للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أَوْ رَفْعُ احْتِمَالٍ عَنْهُ، وَهَذَا يَجُوزُ مَفْصُولًا وَمَوْصُولًا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُ مُقَرِّرٌ لِلظَّاهِرِ وَمُوَافِقٌ لَهُ فَلَا يَفْتَقِرُ إلَى التَّأْكِيدِ بِالِاتِّصَالِ

(وَ) بَيَانُ (تَغْيِيرٍ كَالشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ وَتَقَدَّمَا) فِي بَحْثِ التَّخْصِيصِ (إلَّا أَنَّ تَغْيِيرَ الشَّرْطِ مِنْ إيجَابِ الْمُعَلِّقِ فِي الْحَالِ) أَيْ وُقُوعِهِ فِيهِ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِهِ بِتَأْخِيرِهِ نِسْبَتَهُ (إلَى) زَمَانِ (وُجُودِهِ) أَيْ الشَّرْطِ (وَ) تَغْيِيرُ (الِاسْتِثْنَاءِ) مِنْ إيجَابِ الْحُكْمِ الثَّابِتِ لِلْمُسْتَثْنَى مِنْهُ (إلَى عَدَمِهِ) أَيْ الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ لِلْمُسْتَثْنَى أَصْلًا وَهُوَ ظَاهِرٌ وَقَدْ عُرِفَ مِنْ هَذَا وَجْهُ تَسْمِيَةِ كُلٍّ مِنْهُمَا بَيَانٌ وَتَغْيِيرٌ، وَمُلَخَّصُهُ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا مِنْ حَيْثُ إنَّهُ بَيْنَ الْمُرَادِ مِنْ مَدْخُولِهِمَا بَيَانٌ، وَمِنْ حَيْثُ إنَّهُ غَيَّرَ مَا كَانَ مَفْهُومًا لِلسَّامِعِ مِنْ إطْلَاقِ مَدْخُولِهِمَا عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِهِمَا تَغْيِيرٌ وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ عَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ يَكُونُ جَمِيعُ مُتَعَلِّقَاتِ الْفِعْلِ مِنْ قَبِيلِ بَيَانِ التَّغْيِيرِ لِتَأَتِّي هَذَا الِاعْتِبَارِ فِيهَا (وَبِهِ) أَيْ بِهَذَا الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا (فَرَّقُوا) أَيْ الْحَنَفِيَّةُ (بَيْنَ تَعَلُّقِهِ) أَيْ الشَّرْطِ (بِمَضْمُونِ الْجُمَلِ لِمُتَعَقِّبِهَا وَعَدَمِهِ) أَيْ عَدَمِ تَعَلُّقِ الِاسْتِثْنَاءِ بِمَضْمُونِ الْجُمَلِ لِمُتَعَقِّبِهَا (فِي الِاسْتِثْنَاءِ) بَلْ بِالْأَخِيرَةِ فَقَطْ (تَقْلِيلًا لِلْإِبْطَالِ مَا أَمْكَنَ) ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ وَفِي صَرْفِهِ إلَى الْأَخِيرَةِ قَضَاءٌ لِحَقِّهِ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِمَا سِوَاهَا أَيْضًا إلَّا لِمُوجِبٍ وَوَافَقَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ فَخْرَ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ الِاسْتِثْنَاءَ بَيَانُ تَغْيِيرٍ وَجَعَلَ التَّعْلِيقَ بَيَانَ التَّبْدِيلِ كَأَبِي زَيْدٍ (وَيَمْتَنِعُ تَرَاخِيهِمَا) أَيْ الشَّرْطِ وَالِاسْتِثْنَاءِ.

(وَتَقَدَّمَ قَوْلُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي الِاسْتِثْنَاءِ) بِجَوَازِ تَرَاخِيهِ عَلَى خِلَافٍ فِي مِقْدَارِهِ، وَوَجَّهَهُ وَدَفَعَهُ (وَمِنْهُ) أَيْ بَيَانِ التَّغْيِيرِ (تَخْصِيصُ الْعَامِّ وَتَقْيِيدُ الْمُطْلَقِ) ؛ لِأَنَّهُ مُبَيِّنٌ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا غَيْرُ جَارٍ عَلَى عُمُومِهِ وَإِطْلَاقِهِ وَلَزِمَ مِنْهُ تَغْيِيرُ كُلٍّ عَمَّا هُوَ الْمُتَبَادَرُ لِسَامِعِهِ مِنْ الشُّمُولِ لِسَائِرِ أَفْرَادِهِ (وَتَقَدَّمَا) فِي بَحْثِ الْعُمُومِ وَالتَّخْصِيصِ فَيُعْطَيَانِ حُكْمَ بَيَانِ التَّغْيِيرِ مِنْ امْتِنَاعِ التَّرَاخِي وَقَدْ سَلَف ثَمَّتْ بَيَانُهُ مُوَجَّهًا (وَيَجِبُ مِثْلُهُ) أَيْ امْتِنَاعِ التَّرَاخِي (فِي صَرْفِ كُلِّ ظَاهِرٍ) عَنْ ظَاهِرِهِ دَفْعًا لِلُّزُومِ اللَّازِمِ الْبَاطِلِ وَهُوَ طَلَبُ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ وَالْإِيقَاعِ فِي خِلَافِ الْوَاقِعِ بِذَلِكَ الظَّاهِرِ؛ لِأَنَّ أَدْنَى حَالِ الصَّارِفِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْمَصْرُوفِ عَنْهُ أَنْ يَكُونَ كَالْمُخَصَّصِ بِالنِّسْبَةِ إلَى الْعَامِّ (وَعَلَى الْجَوَازِ) لِتَأْخِيرِ بَيَانِ تَخْصِيصِ الْعَامِّ عَنْهُ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَشَايِخِ سَمَرْقَنْدَ وَعَلَيْهِ يَتَفَرَّعُ جَوَازُ تَأْخِيرِ صَرْفِ كُلِّ ظَاهِرٍ عَنْ ظَاهِرِهِ أَنْ يُقَالَ: (تَأْخِيرُهُ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - تَبْلِيغُ الْحُكْمِ) الشَّرْعِيِّ الْمَأْمُورِ بِتَبْلِيغِهِ الْمُكَلَّفِينَ (إلَى) وَقْتِ (الْحَاجَةِ) إلَيْهِ وَهُوَ وَقْتُ تَنْجِيزِ التَّكْلِيفِ (أَجْوَزُ) ؛ لِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي تَأْخِيرِ تَبْلِيغِهِ شَيْءٌ مِنْ الْمَفَاسِدِ الَّتِي فِي تَأْخِيرِ بَيَانِ مُخَصِّصِ الْعَامِّ عَنْهُ إذْ لَا تَكْلِيفَ قَبْلَ التَّبْلِيغِ، وَإِذَا جَازَ التَّأْخِيرُ مَعَ وُجُودِ التَّكْلِيفِ فَمَعَ عَدَمِهِ أَوْلَى (وَعَلَى الْمَنْعِ) لِتَأْخِيرِ بَيَانِ مُخَصِّصِ الْعَامِّ عَنْهُ (وَهُوَ) أَيْ الْمَنْعُ لِتَأْخِيرِهِ (الْمُخْتَارُ لِلْحَنَفِيَّةِ) أَيْ لِمَشَايِخِ الْعِرَاقِ وَالْقَاضِي أَبِي زَيْدٍ وَمَنْ تَبِعَهُ مِنْ الْمُتَأَخِّرِينَ مِنْهُمْ يُجَوِّزُ تَأْخِيرَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَبْلِيغَ الْحُكْمِ إلَى وَقْتِ الْحَاجَةِ أَيْضًا (إذْ لَا يَلْزَمُ) فِيهِ (مَا تَقَدَّمَ) مِنْ الْمَانِعِ الْمَذْكُورِ فِي مَبَاحِثِ التَّخْصِيصِ وَهُوَ الْإِيقَاعُ فِي خِلَافِ الْوَاقِعِ وَمَطْلُوبِيَّةُ الْجَهْلِ الْمُرَكَّبِ بَلْ هُوَ مُنْتَفٍ فِيهِ.

وَقِيلَ: لَا يَجُوزُ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ} [المائدة: ٦٧] ؛ لِأَنَّ وُجُوبَ التَّبْلِيغِ مَعْلُومٌ بِالْعَقْلِ ضَرُورَةً فَلَا فَائِدَةَ لِلْأَمْرِ بِهِ إلَّا الْفَوْرُ قُلْنَا: لَا شَكَّ فِي أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَلَّغَ مَا أُمِرَ بِتَبْلِيغِهِ مِمَّا أُنْزِلَ إلَيْهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْمُرَادُ كَمَا فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ عَائِشَةَ مَنْ حَدَّثَكَ أَنَّ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كَتَمَ شَيْئًا مِمَّا أُنْزِلَ إلَيْهِ فَقَدْ كَذَبَ وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ مِنْهُ عَلَى الْفَوْرِ (وَكَوْنُ أَمْرِ التَّبْلِيغِ) أَمْرًا إيجَابِيًّا (فَوْرِيًّا مَمْنُوعٌ) لِجَوَازِ أَنْ تَكُونَ فَائِدَتُهُ تَقْوِيَةَ الْعَقْلِ بِالنَّقْلِ (وَلَعَلَّهُ) أَيْ التَّبْلِيغُ (وَجَبَ لِمَصْلَحَةٍ) لَمْ تَفُتْ بِتَأْخِيرِهِ إذَا لَمْ يَأْتِ وَقْتُهَا وَعُلِمَ ذَلِكَ وَحْيًا أَوْ اجْتِهَادًا (وَأَيْضًا) لَوْ سَلَّمْنَا أَنَّهُ لِلْوُجُوبِ وَالْفَوْرِ فَنَقُولُ (ظَاهِرُهُ) أَيْ مَا أُنْزِلَ إلَيْكَ (لِلْقُرْآنِ) ؛ لِأَنَّهُ السَّابِقُ لِلْفَهْمِ مِنْ لَفْظِ الْمُنَزَّلِ وَهَذَا يُفِيدُ الْمَنْعَ فِي الْقُرْآنِ كَمَا إلَيْهِ مَيْلُ كَلَامِ الْإِمَامِ الرَّازِيّ وَالْآمِدِيِّ وَقَدْ يُقَالُ: أَيُّ فَرْقٍ بَيْنَ تَبْلِيغِ الْقُرْآنِ وَغَيْرِهِ؟

وَيُجَابُ التَّعَبُّدُ بِتِلَاوَتِهِ وَلَكِنْ عَلَى هَذَا أَنْ يُقَالَ: الْقُرْآنُ يَشْتَمِلُ عَلَى آيَاتٍ تَتَضَمَّنُ الْأَحْكَامَ فَإِذَا وَجَبَ تَبْلِيغُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>