للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حَقُّهُ) أَيْ الْعَبْدِ بَقَاءً كَمَا تَقَدَّمَ (وَأَنَّهُ) أَيْ الرِّقَّ (يُنَافِي مِلْكَ الْمَالِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الرَّقِيقَ (مَمْلُوكٌ مَالًا فَاسْتَلْزَمَ) كَوْنُهُ مَمْلُوكًا مَالًا (الْعَجْزَ وَالِابْتِذَالَ) ؛ لِأَنَّ الْمَمْلُوكِيَّةَ الْمَالِيَّةَ تُنَبِّئُ عَنْهُمَا (وَالْمَالِكِيَّةُ تَسْتَلْزِمُ ضِدَّهُمَا) أَيْ الْعَجْزِ وَالِابْتِذَالَ وَضِدَّاهُمَا الْقُدْرَةُ وَالْكَرَامَةُ لِإِنْبَائِهَا عَنْهُمَا (وَتَنَافِي اللَّوَازِمَ يُوجِبُ تَنَافِيَ الْمَلْزُومَاتِ فَلَا يَجْتَمِعُ إلَى مَمْلُوكِيَّتِهِ مَالًا مَالِكِيَّتُهُ لِلْمَالِ فَلَا يَتَسَرَّى) الرَّقِيقُ الْأَمَةَ (وَلَوْ مَلَكَهَا) حَالَ كَوْنِهِ (مُكَاتَبًا بِخِلَافِ غَيْرِهِ) أَيْ الْمَالِ (مِنْ النِّكَاحِ) فَإِنَّهُ فِيهِ بِمَنْزِلَةِ الْمُبْقَى عَلَى أَصْلِ الْحُرِّيَّةِ (لِأَنَّهُ مِنْ خَوَاصِّ الْآدَمِيَّةِ حَتَّى انْعَقَدَ) إنْكَاحُهُ نَفْسَهُ مَوْقُوفًا عَلَى إجَازَةِ الْمَوْلَى إذَا كَانَ (بِلَا إذْنٍ) مِنْ الْمَوْلَى.

(وَشَرَطَ الشَّهَادَةَ عِنْدَهُ) أَيْ الْعَقْدِ (لَا عِنْدَ الْإِجَازَةِ وَإِنَّمَا وَقَفَ إلَى إذْنِهِ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ عَقْدَ النِّكَاحِ (لَمْ يُشْرَعْ إلَّا بِالْمَالِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {أَنْ تَبْتَغُوا بِأَمْوَالِكُمْ} [النساء: ٢٤] إلَى غَيْرِ ذَلِكَ (فَيَضُرُّ) الْعَقْدُ (بِهِ) أَيْ بِالْمَوْلَى لِمَا فِيهِ مِنْ نُقْصَانِ مَالِيَّةِ الْعَبْدِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمَوْلَى؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ يَتَعَلَّقُ بِرَقَبَتِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ آخَرُ يَتَعَلَّقُ بِهِ (فَيَتَوَقَّفُ) نَفَاذُ الْعَقْدِ (عَلَى الْتِزَامِهِ) أَيْ الْمَوْلَى بِالْإِذْنِ السَّابِقِ أَوْ الْإِمْضَاءِ اللَّاحِقِ (وَ) مِنْ (الدَّمِ لِمِلْكِهِ الْحَيَاةَ) ؛ لِأَنَّهُ مُحْتَاجٌ إلَى الْبَقَاءِ وَلَا بَقَاءَ لَهُ إلَّا بِبَقَائِهَا (فَلَا يَمْلِكُ الْمَوْلَى إتْلَافَهُ) أَيْ دَمَهُ إذْ لَا مِلْكَ لَهُ فِيهِ (وَقَتْلَ الْحُرِّ بِهِ) أَيْ بِالْعَبْدِ قِصَاصًا فِي الْعَمْدِ (وَوُدِيَ) أَيْ وَفُدِيَ بِالدِّيَةِ عَلَى تَفْصِيلٍ فِيهَا فِي الْخَطَأِ (وَصَحَّ إقْرَارُهُ) أَيْ الْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا (بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ) أَيْ بِالْأَسْبَابِ الْمُوجِبَةِ لَهُمَا لِمُلَاقَاةِ حَقِّ نَفْسِهِ قَصْدًا فَيَصِحُّ مِنْهُ كَمَا يَصِحُّ مِنْ الْحُرِّ وَلَا يَمْنَعُ صِحَّتَهُ لُزُومُ إتْلَافِ مَالِيَّتِهِ الَّتِي هِيَ حَقُّ الْمَوْلَى لِكَوْنِهِ ضِمْنِيًّا فَانْتَفَى نَفْيُ زُفَرَ صِحَّةَ إقْرَارِهِ بِالْحُدُودِ وَالْقِصَاصِ بِكَوْنِهِ وَارِدًا عَلَى نَفْسِهِ وَطَرَفِهِ وَكِلَاهُمَا مَالُ الْمَوْلَى وَالْإِقْرَارُ عَلَى الْغَيْرِ غَيْرُ مَقْبُولٍ بِخِلَافِ إقْرَارِهِ بِضَمَانِ الْمَالِ فَإِنَّهُ مُؤَاخَذٌ بِهِ فِي الْحَالِ إنْ كَانَ مَأْذُونًا وَبَعْدَ الْعِتْقِ إنْ كَانَ مَحْجُورًا (وَالسَّرِقَةِ الْمُسْتَهْلَكَةِ) أَيْ وَبِسَرِقَةِ مَالٍ غَيْرِ قَائِمٍ بِيَدِهِ (وَالْقَائِمَةِ) أَيْ وَبِسَرِقَةِ مَالٍ قَائِمٍ بِيَدِهِ (فِي الْمَأْذُونِ اتِّفَاقًا وَفِي الْمَحْجُورِ وَالْمَالُ قَائِمٌ) بِيَدِهِ (كَذَلِكَ) أَيْ صَحَّ إقْرَارُهُ بِهَا (وَإِنْ صَدَّقَهُ الْمَوْلَى) فِي ذَلِكَ (فَيُقْطَعْ) فِي هَذِهِ الْأَحْوَالِ عِنْدَ عُلَمَائِنَا الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ الْحَدِّ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ آدَمِيٌّ مُكَلَّفٌ لَا بِاعْتِبَارِ أَنَّهُ مَالٌ مَمْلُوكٌ وَهُوَ فِي هَذَا الْمَعْنَى كَالْحُرِّ مَأْذُونًا كَانَ أَوْ مَحْجُورًا.

(وَيَرُدَّ) الْمَالَ إذَا كَانَ قَائِمًا أَمَّا إذَا كَانَ مَأْذُونًا فَلِأَنَّهُ لَاقَى حَقَّ نَفْسِهِ وَهُوَ الْكَسْبُ؛ لِأَنَّهُ مُنْفَكُّ الْحَجْرِ فِيهِ فَيَصِحُّ وَأَمَّا إذَا كَانَ مَحْجُورًا فَلِسُقُوطِ حَقِّ الْمَوْلَى فِيهِ بِتَصْدِيقِهِ (وَلَا ضَمَانَ فِي الْهَالِكَةِ) صَدَّقَهُ الْمَوْلَى أَوْ كَذَّبَهُ لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ الْقَطْعَ وَالضَّمَانَ لَا يَجْتَمِعَانِ عِنْدَ أَصْحَابِنَا

(وَإِنْ قَالَ) الْمَوْلَى (الْمَالُ لِي) فِيمَا إذَا كَانَ الْعَبْدُ مَحْجُورًا وَالْمَالُ قَائِمٌ (فَلِأَبِي يُوسُفَ يُقْطَعُ) ؛ لِأَنَّ إقْرَارَهُ حُجَّةٌ فِي الْقَطْعِ؛ لِأَنَّهُ مَالِكُ دَمِ نَفْسِهِ (وَالْمَالُ لِلْمَوْلَى؛ لِأَنَّهُ) أَيْ كَوْنُ الْمَالِ لِلْمَوْلَى هُوَ (الظَّاهِرُ) تَبَعًا لِرَقَبَتِهِ (وَقَدْ) يَنْفَصِلُ أَحَدُ الْحُكْمَيْنِ عَنْ الْآخَرِ إذْ قَدْ (يُقْطَعُ بِلَا وُجُوبِ مَالٍ كَمَا لَوْ اسْتَهْلَكَهُ) أَيْ الْمَالَ الْمَسْرُوقَ (وَعَكْسُهُ) أَيْ وَيَجِبُ الْمَالُ وَلَا يُقْطَعُ كَمَا (إذَا شَهِدَ بِالسَّرِقَةِ رَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ) لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ شَهَادَةِ النِّسَاءِ مَعَ الرَّجُلِ تُقْبَلُ فِي الْمَالِ لَا فِي الْحُدُودِ (وَلِمُحَمَّدٍ لَا) يُقْطَعُ (وَلَا يَرُدُّ) الْمَالَ (لِمَا ذَكَرَ أَبُو يُوسُفَ) مِنْ أَنَّ إقْرَارَهُ بِالْمَالِ بَاطِلٌ لِكَوْنِهِ عَلَى الْمَوْلَى فَيَبْقَى الْمَالُ لِلْمَوْلَى (وَلَا قَطْعَ) عَلَى الْعَبْدِ (بِمَالِ السَّيِّدِ) أَيْ بِسَرِقَتِهِ (وَلِأَبِي حَنِيفَةَ يُقْطَعُ وَيَرُدُّ) الْمَالَ إلَى الْمَسْرُوقِ مِنْهُ (الْقَطْعُ لِصِحَّةِ إقْرَارِهِ بِالْحُدُودِ) لِمَا ذَكَرْنَا (وَيَسْتَحِيلُ) الْقَطْعُ (بِمَمْلُوكٍ لِلسَّيِّدِ فَقَدْ كَذَّبَهُ) أَيْ الْمَوْلَى (الشَّرْعُ وَالْمَقْطُوعُ) مِنْ الشَّرْعِ (انْحِطَاطُهُ) أَيْ الرَّقِيقِ (بِالْحَجْرِ) مِنْ الشَّرْعِ (فِي أُمُورٍ إجْمَاعِيَّةٍ مِمَّا ذَكَرْنَا) مِنْ الْوِلَايَةِ وَالْقَضَاءِ (فَمَا اسْتَلْزَمَ مِنْهَا) أَيْ مِنْ الْأُمُورِ الْإِجْمَاعِيَّةِ (غَيْرَهُ) أَيْ غَيْرَ نَفْسِهِ (كَعَدَمِ مَالِكِيَّةِ الْمَالِ أَوْ قَامَ بِهِ سَمْعٌ حُكِمَ بِهِ فَمِنْ الْمَعْلُومِ انْحِطَاطُ ذِمَّتِهِ) عَنْ تَحَمُّلِ الدَّيْنِ لِضَعْفِهَا.

؛ لِأَنَّهُ مِنْ حَيْثُ هُوَ مَالٌ بِالرِّقِّ كَأَنَّهُ لَا ذِمَّةَ لَهُ وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ إنْسَانٌ مُكَلَّفٌ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ لَهُ ذِمَّةٌ إذْ التَّكْلِيفُ لَا يَكُونُ بِدُونِهَا فَثَبَتَتْ لَهُ مَعَ الضَّعْفِ فَحِينَئِذٍ لَا بُدَّ مِنْ تَقْوِيَتِهَا لِتَحَمُّلِ الدَّيْنِ بِانْضِمَامِ مَالِيَّةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>