إيجَابِ النَّذْرِ) لِمَا تَعَلَّقَ بِهِ أَيْ كَمَا أَنْ لَا تَأْثِيرَ لِلنَّذْرِ فِي وُجُوبِهَا فِيهِ فَكَذَا لَا تَأْثِيرَ لِلنَّذْرِ فِي وُجُوبِ الصَّوْمِ فِيهِ فَالْأَصْلُ الصَّلَاةُ بِالنَّذْرِ وَالْفَرْعُ الصِّيَامُ بِهِ وَالْعِلَّةُ كَوْنُهُمَا عِبَادَتَيْنِ وَالْحُكْمُ فِي التَّحْقِيقِ عَدَمُ تَأْثِيرِ النَّذْرِ فِي الْوُجُوبِ وَالْمَقْصُودُ إضَافَةُ وُجُوبِ الصَّوْمِ إلَى نَفْسِ الِاعْتِكَافِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (وَهُوَ) أَيْ قِيَاسُ الْعَكْسِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ (مَلْزُومُ الْمَطْلُوبِ وَهُوَ) أَيْ الْمَطْلُوبُ (أَنَّ وُجُوبَهُ) أَيْ الصَّوْمِ (بِغَيْرِهِ) أَيْ النَّذْرِ وَهُوَ الِاعْتِكَافُ (وَالْأَوْجَهُ كَوْنُهُ) أَيْ قِيَاسِ الْعَكْسِ (مُلَازَمَةً) شَرْعِيَّةً (وَقِيَاسًا) لِبَيَانِهَا كَمَا ذَكَرَ الْإِمَامُ الرَّازِيّ وَغَيْرُهُ فَفِيمَا نَحْنُ فِيهِ هَكَذَا (وَلَوْ لَمْ يَشْتَرِطْ الصَّوْمَ لِلِاعْتِكَافِ) بِلَا نَذْرٍ (لَمْ يُشْتَرَطْ) الصَّوْمُ لَهُ (بِالنَّذْرِ كَالصَّلَاةِ لَمْ تُشْتَرَطْ) لِلِاعْتِكَافِ بِلَا نَذْرٍ (فَلَمْ تُشْرَطْ) لِلِاعْتِكَافِ (بِهِ) أَيْ بِالنَّذْرِ.
وَإِنَّمَا كَانَ هَذَا أَوْجَهَ (لِعُمُومِهِ) أَيْ هَذَا التَّوْجِيهُ لِهَذَا وَلِغَيْرِهِ أَعْنِي (قَوْلَ شَافِعِيٌّ فِي تَزْوِيجِهَا) أَيْ الْحُرَّةِ الْعَاقِلَةِ الْبَالِغَةِ (نَفْسَهَا يَثْبُتُ الِاعْتِرَاضُ) لِلْأَوْلِيَاءِ (عَلَيْهَا فَلَا يَصِحُّ مِنْهَا كَالرَّجُلِ لَمَّا صَحَّ مِنْهُ) تَزْوِيجُ نَفْسِهِ (لَمْ يَثْبُتْ) الِاعْتِرَاضُ لَهُمْ (عَلَيْهِ فَمَضْمُونُ الْجَزَاءِ فِي الْأَصْلِ وَهُوَ الرَّجُلُ عِلَّةٌ لِلْحُكْمِ مَضْمُونِ الشَّرْطِ) بِالْجَرِّ عَلَى الْبَدَلِ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ مِنْ الْحُكْمِ حَالَ كَوْنِهِ مَضْمُونَ الشَّرْطِ (قَلَبَ الْأَصْلِ) أَيْ عَدَمُ ثُبُوتِ الِاعْتِرَاضِ عَلَى الرَّجُلِ عِلَّةٌ لِثُبُوتِ الِاعْتِرَاضِ عَلَيْهَا وَلَمَّا كَانَ هَذَا مَذْكُورًا فِي نُسَخِ شَرْحِ الْقَاضِي عَضُدُ الدِّينِ وَكَانَ غَيْرَ مُتَّجَهٍ ظَاهِرًا لِأَنَّهُ لَا يَتَأَتَّى فِيهِ مُلَازَمَةٌ وَقِيَاسٌ لِبَيَانِهَا نَبَّهَ عَلَى التَّمْثِيلِ بِهِ عَلَى وَجْهِ الصِّحَّةِ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الْكَرْمَانِيُّ بِقَوْلِهِ (وَالْوَجْهُ قَلْبُهُ) أَيْ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ صَحَّ مِنْهُ (وَالْمُسَاوَاةُ) بَيْنَ الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ حَاصِلَةُ (فِي هَذَا) الْقَلْبِ (عَلَى تَقْدِيرِ مَضْمُونِ الْجَزَاءِ الْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَتَقْدِيرُهُ فِي الْمِثَالِ لَوْ صَحَّ) مِنْهَا (لَمَا ثَبَتَ الِاعْتِرَاضُ) عَلَيْهَا كَالرَّجُلِ لَمَّا لَمْ يَثْبُتْ الِاعْتِرَاضُ عَلَيْهِ صَحَّ مِنْهُ (فَعَدَمُ الِاعْتِرَاضِ تَسَاوَى بِهِ الرَّجُلُ عَلَى التَّقْدِيرِ) لِصِحَّةِ نِكَاحِهَا (وَالْمُسَاوَاةُ فِي التَّعْرِيفِ وَإِنْ تَبَادَرَ مِنْهُ) أَيْ فِي إطْلَاقِهَا (مَا فِي نَفْسِ الْأَمْرِ كَمَا تَقَدَّمَ) آنِفًا (هِيَ أَعَمُّ مِمَّا) أَنْ يَكُونَ (عَلَى التَّقْدِيرِ) أَوْ مُطْلَقًا لَكِنَّ الْأَبْهَرِيَّ دَفَعَ مَا ذَكَرَهُ الْكَرْمَانِيُّ بِأَنَّ " لَمَّا " تَدُلُّ عَلَى الْمُلَازَمَةِ بَيْنَ الشَّيْئَيْنِ مَعَ وُقُوعِ الْمَلْزُومِ وَلَا دَلَالَةَ عَلَى كَوْنِ الْمَلْزُومِ عِلَّةً لِلَّازِمِ بَلْ الْمَلْزُومُ فِيهَا كَمَا فِي سَائِرِ أَدَوَاتِ الشَّرْطِ يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ عِلَّةً لِلَّازِمِ وَأَنْ يَكُونَ مَعْلُولًا لَهُ وَأَنْ يَكُونَا مَعْلُولَيْ عِلَّةٍ وَاحِدَةٍ أَوْ مُتَضَايِفَيْنِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْحُكْمِ فِي الْقِيَاسِ إذَا كَانَتْ مُسْتَنْبَطَةً يُسْتَدَلُّ بِثُبُوتِ الْحُكْمِ فِي الْأَصْلِ عَلَى وُجُودِ الْعِلَّةِ وَيُسْتَدَلُّ بِوُجُودِهَا فِي الْفَرْعِ عَلَى حُكْمِهِ ثُمَّ قَالَ وَلَيْتَ شِعْرِي كَيْفَ يَلْزَمُ بِمَا صَحَّحَهُ ثُبُوتُ الْمُلَازَمَةِ الْأُولَى بِالثَّانِيَةِ فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ فِي الْعِلَلِ الشَّرْعِيَّةِ أَنْ يَكُونَ عَدَمُهَا مُسْتَلْزِمًا لِعَدَمِ الْحُكْمِ لِكَوْنِهَا عَلَامَاتٍ أَوْ بَوَاعِثَ قَالَ الْمُصَنِّفُ فَإِنْ قُلْت فَمَا جَوَابُ الْحَنَفِيَّةِ عَنْ هَذِهِ الْمُلَازَمَةِ.
قُلْت هُوَ أَنْ يُقَالَ إنْ عَنَيْت أَنَّ الِاعْتِرَاضَ عَلَيْهَا مِنْ الْأَوْلِيَاءِ فِي تَزْوِيجِهَا نَفْسِهَا يَثْبُتُ مُطْلَقًا فَهُوَ مَمْنُوعٌ وَهُوَ الْمُفِيدُ لَهُ وَإِنَّمَا يَثْبُتُ عِنْدَهُمْ عَلَيْهَا إذَا زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ غَيْرِ كُفْءٍ وَحِينَئِذٍ لَا يُفِيدُهُ لِأَنَّ ذَاكَ لِحَقِّ الْوَلِيِّ فِي إلْزَامِهَا إيَّاهُ بِنِسْبَةِ غَيْرِ كُفْءٍ إلَيْهِ دَفْعًا لِضَرَرِ الْعَارِ عَنْ نَفْسِهِ حَتَّى لَوْ كَانَتْ زَوَّجَتْ نَفْسَهَا مِنْ كُفْءٍ لَيْسَ لَهُ اعْتِرَاضٌ عَلَيْهَا (الثَّانِي) مِنْ الْأَمْرَيْنِ الْمُورَدَيْنِ عَلَى عَكْسِ التَّعْرِيفِ (قِيَاسُ الدَّلَالَةِ) وَهُوَ (مَا) أَيْ الْقِيَاسُ الَّذِي (لَمْ تُذْكَرْ) الْعِلَّةُ (فِيهِ بَلْ) ذُكِرَ فِيهِ (مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا) مِنْ وَصْفٍ مُلَازِمٍ لَهَا (كَقَوْلِ شَافِعِيٍّ فِي الْمَسْرُوقِ يَجِبُ) عَلَى السَّارِقِ (رَدُّهُ) حَالَ كَوْنِهِ (قَائِمًا) وَإِنْ قُطِعَتْ الْيَدُ فِيهِ (فَيَجِبُ ضَمَانُهُ) عَلَيْهِ حَالَ كَوْنِهِ (هَالِكًا) وَإِنْ قُطِعَتْ الْيَدُ فِيهِ أَيْضًا (كَالْمَغْصُوبِ) فَإِنَّ الْحُكْمَ فِيهِ بِالْإِجْمَاعِ وَلَيْسَ وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَيْهِ عِلَّةَ الضَّمَانِ بَلْ هِيَ الْيَدُ الْعَادِيَةُ وَفِي الْحَقِيقَةِ قَصَدَ الشَّارِعُ حِفْظَ مَالِ الْغَيْرِ وَهُمَا أَعْنِي وُجُوبَ الرَّدِّ فِي الْمَسْرُوقِ وَوُجُوبَهُ فِي الْمَغْصُوبِ مُتَسَاوِيَانِ فِيهِ وَإِنَّمَا خَصَّ الشَّافِعِيَّ بِهَذَا الْقَوْلِ وَإِنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ الْحَنْبَلِيُّ لِأَنَّ الْحَنَفِيَّ وَالْمَالِكِيَّ لَا يَقُولَانِ بِهَذَا الْإِطْلَاقِ بَلْ لِكُلٍّ مِنْهُمَا تَفْصِيلٌ يُعْرَفُ فِي فُرُوعِهِ (وَأُجِيبُ بِأَنَّ الِاسْمَ فِيهِ) أَيْ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ (مَجَازٌ لِاسْتِلْزَامِ الْمَذْكُورِ فِيهِ) أَيْ قِيَاسِ الدَّلَالَةِ (الْعِلَّةَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute