للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«إنَّ رُوحَ الْمُؤْمِنِ تَخْرُجُ مِنْ جَسَدِهِ لَهَا بُرْهَانٌ كَبُرْهَانِ الشَّمْسِ» (وَظَنِّيَّتُهُ) أَيْ اللَّازِمُ (بِظَنِّيَّةِ إحْدَاهُمَا) أَيْ الْمُقَدِّمَتَيْنِ الْمُشَارُ إلَيْهِمَا فَضْلًا عَنْ ظَنِّيَّتِهِمَا؛ لِأَنَّ لَازِمَ الظَّنِّيِّ ظَنِّيٌّ (وَهُوَ) أَيْ الْقِيَاسُ الْكَائِنُ بِهَذَا الْوَصْفِ مِنْ الظَّنِّيَّةِ هُوَ (الْإِمَارَةُ) نَعَمْ اللُّزُومُ، وَهُوَ الْإِنْتَاجُ قَطْعِيٌّ مُطْلَقًا سَوَاءٌ كَانَ اللَّازِمُ قَطْعِيًّا أَوْ ظَنِّيًّا ثُمَّ تَسْمِيَةُ الْمُرَتَّبِ عَلَى الْمُقَدِّمَتَيْنِ لَازِمًا ظَاهِرٌ، وَمَطْلُوبًا؛ لِأَنَّهُ يُوضَعُ أَوَّلًا ثُمَّ يُرَتَّبُ مَا يُتَوَصَّلُ بِهِ إلَيْهِ وَيَسْتَلْزِمُهُ، وَنَتِيجَةً؛ لِأَنَّهُ يَتَوَلَّدُ مِنْ الْقِيَاسِ الْمَذْكُورِ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى الْعِلْمَ بِهِ عَلَى مَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْحَقُّ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَنَقُولُ (الشَّكْلُ الْأَوَّلُ بِحَمْلِهِ فِي الصُّغْرَى وَوَضْعِهِ فِي الْكُبْرَى) أَيْ مَا يَكُونُ الْوَسَطُ فِيهِ مَحْمُولًا فِي صُغْرَاهُ مَوْضُوعًا فِي كُبْرَاهُ.

(شَرْطُ اسْتِلْزَامِهِ) أَيْ هَذَا الشَّكْلِ لِلْمَطْلُوبِ بِحَسَبِ كَيْفِيَّةِ مُقَدِّمَاتِهِ وَكَمِيَّتِهَا أَمْرَانِ أَحَدُهُمَا بِحَسَبِ الْكَيْفِيَّةِ، وَهُوَ (إيجَابُ صُغْرَاهُ) لِيَنْدَرِجَ الْأَصْغَرُ تَحْتَ الْأَوْسَطِ فَيَحْصُلَ الْإِنْتَاجُ وَلَمْ يَزِدْ الْجُمْهُورُ عَلَى هَذَا وَزَادَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَوْ كَوْنُهَا فِي حُكْمِ الْإِيجَابِ أَيْ مَا يَسْتَلْزِمُ إيجَابًا بِأَنْ تَكُونَ مُوجَبَةً مُحَصِّلَةً الْمَحْمُولَ أَوْ مَعْدُولَتَهُ أَوْ سَالِبَتَهُ، وَأَنْ تَكُونَ الْكُبْرَى عَلَى وَفْقِهَا فِي جَانِبِ الْمَوْضُوعِ لِيَتَحَقَّقَ التَّلَاقِي، وَأَفَادَ الْمُصَنِّفُ جَوَازَ وُقُوعِ الصُّغْرَى سَالِبَةً مَحْضَةً بِشَرْطِ مُسَاوَاةِ طَرَفَيْ الْكُبْرَى وَكَوْنُهَا حِينَئِذٍ مُوجَبَةً كُلِّيَّةً كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (إلَّا فِي مُسَاوَاةِ طَرَفَيْ الْكُبْرَى) ؛ لِأَنَّ الشَّكْلَ عَلَى هَذَا التَّقْرِيرِ يَحْصُلُ فِيهِ أَيْضًا اتِّحَادُ الْوَسَطِ الْمُقْتَضِي لِلْإِنْتَاجِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ لِلْمُتَأَمِّلِ ثَانِيهِمَا بِحَسَبِ الْكَمِّيَّةِ، وَهُوَ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَكُلِّيَّةُ الْكُبْرَى) لِيَعْلَمَ انْدِرَاجَ الْأَصْغَرِ تَحْتَ الْأَوْسَطِ بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَتْ جُزْئِيَّةً إذْ يَجُوزُ كَوْنُ الْأَوْسَطِ حِينَئِذٍ أَعَمَّ مِنْ الْأَصْغَرِ وَكَوْنُ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ فِي الْكُبْرَى بَعْضًا مِنْ الْأَوْسَطِ غَيْرَ الْأَصْغَرِ فَلَا يَنْدَرِجُ فَلَا يُنْتِجُ كَمَا فِي نَحْوِ الْإِنْسَانُ حَيَوَانٌ، وَبَعْضُ الْحَيَوَانِ فَرَسٌ (فَيَحْصُلُ) بِاشْتِرَاطِ هَذَيْنِ الْأَمْرَيْنِ لِاسْتِلْزَامِ هَذَا الشَّكْلِ لِلْمَطْلُوبِ مِنْ الضُّرُوبِ الْمُمْكِنَةِ الِانْعِقَادِ فِيهِ (ضُرُوبٌ) أَرْبَعَةٌ مُنْتِجَةٌ وَبِمَا زَادَهُ الْمُصَنِّفُ زِيَادَةُ خَامِسٍ عَلَيْهَا الضَّرْبُ الْأَوَّلُ (كُلِّيَّتَانِ مُوجَبَتَانِ) فَيُنْتِجُ كُلِّيَّةً مُوجَبَةً. مِثَالُهُ (كُلُّ جِصٍّ مَكِيلٌ وَكُلُّ مَكِيلٍ رِبَوِيٌّ فَكُلُّ جِصٍّ رِبَوِيٌّ) .

الضَّرْبُ الثَّانِي مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَبِكَيْفِيَّتَيْهِ) أَيْ مَا يَكُونُ بِصِفَتَيْ الضَّرْبِ الْأَوَّلِ، وَهُمَا الْإِيجَابُ فِي الصُّغْرَى وَالْكُبْرَى (وَالصُّغْرَى جُزْئِيَّةٌ) وَالْكُبْرَى بَاقِيَةٌ عَلَى كَمِّيَّتِهَا مِنْ الْكُلِّيَّةِ فَيُنْتِجُ جُزْئِيَّةً مُوجَبَةً. مِثَالُهُ (بَعْضُ الْوُضُوءِ مَنْوِيٌّ وَكُلّ مَنْوِيٍّ عِبَادَةٌ فَبَعْضُ الْوُضُوءِ عِبَادَةٌ) الضَّرْبُ الثَّالِثُ مَا أَفْصَحَ عَنْهُ قَوْلُهُ (وَكُلِّيَّتَانِ الْأُولَى مُوجَبَةٌ) وَالثَّانِيَةُ سَالِبَةٌ فَيُنْتِجُ كُلِّيَّةً سَالِبَةً مِثَالُهُ (كُلُّ وُضُوءٍ مَقْصُودٌ لِغَيْرِهِ وَلَا مَقْصُودَ لِغَيْرِهِ يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةٌ فَلَا وُضُوءَ يُشْتَرَطُ فِيهِ نِيَّةٌ) الضَّرْبُ الرَّابِعُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ: (وَقَلْبُهُ فِي التَّسَاوِي فَقَطْ) أَيْ قَلْبُ الثَّالِثِ، وَهُوَ مَا يَكُونُ مِنْ كُلِّيَّتَيْنِ صُغْرَى سَالِبَةٍ وَكُبْرَى مُوجَبَةٍ مُتَسَاوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ فَيُنْتِجُ كُلِّيَّةً سَالِبَةً مِثَالُهُ (لَا شَيْءَ مِنْ الْإِنْسَانِ بِصَهَّالٍ وَكُلُّ صَهَّالٍ فَرَسٌ) فَلَا شَيْءَ مِنْ الْإِنْسَانِ بِفَرَسٍ (وَلَوْ قُلْت) بَدَلَ صَهَّالٍ (حَيَوَانٌ لَمْ يَصِحَّ) لِكَوْنِ الْمَحْمُولِ أَعَمَّ مِنْ الْمَوْضُوعِ فِي الْكُبْرَى فَلَا يَحْصُلُ الِانْدِرَاجُ تَحْتَ الْأَوْسَطِ.

الضَّرْبُ الْخَامِسُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَبِكَيْفِيَّتَيْ مَا قَبْلَهُ وَالْأُولَى جُزْئِيَّةٌ) أَيْ مَا يَكُونُ بِصِفَتَيْ مَا قَبْلَ الرَّابِعِ، وَهُوَ الثَّالِثُ مِنْ إيجَابِ الصُّغْرَى وَسَلْبِ الْكُبْرَى إلَّا أَنَّ الصُّغْرَى فِي هَذَا جُزْئِيَّةٌ بِخِلَافِهَا فِي الثَّالِثِ فَإِنَّهَا فِيهِ كُلِّيَّةٌ. وَحَاصِلُهُ مَا كَانَ مُرَكَّبًا مِنْ جُزْئِيَّةٍ مُوجَبَةٍ صُغْرَى وَكُلِّيَّةٍ سَالِبَةٍ كُبْرَى فَيُنْتِجُ سَالِبَةً جُزْئِيَّةً. مِثَالُهُ: بَعْضُ الْمَكِيلِ رِبَوِيٌّ وَلَا شَيْءَ مِنْ الرِّبَوِيِّ بِجَائِزِ التَّفَاضُلِ فَلَيْسَ بَعْضُ الْمَكِيلِ بِجَائِزِ التَّفَاضُلِ وَكَأَنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَذْكُرْهُ لِلْعِلْمِ بِهِ مِمَّا تَقَدَّمَ.

هَذَا وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ يَلْزَمُ مِنْ قَوَدِ مَا اخْتَارَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ زِيَادَةِ ضَرْبٍ خَامِسٍ مُرَكَّبٍ مِنْ كُلِّيَّتَيْنِ صُغْرَى سَالِبَةٍ وَكُبْرَى مُوجَبَةٍ مُتَسَاوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ زِيَادَةُ ضَرْبٍ سَادِسٍ مُرَكَّبٍ مِنْ جُزْئِيَّةٍ سَالِبَةٍ صُغْرَى وَكُلِّيَّةٍ مُوجَبَةٍ كُبْرَى مُتَسَاوِيَةِ الطَّرَفَيْنِ فَيُنْتِجُ جُزْئِيَّةً سَالِبَةً كَقَوْلِنَا لَيْسَ بَعْضُ الْإِنْسَانِ بِفَرَسٍ وَكُلُّ فَرَسٍ صَهَّالٌ فَلَيْسَ بَعْضُ الْإِنْسَانِ بِصَهَّالٍ لِاتِّحَادِ الْوَسَطِ

<<  <  ج: ص:  >  >>