للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

غَيْرِ إكْفَارٍ (كَالْخَبَرِ الْمَشْهُورِ) أَيْ كَمُنْكِرِهِ (وَالْمَسْبُوقِ بِهِ) أَيْ بِخِلَافِ مُسْتَقِرِّ إجْمَاعٍ (ظَنِّيٌّ مُقَدَّمٌ عَلَى الْقِيَاسِ كَالْمَنْقُولِ) أَيْ كَالْإِجْمَاعِ الْمَنْقُولِ (آحَادًا) بِأَنْ رَوَى ثِقَةٌ أَنَّ الصَّحَابَةَ أَجْمَعُوا عَلَى كَذَا فَإِنَّهُ بِمَنْزِلَةِ السُّنَّةِ الْمَنْقُولَةِ بِالْآحَادِ فَيُوجِبُ الْعَمَلَ لَا الْعِلْمَ وَيُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ عِنْدَ أَكْثَرِ الْعُلَمَاءِ (وَوَجْهُ التَّرْتِيبِ) فِي هَذِهِ الْإِجْمَاعَاتِ (قَطْعِيَّةُ) إجْمَاعِ (الصَّحَابِيِّ إذْ لَمْ يُعْتَبَرْ خِلَافُ مُنْكِرِهِ) أَيْ إجْمَاعِهِمْ (وَضَعُفَ الْخِلَافُ) أَيْ خِلَافُ مُنْكِرِ الْإِجْمَاعِ (فِيمَنْ سِوَاهُمْ فَنَزَلَ) إجْمَاعُ مَنْ سِوَاهُمْ (عَنْ الْقَطْعِيَّةِ إلَى قُرْبِهَا) أَيْ الْقَطْعِيَّةِ (مِنْ الطُّمَأْنِينَةِ وَمِثْلُهُ) أَيْ إجْمَاعِ مَنْ سِوَاهُمْ فِي النُّزُولِ عَنْ الْقَطْعِيَّةِ (يَجِبُ فِي) الْإِجْمَاعِ (السُّكُوتِيِّ عَنْ الْأَوْجَهِ فَضُلِّلَ) مُنْكِرُ حُكْمِهِ (وَقَوِيَ) الْخِلَافُ (فِي الْمَسْبُوقِ) بِخِلَافٍ مُسْتَقِرٍّ (وَالْمَنْقُولِ آحَادًا فَحُجَّةٌ ظَنِّيَّةٌ تُقَدَّمُ عَلَى الْقِيَاسِ فَيَجُوزُ فِيهِمَا) أَيْ فِي حُكْمَيْ الْمَسْبُوقِ وَالْمَنْقُولِ آحَادًا وَلَوْ كَانَ فِي نَفْسِهِ غَيْرَ مَسْبُوقٍ بِخِلَافٍ (الِاجْتِهَادُ) الْمُجْتَهِدُ مِنْ غَيْرِ الْمُجْمِعِينَ (بِخِلَافِهِ) حَتَّى يُسَوَّغَ لِذَلِكَ الْمُجْتَهِدِ وَلِمُقَلِّدِهِ الْعَمَلُ بِمَا أَدَّى إلَيْهِ اجْتِهَادُهُ فِي تِلْكَ الْمَسْأَلَةِ مِنْ حُكْمٍ يُخَالِفُ حُكْمَهَا إلَى أَنْ يَنْتَهِيَ تَضَافُرُ الِاجْتِهَادِ مِنْ أَهْلِهِ عَلَى ذَلِكَ الْحُكْمِ إلَى دَرَجَةِ الْإِجْمَاعِ عَلَيْهِ فَيَصِيرَ مُجْمَعًا عَلَيْهِ كَمُخَالِفِهِ.

وَإِذْ قَدْ جَازَ الِاجْتِهَادُ بِخِلَافِهِ لِمُجْتَهِدٍ مِنْ غَيْرِ الْمُجْمِعِينَ (فَرُجُوعُ بَعْضِهِمْ) أَيْ الْمُجْمِعِينَ عَنْهُ إلَى غَيْرِهِ اجْتِهَادًا يَجُوزُ بِطَرِيقٍ (أَوْلَى، ثُمَّ لَيْسَ) هَذَا الْإِجْمَاعُ (نَسْخًا) لِلْأَوَّلِ (بَلْ مُعَارِضٌ) لَهُ (رَجَحَ) عَلَيْهِ بِمُرَجِّحٍ مِنْ الْمُرَجَّحَاتِ حَسْبَمَا ظَهَرَ لِأَهْلِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ (فَلَا يُقْطَعُ بِخَطَأِ الْأَوَّلِ وَلَا صَوَابِهِ) فِي الْوَاقِعِ، وَكَذَا الثَّانِي (بَلْ هُوَ) أَيْ قَوْلُ كُلٍّ بِخَطَأِ مُخَالِفِهِ وَإِصَابَةِ نَفْسِهِ بِنَاءٌ (عَلَى ظَنِّ الْمُجْتَهِدِ) وَهُوَ قَدْ يَكُونُ الثَّابِتَ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ وَقَدْ لَا (فَدَلِيلُ الْقَطْعِيَّةِ) لِإِجْمَاعِ الصَّحَابَةِ مُسْتَفَادٌ (مِنْ إجْمَاعِ الصَّحَابَةِ عَلَى تَقْدِيمِهِ) أَيْ الْإِجْمَاعِ (عَلَى الْقَاطِعِ فِي إجْمَاعِهِمْ) إذْ لَا يَتْرُكُونَ الْقَاطِعَ لِظَنِّيٍّ (وَمَنَعَ الْغَزَالِيُّ وَبَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ حُجِّيَّةَ) الْإِجْمَاعِ (الْآحَادِيِّ إذْ لَيْسَ نَصًّا وَلَا إجْمَاعًا؛ لِأَنَّهُ) أَيْ الْإِجْمَاعَ دَلِيلٌ (قَطْعِيٌّ وَحُجِّيَّةُ غَيْرِ الْقَاطِعِ) إنَّمَا تَكُونُ (بِقَاطِعٍ كَخَبَرِ الْوَاحِدِ وَلَا قَاطِعَ فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ حُجَّةً (وَالْجَوَابُ بَلْ فِيهِ) أَيْ فِي كَوْنِ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ حُجَّةَ قَاطِعٍ (وَهُوَ) أَيْ الْقَاطِعُ فِيهِ (أَوْلَوِيَّتُهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ (بِهَا) أَيْ بِالْحُجِّيَّةِ (مِنْ خَبَرِ الْوَاحِدِ الظَّنِّيِّ الدَّلَالَةِ؛ لِأَنَّ الْإِجْمَاعَ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ بِهِ) أَيْ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ الظَّنِّيِّ الدَّلَالَةِ الَّذِي تَخَلَّلَتْ وَاسِطَةٌ بَيْنَ نَاقِلِهِ وَبَيْنَ الرَّسُولِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - (إجْمَاعٌ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى وُجُوبِ الْعَمَلِ (فِي) الْإِجْمَاعِ (الْقَطْعِيِّ الْمَنْقُولِ آحَادًا) الَّذِي لَمْ يَتَخَلَّلْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ نَاقِلِهِ وَاسِطَةٌ بِطَرِيقٍ أَوْلَى؛ لِأَنَّ احْتِمَالَ الضَّرَرِ فِي مُخَالَفَةِ الْمَقْطُوعِ بِهِ أَكْثَرُ مِنْ احْتِمَالِهِ فِي مُخَالَفَةِ الْمَظْنُونِ بِهِ وَإِذَا ثَبَتَ وُجُوبُ الْعَمَلِ بِهِ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ يَثْبُتُ فِيمَا تَخَلَّلَ فِي نَقْلِهِ وَاسِطَةٌ أَوْ وَسَائِطُ لِعَدَمِ الْقَائِلِ بِالْفَصْلِ.

(وَقَدْ فَرَّقَ) بَيْنَ خَبَرِ الْوَاحِدِ وَنَقْلِ الْإِجْمَاعِ آحَادًا (بِإِفَادَةِ نَقْلِ الْوَاحِدِ الظَّنَّ فِي الْخَبَرِ دُونَ الْإِجْمَاعِ لِبُعْدِ انْفِرَادِهِ) أَيْ الْوَاحِدِ (بِالِاطِّلَاعِ) عَلَى الْإِجْمَاعِ وَعَدَمِ بُعْدِ انْفِرَادِ الْوَاحِدِ بِالِاطِّلَاعِ عَلَى الْخَبَرِ (وَيُدْفَعُ الِاسْتِبْعَادُ بِعَدَالَةِ النَّاقِلِ وَلَا يَسْتَلْزِمُ) نَقْلُ الْوَاحِدِ الْإِجْمَاعَ (الِانْفِرَادَ) بِهِ أَيْضًا (بَلْ) يُفِيدُ (مُجَرَّدُ عَمَلِهِ) أَيْ النَّاقِلِ (فَجَازَ عِلْمُ الَّذِي لَمْ يَنْقُلْهُ أَيْضًا) إلَّا إنْ عُورِضَ الْإِجْمَاعُ الْآحَادِيُّ بِحَالٍ يَعْمَلُ بِمَا تَقْتَضِيهِ قَاعِدَةُ التَّعَارُضِ وَهُوَ ظَاهِرٌ (مِثَالُهُ) أَيْ الْإِجْمَاعِ الْآحَادِيِّ (قَوْلُ عُبَيْدَة) السَّلْمَانِيِّ (مَا اجْتَمَعَ أَصِحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَيْءٍ كَاجْتِمَاعِهِمْ عَلَى مُحَافَظَةِ الْأَرْبَعِ قَبْلَ الظُّهْرِ وَالْإِسْفَارِ بِالْفَجْرِ وَتَحْرِيمِ نِكَاحِ الْأُخْتِ فِي عِدَّةِ الْأُخْتِ) كَذَا تَوَارَدَهُ الْمَشَايِخُ - رَحِمَهُمُ اللَّهُ - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِهِ.

نَعَمْ أَخْرَجَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ عَنْ عَمْرِو بْنِ مَيْمُونٍ قَالَ لَمْ يَكُنْ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَتْرُكُونَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ قَبْلَ الظُّهْرِ وَرَكْعَتَيْنِ قَبْلَ الْفَجْرِ عَلَى حَالٍ وَعَنْ إبْرَاهِيمَ قَالَ مَا أَجْمَعَ أَصْحَابُ مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - عَلَى شَيْءٍ مَا أَجْمَعُوا عَلَى التَّنْوِيرِ بِالْفَجْرِ، ثُمَّ فِي التَّقْوِيمِ وَحَكَى مَشَايِخُنَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ نَصًّا أَنَّ إجْمَاعَ كُلِّ عَصْرٍ حُجَّةٌ إلَّا أَنَّهُ عَلَى مَرَاتِبَ أَرْبَعَةٍ فَالْأَقْوَى إجْمَاعُ الصَّحَابَةِ نَصًّا؛ لِأَنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ بَيْنَ الْأُمَّةِ؛ لِأَنَّ الْعِتْرَةَ وَأَهْلَ الْمَدِينَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>