للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْكُفْرِ وَنِسْبَةَ مَا هُوَ شَنِيعُ إلَيْهِ تَعَالَى كَالْكَذِبِ وَالسَّفَهِ وَهُوَ) أَيْ هَذَا الْمَجْمُوعُ (وُجُوبُ شُكْرِ الْمُنْعِمِ وَزَادَ أَبُو مَنْصُورٍ) وَكَثِيرٌ مِنْ مَشَايِخِ الْعِرَاقِ (إيجَابَهُ) أَيْ الْإِيمَانِ (عَلَى الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ) الَّذِي يُنَاظِرُ فِي وَحْدَانِيَّةِ اللَّهِ تَعَالَى كَمَا صَرَّحَ بِهِ غَيْرُ وَاحِدٍ (وَنَقَلُوا عَنْهُ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ وَكَانَ الْأَوْلَى التَّصْرِيحَ بِهِ (لَوْ لَمْ يَبْعَثْ اللَّهُ لِلنَّاسِ رَسُولًا لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَتُهُ بِعُقُولِهِمْ وَالْبُخَارِيُّونَ لَا تَعَلُّقَ) لِحُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى بِفِعْلِ الْمُكَلَّفِ قَبْلَ بَعْثِهِ رَسُولًا إلَيْهِ وَتَبْلِيغِهِ حُكْمَ اللَّهِ فِي ذَلِكَ (كَالْأَشَاعِرَةِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَحَاصِلُ مُخْتَارِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَالْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ) وَشَمْسِ الْأَئِمَّةِ الْحَلْوَانِيِّ وَمَنْ تَابَعَهُمْ (النَّفْيُ) لِوُجُوبِ أَدَاءِ الْإِيمَانِ (عَنْ الصَّبِيِّ لِرِوَايَةِ عَدَمِ انْفِسَاخِ النِّكَاحِ) أَيْ نِكَاحِ الْمُرَاهِقَةِ وَهِيَ الْمُقَارِبَةُ لِلْبُلُوغِ إذَا كَانَتْ بَيْنَ أَبَوَيْنِ مُسْلِمَيْنِ تَحْتَ زَوْجٍ مُسْلِمٍ (بِعَدَمِ وَصْفِ الْمُرَاهِقَةِ الْإِسْلَامَ) إذَا عَقَلَتْ وَاسْتَوْصَفَتْهُ فَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى وَصْفِهِ ذَكَرَهُ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ إذْ لَوْ كَانَ الصَّبِيُّ الْعَاقِلُ مُكَلَّفًا بِالْإِيمَانِ لَبَانَتْ مِنْ زَوْجِهَا كَمَا لَوْ بَلَغَتْ غَيْرَ وَاصِفَةٍ وَلَا قَادِرَةٍ عَلَى وَصْفِهِ

وَأَمَّا نَفْسُ الْوُجُوبِ فَثَابِتٌ كَمَا يَأْتِي فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ (وَفِي الْبَالِغِ) النَّاشِئِ عَلَى شَاهِقٍ وَنَحْوِهِ إذَا (لَمْ تَبْلُغْهُ دَعْوَةٌ لَا يُكَلَّفُ بِهِ) أَيْ الْإِيمَانِ (بِمُجَرَّدِ عَقْلِهِ مَا لَمْ تَمْضِ مُدَّةُ التَّأَمُّلِ وَقَدْرُهَا) أَيْ الْمُدَّةِ مُفَوَّضٌ (إلَيْهِ تَعَالَى) إذْ لَيْسَ عَلَيْهِ دَلِيلٌ فَإِنْ مَضَتْ مُدَّةٌ يَعْلَمُ رَبُّهُ بِأَنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى ذَلِكَ وَلَمْ يُؤْمِنْ يُعَاقَبْ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَلَا وَمَا قِيلَ هِيَ مُقَدَّرَةٌ بِثَلَاثَةِ أَيَّامٍ اعْتِبَارًا بِالْمُرْتَدِّ فَإِنَّهُ يُمْهَلُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ لَيْسَ بِقَوِيٍّ لِأَنَّ مُدَّةَ التَّجْرِبَةِ تَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ الْأَشْخَاصِ لِأَنَّ الْعُقُولَ مُتَفَاوِتَةٌ فَرُبَّ عَاقِلٍ يَهْتَدِي فِي زَمَانٍ قَلِيلٍ مَا لَا يَهْتَدِي إلَيْهِ غَيْرُهُ فِي زَمَانٍ كَثِيرٍ (فَلَوْ مَاتَ قَبْلَهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (غَيْرَ مُعْتَقِدٍ إيمَانًا وَلَا كُفْرًا لَا عِقَابَ) عَلَيْهِ (أَوْ) مَاتَ (مُعْتَقِدًا الْكُفْرَ) وَاصِفًا لَهُ أَوْ غَيْرَ وَاصِفٍ (خُلِّدَ) فِي النَّارِ لِأَنَّ اعْتِقَادَ الشِّرْكِ دَلِيلُ خُطُورِ الصَّانِعِ بِبَالِهِ وَوُقُوعُ نَوْعٍ اسْتِدْلَالٌ مِنْهُ فَلَمْ يَبْقَ لَهُ عُذْرٌ (وَكَذَا) يُخَلَّدُ فِي النَّارِ (إذَا مَاتَ بَعْدَهَا) أَيْ الْمُدَّةِ (غَيْرَ مُعْتَقِدٍ) إيمَانًا وَلَا كُفْرًا وَإِنْ لَمْ تَبْلُغْهُ الدَّعْوَةُ لِأَنَّ الْإِمْهَالَ وَإِدْرَاكَ مُدَّةِ التَّأْمِيلِ بِمَنْزِلَةِ دَعْوَةِ الرُّسُلِ فِي حَقِّ تَنْبِيهِ الْقَلْبِ مِنْ نَوْمِ الْغَفْلَةِ فَلَا يُعْذَرُ (وَبِهَذَا) التَّحْرِيرِ (يَبْطُلُ الْجَمْعُ) الَّذِي ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَكْمَلُ الدِّينِ بَيْنَ مَذْهَبِ الْأَشَاعِرَةِ وَغَيْرِهِمْ (بِأَنَّ قَوْلَ الْوُجُوبِ مَعْنَاهُ تَرْجِيحُ الْعَقْلِ الْفِعْلَ وَالْحُرْمَةُ تَرْجِيحُهُ) أَيْ الْعَقْلِ (التَّرْكَ) هَذَا (بَعْدَ كَوْنِهِ) أَيْ هَذَا الْجَمْعِ (خِلَافَ الظَّاهِرِ وَمَا ذَكَرْنَاهُ عَنْ الْبُخَارِيِّينَ) نَقَلَهُ فِي الْمِيزَانِ عَنْهُمْ بِلَفْظِ وَهُوَ اخْتِيَارُ بَعْضِ مَشَايِخِ بُخَارَى وَغَيْرِهِمْ وَقَالَ الْمُصَنِّفُ: (نَقَلَهُ الْمُحَقِّقُ ابْنُ عَيْنِ الدَّوْلَةِ عَنْهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَالَ: أَئِمَّةُ بُخَارَى الَّذِينَ شَاهَدْنَاهُمْ كَانُوا عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يَعْنِي قَوْلَ الْأَشَاعِرَةِ وَحَكَمُوا بِأَنَّ الْمُرَادَ مِنْ رِوَايَةِ لَا عُذْرَ لِأَحَدٍ فِي الْجَهْلِ بِخَالِقِهِ لِمَا يَرَى مِنْ خَلْقِ السَّمَوَاتِ وَالْأَرْضِ وَخَلْقِ نَفْسِهِ بَعْدَ الْبَعْثَةِ) وَهَذِهِ الرِّوَايَةُ فِي الْمُنْتَقَى ثُمَّ فِي الْمِيزَانِ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِمَاعَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ وَفِي غَيْرِهِ كَجَامِعِ الْأَسْرَارِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (فَيَجِبُ) عَلَى هَذَا (حَمْلُ الْوُجُوبِ فِي قَوْلِهِ) أَيْ أَبِي حَنِيفَةَ السَّالِفِ (لَوَجَبَ عَلَيْهِمْ مَعْرِفَتُهُ بِعُقُولِهِمْ عَلَى مَا يَنْبَغِي) قُلْت: لَكِنَّ بَقِيَّتَهُ وَهِيَ قَوْلُهُ

وَأَمَّا فِي الشَّرَائِعِ فَمَعْذُورٌ حَتَّى تَقُومَ عَلَيْهِ الْحُجَّةُ بِمَجِيءِ الشَّرْعِ لَا يُلَائِمُ حُكْمَهُمْ الْمَذْكُورَ فَإِنَّ الْإِيمَانَ يَكُونُ مُسَاوِيًا لِلشَّرَائِعِ حِينَئِذٍ وَأَبُو حَنِيفَةَ نَفْسُهُ قَدْ خَالَفَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا فِي الْحُكْمِ (وَكُلُّهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (عَلَى امْتِنَاعِ تَعْذِيبِ الطَّائِعِ عَلَيْهِ تَعَالَى وَتَكْلِيفِ مَا لَا يُطَاقُ) لِذَاتِهِ (فَتَمَّتْ) مَحَالُّ النِّزَاعِ (ثَلَاثَةٌ اتِّصَافُ الْفِعْلِ) بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ وَهَذَا هُوَ الْأَوَّلُ (وَمَنْعُ اسْتِلْزَامِهِ) أَيْ الِاتِّصَافِ (حُكْمًا فِي الْعَبْدِ وَإِثْبَاتِهِ) أَيْ إثْبَاتِ اسْتِلْزَامِ الِاتِّصَافِ حُكْمًا فِي الْعَبْدِ وَهَذَا هُوَ الثَّانِي (وَاسْتِلْزَامِهِ) أَيْ الِاتِّصَافِ (مَنْعَهُمَا) أَيْ تَعْذِيبَ الطَّائِعِ وَتَكْلِيفَ مَا لَا يُطَاقُ (مِنْهُ) تَعَالَى وَهَذَا هُوَ الثَّالِثُ (وَلَا نِزَاعَ فِي دَرْكِهِ) أَيْ الْعَقْلِ صِفَةً (لِلْفِعْلِ بِمَعْنَى صِفَةِ الْكَمَالِ) كَمَا هُوَ قَدْ يُرَادُ بِالْحُسْنِ (وَ) صِفَةِ (النَّقْصِ) كَمَا هُوَ قَدْ يُرَادُ بِالْقَبِيحِ (كَالْعِلْمِ وَالْجَهْلِ) فَيُقَالُ الْعِلْمُ حَسَنٌ وَالْجَهْلُ قَبِيحٌ (وَلَا فِيهِمَا بِمَعْنَى الْمَدْحِ وَالذَّمِّ) أَيْ وَلَا نِزَاعَ أَيْضًا فِي إدْرَاكِ الْعَقْلِ الْحُسْنَ فِيمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْحُسْنُ مِمَّا يَكُونُ مُتَعَلِّقُ الْمَدْحِ (فِي مَجَارِي

<<  <  ج: ص:  >  >>