الْكِتَابَةِ وُلِدُوا فِيهَا أَوْ اشْتَرَاهُمْ فِيهَا بَلْ حَاجَتُهُ إلَى بَقَائِهَا لِمَا فِيهِ مِنْ نَيْلِ شَرَفِ الْحُرِّيَّةِ بِدَفْعِ الرِّقِّ الَّذِي هُوَ مِنْ آثَارِ الْكُفْرِ عَنْهُ وَعَنْ أَوْلَادِهِ أَوْلَى مِنْ حَاجَةِ الْمَوْلَى (فَيَعْتِقُ) الْمُكَاتَبُ (فِي آخِرِ جُزْءٍ مِنْ حَيَاتِهِ) ؛ لِأَنَّ الْإِرْثَ يَثْبُتُ مِنْ وَقْتِ الْمَوْتِ فَلَا بُدَّ مِنْ اسْتِنَادِ الْمَالِكِيَّةِ وَالْعِتْقِ الْمُقَرَّرِ لَهَا إلَى وَقْتِ الْمَوْتِ (دُونَ الْمَمْلُوكِيَّةِ إذْ لَا حَاجَةَ) لَهُ إلَيْهَا (إلَّا ضَرُورَةُ بَقَاءِ مِلْكِ الْيَدِ) وَمَحَلِّيَّةُ التَّصَرُّفِ إلَى وَقْتِ الْأَدَاءِ (لِيُمْكِنَ الْأَدَاءُ فَبَقَاؤُهَا) أَيْ الْكِتَابَةِ (كَوْنُ سَلَامَةِ الْأَكْسَابِ قَائِمَةً وَثُبُوتُ حُرِّيَّةِ الْأَوْلَادِ عِنْدَ دَفْعِ وَرَثَتِهِ) أَيْ الْمُكَاتَبِ مَالَ الْكِتَابَةِ إلَى الْمَوْلَى (وَثُبُوتُ عِتْقِهِ) أَيْ نُفُوذُ الْعِتْقِ فِي الْمُكَاتَبِ (شَرْطٌ ذَلِكَ) وَالْوَجْهُ لِذَلِكَ أَيْ لِعِتْقِهِ (ضِمْنِيٌّ فَلَا يُشْتَرَطُ لَهُ الْأَهْلِيَّةُ لِمِلْكِ الْمَغْصُوبِ) لِمَا ثَبَتَ شَرْطًا لِمِلْكِ الْبَدَلِ يَثْبُتُ (عِنْدَ) أَدَاءِ (الْبَدَلِ) مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْغَصْبِ وَإِنْ كَانَ الْمَغْصُوبُ حَالَ أَدَاءِ الْبَدَلِ هَالِكًا (وَمَعَ بَقَائِهَا) أَيْ حَاجَةِ الْمَيِّتِ إلَى الْمَالِكِيَّةِ فِيمَا يَنْقَضِي بِهِ حَاجَةٌ (يَثْبُتُ الْإِرْثُ) لِوَارِثِهِ مِنْهُ (نَظَرًا لَهُ) أَيْ لِلْمَيِّتِ (إذْ هُوَ) أَيْ الْإِرْثُ (خِلَافُهُ لِقَرَابَتِهِ وَزَوْجَتِهِ وَأَهْلِ دِينِهِ) فِيمَا يَتْرُكُهُ إقَامَةً مِنْ الشَّارِعِ لَهُمْ فِي ذَلِكَ مُقَامَهُ لِيَكُونَ انْتِفَاعُهُمْ بِمِلْكِهِ كَانْتِفَاعِهِ بِنَفْسِهِ بِهِ.
(وَلِكَوْنِهِ) أَيْ الْمَوْتِ (سَبَبَ الْخِلَافَةِ خَالَفَ التَّعْلِيقَ) لِلْعِتْقِ (بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ (عَلَى) الْمَعْنَى (الْأَعَمِّ) لِلتَّعْلِيقِ (مِنْ الْإِضَافَةِ) وَالتَّعْلِيقُ بِالْمَعْنَى الْأَخَصِّ وَهُوَ تَعْلِيقُ الْحُكْمِ عَلَى مَا هُوَ عَلَى خَطَرِ الْوُقُوعِ وَالْمَعْنَى الْأَعَمُّ لَهُ هُوَ تَأْخِيرُ الْحُكْمِ عَنْ زَمَانِ الْإِيجَابِ لِمَانِعٍ مِنْهُ وَقْتَئِذٍ مُقْتَرِنٍ بِهِ لَفْظًا وَمَعْنًى (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ التَّعْلِيقِ بِالْمَوْتِ وَهُوَ التَّعْلِيقُ بِغَيْرِ الْمَوْتِ (فَصَحَّ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ (وَهُوَ) أَيْ تَعْلِيقُهُ بِهِ (مَعْنَى الْوَصِيَّةِ) ؛ لِأَنَّهَا تَمْلِيكٌ مُضَافٌ إلَى مَا بَعْدَ الْمَوْتِ (وَلَزِمَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ بِهِ) أَيْ بِالْمَوْتِ (وَهُوَ) أَيْ لُزُومُهُ (مَعْنَى التَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ) وَهُوَ تَعْلِيقُ الْمَوْلَى عِتْقَ مَمْلُوكِهِ بِمُطْلَقِ مَوْتِهِ قَالَ الْمُصَنِّفُ إنَّمَا قَالَ فَصَحَّ تَعْلِيقُ التَّمْلِيكِ وَلَزِمَ تَعْلِيقُ الْعِتْقِ لِلْفَرْقِ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ وَبِالْعِتْقِ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ فَلَا يَصِحُّ رُجُوعُهُ عَنْ تَعْلِيقِ الْعِتْقِ بِالْمَوْتِ لِلُزُومِهِ وَصَحَّ فِي الْوَصِيَّةِ بِالْمَالِ؛ لِأَنَّ التَّمْلِيكَ يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (فَلَمْ يَجُزْ بَيْعُهُ) أَيْ الْمُدَبَّرِ الْمُطْلَقِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَالْمَالِكِيَّةِ بَلْ قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ هُوَ قَوْلُ كَافَّةِ الْعُلَمَاءِ وَالسَّلَفِ مِنْ الْحِجَازِيِّينَ وَالْكُوفِيِّينَ وَالشَّامِيِّينَ (خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) وَأَحْمَدَ (لِأَنَّهُ) أَيْ التَّدْبِيرَ الْمُطْلَقَ (وَصِيَّةٌ وَالْبَيْعُ رُجُوعٌ) عَنْهَا وَالرُّجُوعُ عَنْهَا جَائِزٌ (وَالْحَنَفِيَّةُ فَرَّقُوا بَيْنَهُ) أَيْ التَّدْبِيرِ الْمُطْلَقِ (وَبَيْنَ سَائِرِ التَّعْلِيقَاتِ بِالْمَوْتِ بِأَنَّهُ) أَيْ التَّدْبِيرَ (لِلتَّمْلِيكِ) أَيْ تَمْلِيكِهِ رَقَبَتِهِ بَعْدَ الْمَوْتِ (وَالْإِضَافَةُ) لِلتَّمْلِيكِ (إلَى زَمَانِ زَوَالِ مَالِكِيَّتِهِ لَا تَصِحُّ وَصَحَّتْ) سَائِرُ التَّعْلِيقَاتِ بِالْمَوْتِ وَمِنْهَا التَّدْبِيرُ.
(فَعُلِمَ اعْتِبَارُهُ) أَيْ الْمُعَلَّقِ بِالْمَوْتِ الْمَدْلُولِ عَلَيْهِ بِالْعِتْقِ (سَبَبًا لِلْحَالِ شَرْعًا وَإِذَا كَانَ أَنْتَ حُرٌّ سَبَبًا لِلْعِتْقِ لِلْحَالِ وَهُوَ) أَيْ الْعِتْقُ (تَصَرُّفٌ لَا يَقْبَلُ الْفَسْخَ ثَبَتَ بِهِ) أَيْ بِأَنْتَ حُرٌّ (حَقُّ الْعِتْقِ) لِلسَّبَبِيَّةِ الْقَائِمَةِ لِلْحَالِ (وَهُوَ) أَيْ حَقُّ الْعِتْقِ (كَحَقِيقَتِهِ) أَيْ الْعِتْقِ (كَأُمِّ الْوَلَدِ) فَإِنَّهَا اسْتَحَقَّتْ لِسَبَبِ الِاسْتِيلَادِ حَقَّ الْعِتْقِ لِلْحَالِ بِالِاتِّفَاقِ (إلَّا فِي سُقُوطِ التَّقَوُّمِ فَإِنَّهَا) أَيْ أُمَّ الْوَلَدِ غَيْرُ مُتَقَوِّمَةٍ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ (لَا تَضْمَنُ بِالْغَصْبِ وَلَا بِإِعْتَاقِ أَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ نَصِيبَهُ مِنْهَا) بِخِلَافِ الْمُدَبَّرِ (لِمَا عُرِفَ) فِي مَوْضِعِهِ مِنْ الْفُرُوعِ وَهُوَ أَنَّ التَّقَوُّمَ بِإِحْرَازِ الْمَالِيَّةِ وَهُوَ أَصْلٌ فِي الْأَمَةِ وَالتَّمَتُّعُ بِهَا تَبَعٌ، وَلَمْ يُوجَدْ فِي الْمُدَبَّرِ مَا يُوجِبُ بُطْلَانَ هَذَا الْأَصْلِ بِخِلَافِ أُمِّ الْوَلَدِ فَإِنَّهَا لَمَّا اسْتَفْرَشَتْ وَاسْتَوْلَدَتْ صَارَتْ مُحْرِزَةً لِلْمَالِيَّةِ وَصَارَتْ الْمَالِيَّةُ تَبَعًا فَسَقَطَ تَقَوُّمُهَا وَعِنْدَهُمَا مُتَقَوِّمَةٌ كَالْمُدَبَّرِ إلَّا أَنَّ الْمُدَبَّرَ يَسْعَى لِلْغُرَمَاءِ وَالْوَرَثَةِ وَأَمُّ الْوَلَدِ لَا تَسْعَى؛ لِأَنَّهَا مَصْرُوفَةٌ إلَى الْحَاجَةِ الْأَصْلِيَّةِ، وَهِيَ مُقَدَّمَةٌ عَلَيْهِمْ وَالتَّدْبِيرُ لَيْسَ مِنْ أُصُولِ حَوَائِجِهِ فَيُعْتَبَرُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْجَوَابُ عَنْهُ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا (وَلِذَا) أَيْ بَقَاءُ الْمَالِكِيَّةِ بَعْدَ الْمَوْتِ بِقَدْرِ مَا يَنْقَضِي بِهِ حَاجَةُ الْمَيِّتِ (قُلْنَا الْمَرْأَةُ تَغْسِلُ زَوْجَهَا لِمِلْكِهِ إيَّاهَا فِي الْعِدَّةِ) ؛ لِأَنَّ النِّكَاحَ فِي حُكْمِ الْقَائِمِ مَا لَمْ يَنْتَقِضْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَمِلُ الِانْتِقَالَ إلَى الْوَرَثَةِ فَيَتَوَقَّفُ زَوَالُهُ عَلَى انْقِضَائِهَا (وَحَاجَتُهُ) إلَيْهَا فِي ذَلِكَ فَإِنَّ الْغُسْلَ مِنْ الْخِدْمَةِ، وَهِيَ فِي الْجُمْلَةِ مِنْ لَوَازِمِهَا وَكَيْفَ لَا وَقَدْ قَالَتْ عَائِشَةُ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - لَوْ اسْتَقْبَلْت مِنْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute