للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فِي عُلُومِ الْحَدِيثِ الدَّاعِي إلَى الضَّلَالِ مُتَّفَقٌ عَلَى تَرْكِ الْأَخْذِ مِنْهُ فَعَلَى هَذَا قَوْلُ شَيْخِنَا الْحَافِظِ وَأَغْرَبَ ابْنُ حِبَّانَ فَادَّعَى الِاتِّفَاقَ عَلَى قَبُولِ الدَّاعِيَةِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلِ سَهْوٍ قَالَ الْعِرَاقِيُّ وَهَكَذَا حَكَى بَعْضُ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَا خِلَافَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ أَنَّهُ لَا يَقْبَلُ الدَّاعِيَةَ وَأَنَّ الْخِلَافَ فِيمَنْ لَمْ يَدْعُ إلَى بِدْعَتِهِ وَقَالَ فَخْرُ الْإِسْلَامِ عَلَى هَذَا أَئِمَّةُ الْفِقْهِ وَالْحَدِيثِ كُلُّهُمْ لِأَنَّ الْمُحَاجَّةَ وَالدَّعْوَةَ إلَى الْهَوَى سَبَبٌ دَاعٍ إلَى التَّقَوُّلِ فَلَا يُؤْتَمَنُ عَلَى حَدِيثِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَكَأَنَّهُ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ مَا عَزَا الْخَطِيبُ إلَى جَمَاعَةٍ مِنْ أَهْلِ النَّقْلِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ أَنَّهُ يَقْبَلُ أَخْبَارَهُ مُطْلَقًا وَإِنْ كَانَ كَافِرًا أَوْ فَاسِقًا بِالتَّأْوِيلِ أَوْ لِعَدَمِ الِاعْتِدَادِ بِهَذَا الْقَوْلِ وَلَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ أَيْضًا مَا عَزَاهُ الْخَطِيبُ إلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَالثَّوْرِيِّ وَأَبِي يُوسُفَ وَالشَّافِعِيِّ مِنْ أَنَّ الْمُبْتَدِعَ إنْ لَمْ يَسْتَحِلَّ الْكَذِبَ فِي نُصْرَةِ مَذْهَبِهِ أَوْ لِأَهْلِ مَذْهَبِهِ قُبِلَ دَعَا إلَى بِدْعَتِهِ أَوْ لَا؟

وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَسْتَحِلُّ ذَلِكَ وَلَمْ يُقْبَلْ (وَتَعْلِيلُهُ) أَيْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ وَكَذَا غَيْرُهُ رَدُّ الدَّاعِي إلَى بِدْعَتِهِ (بِأَنَّ الدَّعْوَةَ دَاعٍ إلَى التَّقَوُّلِ) أَيْ الْكَذِبِ (يُخَصِّصُهُ) أَيْ الرَّدَّ (بِرِوَايَةِ) الدَّاعِي مَا هُوَ عَلَى (وَفْقِ مَذْهَبِهِ) لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ الْمُرَادُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْمَذْكُورِ وَصَرَّحَ بِهِ بَعْضُهُمْ أَيْضًا لِأَنَّهُ الَّذِي يَتَمَشَّى فِيهِ وَمِنْ هُنَا نَصَّ شَيْخُنَا الْحَافِظُ عَلَى أَنَّ الْمُخْتَارَ رَدُّ رِوَايَةِ الْمُبْتَدِعِ مَا يُقَوِّي بِدْعَتَهُ إذَا لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً كَمَا إذَا كَانَ دَاعِيَةً قَالَ وَبِهِ صَرَّحَ الْحَافِظُ الْجُوزَجَانِيُّ فِي كِتَابِهِ مَعْرِفَةِ الرِّجَالِ فَقَالَ وَمِنْهُمْ زَائِغٌ عَنْ الْحَقِّ أَيْ السُّنَّةِ صَادِقُ اللَّهْجَةِ فَلَيْسَ فِيهِ حِيلَةٌ إلَّا أَنْ يُؤْخَذَ مِنْ حَدِيثِهِ مَا لَا يَكُونُ مُنْكَرًا إذَا لَمْ تَقْوَ بِهِ بِدْعَتُهُ اهـ وَمَا قَالَهُ مُتَّجِهٌ لِأَنَّ الْعِلَّةَ الَّتِي لَهَا رُدَّ حَدِيثُ الدَّاعِيَةِ وَارِدَةٌ فِيمَا إذَا كَانَ ظَاهِرُ الْمَرْوِيِّ يُوَافِقُ مَذْهَبَ الْمُبْتَدِعِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ دَاعِيَةً (لَا مُطْلَقًا) كَمَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ حِبَّانَ السَّالِفِ عَنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ (وَتَعْلِيلُهُ) أَيْ فَخْرِ الْإِسْلَامِ (قَبُولَ شَهَادَةِ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ) جَمْعُ هَوَى مَقْصُورٌ وَهُوَ الْمَيْلُ إلَى الشَّهَوَاتِ وَالْمُسْتَلَذَّات مِنْ غَيْرِ دَاعِيَةِ الشَّرْعِ وَالْمُرَادُ الْمُبْتَدِعُونَ الْمَائِلُونَ إلَى مَا يَهْوُونَهُ فِي أَمْرِ الدِّينِ (إلَّا الْخَطَابِيَّةَ) مِنْ الرَّافِضَةِ الْمَنْسُوبِينَ إلَى أَبِي الْخَطَّابِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي وَهْبٍ وَقِيلَ ابْنِ أَبِي زَيْنَبَ الْأَسَدِيِّ الْأَجْدَعِ كَانَ يَزْعُمُ أَنَّ عَلِيًّا الْإِلَهُ الْأَكْبَرُ وَجَعْفَرُ الصَّادِقُ الْإِلَهُ الْأَصْغَرُ وَفِي الْمَوَاقِفِ قَالُوا الْأَئِمَّةُ أَنْبِيَاءُ وَأَبُو الْخَطَّابِ نَبِيٌّ فَفَرَضُوا طَاعَتَهُ بَلْ زَادُوا عَلَى ذَلِكَ الْأَئِمَّةُ آلِهَةٌ وَالْحَسَنَانِ ابْنَا اللَّهِ وَجَعْفَرُ إلَهٌ لَكِنْ أَبُو الْخَطَّابِ أَفْضَلُ مِنْهُ وَمِنْ عَلِيٍّ فَقَبَّحَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى مَا أَشَدَّ غَبَاوَتَهُمْ وَأَعْظَمَ فِرْيَتِهِمْ فَلَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمْ وَلَا رِوَايَتُهُمْ وَلَا كَرَامَةَ وَكَيْفَ وَقَدْ شَاعَ أَيْضًا كَوْنُهُمْ الْفِرْقَةَ (الْمُتَدَيِّنِينَ بِالْكَذِبِ لِمُوَافِقِهِمْ أَوْ لِلْحَالِفِ) لَهُمْ عَلَى صِدْقِهِ (بِأَنَّ صَاحِبَ الْهَوَى وَقَعَ فِيهِ) أَيْ فِي الْهَوَى (لِتَعَمُّقِهِ) فِي الدِّينِ (وَذَلِكَ) أَيْ تَعَمُّقُهُ فِي الدِّينِ (يَصُدُّهُ) أَيْ يَمْنَعُهُ (عَنْ الْكَذِبِ أَوْ يَرَاهُ) أَيْ الْكَذِبَ (حَرَامًا يُوجِبُ قَبُولَ الْخَوَارِجِ كَالْأَكْثَرِ) لِعَدَمِ اسْتِثْنَائِهِمْ مِنْ أَهْلِ الْأَهْوَاءِ وَعَدَمِ شُهْرَةِ تَدَيُّنِهِمْ بِالْكَذِبِ لِمُوَافِقِهِمْ وَالْحَالِفِ لَهُمْ ثُمَّ حَيْثُ قُبِلُوا فِي الشَّهَادَةِ فَكَذَا فِي الرِّوَايَةِ.

وَهَذَا فِي الْمَعْنَى مَا عَزَاهُ الْخَطِيبُ إلَى ابْنِ أَبِي لَيْلَى وَمَنْ مَعَهُ كَمَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا لَكِنْ فِي شَرْحِ الْقُدُورِيِّ لِلْأَقْطَعِ قَالَ مُحَمَّدٌ فِي الْخَوَارِجِ مَا لَمْ يَخْرُجُوا إلَى قِتَالِ أَهْلِ الْعَدْلِ فَشَهَادَتُهُمْ جَائِزَةٌ لِأَنَّهُمْ لَمْ يُظْهِرُوا مِنْ أَنْفُسِهِمْ الْفِسْقَ وَإِنَّمَا اعْتَقَدُوهُ فَإِذَا قَاتَلُوا فَقَدْ أَظْهَرُوا الْفِسْقَ فَلَمْ تُقْبَلْ شَهَادَتُهُمْ ثُمَّ إنَّ فَخْرَ الْإِسْلَامِ فَرَّقَ فِي الدَّاعِي إلَى بِدْعَتِهِ بَيْنَ الشَّهَادَةِ وَالرِّوَايَةِ بِالْقَبُولِ فِي الشَّهَادَةِ وَعَدَمِهِ فِي الرِّوَايَةِ بِأَنَّ الْمُحَاجَّةَ وَالدَّعْوَةَ لَا تَدْعُو إلَى التَّزْوِيرِ فِي حُقُوقِ النَّاسِ فَلَمْ تَرُدَّ شَهَادَةَ صَاحِبِهَا بِخِلَافِهَا فِي رِوَايَاتِ الْأَخْبَارِ كَمَا تَقَدَّمَ آنِفًا، ثُمَّ ظَاهِرُ كَوْنِ، وَتَعْلِيلُهُ مُبْتَدَأٌ وَبِأَنَّ صَاحِبَ الْهَوَى مُتَعَلِّقٌ بِهِ وَيُوجِبُ قَبُولَ الْخَوَارِجِ خَبَرَهُ هَذَا ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَ الْمُقْتَصِرِ عَلَى تَعْلِيلِ رَدِّ شَهَادَةِ الْخَطَابِيَّةِ بِتَدَيُّنِهِمْ الْكَذِبَ لِمُوَافِقِهِمْ أَوْ الْحَالِفَ عَلَى صِدْقِهِ مَا تَقَدَّمَ آنِفًا عَنْهُمْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْهُمْ يُوجِبُ كَوْنَهُمْ كُفَّارًا بِاَللَّهِ الْعَظِيمِ وَلَا شَهَادَةَ لِكَافِرٍ عَلَى مُسْلِمٍ وَلَا قَبُولَ لِرِوَايَتِهِ فِي الدِّينِ وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (وَأَمَّا شُرْبُ النَّبِيذِ) مِنْ التَّمْرِ أَوْ الزَّبِيبِ إذَا طُبِخَ أَدْنَى طَبْخِهِ وَإِنْ اشْتَدَّ مَا لَمْ يُسْكِرْ مِنْ غَيْرِ لَهْوٍ (وَاللَّعِبُ بِالشِّطْرَنْجِ) بِالشِّينِ مُعْجَمَةٍ وَمُهْمَلَةٍ مَفْتُوحَةٍ وَمَكْسُورَةٍ وَالْفَتْحُ أَشْهَرُ بِلَا قِمَارٍ بِهِ (وَأَكْلُ مَتْرُوكِ التَّسْمِيَةِ عَمْدًا مِنْ مُجْتَهِدٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>