عَلَى إهْدَارِهِ) أَيْ التَّسَاوِي فِي الْقِصَاصِ (فِي الْعِلْمِ وَالْجَمَالِ وَمَكَارِمِ الْأَخْلَاقِ) وَالشَّرَفِ (وَهُمَا) أَيْ الْحُرُّ وَالْعَبْدُ (مُسْتَوِيَانِ فِيهَا) أَيْ عِصْمَةِ الدَّمِ (وَيُنَافِي) الرِّقُّ (مَالِكِيَّةَ مَنَافِعِ الْبَدَنِ) إجْمَاعًا.
(إلَّا مَا اُسْتُثْنِيَ مِنْ الصَّوْمِ وَالصَّلَاةِ إلَّا نَحْوُ الْجُمُعَةِ بِخِلَافِ الْحَجِّ) فَإِنَّهُ لَمْ يَسْتَثْنِهِ نَظَرًا لِلْمَوْلَى فَبَقِيَتْ مَنَافِعُهُ عَلَى مِلْكِهِ (بِالنَّصِّ لِلْمَالِ) فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «وَأَيُّمَا عَبْدٍ حَجَّ ثُمَّ أُعْتِقَ فَعَلَيْهِ حَجَّةٌ أُخْرَى» .
قَالَ الْحَاكِمُ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ «وَقَالَ تَعَالَى {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلا} [آل عمران: ٩٧] قِيلَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا السَّبِيلُ قَالَ الزَّادُ وَالرَّاحِلَةُ» .
قَالَ الْحَاكِمُ أَيْضًا صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِ الشَّيْخَيْنِ وَالْعَبْدُ لَا مَالَ لَهُ ثُمَّ عَلَى اشْتِرَاطِ الْحُرِّيَّةِ لِلْوُجُوبِ الْإِجْمَاعُ (وَالْجِهَادِ) أَيْ وَبِخِلَافِ الْجِهَادِ أَيْضًا (فَلَيْسَ لَهُ الْقِتَالُ إلَّا بِإِذْنِ مَوْلَاهُ أَوْ) إذْنِ (الشَّرْعِ فِي عُمُومِ النَّفِيرِ وَلَا يَسْتَحِقُّ) الْعَبْدُ إذَا قَاتَلَ (سَهْمًا؛ لِأَنَّهُ) أَيْ اسْتِحْقَاقَ سَهْمٍ مِنْ الْغَنِيمَةِ (لِلْكَرَامَةِ) وَهُوَ نَاقِصٌ فِيهَا (بَلْ) يَسْتَحِقُّ (رَضْخًا لَا يَبْلُغُهُ) أَيْ السَّهْمُ «فَعَنْ عُمَيْرٍ مَوْلَى آبِي اللَّحْمِ شَهِدْت خَيْبَرَ مَعَ سَادَتِي فَأَمَرَ لِي النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِشَيْءٍ مِنْ خُرْثِيِّ الْمَتَاعِ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ (بِخِلَافِ) اسْتِحْقَاقِ (السَّلَبِ بِالْقَتْلِ بِقَوْلِ الْإِمَامِ) مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ فَإِنَّهُ لَا تَفَاوُتَ فِيهِ بَيْنَ الْحُرِّ وَالْعَبْدِ؛ لِأَنَّهُ بِالْقَتْلِ أَوْ بِإِيجَابِ الْإِمَامِ (فَسَاوَى) الْعَبْدُ (فِيهِ الْحُرَّ وَالْوِلَايَاتِ) أَيْ وَيُنَافِي الرِّقُّ الْوِلَايَاتِ الْمُتَعَدِّيَةِ كَوِلَايَةِ الْقَضَاءِ وَالشَّهَادَةِ وَالتَّزْوِيجِ وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهَا تُنْبِئُ عَنْ الْقُدْرَةِ الْحُكْمِيَّةِ إذْ الْوِلَايَةُ تَنْفِيذُ الْقَوْلِ عَلَى الْغَيْرِ شَاءَ أَوْ أَبَى وَالرِّقُّ عَجْزٌ حُكْمِيٌّ ثُمَّ الْأَصْلُ فِي الْوِلَايَاتِ وِلَايَةُ الْمَرْءِ عَلَى نَفْسِهِ ثُمَّ التَّعَدِّي مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ عِنْدَ وُجُودِ شَرْطِ التَّعَدِّي وَلَا وِلَايَةَ لِلْعَبْدِ عَلَى نَفْسِهِ فَكَيْفَ يَتَعَدَّى إلَى غَيْرِهِ (وَصِحَّةُ أَمَانِ) الْعَبْدِ (الْمَأْذُونِ فِي الْقِتَالِ) الْكَافِرَ الْحَرْبِيَّ (لِاسْتِحْقَاقِ الرَّضْخِ) فِي الْغَنِيمَةِ بِإِذْنِ مَوْلَاهُ إلَّا أَنَّ مَوْلَاهُ يَخْلُفُهُ فِي مِلْكِهِ كَمَا فِي سَائِرِ أَكْسَابِهِ (فَأَمَانُهُ إبْطَالُ حَقِّهِ أَوَّلًا) فِي الرَّضْخِ.
(ثُمَّ يَتَعَدَّى إلَى الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الْغَازِينَ فَيَلْزَمُ سُقُوطُ حَقِّهِمْ؛ لِأَنَّ الْغَنِيمَةَ لَا تَتَجَزَّأُ فِي حَقِّ الثُّبُوتِ وَالسُّقُوطِ (كَشَهَادَتِهِ بِرُؤْيَةِ الْهِلَالِ) تُوجِبُ عَلَى النَّاسِ الصَّوْمَ بِقَوْلِهِ لِإِيجَابِهِ ذَلِكَ عَلَى نَفْسِهِ أَوَّلًا ثُمَّ لَا يَتَعَدَّى إلَى سَائِرِهِمْ، وَكَذَا رِوَايَتُهُ لِأَحَادِيثِ الشَّارِعِ فَصَارَ هَذَانِ أَصْلَ أَمَانِهِ (لَا) أَنَّ أَمَانَهُ (وِلَايَةٌ عَلَيْهِمْ) لِمَا عُرِفَ مِنْ أَنَّ حُكْمَ الشَّيْءِ مَا وُضِعَ الشَّيْءُ لَهُ، وَحُكْمُ أَمَانِهِ أَوَّلًا وَبِالذَّاتِ إنَّمَا هُوَ مَا ذَكَرْنَا (بِخِلَافِ) الْعَبْدِ (الْمَحْجُورِ) عَنْ الْقِتَالِ لَا أَمَانَ لَهُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ فِي إحْدَى الرِّوَايَتَيْنِ عَنْهُ وَمَالِكٍ فِي رِوَايَةِ سَحْنُونَ؛ لِأَنَّهُ (لَا اسْتِحْقَاقَ لَهُ) وَقْتَ الْأَمَانِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الشَّرِكَةِ فِي الْغَنِيمَةِ (فَلَوْ صَحَّ) أَمَانُهُ (كَانَ إسْقَاطًا لِحَقِّهِمْ) أَيْ الْغَازِينَ فِي أَمْوَالِ الْكُفَّارِ وَأَنْفُسِهِمْ اغْتِنَامًا وَاسْتِرْقَاقًا (ابْتِدَاءً) قَالَ قِيلَ يَنْبَغِي أَنْ يَصِحَّ أَمَانُهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي يُوسُفَ فِي رِوَايَةٍ وَمُحَمَّدٍ وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لِاسْتِحْقَاقِهِ الرَّضْخَ إذَا قَاتَلَ أُجِيبَ بِالْمَنْعِ (وَاسْتِحْقَاقُهُ) الرَّضْخَ (إذَا افْتَاتَ بِالْقِتَالِ) أَيْ قَاتَلَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ (وَسَلِمَ لِتَمَحُّضِهِ) أَيْ الْقِتَالِ (مُصْلِحَةً لِلْمَوْلَى بَعْدَهُ) أَيْ الْقِتَالِ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَمَّا يَتَمَحَّضُ مَنْفَعَةً فَيَكُونُ كَالْمَأْذُونِ فِيهِ مِنْ الْمَوْلَى دَلَالَةً؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا حُجِرَ عَنْهُ لِدَفْعِ الضَّرَرِ عَنْ الْمَوْلَى لِانْتِفَاءِ اشْتِغَالِهِ بِخِدْمَتِهِ وَقْتَ الْقِتَالِ وَرُبَّمَا يُقْتَلُ فَإِذَا فَرَغَ سَالِمًا وَأُصِيبَتْ الْغَنِيمَةُ زَالَ الضَّرَرُ فَيَثْبُتُ الْإِذْنُ مِنْهُ دَلَالَةً (فَلَا شَرِكَةَ لَهُ) فِي الْغَنِيمَةِ (حَالَ الْأَمَانِ) فَلَا يَكُونُ فِيهِ كَالْمَأْذُونِ فِي الْقِتَالِ نَعَمْ مَا فِي مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الْعَبْدُ الْمُسْلِمُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ وَأَمَانُهُ أَمَانُهُمْ يُفِيدُ إطْلَاقُهُ صِحَّةَ أَمَانِ الْعَبْدِ مُطْلَقًا كَمَا هُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ (فَلَا يَضْمَنُ) الرَّقِيقُ (بَدَلَ مَا لَيْسَ بِمَالٍ؛ لِأَنَّهُ) أَيْ بَدَلَهُ (صِلَةٌ) وَهُوَ لَا يَمْلِكُ الصِّلَاتِ (فَلَا يَجِبُ عَلَيْهِ دِيَةٌ فِي جِنَايَتِهِ) عَلَى غَيْرِهِ بِالْقَتْلِ (خَطَأً) ؛ لِأَنَّ الدَّمَ لَيْسَ بِمَالٍ وَمِمَّا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْوَاجِبَ فِي الْجِنَايَةِ الْخَطَأِ ضَمَانٌ هُوَ صِلَةٌ فِي حَقِّ الْجَانِي حَتَّى كَأَنَّهُ يَهَبُهُ ابْتِدَاءً أَنَّهُ لَا يَمْلِكُ إلَّا بِالْقَبْضِ وَلَا تَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ إلَّا بِحَوْلٍ بَعْدَهُ وَلَا تَصِحُّ الْكَفَالَةُ بِهِ بِخِلَافِ بَدَلِ الْمَالِ الثَّابِتِ فِي هَذِهِ الْأُمُورِ وَلَا عَاقِلَةَ لَهُ بِالْإِجْمَاعِ لِيَجِبَ عَلَيْهِمْ.
(لَكِنْ لَمَّا لَمْ يُهْدَرْ الدَّمُ صَارَتْ رَقَبَتُهُ جَزَاءً) أَيْ قَائِمَةً مُقَامَ الْأَرْشِ حَتَّى لَا يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute