للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُوَاضَعَةِ (فِي الْقَدْرِ يُمْكِنُ التَّصْحِيحُ مَعَ اعْتِبَارِهَا) أَيْ الْمُوَاضَعَةِ.

(فَإِنَّهُ يَنْعَقِدُ بِالْأَلْفِ الْكَائِنَةِ فِي ضِمْنِ الْأَلْفَيْنِ) إذْ الْأَلْفُ مَوْجُودَةٌ فِي الْأَلْفَيْنِ فَتَكُونُ مَذْكُورَةً فِي الْعَقْدِ فَيَكُونُ ثَمَنًا وَلَمَّا كَانَ مِنْ وَجْهِ قَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ بِالْعَمَلِ بِالْعَقْدِ مُطْلَقًا فِيمَا إذَا تَوَاضَعَا فِي الْقَدْرِ أَنَّ فِي الْعَمَلِ بِالْمُوَاضَعَةِ لُزُومَ شَرْطٍ فَاسِدٍ فِيهَا وَهُوَ مُفْسِدٌ كَمَا تَقَدَّمَ وَهُمَا مُحْتَاجَانِ إلَى الْجَوَابِ عَنْهُ قِيلَ فِيهِ (وَالْهَزْلُ بِالْأَلْفِ الْأُخْرَى) وَإِنْ كَانَ شَرْطًا مُخَالِفًا لِمُقْتَضَى الْعَقْدِ لَكِنَّهُ (شَرْطٌ لَا طَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَى عَدَمِ ثَمَنِيَّتِهِ) فَلَا يَطْلُبُهُ وَاحِدٌ مِنْهُمَا وَإِنْ ذَكَرَاهُ وَلَا غَيْرُهُمَا؛ لِأَنَّهُ أَجْنَبِيٌّ (وَلَا يَفْسُدُ) الْعَقْدُ بِهِ إذْ كُلُّ شَرْطٍ لَا طَالِبَ لَهُ مِنْ الْعِبَادِ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِعَدَمِ إفْضَائِهِ إلَى الْمُنَازَعَةِ (كَشَرْطِ أَنْ لَا يَعْلِفَ الدَّابَّةَ) قَالَ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ لَكِنَّ الْجَوَابَ لِأَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الشَّرْطَ فِي مَسْأَلَتِنَا وَقَعَ لِأَحَدِ الْمُتَعَاقِدَيْنِ وَهُوَ الطَّالِبُ لَكِنْ لَا يُطَالَبُ بِهِ لِلْمُوَاضَعَةِ وَعَدَمُ الطَّلَبِ بِوَاسِطَةِ الرِّضَا لَا يُفِيدُ الصِّحَّةَ كَالرِّضَا بِالرِّبَا اهـ وَأَيْضًا الْعَمَلُ بِالْمُوَاضَعَةِ فِيهَا لَا يُوجِبُ جَعْلَ قَبُولِ مَا لَيْسَ بِثَمَنٍ شَرْطًا لِقَبُولِ مَا هُوَ ثَمَنٌ كَمَا تَقَدَّمَ فَيُوجِبُ الْفَسَادَ كَاشْتِرَاطِ قَبُولِ مَا لَيْسَ بِمَبِيعٍ لِقَبُولِ مَا هُوَ مَبِيعٌ وَمِثْلُ هَذَا الشَّرْطِ مُعْتَبَرٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ طَالِبٌ مِنْ الْعِبَادِ كَمَنْ جَمَعَ بَيْنَ حُرٍّ وَعَبْدٍ فِي صَفْقَةٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ أَخَذَ فِي قَسِيمِ قَوْلِهِ فَأَمَّا فِيمَا يَحْتَمِلُ النَّقْضَ فَقَالَ (وَأَمَّا فِيمَا لَا يَحْتَمِلُهُ) أَيْ النَّقْضَ بِمَعْنَى أَنَّهُ لَا يَجْرِي فِيهِ الْفَسْخُ وَالْإِقَالَةُ (مِمَّا لَا مَالَ فِيهِ كَالطَّلَاقِ وَالْعِتْقِ) مَجَّانًا فِيهِمَا (وَالْعَفْوِ) عَنْ الْقِصَاصِ (وَالْيَمِينِ وَالنَّذْرِ فَيَصِحُّ) كُلٌّ مِنْ هَذَا النَّوْعِ.

(وَيَبْطُلُ الْهَزْلُ لِلرِّضَا بِالسَّبَبِ الَّذِي هُوَ مَلْزُومٌ لِلْحُكْمِ شَرْعًا) فَيَنْعَقِدُ وَلَا يَمْنَعُ الْهَزْلُ مِنْ انْعِقَادِهِ وَحُكْمُ هَذِهِ الْأَسْبَابِ لَا يَحْتَمِلُ التَّرَاخِيَ وَالرَّدَّ بِالْإِقَالَةِ ثُمَّ بَيَّنَ الْمُرَادَ بِالسَّبَبِ بِقَوْلِهِ (أَيْ الْعِلَّةِ) وَسَنَذْكُرُ قَرِيبًا مِنْ السُّنَّةِ مَا يُؤَيِّدُهُ (وَلِذَا) أَيْ كَوْنِهِ مَلْزُومًا لِلْحُكْمِ (لَا يَحْتَمِلُ شَرْطَ الْخِيَارِ) ؛ لِأَنَّهُ يُفِيدُ التَّرَاخِيَ فِي الْحُكْمِ (بِخِلَافِ قَوْلِنَا الطَّلَاقُ الْمُضَافُ) كَأَنْتِ طَالِقٌ غَدًا (سَبَبٌ لِلْحَالِ فَإِنَّهُ) أَيْ السَّبَبَ (يَعْنِي بِهِ الْمُفْضِي) لِلْوُقُوعِ لَا الْعِلَّةَ وَلِذَا لَا يَسْتَنِدُ إلَى وَقْتِ الْإِيجَابِ وَجَازَ تَأَخُّرُ الْحُكْمِ عَنْهُ وَلَوْ كَانَ عِلَّةً لَاسْتَنَدَ كَمَا فِي الْبَيْعِ بِخِيَارِ الشَّرْطِ وَالْحَاصِلُ كَمَا قَالَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ الطَّلَاقَ الْمُنَجَّزَ عِلَّةٌ مَلْزُومَةٌ لِحُكْمِهِ فَإِذَا أُضِيفَ صَارَ سَبَبًا فَقَطْ وَحَقِيقَةُ السَّبَبِ مَا يُفْضِي إلَى الْحُكْمِ إفْضَاءً لَا مَا يَسْتَلْزِمُهُ فِي الْحَالِ (وَمَا فِيهِ) الْمَالُ تَبَعًا (كَالنِّكَاحِ) فَإِنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ فِيهِ مِنْ الْجَانِبَيْنِ الْحِلُّ لِلتَّوَالُدِ، وَالْمَالُ شُرِعَ فِيهِ لِإِظْهَارِ خَطَرِ الْمَحَلِّ وَلِهَذَا يَصِحُّ بِدُونِ ذِكْرِ الْمَهْرِ وَيَتَحَمَّلُ فِي الْمَهْرِ مِنْ الْجَهَالَةِ مَا لَا يَتَحَمَّلُ فِي غَيْرِهِ، لَكِنْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَلَا يَخْفَى أَنَّ كَوْنَ النِّكَاحِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ مَحَلُّ نَظَرٍ فَإِنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ الزَّوْجَيْنِ لِعَدَمِ الْكَفَاءَةِ وَنُقْصَانِ الْمَهْرِ وَخِيَارِ الْبُلُوغِ وَبِرِدَّتِهَا فَسْخٌ اهـ.

قُلْت وَبِكَوْنِ رِدَّتِهَا فَسْخًا يَظْهَرُ أَيْضًا عَدَمُ تَمَامِ مَا قِيلَ الْمُرَادُ بِكَوْنِ النِّكَاحِ لَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ النِّكَاحُ الصَّحِيحُ النَّافِذُ اللَّازِمُ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى أَنَّ رِدَّتَهَا فِيمَا هَذَا شَأْنُهُ فَسْخٌ.

(فَإِنْ) تَوَاضَعَا (فِي أَصْلِهِ) بِأَنْ قَالَ أُرِيدُ أَنْ أَتَزَوَّجَك بِأَلْفٍ هَازِلًا عِنْدَ النَّاسِ وَلَا يَكُونُ بَيْنَنَا فِي الْوَاقِعِ نِكَاحٌ وَوَافَقَتْهُ عَلَى ذَلِكَ وَحَضَرَ الشُّهُودُ عِنْدَ الْعَقْدِ (لَزِمَ) النِّكَاحُ وَانْعَقَدَ صَحِيحًا قَضَاءً وَدِيَانَةً اتَّفَقَا عَلَى الْإِعْرَاضِ أَوْ الْبِنَاءِ أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَحْضُرْهُمَا شَيْءٌ أَوْ اخْتَلَفَا فِي الْإِعْرَاضِ وَالْبِنَاءِ لِعَدَمِ تَأْثِيرِ الْهَزْلِ فِيهِ لِكَوْنِهِ غَيْرَ مُحْتَمِلٍ لِلْفَسْخِ بَعْدَ تَمَامِهِ وَقَدْ عَرَفْت مَا فِيهِ فَالْأَوْلَى الِاسْتِدْلَال بِقَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «ثَلَاثٌ جِدُّهُنَّ جِدٌّ وَهَزْلُهُنَّ جِدٌّ النِّكَاحُ وَالطَّلَاقُ وَالرَّجْعَةُ» رَوَاهُ أَحْمَدُ.

وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ حَسَنٌ غَرِيبٌ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ (أَوْ) تَوَاضَعَا (فِي قَدْرِ الْمَهْرِ) أَيْ عَلَى أَلْفَيْنِ وَيَكُونُ الْوَاقِعُ أَلْفًا (فَإِنْ اتَّفَقَا عَلَى الْإِعْرَاضِ فَأَلْفَانِ) الْمَهْرُ بِالِاتِّفَاقِ لِبُطْلَانِ الْمُوَاضَعَةِ بِإِعْرَاضِهِمَا عَنْهَا (أَوْ) اتَّفَقَا عَلَى (الْبِنَاءِ فَأَلْفٌ) الْمَهْرُ بِالِاتِّفَاقِ؛ لِأَنَّ الْأَلْفَ الْآخَرَ ذُكِرَ هَزْلًا وَلَا مَانِعَ مِنْ اعْتِبَارِ الْهَزْلِ فِيهِ إذْ الْمَالُ لَا يَجِبُ مَعَ الْهَزْلِ (وَالْفَرْقُ لَهُ) أَيْ لِأَبِي حَنِيفَةَ (بَيْنَهُ) أَيْ الْهَزْلِ بِقَدْرِ الْمَهْرِ (وَبَيْنَ) الْهَزْلِ بِقَدْرِ الثَّمَنِ فِي (الْمَبِيعِ) حَيْثُ اعْتَبَرَ التَّسْمِيَةَ بِالِاتِّفَاقِ عَلَى الْبِنَاءِ فِي الْمُوَاضَعَةِ عَلَى قَدْرِ الْبَدَلِ فِي الْبَيْعِ وَاعْتَبَرَ الْمُوَاضَعَةَ فِي اتِّفَاقِهِمَا عَلَى الْبِنَاءِ هُنَا (أَنَّهُ) أَيْ الْبَيْعَ

<<  <  ج: ص:  >  >>