للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

كَشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ عَلَى النَّسَبِ أَفَضْت إلَى اسْتِحْقَاقِ الْمِيرَاثِ الَّذِي لَا يَثْبُتُ بِشَهَادَةِ الْقَابِلَةِ ابْتِدَاءً ذَكَرَهُ فِي الْمَبْسُوطِ وَقَوْلُهُ (إلَّا إنْ لَمْ يَكُنْ الْمُلْزَمُ بِهِ مُسْلِمًا فَلَا يُشْتَرَطُ الْإِسْلَامُ) اسْتِثْنَاءً مِمَّا تَضَمَّنَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِسْلَامِ فِيهِ وَقَوْلُهُ (إلَّا مَا لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهِ الرِّجَالُ كَالْبَكَارَةِ وَالْوِلَادَةِ وَالْعُيُوبِ فِي الْعَوْرَةِ) اسْتِثْنَاءً مِنْ الْعَدَدِ فَلِذَا قَالَ (فَلَا عَدَدَ) وَقَوْلُهُ (وَذُكُورَةٌ) اسْتِطْرَادٌ (وَإِنْ) كَانَ مَحَلُّ الْخَبَرِ حُقُوقًا لِلْعِبَادِ (بِلَا إلْزَامٍ) لِلْغَيْرِ (كَالْإِخْبَارِ بِالْوَكَالَاتِ وَالْمُضَارَبَاتِ وَالْإِذْنِ فِي التِّجَارَةِ وَالرِّسَالَاتِ فِي الْهَدَايَا وَالشَّرِكَاتِ) وَالْوَدَائِعِ وَالْأَمَانَاتِ (فَبِلَا شَرْطٍ) أَيْ فَيُقْبَلُ فِي هَذِهِ خَبَرُ الْوَاحِدِ بِلَا شَرْطِ شَيْءٍ فِيهِ (سِوَى التَّمْيِيزِ مَعَ تَصْدِيقِ الْقَلْبِ) فَيَسْتَوِي فِيهِ الذَّكَرُ وَالْأُنْثَى وَالْحُرُّ وَالْعَبْدُ وَالْمُسْلِمُ وَالْكَافِرُ وَالْعَدْلُ وَغَيْرُهُ وَالْبَالِغُ وَغَيْرُهُ إذَا كَانَ مُمَيِّزًا حَتَّى إذَا أَخْبَرَ أَحَدُهُمْ غَيْرَهُ بِأَنَّ فُلَانًا وَكَّلَهُ أَوْ أَنَّ مَوْلَاهُ أَذِنَ لَهُ وَوَقَعَ فِي قَلْبِهِ صِدْقُهُ جَازَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالتَّصَرُّفِ مَعَهُ بِنَاءً عَلَى خَبَرِهِ ثُمَّ اشْتِرَاطُ التَّحَرِّي ذَكَرَهُ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ وَفَخْرُ الْإِسْلَامِ فِي مَوْضِعٍ مِنْ كِتَابِهِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْهُ وَذَكَرَهُ مُحَمَّدٌ فِي الِاسْتِحْسَانِ مِنْ الْأَصْلِ وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ

فَقَالَ الْهِنْدُوَانِيُّ فِي كَشْفِ الْغَوَامِضِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَا فِي الِاسْتِحْسَانِ تَفْسِيرًا لِمَا فِي الْجَامِعِ يَعْنِي أَنَّ مُحَمَّدًا أَجْمَلَ فِيهِ اعْتِمَادًا عَلَى تَفْصِيلِهِ فِي الِاسْتِحْسَانِ فَيُشْتَرَطُ وَيَجُوزُ أَنْ يُشْتَرَطَ اسْتِحْسَانًا وَلَا يُشْتَرَطَ رُخْصَةً وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ فِي الْمَسْأَلَةِ رِوَايَتَانِ ثُمَّ لَمْ يُشْتَرَطْ سِوَى التَّمْيِيزِ لِأَنَّ اعْتِبَارَ هَذِهِ الشُّرُوطِ لِيَتَرَجَّحَ جَانِبُ الصِّدْقِ فِي الْخَبَرِ فَيَصْلُحُ مُلْزِمًا وَالْخَبَرُ هُنَا غَيْرُ مُلْزِمٍ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ غَيْرُ لَازِمٍ عَلَى هَؤُلَاءِ وَأَيْضًا هَذِهِ حَالَةٌ مُسَالِمَةٌ وَإِنَّمَا اُحْتِيجَ إلَى تِلْكَ الشُّرُوطِ فِي الْمُنَازَعَةِ الْمُفْضِيَةِ إلَى التَّزْوِيرِ وَالِاشْتِغَالِ بِالْأَبَاطِيلِ دَفْعًا لَهَا وَأَيْضًا (لِلْإِجْمَاعِ الْعَمَلِيِّ) فَإِنَّ الْأَسْوَاقَ مِنْ لَدُنْ سَيِّدِنَا رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إلَى يَوْمِنَا هَذَا قَائِمَةٌ بِعُدُولٍ وَفُسَّاقٍ ذُكُورٍ وَإِنَاثٍ أَحْرَارٍ وَغَيْرِ أَحْرَارٍ مُسْلِمِينَ وَغَيْرِهِمْ وَالنَّاسُ يَشْتَرُونَ مِنْ الْكُلِّ وَيَعْتَمِدُونَ خَبَرَ كُلِّ مُمَيِّزٍ بِذَلِكَ مِنْ غَيْرِ نَكِيرٍ «وَكَانَ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - يَقْبَلُ خَبَرَ الْهَدِيَّةِ مِنْ الْبَرِّ وَالْفَاجِرِ» ) كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ مَا فِي الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقْبَلُ الْهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْهَا» وَمَا رَوَى التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ «أَنَّهُ كَانَ يُجِيبُ دَعْوَةَ الْعَبْدِ» وَهَذَا وَإِنْ كَانَ فِي سَنَدِهِ ضَعْفٌ فَثَمَّ مَا يَشْهَدُ لَهُ كَقَبُولِ هَدِيَّةِ سَلْمَانَ وَهُوَ عَبْدٌ كَمَا أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ وَغَيْرُهُمْ وَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ قَبُولِ هَدِيَّةِ الْيَهُودِيَّةِ الشَّاةَ الْمَسْمُومَةَ إلَى غَيْرِ ذَلِكَ وَأَيْضًا (دَفْعًا لِلْحَرَجِ اللَّازِمِ مِنْ اشْتِرَاطِ الْعَدَالَةِ فِي الرَّسُولِ) لِأَنَّ الْإِنْسَانَ قَلَّمَا يَجِدُ الْمُسْلِمَ الْبَالِغَ الْحُرَّ الْعَدْلَ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ لِيَبْعَثَهُ إلَى وَكِيلِهِ أَوْ غُلَامِهِ فَتَتَعَطَّلَ مَصَالِحُهُ لَوْ شُرِطَتْ فِي الرَّسُولِ (بِخِلَافِهِ) أَيْ اشْتِرَاطِهَا (فِي الرِّوَايَةِ) فَإِنَّهُ لَا يُؤَدِّي إلَى الْحَرَجِ لِأَنَّ فِي عُدُولِ الْمُسْلِمِينَ كَثْرَةً (وَإِنْ) كَانَ مَحَلُّ الْخَبَرِ حُقُوقًا لِلْعِبَادِ (فِيهَا) إلْزَامٌ لِلْغَيْرِ (لِغَيْرِ وَجْهٍ) دُونَ وَجْهٍ (كَعَزْلِ الْوَكِيلِ) لِأَنَّهُ إلْزَامٌ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُوَكِّلَ يُبْطِلُ عَمَلَ الْوَكِيلِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ بِإِلْزَامٍ لِلْوَكِيلِ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمُوَكِّلَ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ (وَحَجْرُ الْمَأْذُونِ) لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِلْعَبْدِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُخْرِجُ تَصَرُّفَاتِ الْعَبْدِ مِنْ الصِّحَّةِ إلَى الْفَسَادِ بَعْدَ الْحَجْرِ وَلَيْسَ بِإِلْزَامٍ لَهُ مِنْ حَيْثُ إنَّ الْمَوْلَى يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّهِ (وَفَسْخُ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ) لِأَنَّهُ إلْزَامٌ لِلشَّرِيكِ وَالْمُضَارِبِ مِنْ حَيْثُ إنَّهُ يُلْزِمُ كُلًّا مِنْهُمَا الْكَفَّ عَنْ التَّصَرُّفِ فِي الْمُسْتَقْبَلِ وَلَيْسَ إلْزَامًا لَهُمَا لِأَنَّ الْفَاسِخَ يَتَصَرَّفُ فِي حَقِّ نَفْسِهِ إذْ لِكُلٍّ مِنْ هَؤُلَاءِ وِلَايَةُ الْمَنْعِ مِنْ التَّصَرُّفِ كَمَا لَهُ وِلَايَةُ الْإِطْلَاقِ

(فَالْوَكِيلُ وَالرَّسُولُ فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الْحُقُوقِ مِمَّنْ لَهُ وِلَايَةُ التَّوْكِيلِ وَالْإِرْسَالِ بِأَنْ قَالَ الْمُوَكِّلُ أَوْ الْمَوْلَى أَوْ مَنْ بِمَعْنَاهُمَا مِنْ أَبٍ أَوْ وَصِيٍّ أَوْ قَاضٍ أَوْ الشَّرِيكِ أَوْ رَبِّ الْمَالِ وَكَّلْتُك بِأَنْ تُخْبِرَ فُلَانًا بِالْعَزْلِ أَوْ الْحَجْرِ وَأَرْسَلْتُك إلَى فُلَانٍ لِتُبَلِّغَهُ عَنِّي هَذَا الْخَبَرَ لَا يُشْتَرَطُ فِيهِمَا سِوَى التَّمْيِيزِ بِالِاتِّفَاقِ (كَمَا قَبْلَهُ) أَيْ كَمَا فِي الْمُخْبِرِ فِي الْقِسْمِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا وَهُوَ مَا كَانَ مَحَلُّ الْخَبَرِ فِيهِ حُقُوقَ الْعِبَادِ بِلَا إلْزَامٍ لِأَنَّ عِبَارَةَ الْوَكِيلِ وَالرَّسُولِ كَعِبَارَةِ الْمُوَكِّلِ وَالْمُرْسِلِ إذْ الْوَكِيلُ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ كَالرَّسُولِ وَفِي الْمُرْسَلِ وَالْمُوَكَّلِ لَا يُشْتَرَطُ سِوَى التَّمْيِيزِ فَكَذَا فِيمَنْ قَامَ مَقَامَهُمَا (وَكَذَا) الْمُخْبِرُ (الْفُضُولِيُّ) لَا يُشْتَرَطُ عَدَالَتُهُ (عِنْدَهُمَا)

<<  <  ج: ص:  >  >>