للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْمُقْتَضِي لِلْإِنْتَاجِ أَيْضًا كَمَا فِي الْخَامِسِ الْمَذْكُورِ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرْنَا مِنْ تَرْتِيبِ هَذِهِ الضُّرُوبِ فِي الْأَوَّلِيَّةِ ثُمَّ مَا بَعْدَهَا بِنَاءً عَلَى تَرْتِيبِهَا الذِّكْرِيِّ هَكَذَا لِلْمُصَنِّفِ، وَإِلَّا فَاَلَّذِي دَرَجَ عَلَيْهِ الْمَنْطِقِيُّونَ أَنَّ الضَّرْبَ الثَّانِيَ مَا كَانَ مِنْ كُلِّيَّتَيْنِ مُوجَبَةٍ صُغْرَى وَسَالِبَةٍ كُبْرَى فَيُنْتِجُ كُلِّيَّةً سَالِبَةً، وَالضَّرْبُ الثَّالِثُ مَا كَانَ مِنْ مُوجَبَتَيْنِ جُزْئِيَّةٍ صُغْرَى وَكُلِّيَّةٍ كُبْرَى فَيُنْتِجُ مُوجَبَةً جُزْئِيَّةً. وَالضَّرْبُ الرَّابِعُ مَا كَانَ مِنْ جُزْئِيَّةٍ مُوجَبَةٍ وَكُلِّيَّةٍ سَالِبَةٍ فَيُنْتِجُ جُزْئِيَّةً سَالِبَةً، وَادَّعَوْا أَنَّهَا إنَّمَا رُتِّبَتْ هَذَا التَّرْتِيبَ؛ لِأَنَّ هُنَا كَيْفِيَّتَيْنِ إيجَابًا وَسَلْبًا وَالْإِيجَابُ أَشْرَفُ؛ لِأَنَّهُ وُجُودٌ وَالسَّلْبُ عَدَمٌ، وَالْوُجُودُ أَشْرَفُ وَكَمِّيَّتَيْنِ الْكُلِّيَّةِ وَالْجُزْئِيَّةِ وَالْكُلِّيَّةُ أَشْرَفُ؛ لِأَنَّهَا أَضْبَطُ، وَأَنْفَعُ فِي الْعُلُومِ، وَأَخَصُّ مِنْ الْجُزْئِيَّةِ وَالْأَخَصُّ أَشْرَفُ لِاشْتِمَالِهِ عَلَى أَمْرٍ زَائِدٍ فَإِذَنْ الْمُوجَبَةُ الْكُلِّيَّةُ أَشْرَفُ الْمَحْصُورَاتِ وَالسَّالِبَةُ الْجُزْئِيَّةُ أَخَسُّهَا وَالسَّالِبَةُ الْكُلِّيَّةُ أَشْرَفُ مِنْ الْمُوجَبَةِ الْجُزْئِيَّةِ؛ لِأَنَّ شَرَفَ السَّلْبِ الْكُلِّيِّ بِاعْتِبَارِ الْكُلِّيَّةِ وَشَرَفَ الْإِيجَابِ الْجُزْئِيِّ بِحَسَبِ الْإِيجَابِ، وَشَرَفُهُ مِنْ جِهَةٍ وَشَرَفُ الْكُلِّيِّ مِنْ جِهَاتٍ ثُمَّ إذَا كَانَ الْمَقْصُودُ مِنْ الْأَقْيِسَةِ نَتَائِجَهَا رُتِّبَتْ الضُّرُوبُ بِاعْتِبَارِ تَرْتِيبِ نَتَائِجِهَا شَرَفًا الْأَشْرَفَ فَالْأَشْرَفَ. وَهَذَا التَّعْلِيلُ، وَإِنْ كَانَ لَا يَعْرَى عَنْ بَحْثٍ لِمَنْ تَحَقَّقَ فَقَدْ صَارَ مِنْ الْمُسَلَّمَاتِ عِنْدَهُمْ وَيُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ كَلَامُ الْمُنَصِّفِ عَلَى هَذَا الْمِنْوَالِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُصَرِّحْ بِأَوَّلِيَّةٍ، وَلَا بِمَا بَعْدَهَا مِنْ الْمَرَاتِبِ بَلْ إنَّمَا ذَكَرَهَا بِحَرْفِ الْجَمْعِ الْمُطْلَقِ ثُمَّ لَيْسَ لِمِثْلِ هَذَا الِاخْتِلَافِ ثَمَرَةٌ تَظْهَرُ فِي الْحُكْمِ فَتَأَمَّلْ.

(وَإِنْتَاجُ) ضُرُوبِ (هَذَا) الشَّكْلِ الْمُنْتِجَةِ (ضَرُورِيٌّ) بُيِّنَ بِنَفْسِهِ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى بُرْهَانٍ ثُمَّ كَمَا أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ انْتِهَاءِ الْمَوَادِّ إلَى ضَرُورِيٍّ يَحْصُلُ التَّصْدِيقُ بِهِ بِلَا كَسْبٍ، كَذَا لَا بُدَّ مِنْ انْتِهَاءِ الصُّوَرِ إلَى ضَرُورِيٍّ قَطْعًا لِلتَّسَلْسُلِ، وَهُوَ هَذَا الشَّكْلُ (وَبَاقِيهَا) أَيْ، وَإِنْتَاجُ بَاقِي هَذِهِ الْأَشْكَالِ الْأَرْبَعَةِ (نَظَرِيٌّ) غَيْرُ بَيِّنٍ بِنَفْسِهِ فَيَحْتَاجُ إلَى بُرْهَانٍ عَلَيْهِ (فَيُرَدُّ إلَى الضَّرُورِيِّ) عِنْدَ قَصْدِ الْوُقُوفِ عَلَى نَتَائِجِهِ سَرِيعًا بِالْعَكْسِ أَوْ الْخَلَفِ كَمَا سَيَأْتِي تَفَاصِيلُهُ بَلْ قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُحَقِّقِينَ: إنَّ الشَّكْلَ الْأَوَّلَ هُوَ الْمُنْتِجُ مِنْهَا فِي الْحَقِيقَةِ وَلِذَا كَانَ غَيْرُهُ مَوْقُوفًا فِي إنْتَاجِهِ عَلَى الرُّجُوعِ إلَيْهِ، وَعَلَى اشْتِمَالِهِ عَلَى هَيْئَتِهِ، وَإِنَّمَا يَعْلَمُ بِرُجُوعِهِ إلَيْهِ، وَبِالْجُمْلَةِ فَحَقِيقَةُ الْبُرْهَانِ وَجِهَةُ الدَّلَالَةِ مُنْحَصِرَتَانِ فِي الشَّكْلِ الْأَوَّلِ فَلَا إنْتَاجَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ إلَّا لَهُ وَالْعَقْلُ لَا يَحْكُمُ بِالْإِنْتَاجِ إلَّا بِمُلَاحَظَتِهِ سَوَاءٌ صَرَّحَ بِهِ أَوْ لَا فَلَا جَرَمَ أَنْ كَانَ مِعْيَارَ الْعُلُومِ. وَمِنْ خَوَاصِّهِ أَيْضًا أَنَّهُ يُنْتِجُ الْمَطَالِبَ الْأَرْبَعَةَ كَمَا رَأَيْت دُونَ مَا سِوَاهُ فَإِنَّهُ لَا يُنْتِجُ إيجَابًا كُلِّيًّا كَمَا سَتَرَى ثُمَّ لَعَلَّ وَضْعَ الظَّاهِرِ أَعْنِي الضَّرُورِيَّ فِي قَوْلِهِ إلَى الضَّرُورِيِّ مَوْضِعَ الضَّمِيرِ لِمَزِيدِ الِاعْتِنَاءِ بِالْإِعْلَامِ بِثُبُوتِ هَذَا الْوَصْفِ لَهُ لِيَتَمَكَّنَ فِي ذِهْنِ السَّامِعِ فَضْلَ تَمَكُّنٍ.

(الشَّكْلُ الثَّانِي بِحَمْلِهِ فِيهِمَا) أَيْ مَا يَكُونُ الْوَسَطُ فِيهِ مَحْمُولًا فِي الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى (شَرْطُهُ) أَيْ اسْتَلْزَمَ هَذَا الشَّكْلُ لِلْمَطْلُوبِ أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا بِحَسَبِ الْكَيْفِ، وَهُوَ (اخْتِلَافُهُمَا) أَيْ مُقَدِّمَتَيْهِ (كَيْفًا) أَيْ مِنْ جِهَةِ الْإِيجَابِ وَالسَّلْبِ بِأَنْ تَكُونَ إحْدَاهُمَا مُوجَبَةً وَالْأُخْرَى سَالِبَةً وَثَانِيهِمَا بِحَسَبِ الْكَمِّ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَكُلِّيَّةُ كُبْرَاهُ) سَالِبَةٌ إنْ كَانَتْ صُغْرَاهُ مُوجَبَةً، وَمُوجَبَةٌ إنْ كَانَتْ صُغْرَاهُ سَالِبَةً (فَلَا يُنْتِجُ) هَذَا الشَّكْلُ حِينَئِذٍ (إلَّا سَلْبًا) كُلِّيًّا أَوْ جُزْئِيًّا كَمَا سَتَرَى وَذَلِكَ لِمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَالنَّتِيجَةُ تَتَضَمَّنُ أَبَدًا مَا فِيهِمَا) أَيْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ (مِنْ خِسَّةِ سَلْبٍ وَجُزْئِيَّةٍ) ، وَهَذَا أَتَمُّ مِنْ قَوْلِهِمْ أَنَّهَا تَتْبَعُ أَخَسَّ الْمُقَدِّمَتَيْنِ ثُمَّ لَمِيَةُ ذَلِكَ كُلِّهِ مَبْذُولَةٌ فِي الْكُتُبِ الْمَنْطِقِيَّةِ فَحِينَئِذٍ (ضُرُوبُهُ) الْمُنْتِجَةُ مِنْ الضُّرُوبِ الْمُمْكِنَةِ الِانْعِقَادِ فِيهِ أَرْبَعَةٌ لَا غَيْرُ. الضَّرْبُ الْأَوَّلُ (كُلِّيَّتَانِ الْأُولَى مُوجَبَةٌ) وَالثَّانِيَةُ سَالِبَةٌ فَيُنْتِجُ سَالِبَةً كُلِّيَّةً مِثَالُهُ (السَّلَمُ رُخْصَةٌ لِلْمَفَالِيسِ وَلَا حَالَ بِرُخْصَةِ) لِلْمَفَالِيسِ أَمَّا أَنَّ الْأُولَى كُلِّيَّةٌ فَلِأَنَّ أَدَاةَ التَّعْرِيفِ فِيهَا لِلِاسْتِغْرَاقِ، وَأَمَّا أَنَّ الثَّانِيَةَ كُلِّيَّةٌ فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ النَّكِرَةَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ تَعُمُّ وَلَا سِيَّمَا فِي سِيَاقِ لَا الَّتِي لِنَفْيِ الْجِنْسِ كَمَا فِيمَا هُنَا (فَلَا سَلَمَ حَالَ رَدِّهِ) أَيْ هَذَا الضَّرْبِ إلَى الضَّرْبِ الثَّالِثِ مِنْ الشَّكْلِ الْأَوَّلِ (بِعَكْسِ الثَّانِيَةِ) عَكْسًا

<<  <  ج: ص:  >  >>