للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

النَّسْخُ (مُطْلَقًا) وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِذَا لَمْ يَلْزَمْ مِنْ الْقَاطِعِ الْمُتَأَخِّرِ خَطَأُ الْقَاطِعِ الْمُتَقَدِّمِ لَزِمَ صِحَّةُ الْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ إلَى ظُهُورِ النَّصِّ الْقَاطِعِ أَوْ الْإِجْمَاعِ الْقَاطِعِ فَيَرْتَفِعُ بِهِ كَقَطْعِيِّ الْكِتَابِ بَعْدَ مِثْلِهِ (بَلْ) إنَّمَا لَا يُنْسَخُ الْإِجْمَاعُ بِنَصٍّ مُتَأَخِّرٍ (لِأَنَّهُ لَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ حُجِّيَّتَهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ مَشْرُوطَةٌ (بِقَيْدِ بُعْدِيَّتِهِ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - فَلَا يُتَصَوَّرُ تَأَخُّرُ النَّصِّ عَنْهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (وَثَمَرَتُهُ) أَيْ الْخِلَافِ فِي أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ بِغَيْرِهِ تَظْهَرُ (فِيمَا إذَا أُجْمِعَ عَلَى قَوْلَيْنِ جَازَ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ الْإِجْمَاعِ عَلَى الْقَوْلَيْنِ الْإِجْمَاعُ (عَلَى أَحَدِهِمَا) بِعَيْنِهِ (فَإِذَا وَقَعَ) الْإِجْمَاعُ عَلَى أَحَدِهِمَا عَيْنًا (ارْتَفَعَ جَوَازُ الْأَخْذِ بِالْآخَرِ) لِتَعَيُّنِ الْأَخْذِ بِالْمُجْمَعِ عَلَيْهِ الْمُعَيَّنِ وَبُطْلَانِ الْأَخْذِ بِمُخَالِفِهِ (فَالْمُجِيزُ) لِجَوَازِ نَسْخِ الْإِجْمَاعِ يَقُولُ ارْتِفَاعُ جَوَازِ الْأَخْذِ بِالْآخَرِ (نَسْخٌ) لِجَوَازِ الْأَخْذِ بِهِ

(وَالْجُمْهُورُ) يَقُولُونَ (لَا) يَنْسَخُ جَوَازَ الْأَخْذِ بِكُلٍّ مِنْهُمَا اجْتِهَادٌ أَوْ تَقْلِيدٌ (لِمَنْعِ) جَوَازِ (الْإِجْمَاعِ عَلَى أَحَدِهِمَا) عَيْنًا بَعْدَ خِلَافِهِمْ الْمُسْتَقِرِّ (لِأَنَّهُ) أَيْ جَوَازَ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَحَدِهِمَا عَيْنًا حِينَئِذٍ (مُخْتَلَفٌ) فِيهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الْإِجْمَاعِ (وَلَوْ سُلِّمَ) جَوَازُ الْإِجْمَاعِ عَلَى أَحَدِهِمَا بَعْدَ الْخِلَافِ الْمُسْتَقِرِّ فَلَا نَسْخَ لِلْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ الْأَوَّلَ كَمَا قَالَ (فَمَشْرُوطٌ بِعَدَمِ قَاطِعٍ يَمْنَعُهُ) أَيْ إنَّمَا يَنْعَقِدُ عَلَى أَنَّ الْمَسْأَلَةَ اجْتِهَادِيَّةٌ بِشَرْطِ أَنْ لَا تَصِيرَ قَطْعِيَّةً بِانْعِقَادِ الْإِجْمَاعِ الثَّانِي فَإِذَا انْعَقَدَ الْإِجْمَاعُ الثَّانِي انْتَفَى شَرْطُ كَوْنِ الْمَسْأَلَةِ اجْتِهَادِيَّةً فَانْتَفَى شَرْطُ الْإِجْمَاعِ الْأَوَّلِ لِانْتِفَاءِ شَرْطِهِ لَا لِكَوْنِهِ مَنْسُوخًا وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِقَوْلِهِ (وَالْإِجْمَاعُ عَلَى أَحَدِهِمَا) عَيْنًا بَعْدَ ذَلِكَ (مَانِعٌ) مِنْ ذَلِكَ (وَأَمَّا الثَّانِي) أَيْ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ بِهِ غَيْرُهُ (فَالْأَكْثَرُ عَلَى مَنْعِهِ) أَيْ عَلَى كَوْنِهِ لَا يُنْسَخُ بِهِ غَيْرُهُ (خِلَافًا لِابْنِ أَبَانَ وَبَعْضِ الْمُعْتَزِلَةِ. لَنَا إنْ) كَانَ الْإِجْمَاعُ (عَنْ نَصٍّ) مِنْ كِتَابٍ أَوْ سُنَّةٍ (فَهُوَ) أَيْ النَّصُّ (النَّاسِخُ يَعْنِي لِمَا بِحَيْثُ يُنْسَخُ) قَالَ الْمُصَنِّفُ وَإِنَّمَا قَالَ هَذَا؛ لِأَنَّ هَذَا الْمُسْتَدِلَّ بَيَّنَ فِيمَا زَعَمَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ لَا يُنْسَخُ بِغَيْرِهِ فِي الْمَسْأَلَةِ الَّتِي قَبْلَهَا فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِ النَّصِّ الْمَذْكُورِ إذَا اُعْتُبِرَ نَاسِخًا أَنْ يَنْسَخَ مَا بِحَيْثُ يَجُوزُ نَسْخُهُ (وَإِلَّا) إنْ لَمْ يَكُنْ الْإِجْمَاعُ عَنْ نَصٍّ (فَالْأَوَّلُ) أَيْ الْمَنْسُوخُ (إنْ) كَانَ (قَطْعِيًّا لَزِمَ خَطَأُ الثَّانِي) الَّذِي هُوَ الْإِجْمَاعُ النَّاسِخُ (لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ حِينَئِذٍ (عَلَى خِلَافِ) النَّصِّ (الْقَاطِعِ) وَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِ الْقَاطِعِ خَطَأٌ (وَإِلَّا) فَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ ظَنِّيًّا (فَالْإِجْمَاعُ عَلَى خِلَافِهِ) أَيْ الْأَوَّلِ (أَظْهَرُ أَنَّهُ) أَيْ الْأَوَّلَ (لَيْسَ دَلِيلًا) ؛ لِأَنَّ شَرْطَ الْعَمَلِ بِهِ رُجْحَانُهُ وَقَدْ انْتَفَى بِمُعَارَضَةِ قَاطِعٍ لَهُ وَهُوَ الْإِجْمَاعُ (فَلَا حُكْمَ) ثَابِتٌ لَهُ (فَلَا رَفْعَ) ؛ لِأَنَّ الرَّفْعَ فَرْعُ الثُّبُوتِ

(وَعَلَيْهِ) أَيْ وَيَرِدُ عَلَى هَذَا (مَنْعُ خَطَأِ الثَّانِي؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الثَّانِيَ (قَطْعِيٌّ مُتَأَخِّرٌ عَنْ) نَصٍّ (قَطْعِيٍّ) مُتَقَدِّمٍ كَمَا هُوَ التَّقْدِيرُ الْأَوَّلُ وَالنَّسْخُ لَا يُوجِبُ خَطَأَ الْمَنْسُوخِ وَإِلَّا امْتَنَعَ النَّسْخُ مُطْلَقًا (وَإِنْ) كَانَ الْأَوَّلُ (عَنْ ظَنِّيٍّ) كَمَا هُوَ التَّقْدِيرُ الثَّانِي (فَيَرْفَعُهُ) الثَّانِي؛ لِأَنَّ الْقَاطِعَ يَرْفَعُ مَا دُونَهُ (كَالْكِتَابِ لِلْكِتَابِ) أَيْ كَنَسْخِ قَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ مِنْهُ لِقَطْعِيِّ الدَّلَالَةِ مِنْهُ وَظَنِّيِّ الدَّلَالَةِ (وَإِذَنْ فَلِلْخَصْمِ مَنْعُ الْأَخِيرِ) وَهُوَ أَنَّ الْإِجْمَاعَ أَظْهَرَ أَنَّ الظَّنِّيَّ لَيْسَ دَلِيلًا (بَلْ يَنْسَخُ) الْإِجْمَاعُ الثَّانِي الْقَطْعِيُّ الْأَوَّلَ (الظَّنِّيَّ لَا أَنَّهُ) أَيْ الثَّانِيَ (يَظْهَرُ بُطْلَانُهُ) أَيْ الْأَوَّلِ (فَالْوَجْهُ) فِي بَيَانِ دَلِيلِ مَنْعِ نَسْخِ الْإِجْمَاعِ (مَا لِلْحَنَفِيَّةِ) فِي ذَلِكَ وَهُوَ أَنَّهُ (لَا مَدْخَلَ لِلْآرَاءِ فِي مَعْرِفَةِ انْتِهَاءِ الْحُكْمِ فِي عِلْمِهِ تَعَالَى) بَلْ إنَّمَا يُعْلَمُ ذَلِكَ بِالْوَحْيِ وَلَا وَحْيَ بَعْدَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (قَالُوا) أَيْ الْمَانِعُونَ (وَقَعَ) نَسْخُ الْقُرْآنِ بِالْإِجْمَاعِ (بِقَوْلِ عُثْمَانَ) لَمَّا قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ كَيْفَ تَحْجُبُ الْأُمَّ بِالْأَخَوَيْنِ وَقَدْ قَالَ تَعَالَى {فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلأُمِّهِ السُّدُسُ} [النساء: ١١] وَالْأَخَوَانِ لَيْسَا إخْوَةً (حَجَبَهَا قَوْمُك) يَا غُلَامُ قَالَ ابْنُ الْمُلَقِّنِ رَوَاهُ الْحَاكِمُ وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ وَقَدَّمْته بِلَفْظٍ آخَرَ فِي الْبَحْثِ الثَّالِثِ مِنْ مَبَاحِثِ الْعَامِّ فَإِنَّهُ صَرِيحٌ فِي إبْطَالِ حُكْمِ الْقُرْآنِ بِالْإِجْمَاعِ وَهُوَ النَّسْخُ

(وَبِسُقُوطِ سَهْمِ الْمُؤَلَّفَةِ) قُلُوبُهُمْ مِنْ الزَّكَاةِ عِنْدَ الْحَنَفِيَّةِ وَمُوَافِقِيهِمْ بِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ فِي زَمَنِ أَبِي بَكْرٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - الدَّالُّ عَلَيْهِ مَا رَوَى الطَّبَرِيُّ مِنْ طَرِيقِ حِبَّانَ بْنِ أَبِي جَبَلَةَ أَنَّ عُمَرَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - لَمَّا أَتَاهُ عُيَيْنَةُ بْنُ حِصْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>