للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَيْ الصَّغِيرِ وَالْمَجْنُونِ لِعَجْزِهِمَا عَنْ ذَلِكَ (فَحُكِمَ بِإِسْلَامِهِمَا تَبَعًا لِأَحَدِهِمَا) أَيْ الْأَبَوَيْنِ إذَا كَانَ الْمَتْبُوعُ وَالتَّابِعُ حِينَ الْإِسْلَامِ فِي دَارٍ وَاحِدَةٍ أَوْ الْمَتْبُوعُ فِي دَارِ الْحَرْبِ وَالتَّابِعُ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا بِالْعَكْسِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ فِي الْيَنَابِيعِ وَغَيْرِهِ اللَّهُمَّ إلَّا إذَا دَخَلَ عَسْكَرٌ مِنْ الْمُسْلِمِينَ دَارَ الْحَرْبِ وَأَسَرُوا الصَّغِيرَ مَعَ أُمِّهِ الْكَافِرَةِ مَثَلًا أَوَّلًا ثُمَّ أُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ أَوَّلًا فَإِنَّ الْأَبَ إذَا كَانَ حَيًّا فِي دَارِ الْإِسْلَامِ يَسْتَتْبِعُهُ ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَالْمَعْتُوهُ كَذَلِكَ (ثُمَّ تَبَعِيَّةُ الدَّارِ) صَارَتْ خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ الصَّغِيرِ بِنَفْسِهِ فِي إثْبَاتِ الْإِسْلَامِ لَهُ عِنْدَ عَدَمِ إسْلَامِ الْأَبَوَيْنِ أَوْ أَحَدِهِمَا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَا وَعَدَمُ خُرُوجِهِمَا أَوْ أَحَدِهِمَا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ قَبْلَهُ أَوْ مَعَهُ مِنْ نَاحِيَةٍ وَاحِدَةٍ أَوَّلًا كَمَا أَشَارَ إلَى هَذَا بِقَوْلِهِ (فَلَوْ سُبِيَ فَأُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ وَحْدَهُ حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَكَذَا تَبَعِيَّةُ الْغَانِمِينَ) أَيْ تَبَعِيَّتُهُ لِلْمُسْلِمِينَ الْغَانِمِينَ إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ أَبَوَاهُ وَلَا أَحَدُهُمَا وَاخْتَصَّ بِهِ أَحَدُهُمْ فِي دَارِ الْحَرْبِ لِشِرَائِهِ مِنْ الْإِمَامِ الْغَنِيمَةَ ثَمَّةَ صَارَتْ خَلَفًا عَنْ أَدَاءِ الصَّغِيرِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَلَوْ قَسَّمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَوَقَعَ فِي سَهْمِ أَحَدِهِمْ) أَيْ الْمُسْلِمِينَ (حُكِمَ بِإِسْلَامِهِ وَالْمُرَادُ أَنَّ كُلًّا مِنْ هَذِهِ خَلَفٌ عَنْ أَدَاءِ الصَّغِيرِ) عَلَى هَذَا التَّرْتِيبِ كَمَا ذَكَرْنَا (لَا أَنَّهُ يَخْلُفُ بَعْضَهَا بَعْضًا) لِأَنَّ الْخَلَفَ لَا خَلَفَ لَهُ كَذَا قَالُوا وَقَدْ قِيلَ عَلَيْهِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ الشَّيْءُ الْوَاحِدُ خَلَفًا مِنْ وَجْهٍ وَأَصْلًا مِنْ وَجْهٍ ثُمَّ كَوْنُ هَذِهِ التَّبَعِيَّاتِ مُرَتَّبَةً هَكَذَا هُوَ الْمَذْكُورُ فِي أُصُولِ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَمُوَافِقِيهِ وَذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ: تَبَعِيَّةُ صَاحِبِ الْيَدِ مُقَدَّمَةٌ عَلَى تَبَعِيَّةِ الدَّارِ فَقِيلَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ

قُلْت: وَالتَّحْقِيقُ أَنَّ الْمُرَادَ أَيُّهُمَا وُجِدَ أَوَّلًا تَعَيَّنَ نِسْبَةَ التَّبَعِيَّةِ إلَيْهِ لِأَنَّ السَّبَقَ مِنْ أَسْبَابِ التَّرْجِيحِ وَتَحْصِيلِ الْحَاصِلِ مُحَالٌ فَالْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ الثَّانِي مَعْطُوفًا بِأَوْ أَوْ الْوَاوِ كَمَا فَعَلَ بَعْضُهُمْ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بَقِيَ أَنَّ الْخَلْفِيَّةَ لَا تَثْبُتُ إلَّا بِالسَّمْعِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِيمَا كَانَ بَيْنَ مُسْلِمٍ أَصْلِيٍّ وَذِمِّيَّةٍ الْإِجْمَاعُ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مَا فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «مَا مِنْ مَوْلُودٍ إلَّا يُولَدُ عَلَى الْفِطْرَةِ فَأَبَوَاهُ يُهَوِّدَانِهِ أَوْ يُنَصِّرَانِهِ أَوْ يُمَجِّسَانِهِ» فَجَعَلَ اتِّفَاقَهُمَا عِلَّةً نَاقِلَةً لِلْوَلَدِ عَنْ أَصْلِ الْفِطْرَةِ فَيَثْبُتُ فِيمَا اتَّفَقَا عَلَيْهِ وَيَبْقَى عَلَى أَصْلِ الْفِطْرَةِ فِيمَا اخْتَلَفَا فِيهِ وَهُوَ يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ سَنَدَ الْإِجْمَاعِ وَأَمَّا فِيمَا بَيْنَ مُسْلِمٍ عَارِضٍ إسْلَامُهُ وَذِمِّيَّةٍ وَبَيْنَ مُسْلِمَةٍ عَارِضٍ إسْلَامَهُمَا وَذِمِّيٍّ فَظَاهِرُ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ الْحَدِيثُ الْمَذْكُورُ لِأَنَّهُ يُفِيدُ ثُبُوتَ أَحَدِ الْأَوْصَافِ الثَّلَاثَةِ لِلْوَلَدِ إذَا كَانَ أَبَوَاهُ عَلَى ذَلِكَ الْوَصْفِ فَإِذَا زَالَ الْوَصْفُ عَنْ أَحَدِهِمَا انْتَفَتْ الْعِلَّةُ فَيَنْتَفِي الْمَعْلُولُ فَيَتَرَجَّحُ ثُبُوتُ الْوَصْفِ الْمَفْطُورِ عَلَيْهِ وَهُوَ الْإِسْلَامُ وَلَكِنْ عَلَيْهِ أَنْ يُقَالَ فَيَلْزَمُ بِعَيْنِ هَذَا صَيْرُورَةُ الصَّغِيرِ مُسْلِمًا بِمَوْتِ أَحَدِهِمَا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ وَهُوَ خِلَافُ مَا عَلَيْهِ بَاقِي الْأَئِمَّةِ وَقَدْ يُقَالُ هُوَ مَا رَوَى الشَّافِعِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ «أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَاصَرَ بَنِي قُرَيْظَةَ فَأَسْلَمَ ثَعْلَبَةُ وَأُسَيْدُ ابْنًا شُعْبَةَ فَعَصَمَ إسْلَامُهُمَا أَمْوَالَهُمَا وَأَوْلَادَهُمَا الصِّغَارَ» وَلَا يَعْرَى عَنْ تَأَمُّلٍ وَأَمَّا جَعْلُهُ تَبَعًا لِدَارِ الْإِسْلَامِ أَوْ لِلْغَانِمِ الْمُسْلِمِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَذْكُورِ فَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِالسَّمْعِيِّ الْمُفِيدِ لَهُ فَإِنْ قُلْت: يُفِيدُهُ الْحَدِيثُ السَّالِفُ بِنَاءً عَلَى أَنَّ كَوْنَ أَبَوَيْهِ نَاقِلَيْهِ عَنْ أَصْلِ الْفِطْرَةِ مَعْلُولٌ بِكَوْنِهِ تَحْتَ وِلَايَتِهِمَا وَهُوَ مُنْتَفٍ فِيمَنْ اخْتَصَّ بِهِ مُسْلِمٌ فِي دَارِ الْحَرْبِ بِشِرَاءٍ مِنْ الْإِمَامِ أَوْ قِسْمَةٍ وَبِمَا إذَا أُخْرِجَ وَحْدَهُ مَسْبِيًّا إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ الْمَفْطُورِ عَلَيْهِ لِعَدَمِ النَّاقِلِ لَهُ عَنْهُ قُلْت: نَعَمْ لَوْ تَمَّ لَكِنَّهُ غَيْرُ تَامٍّ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يَقْتَضِي أَنْ يَحْكُمَ بِإِسْلَامِهِ إذَا وَقَعَ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا فِي سَهْمِ مُسْلِمٍ بِدَارِ الْحَرْبِ أَوْ أُخْرِجَ إلَى دَارِ الْإِسْلَامِ مَعَهُمَا أَوْ مَعَ أَحَدِهِمَا لِأَنَّهُمَا لَا وِلَايَةَ لَهُمَا عَلَى أَنْفُسِهِمَا فِي هَذِهِ الصُّوَرِ فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ لَهُمَا وِلَايَةٌ عَلَيْهِ لَكِنَّ الْمَسْطُورَ أَنَّهُ لَا يُحْكَمُ بِإِسْلَامِهِ فِيهَا وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ

(هَذَا) كُلُّهُ (إذَا لَمْ يَكُنْ) الصَّغِيرُ (عَاقِلًا وَإِلَّا) لَوْ كَانَ عَاقِلًا (اسْتَقَلَّ بِإِسْلَامِهِ) فَإِذَا أَسْلَمَ صَحَّ وَحِينَئِذٍ (فَلَا يَرْتَدُّ بِرِدَّةِ مَنْ أَسْلَمَ مِنْهُمَا) أَيْ أَبَوَيْهِ (عَلَى مَا سَيُعْلَمُ) فِي فَصْلِ الْأَهْلِيَّةِ وَلَكِنَّ الَّذِي فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِفَخْرِ الْإِسْلَامِ وَيَسْتَوِي فِيمَا قُلْنَا أَنْ يَعْقِلَ أَوْ لَا يَعْقِلَ إلَى هَذَا أَشَارَ فِي هَذَا الْكِتَابِ وَنَصَّ عَلَيْهِ فِي الْجَامِعِ الْكَبِيرِ فَلَا جَرَمَ أَنْ قَالَ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِهِ: لَوْ أَسْلَمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ يُجْعَلُ مُسْلِمًا تَبَعًا سَوَاءٌ كَانَ الصَّغِيرُ عَاقِلًا أَوْ لَمْ يَكُنْ لِأَنَّ الْوَلَدَ يَتَّبِعُ خَيْرَ الْأَبَوَيْنِ دِينًا (وَمِنْهُ) أَيْ الْخَلَفِ عَنْ الْأَصْلِ

<<  <  ج: ص:  >  >>