رَأْسُهَا بِالرَّفْعِ وَإِنَّمَا مَحَلُّ الْوُجُوهِ الثَّلَاثَةِ اتِّفَاقًا أَكَلْت السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسَهَا أَكَلْته قِيلَ وَقَدْ رُوِيَ بِالْأَوْجُهِ الثَّلَاثَةِ
عَمَّمْتُهُمْ بِالنَّدَى حَتَّى غُوَاتِهِمْ ... فَكُنْت مَالِكَ ذِي غَيٍّ وَذِي رَشَدٍ
فَإِنْ صَحَّ الرَّفْعُ فِي غُوَاتِهِمْ تَرَجَّحَ وَجْهُ جَوَازِ الرَّفْعِ فِي الْمِثَالِ الْمَذْكُورِ
وَأَمَّا دُخُولُ الرَّأْسِ فِي الْأَكْلِ فِيهِ وَعَدَمِهِ فَسَتَعْلَمُ مَا فِيهِ عَلَى الْأَثَرِ مِنْ هَذَا (وَهِيَ) أَيْ حَتَّى (لِلْغَايَةِ) وَتَقَدَّمَ قَرِيبًا مَعْنَاهَا (وَفِي دُخُولِهَا) أَيْ الْغَايَةِ فِيمَا قَبْلَهَا حَالَ كَوْنِهَا (جَارَّةً) أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا لِابْنِ السَّرَّاجِ وَأَبِي عَلِيٍّ وَأَكْثَرُ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْ النَّحْوِيِّينَ تَدْخُلُ مُطْلَقًا ثَانِيهَا لِجُمْهُورِ النَّحْوِيِّينَ وَفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقِيهِ لَا تَدْخُلُ مُطْلَقًا (ثَالِثُهَا) لِلْمُبَرِّدِ وَالْفَرَّاءِ وَالسِّيرَافِيِّ وَالرُّمَّانِيِّ وَعَبْدِ الْقَاهِرِ (إنْ كَانَ) مَا جُعِلَ غَايَةً (جُزْءًا) مِمَّا قَبْلَهُ (دَخَلَ) وَإِلَّا لَمْ يَدْخُلْ (رَابِعُهَا لَا دَلَالَةَ) عَلَى الدُّخُولِ وَلَا عَلَى عَدَمِهِ (إلَّا لِلْقَرِينَةِ) وَهُوَ ظَاهِرُ مَا عَنْ ثَعْلَبٍ حَتَّى لِلْغَايَةِ وَالْغَايَةُ تَدْخُلُ وَتَخْرُجُ يُقَالُ: ضَرَبْت الْقَوْمَ حَتَّى زَيْدٍ فَيَكُونُ مَرَّةً مَضْرُوبًا وَمَرَّةً غَيْرَ مَضْرُوبٍ وَيَظْهَرُ مِنْ ابْنِ مَالِكٍ مُوَافَقَتُهُ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ (أَحَدُ) الْقَوْلَيْنِ (الْأَوَّلَيْنِ إلَّا أَنْ يُرَادَ) بِهَذَا (أَنَّهَا) دَالَّةٌ (عَلَى الْخُرُوجِ) لِمَا بَعْدَهَا عَمَّا قَبْلَهَا (كَمَا) هِيَ دَالَّةٌ (عَلَى الدُّخُولِ) لِمَا بَعْدَهَا (فِيمَا قَبْلَهَا وَفِيهِ) أَيْ وَفِي كَوْنِ هَذَا مُرَادًا مِنْهَا عَلَى هَذَا الْقَوْلِ (بَعْدَ) ظَاهِرٍ وَكَيْفَ لَا وَأَقَلُّ مَا فِيهِ أَنَّهُ قَوْلٌ بِكَوْنِهَا مُشْتَرَكَةً بَيْنَهُمَا وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ وَلَمْ يُعْرَفْ لَهُ قَائِلٌ ثُمَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِأَحَدِ الْأَوَّلَيْنِ فَإِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَعْنَى الْأَوَّلِ وَهُوَ أَنَّ مَدْلُولَ حَتَّى دُخُولُ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى قَرِينَةٍ فَيُحْكَمُ بِالدُّخُولِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى خِلَافِهِ وَمَعْنَى الثَّانِي هُوَ أَنَّ مَدْلُولَ حَتَّى عَدَمُ دُخُولِ مَا بَعْدَهَا فِيمَا قَبْلَهَا مُطْلَقًا إلَّا بِقَرِينَةٍ تُفِيدُ الدُّخُولَ فَيُحْكَمُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ حَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَى الدُّخُولِ وَأَنَّ مَعْنَى الرَّابِعِ وَهُوَ أَنَّهُ لَا دَلَالَةَ لِحَتَّى عَلَى دُخُولٍ وَلَا عَلَى عَدَمِهِ بَلْ الدَّالُّ عَلَى أَحَدِهِمَا الْقَرِينَةُ فَحَيْثُ لَا قَرِينَةَ عَلَيْهِ يُحْكَمُ بِعَدَمِ الدُّخُولِ بِالْأَصْلِ لَا بِاللَّفْظِ إذَا احْتَجْنَا إلَى الْحُكْمِ وَإِلَّا لَا يُحْكَمُ بِشَيْءٍ وَإِنَّمَا يَجُوزُ كُلٌّ مِنْهُمَا تَجْوِيزًا (وَالِاتِّفَاقُ عَلَى دُخُولِهَا) أَيْ الْغَايَةِ فِيمَا قَبْلَهَا (فِي الْعَطْفِ) بِحَتَّى لِأَنَّهَا بِمَعْنَى الْوَاوِ فَتُفِيدُ الْجَمْعَ فِي الْحُكْمِ (وَفِي الِابْتِدَائِيَّةِ بِمَعْنَى وُجُودِ الْمَضْمُونَيْنِ فِي وَقْتِ وَشَرْطِ الْعَطْفِ الْبَعْضِيَّةِ) أَيْ كَوْنُ مَا بَعْدَهَا بَعْضًا مِمَّا قَبْلَهَا كَقَدِمَ الْحَاجُّ حَتَّى الْمُشَاةُ وَأَكَلْت السَّمَكَةَ حَتَّى رَأْسَهَا (أَوْ نَحْوُهُ) نَحْوُ قُتِلَ الْجُنْدُ حَتَّى دَوَابُّهُمْ وَخَرَجَ الصَّيَّادُونَ حَتَّى كِلَابُهُمْ وَأَعْجَبَتْنِي الْجَارِيَةُ حَتَّى حَدِيثُهَا وَيَمْتَنِعُ حَتَّى وَلَدُهَا وَضَبْطُ مَا هُوَ كَالْجُزْءِ مِمَّا قَبْلَهَا بِمَا يُلَازِمُهُ فَالْوَلَدُ لَا يُلَازِمُ الْجَارِيَةَ إذْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ جَارِيَةٍ وَلَدٌ بِخِلَافِ الْحَدِيثِ فَإِنَّهُ يُلَازِمُهَا وَالدَّوَابِّ فَإِنَّهَا تُلَازِمُ الْجُنْدَ وَالْكِلَابِ فَإِنَّهَا تُلَازِمُ الصَّيَّادِينَ
وَخَالَفَ الْفَرَّاءُ فِي هَذَا الشَّرْطِ فَأَجَازَ إنَّ كَلْبِي لَيَصِيدُ الْأَرَانِبَ حَتَّى الظِّبَاءَ وَالظِّبَاءُ لَيْسَتْ بَعْضُ الْأَرَانِبِ وَلَا كَبَعْضِهَا قَالَ الصَّفَّارُ: وَهَذَا خَطَأٌ عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ (فَامْتَنَعَ جَاءَ زَيْدٌ حَتَّى بَكْرٌ) كَمَا نَصَّ عَلَيْهِ ابْنُ يَعِيشَ (وَفِي كَوْنِهَا) أَيْ الْعَاطِفَةِ (لِلْغَايَةِ) كَمَا ذَكَرَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ (نَظَرٌ) لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْعَطْفِ غَايَةٌ إذْ هِيَ لَيْسَتْ إلَّا مُنْتَهَى الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ فِي الْجُمْلَةِ قَبْلَهَا وَمِنْ ثَمَّةَ ذَهَبَ الْكُوفِيُّونَ إلَى مَنْعِ الْعَطْفِ بِهَا وَتَأَوَّلُوا مَا ظَاهِرُهُ ذَلِكَ (وَكَوْنُهُ) أَيْ الْمَعْطُوفِ (أَعْلَى مُتَعَلِّقٍ لِلْحُكْمِ) كَمَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءِ (أَوْ أَحَطَّ) مُتَعَلِّقٍ لَهُ كَاسْتَنَّتِ الْفِصَالُ حَتَّى الْقَرْعَى مَثَلًا يُضْرَبُ لِمَنْ يَتَكَلَّمُ مَعَ مَنْ لَا يَنْبَغِي التَّكَلُّمُ بَيْنَ يَدَيْهِ لِجَلَالَةِ قَدْرِهِ أَيْ عَدَتْ مَرَحًا حَتَّى الْفُصْلَانُ الَّتِي بِهَا قَرَعٌ وَهُوَ بَثْرٌ أَبْيَضُ يَخْرُجُ بِهَا وَهِيَ الطَّرَفُ الْأَدْنَى مِنْهَا وَالطَّرَفُ الْأَعْلَى الْفِصَالُ السَّلِيمَةُ النَّشِيطَةُ (لَيْسَ مَفْهُومُ الْغَايَةِ إذْ لَيْسَ) مَفْهُومُهَا (إلَّا مُنْتَهَى الْحُكْمِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ) كَوْنُ الْمَعْطُوفِ أَعْلَى أَوْ أَحَطَّ (كَوْنُهُ مُنْتَهًى وَفِي) أَكَلْت السَّمَكَةَ (حَتَّى رَأْسَهَا بِالنَّصْبِ) كَوْنُ الرَّأْسِ (مُنْتَهَى الْحُكْمِ) الَّذِي هُوَ الْأَكْلُ أَمْرٌ (اتِّفَاقِيٌّ) وُقُوعُهُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ (لَا مَدْلُولِهَا) أَيْ لَا أَنَّ حَتَّى تَدُلُّ عَلَيْهِ فَلَا يَطَّرِدُ (وَهُوَ) أَيْ كَوْنُ الْعَطْفِ لَا غَايَةَ مَعَهُ (ظَاهِرُ الْقَائِلِ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute