ وَهُوَ تَسَاهُلٌ كَذَلِكَ تَجُوزُ (بِأَنَّهَا لِلتَّخْيِيرِ أَوْ الْإِبَاحَةِ بَعْدَ الْأَمْرِ) وَفِيهِ تَسَاهُلٌ أَيْضًا (وَإِنَّمَا هِيَ لِإِيصَالِ مَعْنَى الْمَحْكُومِ بِهِ إلَى أَحَدِهِمَا فَإِنْ كَانَ) الْمَحْكُومُ بِهِ (أَمْرًا لَزِمَ أَحَدَهُمَا وَيَتَعَيَّنُ) كُلٌّ مِنْ الْإِبَاحَةِ وَالتَّخْيِيرِ (بِالْأَصْلِ فَإِنْ كَانَ) الْأَصْلُ (الْمَنْعَ فَتَخْيِيرٌ فَلَا يَجْمَعُ) الْمُخَاطَبُ بَيْنَهُمَا (كَبِعْ عَبْدِي ذَا أَوْ ذَا) فَيَبِيعُ أَحَدَهُمَا لَا كِلَيْهِمَا (أَوْ) كَانَ الْأَصْلُ (الْإِبَاحَةَ فَإِلْزَامُ أَحَدِهِمَا وَجَازَ الْآخَرُ بِالْأَصْلِ وَفِي) قَوْلِهِ لِعَبِيدِهِ الثَّلَاثَةِ (هَذَا حُرٌّ أَوْ هَذَا) بِأَوْ (وَذَا) بِالْوَاوِ (قِيلَ: لَا عِتْقَ إلَّا بِالْبَيَانِ لِهَذَا أَوْ هَذَانِ) لِأَنَّ الْجَمْعَ بِالْوَاوِ بِمَنْزِلَةِ الْجَمْعِ بِأَلِفِ التَّثْنِيَةِ فَيَتَخَيَّرُ بَيْنَ الْأَوَّلِ وَالْأَخِيرَيْنِ وَهَذَا قَوْلُ زُفَرَ وَالْفَرَّاءِ ذَكَرَهُ الْعَتَّابِيُّ فِي جَامِعِهِ
(وَقِيلَ: يَعْتِقُ الْأَخِيرُ) فِي الْحَالِ وَيَتَخَيَّرُ فِي الْأَوَّلَيْنِ يُعَيِّنُ أَيَّهُمَا شَاءَ (لِأَنَّهُ كَأَحَدِهِمَا وَهَذَا) لِأَنَّ سَوْقَ الْكَلَامِ لِإِيجَابِ الْعِتْقِ فِي أَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ وَتَشْرِيكِ الثَّالِثِ فِيمَا سَبَقَ لَهُ الْكَلَامُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute