الْأَصْلِ وَالْعِلْمِ بِثُبُوتِهَا فِي الْفَرْعِ (ظَنٌّ) لِلْحُكْمِ فِي الْفَرْعِ (لِجَوَازِ كَوْنِ خُصُوصِ الْأَصْلِ شَرْطًا) لِلْحُكْمِ فِيهِ (وَ) خُصُوصِ (الْفَرْعِ مَانِعًا) مِنْهُ (وَأُورِدَ عَلَى عَكْسِ التَّعْرِيفِ أَمْرَانِ الْأَوَّلُ قِيَاسُ الْعَكْسِ) وَهُوَ إثْبَاتُ نَقِيضِ حُكْمِ الشَّيْءِ فِي شَيْءٍ آخَرَ بِنَقِيضِ عِلَّتِهِ فَإِنَّهُ قِيَاسٌ وَالتَّعْرِيفُ لَا يَتَنَاوَلُهُ لِانْتِفَاءِ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ بَيْنَ الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فِي الْحُكْمِ وَالْعِلَّةِ (فَإِنَّهُ مُثْبِتٌ لِنَقِيضِ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ كَقَوْلِ حَنَفِيٍّ) لِإِثْبَاتِ مَطْلُوبَهُ الَّذِي هُوَ وُجُوبُ الصَّوْمِ فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ الثَّابِتُ فِيهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ مِنْ غَيْرِ خِلَافٍ أَوْ فِي مُطْلَقِ الِاعْتِكَافِ لِيَشْتَمِل الْوَاجِبَ وَالنَّفَلَ كَمَا هُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَوْ مَالِكِيٍّ لِإِثْبَاتِهِ هَذَا فِي الِاعْتِكَافِ الْوَاجِبِ كَمَا هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ أَيْضًا، بَلْ قَوْلُ جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ كَمَا قَالَ الْقَاضِي عِيَاضٌ لَا شَافِعِيٍّ أَوْ حَنْبَلِيٍّ لِأَنَّ جَدِيدَ الشَّافِعِيِّ وَظَاهِرَ مَذْهَبِ أَحْمَدَ عَدَمُ اشْتِرَاطِهِ فِي مُطْلَقِ الِاعْتِكَافِ (لَمَّا وَجَبَ الصَّوْمُ شَرْطًا لِلِاعْتِكَافِ بِنَذْرِهِ) أَيْ الصَّوْمِ مَعَ الِاعْتِكَافِ بِأَنْ يَقُولَ مَثَلًا نَذَرْت الِاعْتِكَافَ صَائِمًا (وَجَبَ) الصَّوْمُ لِلِاعْتِكَافِ (بِلَا نَذْرٍ) لِلصَّوْمِ مَعَهُ (كَالصَّلَاةِ لَمَّا لَمْ تَجِبْ شَرْطًا لَهُ) أَيْ لِلِاعْتِكَافِ (بِالنَّذْرِ) كَأَنْ يَقُولَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَعْتَكِفَ مُصَلِّيًا (لَمْ تَجِبْ) فِي الِاعْتِكَافِ (بِغَيْرِ نَذْرٍ وَمَضْمُونُ الشَّرْطِ فِي الْأَصْلِ الصَّلَاةُ) وَهُوَ عَدَمُ الْوُجُوبِ بِالنَّذْرِ.
(وَ) فِي (الْفَرْعِ الصَّوْمُ) وَهُوَ الْوُجُوبُ بِالنَّذْرِ (عِلَّةٌ لِمَضْمُونِ الْجَزَاءِ) وَهُوَ وُجُوبُ الصَّوْمِ فِي الِاعْتِكَافِ بِغَيْرِ نَذْرِهِ وَعَدَمُ وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الِاعْتِكَافِ بِنَذْرِهَا (فِيهِمَا) أَيْ فِي الْأَصْلِ وَالْفَرْعِ فَإِذَنْ أَثْبَتْنَا وُجُوبَ الصَّوْمِ فِي الِاعْتِكَافِ الْمُطْلَقِ بِعِلَّةِ وُجُوبِهِ فِيهِ بِنَذْرِهِ وَهَذَا هُوَ الْفَرْعُ قِيَاسًا عَلَى إثْبَاتِنَا عَدَمَ وُجُوبِ الصَّلَاةِ فِي الِاعْتِكَافِ بِلَا نَذْرِهَا بِعِلَّةِ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ بِنَذْرِهَا وَهَذَا هُوَ الْأَصْلُ فَظَهَرَ أَنَّ هَذَا الْقِيَاسَ مُثْبِتٌ لِنَقِيضِ حُكْمِ الْأَصْلِ فِي الْفَرْعِ بِنَقِيضِ عِلَّةِ حُكْمِ الْأَصْلِ (أُجِيبُ بِأَنَّ الِاسْمَ فِيهِ) أَيْ إطْلَاقَ اسْمِ الْقِيَاسِ عَلَى هَذَا (مَجَازٌ وَلِذَا) أَيْ وَلِكَوْنِ إطْلَاقِهِ عَلَيْهِ مَجَازًا (لَزِمَ تَقْيِيدُهُ) أَيْ إطْلَاقِ اسْمِهِ عَلَيْهِ بِالْعَكْسِ إذَا أُرِيدَ بِهِ (أَوْ) الِاسْمِ فِيهِ (حَقِيقَةً) وَلَا نُسَلِّمُ انْتِفَاءَ الْمُسَاوَاةِ فِيهِ بَلْ نَقُولُ (وَالْمُسَاوَاةُ) فِيهِ (حَاصِلَةٌ ضِمْنًا) وَبَيَانُ ذَلِكَ مِنْ وَجْهَيْنِ أَحَدُهُمَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (لِأَنَّ الْمُرَادَ مُسَاوَاةُ الِاعْتِكَافِ بِلَا نَذْرِ الصَّوْمِ لَهُ) أَيْ لِلِاعْتِكَافِ (بِنَذْرِهِ) أَيْ الصَّوْمِ لَهُ (فِي حُكْمٍ هُوَ اشْتِرَاطُ الصَّوْمِ بِمَعْنَى لَا فَارِقَ) أَيْ إِمَّا بِطَرِيقِ إلْغَاءِ الْفَارِقِ بَيْنَ الِاعْتِكَافَيْنِ وَهُوَ النَّذْرُ لِأَنَّ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ كَمَا فِي الصَّلَاةِ فَإِنَّ وُجُودَهُ وَعَدَمَهُ سَوَاءٌ فَتَبْقَى الْعِلَّةُ الِاعْتِكَافَ مِنْ حَيْثُ هُوَ وَهُوَ قَدْ اقْتَضَى وُجُوبَ الصَّوْمِ فِي الصُّورَةِ الَّتِي فِيهَا نَذْرُهُ فَكَذَا فِي الصُّورَةِ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا نَذْرُهُ وَهَذَا يُسَمَّى تَنْقِيحَ الْمَنَاطِ كَمَا سَيَأْتِي (أَوْ بِالسَّبْرِ عِنْدَ قَائِلِهِ) بِالْمُوَحَّدَةِ (مِنْهُمْ) أَيْ الْحَنَفِيَّةِ وَيَأْتِي الْكَلَامُ فِيهِ فِي مَوْضِعِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (أَيْ هِيَ) أَيْ عِلَّةُ وُجُوبِ الصَّوْمِ لِلِاعْتِكَافِ فِي صُورَةِ نَذْرِهِ مَعَهُ.
(أَمَّا الِاعْتِكَافُ أَوْ هُوَ) أَيْ الِاعْتِكَافُ (بِنَذْرِ الصَّوْمِ أَوْ غَيْرِهِمَا) أَيْ غَيْرِ الِاعْتِكَافِ الْمُجَرَّدِ عَنْ نَذْرِ الصَّوْمِ مَعَهُ وَالِاعْتِكَافُ الْمُقْتَرِنُ بِهِ (وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ) أَيْ عَدَمُ غَيْرِهِمَا (وَالنَّذْرُ مَلْغِيٌّ) حَالَ كَوْنِهِ (فَارِقًا) بَيْنَ الِاعْتِكَافَيْنِ (أَوْ وَصْفًا لِلسَّبْرِ) أَيْ لِأَحَدِ أَقْسَامِهِ (بِالصَّلَاةِ) أَيْ بِنَذْرِهَا فِيهِ مَعَ عَدَمِ وُجُوبِهَا فِيهِ (فَهِيَ) أَيْ عِلَّةُ وُجُوبِ الصَّوْمِ فِي الِاعْتِكَافِ الْمُقْتَرِنِ بِنَذْرِهِ إنَّمَا هِيَ (الِاعْتِكَافُ) فَقَطْ فَيَتَلَخَّصُ أَنَّ الِاعْتِكَافَ بِنَذْرِ الصَّوْمِ أَصْلٌ وَبِغَيْرِ نَذْرِهِ فَرْعٌ، وَاشْتِرَاطَ الصَّوْمِ فِيهِمَا حُكْمٌ وَالِاعْتِكَافَ عِلَّةٌ وَأَنَّ الصَّلَاةَ لَمْ تُذْكَرْ لِلْقِيَاسِ عَلَيْهَا بَلْ لِبَيَانِ إلْغَاءِ الْوَصْفِ الْفَارِقِ لِلْعِلَّةِ وَهُوَ كَوْنُهَا مُقْتَرِنَةً بِالنَّذْرِ أَوْ أَحَدِ أَوْصَافِ السَّبْرِ فَلَا تَجِبُ مُسَاوَاةُ الصَّوْمِ لَهَا فَلَا يَضُرُّ عَدَمُهَا بَيْنَهُمَا لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا فِي الْمَقِيسِ وَالْمَقِيسِ عَلَيْهِ وَهِيَ حَاصِلَةٌ إذْ الِاعْتِكَافُ بِغَيْرِ نَذْرِ الصَّوْمِ مُسَاوٍ لِلِاعْتِكَافِ بِنَذْرِهِ فِي الْحُكْمِ وَهُوَ وُجُوبُ الصَّوْمِ فِيهِمَا وَفِي الْعِلَّةِ وَهِيَ الِاعْتِكَافُ الْمُطْلَقُ الْمُشْتَرَكُ بَيْنَهُمَا، ثَانِيهمَا مَا أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ (أَوْ الصَّوْمِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى الِاعْتِكَافِ فِي قَوْلِهِ لِأَنَّ الْمُرَادَ مُسَاوَاةُ الِاعْتِكَافِ أَيْ أَوْ لِأَنَّ الْمُرَادَ مُسَاوَاةُ الصَّوْمِ (مَعَ نَذْرِهِ) فِي الِاعْتِكَافِ (بِالصَّلَاةِ بِالنَّذْرِ) أَيْ مَعَ نَذْرِهَا فِيهِ (فِي حُكْمٍ هُوَ عَدَمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute