للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَهُوَ صَاحِبُ الْبَدِيعِ حَتَّى (لِلْغَايَةِ وَلِلْعَطْفِ وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْقَوْلُ هُوَ (الْحَقُّ) لِمَا ذَكَرْنَا آنِفًا (وَتَأْوِيلُهُ) أَيْ كَوْنِ مَا بَعْدَهَا غَايَةً لِمَا قَبْلَهَا إذَا كَانَتْ عَاطِفَةً بِأَنْ يَنْقَضِيَ شَيْئًا فَشَيْئًا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى الْمَعْطُوفِ (فِي اعْتِبَارِ الْمُتَكَلِّمِ) لَا بِحَسَبِ الْوُجُودِ نَفْسِهِ إذْ قَدْ يَجُوزُ أَنْ يَتَعَلَّقَ الْحُكْمُ بِالْمَعْطُوفِ أَوَّلًا كَمَا فِي قَوْلِك مَاتَ كُلُّ أَبٍ لِي حَتَّى آدَم أَوْ فِي الْوَسَطِ كَمَا فِي مَاتَ النَّاسُ حَتَّى الْأَنْبِيَاءُ كَمَا فِي التَّلْوِيحِ (تَكَلُّفٌ يَنْفِيهِ الْوِجْدَانُ إذْ لَا يَجِدُ الْمُتَكَلِّمُ اعْتِبَارَهُ كَوْنَ الْمَوْتِ تَعَلَّقَ شَيْئًا فَشَيْئًا إلَى أَنْ انْتَهَى إلَى آدَمَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فِي مَاتَ الْآبَاءُ حَتَّى آدَم وَكَثِيرٌ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ) أَيْ الْقَائِلِ حَتَّى لِلْعَطْفِ وَالْغَايَةِ مَا مَعْنَاهُ (وَقَدْ تَعْطِفُ تَامًّا أَيْ جُمْلَةً) وَإِلَّا فَلَفْظُهُ وَقَدْ يَعْطِفُ بِهَا تَامَّةً أَيْ جُمْلَةً مُصَرَّحٌ بِجُزْأَيْهَا (مُمَثَّلًا بِضَرَبْتُ الْقَوْمَ حَتَّى زَيْدٌ غَضْبَانُ خِلَافُ الْمَعْرُوفِ) بَلْ الْمَعْرُوفُ عَطْفُهَا الْمُفْرَدَ لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ شَرْطِ عَطْفِهَا إذْ لَا يَتَأَتَّى ذَلِكَ إلَّا فِي الْمُفْرَدِ وَلِأَنَّ الْعَاطِفَةَ مَحْمُولَةٌ عَلَى الْجَارَّةِ وَالْجَارَّةُ لَا تَدْخُلُ إلَّا عَلَى الْأَسْمَاءِ فَكَذَا الْعَاطِفَةُ ثُمَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ هِشَامٍ فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانَ ظَاهِرُ كَلَامِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ أَنَّهَا فِي هَذَا وَأَمْثَالِهِ ابْتِدَائِيَّةٌ وَمَعْنَى الْغَايَةِ فِيهِ أَنَّهُ ضَرَبَ الْقَوْمَ إلَى أَنْ غَضَبَ زَيْدٌ

وَخَالَفَ الْأَخْفَشُ فَجَعَلَهَا تَعْطِفُ الْفِعْلَ عَلَى الْفِعْلِ مَاضِيًا كَانَ أَوْ مُسْتَقْبَلًا إذَا كَانَ فِيهَا مَعْنَى السَّبَبِ نَحْوُ ضَرَبْت زَيْدًا حَتَّى بَكَى أَيْ فَبَكَى وَلَأَضْرِبَنَّهُ حَتَّى يَبْكِيَ أَيْ فَيَبْكِيَ وَتَظْهَرُ ثَمَرَةُ الْخِلَافِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجُمْهُورِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ فَهُوَ يَرْفَعُهُ بِالْعَطْفِ عَلَى لَأَضْرِبَنَّهُ وَهُمْ لَا يُجِيزُونَ فِيهِ إلَّا النَّصْبَ (وَادِّعَاؤُهُ) أَيْ عَطْفِهَا الْجُمْلَةَ (فِي حَتَّى تَكِلَّ مَطِيُّهُمْ) عَلَى سَرَيْت بِهِمْ مِنْ قَوْلِ امْرِئِ الْقَيْسِ

سَرَيْت بِهِمْ حَتَّى تَكِلَّ مَطِيُّهُمْ ... وَحَتَّى الْجِيَادِ مَا يُقَدْنَ بِأَرْسَانِ

كَمَا زَعَمَهُ ابْنُ السَّيِّدِ فِي رِوَايَةِ رَفْعِ تَكِلُّ (لَا يَسْتَلْزِمُهُ) أَيْ جَوَازُهُ مُطْلَقًا قِيَاسًا مُطَّرِدًا لِأَنَّهُ فَرْدٌ شَاذٌّ هَذَا (لَوْ لَزِمَ) الْعَطْفُ فِيهِ فَكَيْفَ (وَهُوَ) أَيْ اللُّزُومُ فِيهِ (مُنْتَفٍ بَلْ) حَتَّى فِيهِ (ابْتِدَائِيَّةٌ وَصَرَّحَ فِي الِابْتِدَائِيَّةِ بِكَوْنِ الْخَبَرِ مِنْ جِنْسِ) الْفِعْلِ (الْمُتَقَدِّمِ) وَمِنْ الْمُصَرِّحِينَ بِهِ الْإِسْتِرَابَاذِي (فَامْتَنَعَ رَكْبُ الْقَوْمُ حَتَّى زَيْدٌ ضَاحِكٌ بَلْ) إنَّمَا يُقَالُ حَتَّى زَيْدٌ (رَاكِبٌ) وَمَعْنَى الْبَيْتِ سَرَيْت بِهِمْ لَيْلًا وَامْتَدَّ بِهِمْ السَّيْرُ حَتَّى أَعْيَتْ الْإِبِلُ وَالْخَيْلُ أَيْضًا فَطَرَحَتْ أَرْسَانَهَا أَيْ حِبَالَهَا عَلَى أَعْنَاقِهَا وَتُرِكَتْ تَمْشِي مِنْ غَيْرِ احْتِيَاجٍ إلَى قَوْدِهَا لِذَهَابِ نَشَاطِهَا فَهِيَ إذَا خُلِّيَتْ لَمْ تَذْهَبْ يَمِينًا وَلَا شِمَالًا بَلْ سَارَتْ مَعَهُمْ فَوُضِعَ مَا يَقُدْنَ مَوْضِعَ الْكَلَالِ (وَمِنْهُ) أَيْ قِسْمِ الِابْتِدَائِيَّةِ (سِرْت حَتَّى كَلَّتْ الْمَطِيُّ وَيَتَجَوَّزُ بِالْجَارَّةِ دَاخِلَةً عَلَى الْفِعْلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ الْغَايَةِ بِأَنْ لَا يَصْلُحَ الصَّدْرُ) مِمَّا قَبْلَهَا (لِلِامْتِدَادِ) إلَى مَا بَعْدَهَا أَيْ لِضَرْبِ الْمُدَّةِ فِيهِ (وَمَا بَعْدَهَا لِلِانْتِهَاءِ) أَيْ دَلِيلًا عَلَى انْتِهَاءِ ذَلِكَ الْأَمْرِ الْمُمْتَدِّ إلَيْهِ وَانْقِطَاعِهِ عِنْدَهُ (فِي سَبَبِيَّةِ مَا قَبْلَهَا لِمَا بَعْدَهَا إنْ صَلُحَ) مَا قَبْلَهَا لِسَبَبِيَّةِ مَا بَعْدَهَا فَمَدْخُولٌ فِي هُوَ الْمُتَجَوَّزُ فِيهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ: (وَالْوَجْهُ) أَنْ يُقَالَ يَتَجَوَّزُ بِهَا (فِي سَبَبِيَّةِ أَحَدِهِمَا لِلْآخَرِ) أَيْ مَا قَبْلَهَا لِمَا بَعْدَهَا وَبِالْقَلْبِ (ذِهْنًا أَوْ خَارِجًا لِمُسَاعِدَةِ الْمِثْلِ) الَّتِي هِيَ فِيهَا لِلسَّبَبِيَّةِ عَلَى ذَلِكَ لِأَنَّ مَا بَعْدَهَا عِلَّةً غَائِبَةً لِمَا قَبْلَهَا وَمِنْ شَأْنِ الْعِلَّةِ الْغَائِيَّةِ كَوْنُهَا عِلَّةً ذِهْنًا لِمَا هِيَ لَهُ مَعْلُولَةٌ لَهُ خَارِجًا وَمَا هِيَ لَهُ مَعْلُولٌ لَهَا ذِهْنًا عِلَّةٌ لَهَا خَارِجًا (كَأَسْلَمْتُ حَتَّى أَدْخُلَ الْجَنَّةَ)

فَإِنَّ الْإِسْلَامَ بِمَعْنَى إحْدَاثِهِ لَا يَحْتَمِلُ الِامْتِدَادَ وَأَيْضًا (لَيْسَ) دُخُولُ الْجَنَّةِ (مُنْتَهَاهُ) أَيْ الْإِسْلَامِ بِمَعْنَى إحْدَاثِهِ لِانْقِطَاعِهِ دُونَهُ وَكَيْفَ لَا وَمَا لَا يَقْبَلُ الِامْتِدَادَ يَمْتَنِعُ أَنْ يَلْحَقَ بِآخِرِهِ مَا يَكُونُ غَايَةً لَهُ (إلَّا إنْ أُرِيدَ) بِالْإِسْلَامِ (بَقَاؤُهُ) أَيْ الْإِسْلَامِ (وَحِينَئِذٍ) أَيْ وَحِينَ يَكُونُ الْمُرَادُ بِهِ بَقَاءَهُ (لَا يَصْلُحُ الْآخَرُ) أَيْ دُخُولُ الْجَنَّةِ (مُنْتَهًى) لَهُ أَيْضًا وَكَيْفَ وَالْإِسْلَامُ أَكْثَرُ وَأَقْوَى وَبِهِ نِيلَ وَتَحَصَّلَ فَكَيْفَ يَنْتَهِي عِنْدَهُ فَحَتَّى فِيهِ لِلسَّبَبِيَّةِ لِتَحَقُّقِ شَرْطِهَا ثُمَّ كَمَا أَنَّ الْإِسْلَامَ فِي الْخَارِجِ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا لِدُخُولِ الْجَنَّةِ فَيُعْقَلُ دُخُولُ الْجَنَّةِ مَعَ الْعِلْمِ بِاشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ لَهُ يَصْلُحْ أَنْ يَكُونَ سَبَبًا بَاعِثًا عَلَيْهِ (وَبِهِ) أَيْ وَبِأَنَّ دُخُولَ الْجَنَّةِ لَا يَصْلُحُ مُنْتَهَى الْإِسْلَامِ وَإِنْ كَانَ بِمَعْنَى الْبَقَاءِ عَلَيْهِ مِمَّا يَمْتَدُّ (رَدُّ تَعْيِينِ الْعَلَاقَةِ) بَيْنَ الْغَايَةِ وَالسَّبَبِيَّةِ اشْتِرَاكُهُمَا فِي (انْتِهَاءِ الْحُكْمِ بِمَا بَعْدَهَا) لِأَنَّ الْفِعْلَ الَّذِي هُوَ السَّبَبُ يَنْتَهِي بِوُجُودِ الْجَزَاءِ وَالْمُسَبَّبِ كَمَا يَنْتَهِي بِوُجُودِ الْغَايَةِ عَلَى أَنَّهُ لَوْ صَحَّ ذَلِكَ لَكَانَ حَتَّى لِلْغَايَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>