للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْعَادَاتِ) وَالْقُبْحُ فِيمَا يُطْلَقُ عَلَيْهِ الْقَبِيحُ مِمَّا يَكُونُ مُتَعَلِّقُ الذَّمِّ فِي مَجَارِي الْعَادَاتِ (بَلْ) النِّزَاعُ فِي إدْرَاكِ الْعَقْلِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ (فِيهِمَا) أَيْ الْحَسَنِ وَالْقَبِيحِ أَيْ فِيمَا يُطْلَقَانِ عَلَيْهِ (بِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِ مَدْحِهِ تَعَالَى وَثَوَابِهِ) لِلْفَاعِلِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَا هُوَ قَدْ يُرَادُ بِالْحَسَنِ (وَمُقَابِلُهُمَا) أَيْ وَبِمَعْنَى اسْتِحْقَاقِ ذَمِّهِ تَعَالَى وَعِقَابِهِ لِلْفَاعِلِ عَلَى ذَلِكَ الْفِعْلِ كَمَا هُوَ قَدْ يُرَادُ بِالْقَبِيحِ (لَنَا فِي الْأَوَّلِ) أَيْ اتِّصَافِ الْفِعْلِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ (أَنَّ قُبْحَ الظُّلْمِ وَمُقَابَلَةَ الْإِحْسَانِ بِالْإِسَاءَةِ مِمَّا اتَّفَقَ عَلَيْهِ الْعُقَلَاءُ حَتَّى مَنْ لَا يَتَدَيَّنُ بِدِينٍ) وَلَا يَقُولُ بِشَرْعٍ كَالْبَرَاهِمَةِ وَالدَّهْرِيَّةِ وَذَلِكَ (مَعَ اخْتِلَافِ عَادَاتِهِمْ وَأَغْرَاضِهِمْ فَلَوْلَا أَنَّهُ) أَيْ اتِّصَافَ الْفِعْلِ بِذَلِكَ (يُدْرَكُ بِالضَّرُورَةِ فِي الْفِعْلِ لِذَاتِهِ لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ) الِاتِّفَاقُ (وَمَنْعُ الِاتِّفَاقِ عَلَى كَوْنِ الْحُسْنِ وَالْقُبْحِ مُتَعَلِّقَهَا) أَيْ الْأَحْكَامِ (مِنْهُ تَعَالَى) كَمَا فِي شَرْحِ الْمَقَاصِدِ (لَا يَمَسُّنَا) لِأَنَّا لَمْ نَقُلْ: مُجَرَّدُ اتِّصَافِ الْفِعْلِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ يَسْتَلْزِمُ حُكْمًا مِنْهُ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ لَهُ بَلْ ذَهَبْنَا إلَى أَنَّهُ إنَّمَا يَتَعَلَّقُ ذَلِكَ بِهِ بِالسَّمْعِ

(وَقَوْلُهُمْ) أَيْ الْأَشَاعِرَةِ فِي دَفْعِ هَذَا الِاتِّصَافِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ قَدْ يَكُونُ (مِمَّا اتَّفَقَتْ فِيهِ الْأَغْرَاضُ وَالْعَادَاتُ وَاسْتَحَقَّ بِهِ الْمَدْحَ وَالذَّمَّ فِي نَظَرِ الْعُقُولِ لِتَعَلُّقِ مَصَالِحِ الْكُلِّ بِهِ) أَيْ بِذَلِكَ الْفِعْلِ فَلَا يَكُونُ اتِّصَافُهُ بِأَحَدِهِمَا ذَاتِيًّا (لَا يُفِيدُ) دَفْعَهُ (بَلْ هُوَ) أَيْ الِاتِّصَافُ بِأَحَدِهِمَا عَلَى هَذَا الْوَجْهِ هُوَ (الْمُرَادُ بِالذَّاتِيِّ) أَيْ بِكَوْنِ الْفِعْلِ مَوْصُوفًا بِالْحُسْنِ أَوْ الْقُبْحِ لِذَاتِهِ (لِلْقَطْعِ بِأَنَّ مُجَرَّدَ حَرَكَةِ الْيَدِ قَتْلًا ظُلْمًا لَا تَزِيدُ حَقِيقَتُهَا) أَيْ حَرَكَتُهَا بِذَلِكَ (عَلَى حَقِيقَتِهَا) أَيْ حَرَكَتِهَا قَتْلًا (عَدْلًا فَلَوْ كَانَ الذَّاتِيُّ) هُوَ مَا يَكُونُ (مُقْتَضَى الذَّاتِ اتَّحَدَ لَازِمُهُمَا) أَيْ الْحَرَكَتَيْنِ (حُسْنًا وَقُبْحًا) وَلَيْسَ كَذَلِكَ قَطْعًا (فَإِنَّمَا يُرَادُ) بِالذَّاتِيِّ (مَا يَجْزِمُ بِهِ الْعَقْلُ لِفِعْلٍ مِنْ الصِّفَةِ) الَّتِي هِيَ الْحُسْنُ أَوْ الْقُبْحُ (بِمُجَرَّدِ تَعَقُّلِهِ) أَيْ الْفِعْلِ حَالَ كَوْنِ هَذَا الْمَجْزُومِ بِهِ (كَأَيِّنَا عَنْ صِفَةِ نَفْسِ مَنْ قَامَ بِهِ) ذَلِكَ الْفِعْلُ (فَبِاعْتِبَارِهَا) أَيْ تِلْكَ الصِّفَةِ الْجَازِمِ بِهَا الْعَقْلُ لِلْفِعْلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (يُوصَفُ) ذَلِكَ الْفِعْلُ (بِأَنَّهُ عَدْلٌ حَسَنٌ أَوْ ضِدُّهُ) أَيْ أَوْ ظُلْمٌ قَبِيحٌ (هَذَا بِاضْطِرَارِ الدَّلِيلِ) أَيْ اتِّحَادِ حَرَكَةِ الْيَدِ فِي الْعَدْلِ وَالظُّلْمِ فِي الْقَتْلِ (وَيُوجِبُ كَوْنُهُ) أَيْ اتِّصَافِ الْفِعْلِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ مُطْلَقًا إنَّمَا هُوَ (لِخَارِجٍ) عَنْ الْفِعْلِ (وَمِثْلُهُ) أَيْ الِاتِّفَاقِ عَلَى اتِّصَافِ الْفِعْلِ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ فِي إفَادَةِ الْمَطْلُوبِ (تَرْجِيحُ الصِّدْقِ) أَيْ تَرْجِيحُ الْعَقْلِ إيَّاهُ عَلَى الْكَذِبِ (مِمَّنْ اسْتَوَى فِي تَحْصِيلِ غَرَضِهِ) مِنْ جَلْبِ نَفْعٍ أَوْ دَفْعِ ضُرٍّ (هُوَ) أَيْ الصِّدْقُ (وَالْكَذِبُ وَلَا عِلْمَ لَهُ بِشَرِيعَةٍ) تُفِيدُ حُسْنَ الصِّدْقِ وَقُبْحَ الْكَذِبِ إذْ لَوْلَا أَنَّ حُسْنَ الصِّدْقِ ثَابِتٌ لَهُ فِي ذَاتِهِ وَمَعْلُومٌ بِالضَّرُورَةِ لَمَا كَانَ كَذَلِكَ

(وَالْجَوَابُ) عَنْ هَذَا مِنْ قِبَلِ الْأَشَاعِرَةِ (بِأَنَّ الْإِيثَارَ) مِنْ الْعَقْلِ لِلصِّدْقِ عَلَى الْكَذِبِ فِي هَذَا (لَيْسَ لِحُسْنِهِ) أَيْ الصِّدْقِ (عِنْدَهُ تَعَالَى) بَلْ إنَّمَا هُوَ لِحُسْنِهِ فِي حَقِّنَا (لَيْسَ يَضُرُّنَا) لِأَنَّا إنَّمَا قُلْنَاهُ بِالنِّسْبَةِ إلَيْنَا وَإِنَّهُ لَا يَسْتَلْزِمُ تَعَلُّقُ حُكْمِ اللَّهِ تَعَالَى عَلَى الْمُكَلَّفِ أَوْ لَهُ بَلْ ذَلِكَ بِالسَّمْعِ وَإِنَّمَا يَضُرُّ الْمُعْتَزِلَةَ الْقَائِلِينَ بِتَعَلُّقِ أَحْكَامِ اللَّهِ بِهِ مِنْ غَيْرِ تَوَقُّفٍ عَلَى سَمْعٍ (نَعَمْ) يَرُدُّ (عَلَيْهِ) أَيْ هَذَا الدَّلِيلِ (مَنْعُ التَّرْجِيحِ) لِلصِّدْقِ عَلَى الْكَذِبِ (عَلَى التَّقْدِيرِ) أَيْ تَقْدِيرِ عَدَمِ مُسَاوَاةِ الصِّدْقِ عَلَى الْكَذِبِ فِي حُصُولِ الْغَرَضِ فَإِنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ قَدْ يُرَجِّحُ الْعَقْلُ الْكَذِبَ عَلَى الصِّدْقِ كَمَا يَظْهَرُ فِي تَقْرِيرِ قَوْلِهِ (قَالُوا) أَيْ الْأَشَاعِرَةُ: أَوَّلًا (لَوْ اتَّصَفَ) الْفِعْلُ بِالْحُسْنِ وَالْقُبْحِ (كَذَلِكَ) أَيْ اتِّصَافًا ذَاتِيًّا (لَمْ يَتَخَلَّفْ) كُلٌّ مِنْهُمَا عَمَّا اتَّصَفَ بِهِ فِي سَائِرِ مَوَارِدِهِ (وَتَخَلَّفَ) قُبْحُ الْكَذِبِ (فِي تَعَيُّنِهِ) أَيْ الْكَذِبِ طَرِيقًا (لِعِصْمَةِ نَبِيٍّ) مِنْ ظَالِمٍ فَإِنَّهُ حَسَنٌ وَاجِبٌ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ الْأَفْعَالِ الَّتِي تَجِبُ تَارَةً وَتَحْرُمُ أُخْرَى (وَالْجَوَابُ هُوَ) أَيْ تَعَيُّنُ الْكَذِبِ لِلْغَرَضِ الْمَذْكُورِ (عَلَى قُبْحِهِ) أَيْ مَعَهُ غَيْرَ أَنَّهُ رَفَعَ الْإِثْمَ عَنْهُ شَرْعًا لِلضَّرُورَةِ كَمَا فِي إجْرَاءِ كَلِمَةِ الْكُفْرِ عَلَى اللِّسَانِ رُخْصَةً سَلَّمْنَا أَنَّهُ صَارَ حَسَنًا لَكِنْ لَا لِذَاتِهِ بَلْ لِمَا لَازَمَهُ مِنْ الْإِنْقَاذِ لِلنَّبِيِّ (وَحُسْنِ الْإِنْقَاذِ) أَيْ التَّخْلِيصِ لِلنَّبِيِّ (يَرْبُو) أَيْ يَزِيدُ (قُبْحَ تَرْكِهِ) أَيْ التَّخْلِيصِ (عَلَيْهِ) أَيْ الْكَذِبِ الَّذِي بِهِ الْإِنْقَاذُ (وَغَايَةُ مَا يَسْتَلْزِمُ) هَذَا (أَنَّهُمَا) أَيْ الْحُسْنَ وَالْقُبْحَ فِيهِ (لِخَارِجٍ لَكِنَّهُمَا) أَيْ الْحُسْنُ

<<  <  ج: ص:  >  >>